بيت الزجاج..."٣٨"
قصة قصيرة بقلمي...
صديقي يتعبني معه،
يمشي على طريقه للتهلكة،
نحو اللاشيء ،
ليته يعرف،
أن مايفعله لن يعود له بغير السوء،
فهو لايهتم إلا لمنظرة،
ويتفاخر به،
ويزيد عليه،
ولا ينمي من داخله،
رغم أنه يملك بعض الجمال الداخلي،
إلا أن إدمانه لمظهرة سلبه ذلك،
فأضحى يفاخر بهيئته وشكله،
ويحتقر الآخرين،
لايعلم أنه بيوم ما سيخسر كل ذلك،
هو كبيت من زجاج وسيكسر في يوم ما.
وهو غارق بالتفكير ينتظر صديقه،
ليركب معه السيارة أمام بيته،
إذا بذلك الرجل الوسيم يخرج،
ويتهدّى بمشيته،
كأن هنالك كاميرات ستلتقط صورته،
ملابسه متناسقه مع ملامحه،
بألوان جاذبه،
وتحمل أسماء ماركات مشهورة،
من خاتمه اللذي بخنصره،
حتى حذائه،
جميعه متناسق أيمّا تناسق،
يأتي ويفتح باب السيارة بخفّه،
ويصعد السيّارة،
"صباح الخير ياقبيح"،
يبتسم صديقه ويجيب،
"صباح الخير ياوسيم"
وبعد شكليات وحديث عن حياتهم بسيط،
يتحدّث الأول،
"صديقي جاوبني بصراحة،
لما لا تهتم بشيء غير المظهر!؟"،
يجيب كأنه مُبرمج،
"ذلك أنه لايهم غيره"،
شعر بالغضب،
"ولكن هنالك أموراً كثيره أهم من ذلك!!."،
يجيب وهو يقهقه،
"ذلك كلام من لايملكون الجمال ياقبيح"،
يصمتون ثم يصلون لعملهم.
وبعد عودتهم من العمل،
وهاقد وصلوا أمام منزله،
وهمّ الآخر بالنزول يقول الأول،
"صديقي أريدك أن تعلم،
أن هذه ختام علاقتي بك،
فلم أعد أحتمل هذا الطبع،
اللذي كنت أحاول تغييره لفترة طويلة،
فأنت كبيت من زجاج وستكسر في يوم ما."،
وبينما الآخر يستمع،
حتى أنتهى صاحبه من الحديث،
عقد حاجبيه وقال بغضب،
"انت وقح تغار منّي وتحسدني،
تختم علاقتنا!! ها لايهمني ذلك بتاتاً،
فلتذهب للجحيم أيها القبيح،
فهي مناسبة لك!!."،
ونزل وذهب مسرعاً لبيته،
نظر صاحبه له،
وهو يدمدم لنفسه،
"كن بخير".
بعد مرور الايام،
وصل خبر مفزع لصديقنا،
وهو أن صديقه قد أصابه حادث مروري،
والآن موجود بأحد المستشفيات،
ذهب على عجل لزيارته ويستطلع الخبر.
دخل المستشفى،
"صديقي فلان قد وقع له حادث،
ولا اعلم مكانه،
أرجوك أخبرني أين هو بسرعة!!"،
يخبره الموظّف أن يهدأ،
وبعد حديث بسيط،
عرف مكان غرفته ذهب مهرولاً،
حتى لم يتذكّر كلامهم الأخير،
وصل للغرفة ورئاها خالية،
لايوجد ورود ولا أناس،
كأن ليس بها مريض دخل الغرفة،
وجد السرير وكانت تحوفه ستارة،
قال بصوت مرتبك يستطلع،
"فلان!!"،
يجيب الصوت،
اللذي اختلف عن صوت صاحبه،
"نعم، من هناك!؟"،
يرد عليه،
"انا صديقك فلان،
هل انت بخير!؟"،
وهو يفتح الستارة،
يصرخ الآخر،
"لاتفتحها أنا بخير،
لا تنظر لي أرجوك!!"،
ومن دون أن يعي كان قد فتح الستاره،
ونظر أمامه بصدمه،
بصعقه وأندهاش،
فلم يكن يعرف اللذي أمامه،
رأى جثّة،
مشوّهه،
ملامح مسخة،
وجهه محروق من جانب والجانب الآخر مهشّم،
فاقد يده اليسرى وقدمه اليسرى كذلك،
كانت مجرّد جثّه مشوّهه،
ذلك الصديق اللذي كان كأنه الملاك في جماله،
هاهو ينظر له ولم يعرفه،
يتكلّم الآخر،
"أرتحت،
الآن أنا أقبح منك"،
يقترب صديقه له،
يصرخ،
"أبتعد أنت كالآخرين،
وغد حسود ستتركني وتذهب كذلك،
بعد أن أصبحت مجرّد مسخ"
يقترب له،
"أبتعد لا تقترب،
ماذا تفعل ستضحك علي،
نعم ستفعل ذلك أذهب أقول لك،
لا تقترب!!"،
يصرخ بصوته المتقطّع،
يضع صديقه يده على فمه،
وينزل ليقبّل رأسه،
ويهمس بصوت باكي ودموعه تنهمر،
"حمداً لله أنك بخير"،
شعر بأن الدنيا ستبتلعه وهو يسقط،
وأنفجر باكياً،
وهو يحضن صديقه بيده اليمنى الوحيده.
بعد وقت طويل يخرج من المشفى،
وصديقه يدفعه على الكرسي،
ليركبوا السيارة،
وهم بالسيارة،
يقول الأول،
"حمداً لله على سلامتك،
سنذهب لنحتفل."
يضحكون ويتحدّثون قليلاً،
ثم يقول الآخر،
"أتعلم كنت على حق،
ليتني سمعت كلامك،
فالآن قد تكسّر بيت الزجاج،
والناس لم تعد تلتفت لي،
بل تنفر منّي،
هل تصدّق أنك أنت أصبحت الوسيم الآن.."،
يضحك ببرود،
يجيب صديقه،
"لاعليك من الناس،
وأنت لاتزال وسيماً بنظري."
يلتفت للنافذه،
ليمنع صديقه من أن يرى دموعه،
ويهمس لنفسه،
"كم أنا محظوظ بك ياصديقي.".
الختام:
الجمال هو مايكون نابع من داخلنا،
فلا تهملوا جمالكم الخاص،
لأنه هو اللذي سيجاوركم طوال حياتكم،
والأصدقاء،
نادرون جداً فحافظوا عليهم،
ولاتتركوهم أبداً،
حفظ الله لكم النادرون.
فيصل...
الجمعة، 15 مارس 2013
الأربعاء، 13 مارس 2013
إنحنيت لها حبّاً....
إنحنيت لها حبّاً.."٣٧"
قصّة قصيرة بقلمي...
نظرت لها،
وجدّتها بملامح الأطفال،
حتى لها طولهم،
مرحة، سريعة الحركة، مضحكة جداً،
من غير شعور إبتسمت،
أراها تخجل ثم تأتي بغضب،
وتقول،
"مايضحكك أيها البرج!؟"،
"عذراً عزيزتي،
لم أقصد الإسائة ولكن.."،
تقاطعني،
"هل تضحك لقصري!؟،
نعم ذلك مايضحك،
تكلّم قل..!!"،
أجد الكلمات تهرب منّي لجرأتها،
فجأة أتكلّم،
"لا ياعزيزتي،
ليس ذلك مايضحكني،
فطولك انا أعشقه،
وأما سبب ضحكي،
كان لتصرّفاتك التي تسلبني اللب"،
تخجل وتغضب بنفس الوقت فتقول،
"انت!!..
أنت ماذا تقصد هل هذا مديح أم ذم،
لو سمحت أنا لست ..
انت وقح..!!"،
وتنصرف.
كان هذا اللقاء حدث،
أمام باب محاضرة،
ولم ينسى الشاب،
"الملكة" كما كان يسميّها،
وكان كلّ ما مرّت أمامه ينحني لها،
وكانت تخجل وتسرع خطوتها،
وفي يوم أمام حديقة الكلّية،
رأها وعندما مرّت بجانبه،
سقطت من يدها،
مذكّرة،
فانحنى الشاب على ركبته،
وأخذ المذكّرة وأعطاها وهو على ركبته،
"تفضّلي ياملكتي"،
قالها وهو يبتسم،
أخذتها وهي تقول،
"شكراً يامهرّجي"،
هرولت خجلة،
وظل الشاب يضحك،
على تصرّفاتها،
وبعد سنة،
قد توطدت علاقتهم أكثر،
فأصبحوا يُعرفون،
بـ"الملكة والمهرّج"،
وقد تقدّم الشاب لخطبتها،
وتمّت الخطبة،
بإتفاق أن يتزوّجوا بعد دراستهم،
وفي أحدى الليالي يتحدّثون بالهاتف.
مساء الخير ملكتي..
مساء الخير مهرّجي،
ممم لدي سؤال غريب..
تفضلّي مولاتي سلي ماشئتِ..
ممم لماذا تحبّني!؟..
*يضحك* ومابكِ كيلا أحبّه!؟..
إخرس لاتضحك علي،
*بخجل* ولكنّني قصيرة..
ذلك كان سبب إعجابي،
وبعد هذا الإعجاب وقعت بحبّك،
بحب تلك الفتاة الجميلة،
بروحها بعطفها بحنانها،
شقيّة مغامرة صريحة وخجولة،
تحبّ الخير للجميع..
مممم لا تجاملني!!..
لا أجاملك هذه الحقيقة!!..
إذاً ليس بي عيوب!؟..
بلى لديك عيب كبير جداً..
*تشعر بقلبها يخفق بشدّة*
ماهو!؟..
أنكِ لا تعلمين كم أنتي جميلة،
وتضعين قصرك،
سبب في منعك من رؤية ذلك..
ولكن انا قصيرة!؟..
نعم أنتي كذلك،
وذلك ما يجذبني لكِ،
إن لم تحبّي ذلك في ذاتك،
فلا تجعليه سبباً،
في منعك من رؤية باقي صفاتك الجميلة..
*تشعر بالخجل*
إذاً تحبّني رغم قصري!؟..
*يضحك*
بل لأجل قصرك أنا أحبّكً يا مولاتي..
*تضحك*
يالـ لسانك المعسول يا ملكي أعشقك..
ينهون المحادثة،
وتذهب لترى ذاتها في المرآة،
متفاخرة بحبّ ذلك الرجل لها،
وينظر هو لصورتها بجوّاله،
أنتي فقط من إنحنيت لها حبّاً.
الختام:
جميعنا نمتلك جمال فريد،
فقط بكوننا "نحن"،
لا تجعلوا الأشخاص يخبرونكم،
ماهو الجميل ودونه،
وحتماً ستجدون ذلك الشخص،
اللذي يهوى عيوبكم قبل مزاياكم.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
نظرت لها،
وجدّتها بملامح الأطفال،
حتى لها طولهم،
مرحة، سريعة الحركة، مضحكة جداً،
من غير شعور إبتسمت،
أراها تخجل ثم تأتي بغضب،
وتقول،
"مايضحكك أيها البرج!؟"،
"عذراً عزيزتي،
لم أقصد الإسائة ولكن.."،
تقاطعني،
"هل تضحك لقصري!؟،
نعم ذلك مايضحك،
تكلّم قل..!!"،
أجد الكلمات تهرب منّي لجرأتها،
فجأة أتكلّم،
"لا ياعزيزتي،
ليس ذلك مايضحكني،
فطولك انا أعشقه،
وأما سبب ضحكي،
كان لتصرّفاتك التي تسلبني اللب"،
تخجل وتغضب بنفس الوقت فتقول،
"انت!!..
أنت ماذا تقصد هل هذا مديح أم ذم،
لو سمحت أنا لست ..
انت وقح..!!"،
وتنصرف.
كان هذا اللقاء حدث،
أمام باب محاضرة،
ولم ينسى الشاب،
"الملكة" كما كان يسميّها،
وكان كلّ ما مرّت أمامه ينحني لها،
وكانت تخجل وتسرع خطوتها،
وفي يوم أمام حديقة الكلّية،
رأها وعندما مرّت بجانبه،
سقطت من يدها،
مذكّرة،
فانحنى الشاب على ركبته،
وأخذ المذكّرة وأعطاها وهو على ركبته،
"تفضّلي ياملكتي"،
قالها وهو يبتسم،
أخذتها وهي تقول،
"شكراً يامهرّجي"،
هرولت خجلة،
وظل الشاب يضحك،
على تصرّفاتها،
وبعد سنة،
قد توطدت علاقتهم أكثر،
فأصبحوا يُعرفون،
بـ"الملكة والمهرّج"،
وقد تقدّم الشاب لخطبتها،
وتمّت الخطبة،
بإتفاق أن يتزوّجوا بعد دراستهم،
وفي أحدى الليالي يتحدّثون بالهاتف.
مساء الخير ملكتي..
مساء الخير مهرّجي،
ممم لدي سؤال غريب..
تفضلّي مولاتي سلي ماشئتِ..
ممم لماذا تحبّني!؟..
*يضحك* ومابكِ كيلا أحبّه!؟..
إخرس لاتضحك علي،
*بخجل* ولكنّني قصيرة..
ذلك كان سبب إعجابي،
وبعد هذا الإعجاب وقعت بحبّك،
بحب تلك الفتاة الجميلة،
بروحها بعطفها بحنانها،
شقيّة مغامرة صريحة وخجولة،
تحبّ الخير للجميع..
مممم لا تجاملني!!..
لا أجاملك هذه الحقيقة!!..
إذاً ليس بي عيوب!؟..
بلى لديك عيب كبير جداً..
*تشعر بقلبها يخفق بشدّة*
ماهو!؟..
أنكِ لا تعلمين كم أنتي جميلة،
وتضعين قصرك،
سبب في منعك من رؤية ذلك..
ولكن انا قصيرة!؟..
نعم أنتي كذلك،
وذلك ما يجذبني لكِ،
إن لم تحبّي ذلك في ذاتك،
فلا تجعليه سبباً،
في منعك من رؤية باقي صفاتك الجميلة..
*تشعر بالخجل*
إذاً تحبّني رغم قصري!؟..
*يضحك*
بل لأجل قصرك أنا أحبّكً يا مولاتي..
*تضحك*
يالـ لسانك المعسول يا ملكي أعشقك..
ينهون المحادثة،
وتذهب لترى ذاتها في المرآة،
متفاخرة بحبّ ذلك الرجل لها،
وينظر هو لصورتها بجوّاله،
أنتي فقط من إنحنيت لها حبّاً.
الختام:
جميعنا نمتلك جمال فريد،
فقط بكوننا "نحن"،
لا تجعلوا الأشخاص يخبرونكم،
ماهو الجميل ودونه،
وحتماً ستجدون ذلك الشخص،
اللذي يهوى عيوبكم قبل مزاياكم.
فيصل...
ريشة في مهب الريح...
ريشة في مهب الريح.."٣٦"
قصّة قصيرة بقلمي...
في إحدى المدن،
على مبنى يناطح السحاب،
جلست يمامة بيضاء،
تنظر للمدينة،
وقد إعتادت المنظر كلّ يوم،
همّت بالطيران ووقعت ريشة منها،
وبينما الريشة تسقط تداعبها الرياح،
تنظر للكون للشقق للبشر لكلّ شيء.
ويييه...*تصرخ بحماس*
أعشق السقوط بالهواء،
شعور غريب وممتع بنفس الوقت،
يالهذه الحمامة الغبيّة،
ياه الريح تدفعني باتجاه المبنى،
سأصطدم به،
آخ مؤلمة الصدمة،
كأنني صدمت الزجاج،
ماهذا،
هناك رجل من البشر وأبنه،
لأستمع لهم ليس لدي ماأقوم به على كل حال.
كم مرّة أخبرتك ألا تفعل ذلك..
لكن أبي لم أفعل أي خطأ..
بلى أنت دائماً تأتي بالقطط الشاردة،
لتساعدهم وتوّكلهم ثم يوسّخون المكان..
لكن يا أبي..
كفى!! لاتفعل ذلك مرةً أخرى!!..
وتأتي نسمه تأخذ الريشة.
يااه لم أستطيع سماع الباقي،
لا يهم فليس شيء عظيم على كلّ حال،
اليوم جميل،
لا يوجد مطر،
المطر يغضبني،
فهو دائماً يرميني للأرض بسرعة،
وأنا أحب التجوال،
ماذا الآن،
هذه حمامة أخرى تطير،
ياه التصقت بها،
الى اين ستأخذني هذه الغبيّة!؟.
وبينما الحمامة ترفرف،
تسقط الريشة،
وهذه المرّة لايوجد نسيم هواء،
تسقط بهدوء للأرض،
ولكن بالنسبة لها،
فهو كالهبوط الإضطراري،
فتصطدم بالأرض.
اخ هذا انا وقعت على الارض،
لايهم فحياتي ليست ذا معنى على كل حال،
سأبقى هنا حتى يدوسني أحد،
أو تأخذني المياه للمجاري،
على كل حال لن يهم شيء.
بعد وقت يمر الطفل،
فيرى الريشة،
يمسكها ويضعها على راحة يده الصغيرة.
اه ما أجملك من ريشة،
سأحتفظ بكِ،
بما أن أبي يمنعني من الإحتفاظ بالقطط،
او بأي شيء له روح،
فهو يقول أن الشيء المهم هو المال،
ولكنّي أعشق الأشياء التي لها روح،
والمال لم أشعر بروحه أبداً،
وانتي بالعكس تملكين روح جميلة ياريشة،
مغامرة فرحة مثابرة،
ستكونين بقربي للأبد.
فيخرج الطفل محفظته الصغيرة،
ويضع الريشة،
ويتركها هناك.
مرّت السنين،
يقف كهل أمام الشاطئ،
اللذي يقابل منزله اللذي يشبه القصر،
يخرج محفظته ومن داخلها يخرج ريشة،
قد عتقت وشاخت كما شاخ،
ويحدّثها.
آه ياصديقتي،
لقد مرّت السنين وجاورتني بحياتي،
ياليت أبي يراني الآن،
فعندما أهتممت للأرواح،
حصلت على أكثر مما أريد،
فأنا أملك من المال مالايمكنني صرفه،
وذقت جميع المشاعر،
التي شعرت معها بأنني عشت حقاً،
والآن عائلتي جميعها في المنزل،
وأشعر بأن ساعتي قد حانت،
أحببت رؤيتك للمرّة الأخيرة،
فإني أعتقد أن جزء مني إلتصق بكِ،
وجزء منكِ إلتصق بي،
شكراً لوجودك معي طوال هذه السنين،
حفظتك وأحتفظتي بي.
يجلس الرجل على مقعد على الشاطئ،
ويقبّل الريشة،
ثم يضعها على فخذه،
وينظر للبحر،
ثم يلفض آخر أنفاسه.
ياه ياعزيزي،
انا من يشكرك،
وعدتني بحفظي ووفيت،
والآن قد توّفيت،
وآن لي أن أعود كما كنت قبلك،
"ريشة في مهب الريح".
يأتي نسيم فيحمل الريشة للماء،
تطفو قليلاً ثم تغوص للأبد..
الختام:
دائماً قد نجد بحياتنا أشياء معنوية،
بسيطة لاتكاد تذكر،
ولكن هذه الأشياء تمنحنا قوّة لاتقاس،
وتدفعنا للأمام،
وكلّما تعلقنا بأرواحنا،
وجدنا نبع القوّة الخفي،
دمتم لي مصدر قوّة يدفعني للأمام،
وجمع الله أرواحنا تحت رحمته.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في إحدى المدن،
على مبنى يناطح السحاب،
جلست يمامة بيضاء،
تنظر للمدينة،
وقد إعتادت المنظر كلّ يوم،
همّت بالطيران ووقعت ريشة منها،
وبينما الريشة تسقط تداعبها الرياح،
تنظر للكون للشقق للبشر لكلّ شيء.
ويييه...*تصرخ بحماس*
أعشق السقوط بالهواء،
شعور غريب وممتع بنفس الوقت،
يالهذه الحمامة الغبيّة،
ياه الريح تدفعني باتجاه المبنى،
سأصطدم به،
آخ مؤلمة الصدمة،
كأنني صدمت الزجاج،
ماهذا،
هناك رجل من البشر وأبنه،
لأستمع لهم ليس لدي ماأقوم به على كل حال.
كم مرّة أخبرتك ألا تفعل ذلك..
لكن أبي لم أفعل أي خطأ..
بلى أنت دائماً تأتي بالقطط الشاردة،
لتساعدهم وتوّكلهم ثم يوسّخون المكان..
لكن يا أبي..
كفى!! لاتفعل ذلك مرةً أخرى!!..
وتأتي نسمه تأخذ الريشة.
يااه لم أستطيع سماع الباقي،
لا يهم فليس شيء عظيم على كلّ حال،
اليوم جميل،
لا يوجد مطر،
المطر يغضبني،
فهو دائماً يرميني للأرض بسرعة،
وأنا أحب التجوال،
ماذا الآن،
هذه حمامة أخرى تطير،
ياه التصقت بها،
الى اين ستأخذني هذه الغبيّة!؟.
وبينما الحمامة ترفرف،
تسقط الريشة،
وهذه المرّة لايوجد نسيم هواء،
تسقط بهدوء للأرض،
ولكن بالنسبة لها،
فهو كالهبوط الإضطراري،
فتصطدم بالأرض.
اخ هذا انا وقعت على الارض،
لايهم فحياتي ليست ذا معنى على كل حال،
سأبقى هنا حتى يدوسني أحد،
أو تأخذني المياه للمجاري،
على كل حال لن يهم شيء.
بعد وقت يمر الطفل،
فيرى الريشة،
يمسكها ويضعها على راحة يده الصغيرة.
اه ما أجملك من ريشة،
سأحتفظ بكِ،
بما أن أبي يمنعني من الإحتفاظ بالقطط،
او بأي شيء له روح،
فهو يقول أن الشيء المهم هو المال،
ولكنّي أعشق الأشياء التي لها روح،
والمال لم أشعر بروحه أبداً،
وانتي بالعكس تملكين روح جميلة ياريشة،
مغامرة فرحة مثابرة،
ستكونين بقربي للأبد.
فيخرج الطفل محفظته الصغيرة،
ويضع الريشة،
ويتركها هناك.
مرّت السنين،
يقف كهل أمام الشاطئ،
اللذي يقابل منزله اللذي يشبه القصر،
يخرج محفظته ومن داخلها يخرج ريشة،
قد عتقت وشاخت كما شاخ،
ويحدّثها.
آه ياصديقتي،
لقد مرّت السنين وجاورتني بحياتي،
ياليت أبي يراني الآن،
فعندما أهتممت للأرواح،
حصلت على أكثر مما أريد،
فأنا أملك من المال مالايمكنني صرفه،
وذقت جميع المشاعر،
التي شعرت معها بأنني عشت حقاً،
والآن عائلتي جميعها في المنزل،
وأشعر بأن ساعتي قد حانت،
أحببت رؤيتك للمرّة الأخيرة،
فإني أعتقد أن جزء مني إلتصق بكِ،
وجزء منكِ إلتصق بي،
شكراً لوجودك معي طوال هذه السنين،
حفظتك وأحتفظتي بي.
يجلس الرجل على مقعد على الشاطئ،
ويقبّل الريشة،
ثم يضعها على فخذه،
وينظر للبحر،
ثم يلفض آخر أنفاسه.
ياه ياعزيزي،
انا من يشكرك،
وعدتني بحفظي ووفيت،
والآن قد توّفيت،
وآن لي أن أعود كما كنت قبلك،
"ريشة في مهب الريح".
يأتي نسيم فيحمل الريشة للماء،
تطفو قليلاً ثم تغوص للأبد..
الختام:
دائماً قد نجد بحياتنا أشياء معنوية،
بسيطة لاتكاد تذكر،
ولكن هذه الأشياء تمنحنا قوّة لاتقاس،
وتدفعنا للأمام،
وكلّما تعلقنا بأرواحنا،
وجدنا نبع القوّة الخفي،
دمتم لي مصدر قوّة يدفعني للأمام،
وجمع الله أرواحنا تحت رحمته.
فيصل...
الاثنين، 11 مارس 2013
ميناء النسيان...
ميناء النسيان..."٣٥"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد الموانئ،
بجانب المنارة،
يوجد كرسي خشبي،
تجلس عليه إمرأة جميلة،
ترتدي فستان أزرق،
بخفيّن من نفس اللون،
بشعرها الذهبي،
ترتدي قبعّة بيضاء كبيرة،
تنظر للبحر اللذي يشبه لون أعينها،
تنظر وهي تتنهّد،
وتحدّث نفسها.
اليوم سيرجع،
نعم اليوم سيعود،
لقد قال لي ذلك،
لقد وعدني بذلك،
بأنه سيعود،
ولكن لم يعد،
وقد طال الوقت،
ولكن أعلم أنه سيعود اليوم،
نعم ذلك ماسيحدث،
سأرتمي بأحضانه،
مشتاقه لعبقه،
سنعود معاً للبيت،
نعم معاً سنبقى للأبد.
كان عامل المنارة يخرج منها،
لأنه وقت غدائه،
واليوم سيأتي صاحبه ليتغدّى معه،
وعندما جلسا بمكان قريب،
من المنارة وينظرون للفتاة،
ليس من بعيد.
ياللمسكينة..
من تقصد!؟..
تلك الفتاة..*يشير بعينيه إتجاهها*
اه، فعلاً يالها من مسكينة..
هل مرّ عليها سنة أم أكثر!؟..
أعتقد أنها أصبحت سنتان..
ياه حقاً إنها مسكينة..
ذكّرني بحكايتها فقد نسيتها..
حكايتها،
اه نعم حكايتها،
حسناً سأخبرك ياصديقي،
او بالأحرى سأنعش ذاكرتك..
وهنا بدأ عامل المنارة بالحديث لصديقه،
عن حكاية تلك الفتاة.
هذا الميناء ياصديقي،
عرفته منذ زمن،
حاله كحال الموانئ الاخرى،
عندما يرحل البشر عنه،
ينسون أمره،
فالميناء إما قادمون أو راحلون،
لاتجد به من يبقى،
لذلك الجميع ينسى بالموانئ،
ينسى الاغراض،
الحاجات،
حتى الاشخاص،
ولكن هذه الفتاة عاشت في هذا الميناء،
منذ طفولتها،
والدها كان يعمل بالمنارة قبلي،
حتى أصبح كبير في السن،
وتوقف عن العمل،
ولم يستطع الذهاب لاي مكان،
اشترى بيت او بالاحرى غرفة،
له ولابنته،
التي أصبحت شابّه،
وقعت بحب بحّار،
بحّار يتردد على هذا الميناء،
لقد وعدها الشاب بالزواج،
وبعد مرور وقت تزوَجوا،
وبعد وقت قليل من زواجهم،
استدعوه لرحلة طويلة تستغرق ستّة شهور،
رفض ولكن العقد لزم عليه ان يذهب،
وفعل وقبلها وعدها،
ان يعود بعد انقضاء المدّة،
وخلال الثلاثة أشهر الأولى،
أصاب والدها بمرض وتوفي،
وكانت الثلاث الشهور الباقية مؤلمة جداً،
حيث كانت وحيدة بهذا الميناء المليء بالنسيان،
حتى جنازة والدها،
لم يحضرها الا هي وانا وأحد المارّة،
تحمّلت الألم على أمل أن يعود زوجها،
وفي اليوم المحدّد لعودته،
جلست هنا فرحة باسمة،
تلوّح لي بأن أنتبه لسفينته،
وهي فرحة ورأيت سفينته،
وكانت سعيدة جداً،
حتى اذا رست على الميناء،
خرجوا البحارة ولم يأتي زوجها،
سألت عنه قبطان السفينة،
فأخبرها بأسى،
أن زوجها لقى حتفة في البحر،
إثر عاصفة وقد مات الكثير،
صعقت المسكينة،
وأصابت بالجنون،
وهذه هي كلّ يوم،
تجلس في نفس المكان،
تنتظر،
كأنها لم تسمع حديث القبطان،
يالها من مسكينة.
الختام:
النسيان نعمة ونقمة في نفس الوقت،
يأتي عندما لانريده،
ويصعب علينا عندما نحتاجه،
أنساكم الله كلّ حزن،
وحفظ لكم ذكرياتكم الجميلة.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد الموانئ،
بجانب المنارة،
يوجد كرسي خشبي،
تجلس عليه إمرأة جميلة،
ترتدي فستان أزرق،
بخفيّن من نفس اللون،
بشعرها الذهبي،
ترتدي قبعّة بيضاء كبيرة،
تنظر للبحر اللذي يشبه لون أعينها،
تنظر وهي تتنهّد،
وتحدّث نفسها.
اليوم سيرجع،
نعم اليوم سيعود،
لقد قال لي ذلك،
لقد وعدني بذلك،
بأنه سيعود،
ولكن لم يعد،
وقد طال الوقت،
ولكن أعلم أنه سيعود اليوم،
نعم ذلك ماسيحدث،
سأرتمي بأحضانه،
مشتاقه لعبقه،
سنعود معاً للبيت،
نعم معاً سنبقى للأبد.
كان عامل المنارة يخرج منها،
لأنه وقت غدائه،
واليوم سيأتي صاحبه ليتغدّى معه،
وعندما جلسا بمكان قريب،
من المنارة وينظرون للفتاة،
ليس من بعيد.
ياللمسكينة..
من تقصد!؟..
تلك الفتاة..*يشير بعينيه إتجاهها*
اه، فعلاً يالها من مسكينة..
هل مرّ عليها سنة أم أكثر!؟..
أعتقد أنها أصبحت سنتان..
ياه حقاً إنها مسكينة..
ذكّرني بحكايتها فقد نسيتها..
حكايتها،
اه نعم حكايتها،
حسناً سأخبرك ياصديقي،
او بالأحرى سأنعش ذاكرتك..
وهنا بدأ عامل المنارة بالحديث لصديقه،
عن حكاية تلك الفتاة.
هذا الميناء ياصديقي،
عرفته منذ زمن،
حاله كحال الموانئ الاخرى،
عندما يرحل البشر عنه،
ينسون أمره،
فالميناء إما قادمون أو راحلون،
لاتجد به من يبقى،
لذلك الجميع ينسى بالموانئ،
ينسى الاغراض،
الحاجات،
حتى الاشخاص،
ولكن هذه الفتاة عاشت في هذا الميناء،
منذ طفولتها،
والدها كان يعمل بالمنارة قبلي،
حتى أصبح كبير في السن،
وتوقف عن العمل،
ولم يستطع الذهاب لاي مكان،
اشترى بيت او بالاحرى غرفة،
له ولابنته،
التي أصبحت شابّه،
وقعت بحب بحّار،
بحّار يتردد على هذا الميناء،
لقد وعدها الشاب بالزواج،
وبعد مرور وقت تزوَجوا،
وبعد وقت قليل من زواجهم،
استدعوه لرحلة طويلة تستغرق ستّة شهور،
رفض ولكن العقد لزم عليه ان يذهب،
وفعل وقبلها وعدها،
ان يعود بعد انقضاء المدّة،
وخلال الثلاثة أشهر الأولى،
أصاب والدها بمرض وتوفي،
وكانت الثلاث الشهور الباقية مؤلمة جداً،
حيث كانت وحيدة بهذا الميناء المليء بالنسيان،
حتى جنازة والدها،
لم يحضرها الا هي وانا وأحد المارّة،
تحمّلت الألم على أمل أن يعود زوجها،
وفي اليوم المحدّد لعودته،
جلست هنا فرحة باسمة،
تلوّح لي بأن أنتبه لسفينته،
وهي فرحة ورأيت سفينته،
وكانت سعيدة جداً،
حتى اذا رست على الميناء،
خرجوا البحارة ولم يأتي زوجها،
سألت عنه قبطان السفينة،
فأخبرها بأسى،
أن زوجها لقى حتفة في البحر،
إثر عاصفة وقد مات الكثير،
صعقت المسكينة،
وأصابت بالجنون،
وهذه هي كلّ يوم،
تجلس في نفس المكان،
تنتظر،
كأنها لم تسمع حديث القبطان،
يالها من مسكينة.
الختام:
النسيان نعمة ونقمة في نفس الوقت،
يأتي عندما لانريده،
ويصعب علينا عندما نحتاجه،
أنساكم الله كلّ حزن،
وحفظ لكم ذكرياتكم الجميلة.
فيصل...
الأحد، 10 مارس 2013
قتلتني ببرود
قتلتني ببرود.."٣٤"
قصّة قصيرة بقلمي...
أكرهها،
أحبها،
مجنون بها وبنفس الوقت عاقل معها،
أريدها ولا أريدها بنفس الوقت،
هي قاتلة،
نعم هي كذلك،
تلعب بمشاعري كيفما تشاء،
ثم تتركني كالمجنون ألتمسها،
تغيب عنّي وتترك طيوفها تعذّبني،
قاسية وقحة ومغرورة،
يااه كم أحبّها،
لا انا أكرهها،
لا أعلم ماهو شعوري،
أذهبت عقلي وقتلت قلبي ببرودها.
جلس وهو ينظر لجوّاله،
يقرأ رسائلها،
ويعض على شفاهه،
يرمي الجوّال ثم يأخذه بحنان،
جالس بجنح الليل لوحده ينتظر مكالمتها،
وبعد لحظات من التوتّر تتصّل،
يقفز فرحاً يجيب على الهاتف.
آلو..
صباح الخير جميلي..
أهلاً عزيزتي إشتقت لكِ..
أعلم ذلك..*تضحك بخفّه*
يالقسوتك إذاً لماذا لم تتصلّي..
أعشق عذابك..
أنتي قاسية..
نعم قاسية..
معي فقط..
نعم..*تضحك*
لا تضحكي فأنتي...
أنتي...
انا ماذا!؟..
أنتي لا تهتمين لحالي..
إذاً لماذا أتّصل!؟..
لا أعلم ربما لتضحكي علي..
*تضحك بهستيريا* ما أجملك كالطّفل..
إخرسي انا رجل..
حسناً يارجل، كيف يومك!؟..
سيء..*يتنهّد*
جيّد*تضحك*, ولكن لماذا!؟..
لأنني إشتقت لكِ،
ولم أحادثك..
والان!؟..
ممم أفضل..
اذاً تصبح على خير..
اين!!..
سأنام..
ولكنني لم أشبع منك..
ولن تشبع يامجنوني..
يااه اكرهك..
أفضل ، انا اتلذذ بكرهك،
وداعاً..
لحظة !!
الو!!
الوووو!!
ينغلق الخط،
يتصّل بها،
و"الجهاز مغلق"،
يضع رأسه على وسادته ويصرخ ألماً،
لاينام طول الليل،
وفي الصباح يحدّث نفسه.
سأتركها للأبد،
لم أعد أحتمل هذا الجنون..
تمرّ الأيام وتبتدي الفتاة بالإتصال،
ولايجيب،
وتكرر اتصالها ورسائلها ولايجيب،
وبعد وقت قد فقد مشاعره لها،
يجيب على اتصالها في احدى الليالي.
نعم..
اين كنت يا احمق..
لا تقولي احمق وليس من شأنك أمري!!..
مابك !؟
ماهذا الأسلوب!؟..
هذا أسلوبي وكفى..
هل فقدت عقلك،
أتحادثني بهذه الطريقة!؟..
لو سمحتي لايكثر حديثك،
لقد بدأت أزهق منك،
اسأذهب الان يامجنونة،
وداعاً..
ويقفل الخط،
تحاول الاتصال به من جديد،
وتجلس تنظر لهاتفها والدموع تنهمر.
لماذا فعلت ذلك!؟
لماذا تركته يذهب من بين يدي!؟
يالتعاستي احببته بصدق،
ولكنني فعلاً مجنونة، بتعاملي معه من قبل،
والان ذهب ذهب وتركني.
ترسل له رسالة كتبت بها،
"قتلتني ببرود"،
يقرأ الرسالة،
يبتسم ويقول في نفسه،
"كما فعلتي بي"،
يمسح الرسالة ويرمي جوّاله.
الختام:
عندما تجدون من يهمّكم أمره،
لا تجعلوه يفلت من بين أيديكم،
بإسلوبكم وتماديكم الغير مبرّر،
حفظ الله لكم من تحبّون.
فيصل..
قصّة قصيرة بقلمي...
أكرهها،
أحبها،
مجنون بها وبنفس الوقت عاقل معها،
أريدها ولا أريدها بنفس الوقت،
هي قاتلة،
نعم هي كذلك،
تلعب بمشاعري كيفما تشاء،
ثم تتركني كالمجنون ألتمسها،
تغيب عنّي وتترك طيوفها تعذّبني،
قاسية وقحة ومغرورة،
يااه كم أحبّها،
لا انا أكرهها،
لا أعلم ماهو شعوري،
أذهبت عقلي وقتلت قلبي ببرودها.
جلس وهو ينظر لجوّاله،
يقرأ رسائلها،
ويعض على شفاهه،
يرمي الجوّال ثم يأخذه بحنان،
جالس بجنح الليل لوحده ينتظر مكالمتها،
وبعد لحظات من التوتّر تتصّل،
يقفز فرحاً يجيب على الهاتف.
آلو..
صباح الخير جميلي..
أهلاً عزيزتي إشتقت لكِ..
أعلم ذلك..*تضحك بخفّه*
يالقسوتك إذاً لماذا لم تتصلّي..
أعشق عذابك..
أنتي قاسية..
نعم قاسية..
معي فقط..
نعم..*تضحك*
لا تضحكي فأنتي...
أنتي...
انا ماذا!؟..
أنتي لا تهتمين لحالي..
إذاً لماذا أتّصل!؟..
لا أعلم ربما لتضحكي علي..
*تضحك بهستيريا* ما أجملك كالطّفل..
إخرسي انا رجل..
حسناً يارجل، كيف يومك!؟..
سيء..*يتنهّد*
جيّد*تضحك*, ولكن لماذا!؟..
لأنني إشتقت لكِ،
ولم أحادثك..
والان!؟..
ممم أفضل..
اذاً تصبح على خير..
اين!!..
سأنام..
ولكنني لم أشبع منك..
ولن تشبع يامجنوني..
يااه اكرهك..
أفضل ، انا اتلذذ بكرهك،
وداعاً..
لحظة !!
الو!!
الوووو!!
ينغلق الخط،
يتصّل بها،
و"الجهاز مغلق"،
يضع رأسه على وسادته ويصرخ ألماً،
لاينام طول الليل،
وفي الصباح يحدّث نفسه.
سأتركها للأبد،
لم أعد أحتمل هذا الجنون..
تمرّ الأيام وتبتدي الفتاة بالإتصال،
ولايجيب،
وتكرر اتصالها ورسائلها ولايجيب،
وبعد وقت قد فقد مشاعره لها،
يجيب على اتصالها في احدى الليالي.
نعم..
اين كنت يا احمق..
لا تقولي احمق وليس من شأنك أمري!!..
مابك !؟
ماهذا الأسلوب!؟..
هذا أسلوبي وكفى..
هل فقدت عقلك،
أتحادثني بهذه الطريقة!؟..
لو سمحتي لايكثر حديثك،
لقد بدأت أزهق منك،
اسأذهب الان يامجنونة،
وداعاً..
ويقفل الخط،
تحاول الاتصال به من جديد،
وتجلس تنظر لهاتفها والدموع تنهمر.
لماذا فعلت ذلك!؟
لماذا تركته يذهب من بين يدي!؟
يالتعاستي احببته بصدق،
ولكنني فعلاً مجنونة، بتعاملي معه من قبل،
والان ذهب ذهب وتركني.
ترسل له رسالة كتبت بها،
"قتلتني ببرود"،
يقرأ الرسالة،
يبتسم ويقول في نفسه،
"كما فعلتي بي"،
يمسح الرسالة ويرمي جوّاله.
الختام:
عندما تجدون من يهمّكم أمره،
لا تجعلوه يفلت من بين أيديكم،
بإسلوبكم وتماديكم الغير مبرّر،
حفظ الله لكم من تحبّون.
فيصل..
ضوء شاشة اللابتوب..
ضوء شاشة اللابتوب.."٣٣"
قصّة قصيرة بقلمي....
جلست أمام حاسوبها،
بعد منتصف الليل،
وقد تعوّدت ذلك كلّ ليلة،
بين منتدى وبرنامج محادثة،
وبرامج التواصل الإجتماعي.
ها انا من جديد،
متملّلة،
لاشيء يذكر فقط أقضي ساعات الليل،
بين موقع وآخر أكتب واقرأ،
لقد مللت من البشر،
فهم هنا أقلّها لا يعلمون بحالي،
ولايهتمون لي،
يكفي انهم،
اما يجاملوني،
او يمزحون،
او يقومون بالسباب،
أشفق عليهم،
وأشفق على حالي.
تذهب ليلتها كعادتها،
حتى يقوم شخص بارسال رسالة لها.
"هل لي بالتواصل معك،
انا احتاجك."
من هو هذا الشخص،
يحتاجني!؟
بماذا يحتاجني!؟
لأرى مايريد.
ترسل له حساب "الإيميل"،
لترى مايريد هذا الشخص الغريب.
بعد وقت قصير،
تصل لها إضافة،
توافق ويبتدي الحديث.
صباح الخير..
صباح النور..
كيف حالك!؟...
بخير، ماذا تريد!؟..
ممم لا اعلم ماذا اقول لك..
اسمع انا لا احدّث الشباب،
لذا إعذرني إن لم يكن هناك شيء..
إسمعي،
انا رجل غريب الأطوار،
لست إجتماعي،
ولا احب النفاق الاجتماعي كذلك،
لم احدث غيرك،
واعلم ان رسالتي غريبة كذلك،
لكن اعتقد انك تشبهينني بكثير من الامور،
واحتاج لأي شخص كي أشعر بشيء،
انا أخاف أن أفعل شيء،
لايمكن الرجوع عنه.
هل انتهيت!؟
نعم انتهيت..
وداعاً.
تركته معتقده انه متطّفل آخر،
تمر الايام ولم يحدث بينهم تواصل،
وبعد وقت ترى حساب ايميله،
مكتوب.
"لقد توفى صاحب الايميل،
ادعوا له بالمغفرة"
الختام:
ربما يأتي لنا أشخاص،
يحتاجون للمساعدة،
فحاول أن تعرف مايريد،
قبل أن تقفل الباب بوجهه.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي....
جلست أمام حاسوبها،
بعد منتصف الليل،
وقد تعوّدت ذلك كلّ ليلة،
بين منتدى وبرنامج محادثة،
وبرامج التواصل الإجتماعي.
ها انا من جديد،
متملّلة،
لاشيء يذكر فقط أقضي ساعات الليل،
بين موقع وآخر أكتب واقرأ،
لقد مللت من البشر،
فهم هنا أقلّها لا يعلمون بحالي،
ولايهتمون لي،
يكفي انهم،
اما يجاملوني،
او يمزحون،
او يقومون بالسباب،
أشفق عليهم،
وأشفق على حالي.
تذهب ليلتها كعادتها،
حتى يقوم شخص بارسال رسالة لها.
"هل لي بالتواصل معك،
انا احتاجك."
من هو هذا الشخص،
يحتاجني!؟
بماذا يحتاجني!؟
لأرى مايريد.
ترسل له حساب "الإيميل"،
لترى مايريد هذا الشخص الغريب.
بعد وقت قصير،
تصل لها إضافة،
توافق ويبتدي الحديث.
صباح الخير..
صباح النور..
كيف حالك!؟...
بخير، ماذا تريد!؟..
ممم لا اعلم ماذا اقول لك..
اسمع انا لا احدّث الشباب،
لذا إعذرني إن لم يكن هناك شيء..
إسمعي،
انا رجل غريب الأطوار،
لست إجتماعي،
ولا احب النفاق الاجتماعي كذلك،
لم احدث غيرك،
واعلم ان رسالتي غريبة كذلك،
لكن اعتقد انك تشبهينني بكثير من الامور،
واحتاج لأي شخص كي أشعر بشيء،
انا أخاف أن أفعل شيء،
لايمكن الرجوع عنه.
هل انتهيت!؟
نعم انتهيت..
وداعاً.
تركته معتقده انه متطّفل آخر،
تمر الايام ولم يحدث بينهم تواصل،
وبعد وقت ترى حساب ايميله،
مكتوب.
"لقد توفى صاحب الايميل،
ادعوا له بالمغفرة"
الختام:
ربما يأتي لنا أشخاص،
يحتاجون للمساعدة،
فحاول أن تعرف مايريد،
قبل أن تقفل الباب بوجهه.
فيصل...
السبت، 9 مارس 2013
طعنة الأحلام....
طعنة الأحلام..."٣٢"
قصّة قصيرة بقلمي...
جميلة..
نعم انا جميلة..
اذاً لماذا يصيبني كل هذا الحزن..
جلست تنظر لمرآتها،
تحدّث نفسها،
تشعر بالسوء حيال ذاتها،
تمسح بقايا الكحل اللذي ساح،
ساح ليصبغ وجنتيها بالسواد،
ساح من فعل دموعها،
تبكي وهي تمسح بقايا مكياجها،
وتصرخ ألماً،
وضعت رأسها على التسريحة،
عادت تنظر للبقع الباقيه،
اكملت تنظيف وجهها،
ثم نظرت بعينيها بعمق،
وهي تقول بهمس.
لماذا تحزنين،
انتي جميلة والجميلات لايليق بهن الحزن،
لماذا تبكين بسبب طعنات الاحلام،
ماذا يعني ان لم يتحقق حلمي،
ماذا يعني انّه تركني وذهب،
هو المجنون ولست انا،
هو اللذي خسرني ولم أخسره،
لم يعد يهمني الا تتحقق احلامي.
وتجلس تنظر لادوات التزيين،
ثم تاخذها وتبتدي بالتلوين على وجهها،
بحالة هستيرية.
بعد مضي وقت تنظر لوجهها،
الذي أصبح ملوّناً كالمهرّجين،
وتقول بصوت مبحوح.
نعم هذا يليق بكِ أكثر،
أنتِ مهرّج،
أضحوكة،
مجرّد مزحة قبيحة،
الان لن يلاحظوا دموعك،
سيعتبرونها الواناً اخرى للتزيين،
فقط ستبقين هكذا للأبد،
تضحكين وسعيدة من الخارج،
وتموتين حزناً من الداخل.
وارتجفت شفاهها،
التي تلطخت باللون الاحمر،
وهي تتذكّر كلماته.
عزيزتي انا ساتركك،
لم اعد احتمل سواد نفسك،
برغم جمالك الا انك قبيحة من الداخل،
ودائماً تخشين ان يكتشف الناس،
مابداخلك من سواد،
فتزيدين من جمالك،
معتقده انه شفيع لكِ،
ولكن اليوم لم يعد يشفع لكِ.
تعض شفاهها ندماً،
ثم ترمي زجاجة العطر على المرآة،
فتتكسّر ويخرج العطر متناثراً،
تنظر لقطعة الزجاج،
وكأن فكرة سوداء برقت بعقلها،
تأخذ القطعة،
فإذا بالباب يفتح،
يأتي رجل ويصفعها ليطرحها أرضاً.
ما بك يامجنونة!!
