السمكة والصيّاد..."٣١"
قصّة قصيرة بقلمي...
على ظفّة بحيرة،
قارب صغير من النوع الخشبي البسيط،
بداخله رجل في اواخر عقده الرابع،
ممسك بسنّارته،
ملقي طعمه في الماء يتأمل في البحيرة،
كان المنظر جميل وهادئ،
حتى وإن مررت بجانبه،
لاتكاد تميّز ان القارب والصيّاد دخيلان عليه،
الوقت كان في اواخر الصيف،
والأشجار قد إعتراها اللون البنّي،
والبحيرة لها زرقة خاصّة،
كانت الأمور متناسقة،
كأنها لوحة زيتيه،
في متحف اللوف.
مرّت ساعات ولم يصطاد شيئاً،
وهو قد إعتاد على قلّة الصيد،
حيث أن هذه الهواية،
كانت له منبع للراحة والسكينة،
حتى في الغالب وإن صاد السمك كان يعيده،
لم يهتم بالصيد كما هو اهتمامه،
بالأجواء التي يصاحبها الصيّد،
وبلحظة كأنه ميّت عاد للحياة،
شعر بالخيط يُشَدْ،
بدأ يسحب،
ويسحب،
وبشدّة قويّة على عصى السنّارة،
اذا بسمكة تخرج معه،
كانت ليست كبيرة ولا صغيرة،
ولكنّها كانت مختلفة،
لونها شكلها تفاصيلها،
إستغرب نوعها فلم يرد أن يرجعها،
وضعها بالسطل،
وهم بالعودة لمنزلة،
فقد تأخر الوقت،
وعندما عاد للبيت وضعها بالحوض،
مفكراً أن يذهب غداً،
لصديقة خبير في أنواع الكائنات البحرية،
ليسأله عنها.
في آخر الليل أستيقظ الرجل،
وقد كان يعيش لوحده،
إستيقظ من نومه لسبب ما،
هو أنه سمع صوت غريب،
صوت عجيب يأسر الروح عند سماعه،
كأنه صوت صبيّه تهمهم بألحان غريبة،
ذهب يبحث عن مصدر الصوت،
حتى وصل للصوت،
وقد كان منبعه السمكة،
ورأى السمكة وهي تفتح فمها المزّمت،
لتخرج الحاناً أخّاذه،
تخرج من سطح ماء الحوض،
كأنها في أوركيسترا إيطالية،
أحضر كرسي وجلس أمامها وظلّ يستمع،
وكأن السمكة علمت أنه يسمع لها،
بدأت تطربه أكثر وأكثر،
وبعد أن قامت بإعادة المقطوعة للمرّة الثالثة،
أحضر نوته موسيقية،
وبدأ يسجّل نغمات لحنها،
وقد كان له خبرة في مجال الموسيقى،
حتى أن كررتها للمرّة السادسة،
كان قد سجّلها وحفظها عن ظهر قلب.
فجأة يستيقظ الرجل،
وهو على قاربة،
يلتفت حاوليه،
كانت الشمس تكاد تغيب،
شعر بالغرابة،
"هل كان حلماً!؟"،
عاد لبيته مسرعاً،
وماكاد يصل حتى ذهب وبدأ يسجّل اللحن،
حتى إذا فرغ منه جلس يفكّر ماللذي حدث،
ولم يفهم شيء.
بعد عام أحد الصحافيين يسأل الموسيقار،
لقد كانت معزوفتك هذه المرّة،
من أجمل ماسمعنا،
ما هو السر،
ومن اللذي ألهمك،
ينظر الرجل للصحافي وهو يبتسم يقول،
"إلهامي كانت سمكة..".
الختام:
الإلهام يأتي لنا بكل طريقة،
فقط نحتاج أن نترك أنفسنا منفتحي له،
عقلاً قلباً وروحاً،
شكراً لكم ياملهميني..
فيصل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق