الاثنين، 11 مارس 2013

ميناء النسيان...

ميناء النسيان..."٣٥"
قصّة قصيرة بقلمي...

في أحد الموانئ،
بجانب المنارة،
يوجد كرسي خشبي،
تجلس عليه إمرأة جميلة،
ترتدي فستان أزرق،
بخفيّن من نفس اللون،
بشعرها الذهبي،
ترتدي قبعّة بيضاء كبيرة،
تنظر للبحر اللذي يشبه لون أعينها،
تنظر وهي تتنهّد،
وتحدّث نفسها.

اليوم سيرجع،
نعم اليوم سيعود،
لقد قال لي ذلك،
لقد وعدني بذلك،
بأنه سيعود،
ولكن لم يعد،
وقد طال الوقت،
ولكن أعلم أنه سيعود اليوم،
نعم ذلك ماسيحدث،
سأرتمي بأحضانه،
مشتاقه لعبقه،
سنعود معاً للبيت،
نعم معاً سنبقى للأبد.

كان عامل المنارة يخرج منها،
لأنه وقت غدائه،
واليوم سيأتي صاحبه ليتغدّى معه،
وعندما جلسا بمكان قريب،
من المنارة وينظرون للفتاة،
ليس من بعيد.

ياللمسكينة..

من تقصد!؟..

تلك الفتاة..*يشير بعينيه إتجاهها*

اه، فعلاً يالها من مسكينة..

هل مرّ عليها سنة أم أكثر!؟..

أعتقد أنها أصبحت سنتان..

ياه حقاً إنها مسكينة..

ذكّرني بحكايتها فقد نسيتها..

حكايتها،
اه نعم حكايتها،
حسناً سأخبرك ياصديقي،
او بالأحرى سأنعش ذاكرتك..

وهنا بدأ عامل المنارة بالحديث لصديقه،
عن حكاية تلك الفتاة.

هذا الميناء ياصديقي،
عرفته منذ زمن،
حاله كحال الموانئ الاخرى،
عندما يرحل البشر عنه،
ينسون أمره،
فالميناء إما قادمون أو راحلون،
لاتجد به من يبقى،
لذلك الجميع ينسى بالموانئ،
ينسى الاغراض،
الحاجات،
حتى الاشخاص،
ولكن هذه الفتاة عاشت في هذا الميناء،
منذ طفولتها،
والدها كان يعمل بالمنارة قبلي،
حتى أصبح كبير في السن،
وتوقف عن العمل،
ولم يستطع الذهاب لاي مكان،
اشترى بيت او بالاحرى غرفة،
له ولابنته،
التي أصبحت شابّه،
وقعت بحب بحّار،
بحّار يتردد على هذا الميناء،
لقد وعدها الشاب بالزواج،
وبعد مرور وقت تزوَجوا،
وبعد وقت قليل من زواجهم،
استدعوه لرحلة طويلة تستغرق ستّة شهور،
رفض ولكن العقد لزم عليه ان يذهب،
وفعل وقبلها وعدها،
ان يعود بعد انقضاء المدّة،
وخلال الثلاثة أشهر الأولى،
أصاب والدها بمرض وتوفي،
وكانت الثلاث الشهور الباقية مؤلمة جداً،
حيث كانت وحيدة بهذا الميناء المليء بالنسيان،
حتى جنازة والدها،
لم يحضرها الا هي وانا وأحد المارّة،
تحمّلت الألم على أمل أن يعود زوجها،
وفي اليوم المحدّد لعودته،
جلست هنا فرحة باسمة،
تلوّح لي بأن أنتبه لسفينته،
وهي فرحة ورأيت سفينته،
وكانت سعيدة جداً،
حتى اذا رست على الميناء،
خرجوا البحارة ولم يأتي زوجها،
سألت عنه قبطان السفينة،
فأخبرها بأسى،
أن زوجها لقى حتفة في البحر،
إثر عاصفة وقد مات الكثير،
صعقت المسكينة،
وأصابت بالجنون،
وهذه هي كلّ يوم،
تجلس في نفس المكان،
تنتظر،
كأنها لم تسمع حديث القبطان،
يالها من مسكينة.

الختام:
النسيان نعمة ونقمة في نفس الوقت،
يأتي عندما لانريده،
ويصعب علينا عندما نحتاجه،
أنساكم الله كلّ حزن،
وحفظ لكم ذكرياتكم الجميلة.


فيصل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق