قلادة الحنان... "٢٧"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
دخل رجل،
دموعه تجري بلا توّقف،
رغم أنه لم يكن يبكي،
أو كما شخص قد توّقف عن البكاء،
ودموعه لم تستوعب ذلك،
فضلّت تنهمر،
يدخل الغرفة،
يتحدّث كالمصاب بالذهان،
"رحماك..رحماك ربّي"،
كأنه خائف من الغرفة،
أو مما تفعله الغرفة بنفسه،
ذهب للخزانة،
وفتح أحد أبوابها،
وكانت بداخلها خزنة،
أخرج مفتاح من جيبه،
وبيده التي ترتعش،
فتح الخزنة،
ووجد داخله علبة،
من نوع العلب التي توضع بها المجوهرات،
فتحها،
ثم صرخ باكيا،
"اااه رحمك الله يا امي".
كانت بداخل العلبة،
قلادة عتيقة لؤلؤية،
بيضاء لامعة،
أخذها الرجل وضمّها لقلبه،
جلس يقبّل كل لؤلؤه منها،
وثم وضعها امامه،
وكأن القلادة تقول له،
"أهلاً بني"،
بدأ الرجل يتحدّث كالمجنون.
أمي،
أحبك أشتاق لكِ،
سامحيني على تقصيري،
رحمك الله يافاضلة،
أريد تقبيل رجليك،
لقد دفنتك اليوم بيدي،
قبّلت رأسك،
بعد أن غسلوك،
لاتزال إبتسامتك تعتريك،
أمي عدت للتو من قبرك،
حيث دفنتك،
وها انا الان أشتاق لك،
وهذه قلادتك أمامي،
تذكرني بتقصيري بحقّك،
الليالي الكثيرة التي تركتك تنتظريني،
وانا ألهو مع أصدقائي،
الأيام الكثيرة،
التي لم أتّصل لأطمئنك على حالي،
سامحيني ياملاك،
سامحيني إن علا صوتي على صوتك،
في لحظة غضب لم أعنيها،
إغفري لي إن فضّلت،
قضاء وقتي بأمر بعيد عنكِ،
إرحميني إن لم أرحمك بأسفاري،
وتركتك قلقة على صحّتي،
أماه أعشقك،
انا لا أعارض قضاء ربي،
لكن يصعب علي جدّاً،
أن أتحمّل غيابك بعد فقدانك،
أمي كم أريد أن أضمّك،
أقبّلك،
أستنشق عبيرك،
أريد راحة يديك على صدري،
وأناملك تمسح دموعي،
أمي طفلك لايزال طفلك،
ياه يا أمي كيف أقدر على الدنيا من غيرك،
أشعر أنني كبرت فجأة بغيابك،
أصبحت عجوز بلحظة ذهابك،
أمي،
اااه يا أمي،
رحمك ربّي كما ربيّتني صغيراً.
وفجأة كأنما القلادة تتحدّث له.
لاتقلق يابني،
فأنت لم تقصّر بحقّها،
لقد كانت تعشقك أيما عشق،
فأنت إبنها الوحيد،
كانت تفاخر بك طول الوقت،
تتحدّث عنك في كلّ يوم،
فهي لم تغضب منك يوماً،
فإن لم تكن تزورها،
فبعض من ثيابك لم تغسلها،
تركتها برائحتك تستنشقها كل حين،
وكل ليلة تغيب بها كانت تدعوا لك بالسعادة،
كانت تسعد فقط بوجودك في حياتها،
لم تكن تريد منك شيئاً أبداً،
فقط كانت تكفيها أنك تعيش حياتك،
ولو طلبتها حياتها،
لتنازلت عنها لأجلك،
حتى عندما سافرت،
كنت تزورها في منامها،
وتصحو لتدعي لك في جنح الليل،
يابني،
لا تقلق،
فلن توفيها حقّها مهما فعلت،
ولكن يكفيك أن تكون بخير،
وستسعد بذلك كلّ السعادة،
وقبل موتها أخبرتني،
أن الله أنعم عليها بحياة جميلة،
حيث رزقها بك،
وتدعوا الله أن تراك في جنّته،
فعش حياتك سعيداً،
لا لأجلك وإنما لأجل من سهرت كي تنام،
ومن جاعت كي تشبع،
ومن تعبت كي ترتاح،
و، و، و، و........
لحظتها بكى الرجل كالطفل،
حتى نام على سريرها،
وعندما إستيقظ،
لم يعد طفلاً أبداً.
ختام:
إهداء لكِ إمي،
وسامحيني على تقصيري،
حفظك الله من كل مكروه،
ورزقك الفردوس يارب،
على وجودك بحياتي،
وكلّ مافعلتيه لأجلي،
أحبّك كلّ مابقلبي طاقة للحب.
إبنك فيصل...
ملهم وأنت تبسط يديك وتنسج خيوط البر في حروف !
ردحذفتجر هزيمة الفقد ع كاحل الصحوة والمنام .. تنام تحت الضلع ،، تنذر لمطر الأمومة استقامة تتربص في دمك .. ترسم شكل الماء ع وجود جميل ذات شروق !!
وهل بعد الأم حلم ؟!
عدد ماتكاثرت أيدي الصباح .. لك مني ورد الضوء ♡
روعة الوصف تندمج مع لهفة العشق. اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا
ردحذف