ماذا ستفعلين!؟
أتركني!!
جميعكم لا تريدوني..!!
ماذا تقولين!؟
لقد تركني حبيبي بسبب قبحي.
لستِ قبيحة.
يقصد روحي وليس شكلي.
وذلك ماقصدت لستِ قبيحة،
روحك من أجمل الارواح التي قابلتها،
وانا واقع بحبّك منذ زمن،
انتي عطوفه ومرحة،
رغم انك تخشين ان يقترب الناس لك،
الا انني استطعت ذلك طول هذه الفترة،
ولا استطيع الا ان اقول ان روحك اجمل،
اجمل من ملامحك،
ومن يقول عكس ذلك،
فحتماً هو المجنون.
تشعر الفتاة بحملها يسقط،
تحتضنه وتجهش بالبكاء،
يقبل رأسها،
ثم ينظر لها ويقول،
"يالجمالك يامهرّجي الحزين".
الختام:
لكل منّا جماله الفريد،
لاتقلق فحتماً ستجد من يرى ذلك الجمال بك،
وعندما تفعل،
ستكون احلامك كالاحضان وليست كالطعنات،
انا واقع بحب جمالكم الداخلي،
واتمنى ان تحققوا احلامكم.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
جميلة..
نعم انا جميلة..
اذاً لماذا يصيبني كل هذا الحزن..
جلست تنظر لمرآتها،
تحدّث نفسها،
تشعر بالسوء حيال ذاتها،
تمسح بقايا الكحل اللذي ساح،
ساح ليصبغ وجنتيها بالسواد،
ساح من فعل دموعها،
تبكي وهي تمسح بقايا مكياجها،
وتصرخ ألماً،
وضعت رأسها على التسريحة،
عادت تنظر للبقع الباقيه،
اكملت تنظيف وجهها،
ثم نظرت بعينيها بعمق،
وهي تقول بهمس.
لماذا تحزنين،
انتي جميلة والجميلات لايليق بهن الحزن،
لماذا تبكين بسبب طعنات الاحلام،
ماذا يعني ان لم يتحقق حلمي،
ماذا يعني انّه تركني وذهب،
هو المجنون ولست انا،
هو اللذي خسرني ولم أخسره،
لم يعد يهمني الا تتحقق احلامي.
وتجلس تنظر لادوات التزيين،
ثم تاخذها وتبتدي بالتلوين على وجهها،
بحالة هستيرية.
بعد مضي وقت تنظر لوجهها،
الذي أصبح ملوّناً كالمهرّجين،
وتقول بصوت مبحوح.
نعم هذا يليق بكِ أكثر،
أنتِ مهرّج،
أضحوكة،
مجرّد مزحة قبيحة،
الان لن يلاحظوا دموعك،
سيعتبرونها الواناً اخرى للتزيين،
فقط ستبقين هكذا للأبد،
تضحكين وسعيدة من الخارج،
وتموتين حزناً من الداخل.
وارتجفت شفاهها،
التي تلطخت باللون الاحمر،
وهي تتذكّر كلماته.
عزيزتي انا ساتركك،
لم اعد احتمل سواد نفسك،
برغم جمالك الا انك قبيحة من الداخل،
ودائماً تخشين ان يكتشف الناس،
مابداخلك من سواد،
فتزيدين من جمالك،
معتقده انه شفيع لكِ،
ولكن اليوم لم يعد يشفع لكِ.
تعض شفاهها ندماً،
ثم ترمي زجاجة العطر على المرآة،
فتتكسّر ويخرج العطر متناثراً،
تنظر لقطعة الزجاج،
وكأن فكرة سوداء برقت بعقلها،
تأخذ القطعة،
فإذا بالباب يفتح،
يأتي رجل ويصفعها ليطرحها أرضاً.
ما بك يامجنونة!!
ماذا ستفعلين!؟
أتركني!!
جميعكم لا تريدوني..!!
ماذا تقولين!؟
لقد تركني حبيبي بسبب قبحي.
لستِ قبيحة.
يقصد روحي وليس شكلي.
وذلك ماقصدت لستِ قبيحة،
روحك من أجمل الارواح التي قابلتها،
وانا واقع بحبّك منذ زمن،
انتي عطوفه ومرحة،
رغم انك تخشين ان يقترب الناس لك،
الا انني استطعت ذلك طول هذه الفترة،
ولا استطيع الا ان اقول ان روحك اجمل،
اجمل من ملامحك،
ومن يقول عكس ذلك،
فحتماً هو المجنون.
تشعر الفتاة بحملها يسقط،
تحتضنه وتجهش بالبكاء،
يقبل رأسها،
ثم ينظر لها ويقول،
"يالجمالك يامهرّجي الحزين".
الختام:
لكل منّا جماله الفريد،
لاتقلق فحتماً ستجد من يرى ذلك الجمال بك،
وعندما تفعل،
ستكون احلامك كالاحضان وليست كالطعنات،
انا واقع بحب جمالكم الداخلي،
واتمنى ان تحققوا احلامكم.
فيصل...
الجمعة، 8 مارس 2013
السمكة والصيّاد....
السمكة والصيّاد..."٣١"
قصّة قصيرة بقلمي...
على ظفّة بحيرة،
قارب صغير من النوع الخشبي البسيط،
بداخله رجل في اواخر عقده الرابع،
ممسك بسنّارته،
ملقي طعمه في الماء يتأمل في البحيرة،
كان المنظر جميل وهادئ،
حتى وإن مررت بجانبه،
لاتكاد تميّز ان القارب والصيّاد دخيلان عليه،
الوقت كان في اواخر الصيف،
والأشجار قد إعتراها اللون البنّي،
والبحيرة لها زرقة خاصّة،
كانت الأمور متناسقة،
كأنها لوحة زيتيه،
في متحف اللوف.
مرّت ساعات ولم يصطاد شيئاً،
وهو قد إعتاد على قلّة الصيد،
حيث أن هذه الهواية،
كانت له منبع للراحة والسكينة،
حتى في الغالب وإن صاد السمك كان يعيده،
لم يهتم بالصيد كما هو اهتمامه،
بالأجواء التي يصاحبها الصيّد،
وبلحظة كأنه ميّت عاد للحياة،
شعر بالخيط يُشَدْ،
بدأ يسحب،
ويسحب،
وبشدّة قويّة على عصى السنّارة،
اذا بسمكة تخرج معه،
كانت ليست كبيرة ولا صغيرة،
ولكنّها كانت مختلفة،
لونها شكلها تفاصيلها،
إستغرب نوعها فلم يرد أن يرجعها،
وضعها بالسطل،
وهم بالعودة لمنزلة،
فقد تأخر الوقت،
وعندما عاد للبيت وضعها بالحوض،
مفكراً أن يذهب غداً،
لصديقة خبير في أنواع الكائنات البحرية،
ليسأله عنها.
في آخر الليل أستيقظ الرجل،
وقد كان يعيش لوحده،
إستيقظ من نومه لسبب ما،
هو أنه سمع صوت غريب،
صوت عجيب يأسر الروح عند سماعه،
كأنه صوت صبيّه تهمهم بألحان غريبة،
ذهب يبحث عن مصدر الصوت،
حتى وصل للصوت،
وقد كان منبعه السمكة،
ورأى السمكة وهي تفتح فمها المزّمت،
لتخرج الحاناً أخّاذه،
تخرج من سطح ماء الحوض،
كأنها في أوركيسترا إيطالية،
أحضر كرسي وجلس أمامها وظلّ يستمع،
وكأن السمكة علمت أنه يسمع لها،
بدأت تطربه أكثر وأكثر،
وبعد أن قامت بإعادة المقطوعة للمرّة الثالثة،
أحضر نوته موسيقية،
وبدأ يسجّل نغمات لحنها،
وقد كان له خبرة في مجال الموسيقى،
حتى أن كررتها للمرّة السادسة،
كان قد سجّلها وحفظها عن ظهر قلب.
فجأة يستيقظ الرجل،
وهو على قاربة،
يلتفت حاوليه،
كانت الشمس تكاد تغيب،
شعر بالغرابة،
"هل كان حلماً!؟"،
عاد لبيته مسرعاً،
وماكاد يصل حتى ذهب وبدأ يسجّل اللحن،
حتى إذا فرغ منه جلس يفكّر ماللذي حدث،
ولم يفهم شيء.
بعد عام أحد الصحافيين يسأل الموسيقار،
لقد كانت معزوفتك هذه المرّة،
من أجمل ماسمعنا،
ما هو السر،
ومن اللذي ألهمك،
ينظر الرجل للصحافي وهو يبتسم يقول،
"إلهامي كانت سمكة..".
الختام:
الإلهام يأتي لنا بكل طريقة،
فقط نحتاج أن نترك أنفسنا منفتحي له،
عقلاً قلباً وروحاً،
شكراً لكم ياملهميني..
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
على ظفّة بحيرة،
قارب صغير من النوع الخشبي البسيط،
بداخله رجل في اواخر عقده الرابع،
ممسك بسنّارته،
ملقي طعمه في الماء يتأمل في البحيرة،
كان المنظر جميل وهادئ،
حتى وإن مررت بجانبه،
لاتكاد تميّز ان القارب والصيّاد دخيلان عليه،
الوقت كان في اواخر الصيف،
والأشجار قد إعتراها اللون البنّي،
والبحيرة لها زرقة خاصّة،
كانت الأمور متناسقة،
كأنها لوحة زيتيه،
في متحف اللوف.
مرّت ساعات ولم يصطاد شيئاً،
وهو قد إعتاد على قلّة الصيد،
حيث أن هذه الهواية،
كانت له منبع للراحة والسكينة،
حتى في الغالب وإن صاد السمك كان يعيده،
لم يهتم بالصيد كما هو اهتمامه،
بالأجواء التي يصاحبها الصيّد،
وبلحظة كأنه ميّت عاد للحياة،
شعر بالخيط يُشَدْ،
بدأ يسحب،
ويسحب،
وبشدّة قويّة على عصى السنّارة،
اذا بسمكة تخرج معه،
كانت ليست كبيرة ولا صغيرة،
ولكنّها كانت مختلفة،
لونها شكلها تفاصيلها،
إستغرب نوعها فلم يرد أن يرجعها،
وضعها بالسطل،
وهم بالعودة لمنزلة،
فقد تأخر الوقت،
وعندما عاد للبيت وضعها بالحوض،
مفكراً أن يذهب غداً،
لصديقة خبير في أنواع الكائنات البحرية،
ليسأله عنها.
في آخر الليل أستيقظ الرجل،
وقد كان يعيش لوحده،
إستيقظ من نومه لسبب ما،
هو أنه سمع صوت غريب،
صوت عجيب يأسر الروح عند سماعه،
كأنه صوت صبيّه تهمهم بألحان غريبة،
ذهب يبحث عن مصدر الصوت،
حتى وصل للصوت،
وقد كان منبعه السمكة،
ورأى السمكة وهي تفتح فمها المزّمت،
لتخرج الحاناً أخّاذه،
تخرج من سطح ماء الحوض،
كأنها في أوركيسترا إيطالية،
أحضر كرسي وجلس أمامها وظلّ يستمع،
وكأن السمكة علمت أنه يسمع لها،
بدأت تطربه أكثر وأكثر،
وبعد أن قامت بإعادة المقطوعة للمرّة الثالثة،
أحضر نوته موسيقية،
وبدأ يسجّل نغمات لحنها،
وقد كان له خبرة في مجال الموسيقى،
حتى أن كررتها للمرّة السادسة،
كان قد سجّلها وحفظها عن ظهر قلب.
فجأة يستيقظ الرجل،
وهو على قاربة،
يلتفت حاوليه،
كانت الشمس تكاد تغيب،
شعر بالغرابة،
"هل كان حلماً!؟"،
عاد لبيته مسرعاً،
وماكاد يصل حتى ذهب وبدأ يسجّل اللحن،
حتى إذا فرغ منه جلس يفكّر ماللذي حدث،
ولم يفهم شيء.
بعد عام أحد الصحافيين يسأل الموسيقار،
لقد كانت معزوفتك هذه المرّة،
من أجمل ماسمعنا،
ما هو السر،
ومن اللذي ألهمك،
ينظر الرجل للصحافي وهو يبتسم يقول،
"إلهامي كانت سمكة..".
الختام:
الإلهام يأتي لنا بكل طريقة،
فقط نحتاج أن نترك أنفسنا منفتحي له،
عقلاً قلباً وروحاً،
شكراً لكم ياملهميني..
فيصل...
الخميس، 7 مارس 2013
تخمة الإهتمام...
تخمة الإهتمام..."٣٠"
قصّة قصيرة بقلمي...
لم أعد أقدر على الإحتمال،
كل يوم نفس الموضوع،
نفس الاسألة،
نفس الأهتمام اللذي يدفعني للجنون،
"هل أنت بخير ياعزيزي!؟"،
"هل تشعر بسوء!؟"،
"مابك كأنك متعب!؟"،
"لما لاتضحك!؟"،
"أنصحك بذلك أو ذلك!!"،
كفى،
لم أعد أحتمل،
أفقدوني صبري،
انا بخير لماذا لا يفهمون،
إن مصيبتي،
هو إهتمامهم الزائد،
إني أقدّر لهم حرصهم علي،
لكن أرجوكم فصدري لايستحمل المزيد،
كالأكل عندما تكثر منه،
تصاب بالتخمة،
والآن نفسي أصابتها التخمة،
حتى أنني أضحيت أعتبر،
كل سؤال عن حالتي،
كأنها كلمات وقحة لمضايقتي،
ياه لم أعد أستطيع تحمّل المزيد.
بينما هو عائد لبيته،
وهو يهم بصعود الدرجات لأعلى،
فإذا بزوجته تصرخ،
"عزيزي مابك تبدو شاحباً!؟"،
يجيب وهو يكمل مسيرة،
"لاشيء فقط أريد النوم"،
تأتي وتقف أمامه،
"لا ياحبيبي، كأنك مريض"،
ينزلق منها ويصعد السلم لغرفته،
يخلع ثيابه وينضجع على فراشة،
وبعد ان بدأ يشعر بالراحة،
إذا بباب الغرفة يفتح،
وزوجته تأتيه،
بحساء قائلة،
"قم أشرب هذا وستتحسّن"،
يجيبها وهو يحاول أن يبعد الضوء عن عينيه،
"انا بخير أرجوك دعيني أنام"،
كأنها لم تسمعه،
تأتي وتضع يدها على جبينه،
"ياه انت محموم فلتذهب للطبيب"،
وكأنه فقد أعصابه يقف على طوله،
ويصرخ بها،
"ألا تفهمين،
أنا بخير أغربي عن وجهي،
مابالكم لاتشعرون بي،
اريد النوم فقط،
أنصرفي وأتركيني،
فقط أتركيني أرتاح أرجوكِ انا بخير!!"،
وتقول بكلمات متقطّعة،
بسبب الصدمة والبكاء،
"هل لهذا الحد لاتحبّني،
هل لهذا الحد قد أزعجتك،
أم تراك تفرغ غضبك علي،
ياه لم أعتقد أن هذا جزاء إهتمامي.."،
يكاد ينقض عليها،
ولكن يقوم ويلبس ثيابه يقول وهو يخرج،
"احبك،
ولكن بإهتمامك الزائد،
قد سببتي لي الألم".
الختام:
أحياناً يكون الإهتمام،
إذا زاد عن حدّه،
سبب في أذى من نهتم لأمره،
وفي هذه الحالات،
يكون الإهتمام بأن نبتعد عن من يهمّنا أمره،
ولكن دون أن نتركه.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
لم أعد أقدر على الإحتمال،
كل يوم نفس الموضوع،
نفس الاسألة،
نفس الأهتمام اللذي يدفعني للجنون،
"هل أنت بخير ياعزيزي!؟"،
"هل تشعر بسوء!؟"،
"مابك كأنك متعب!؟"،
"لما لاتضحك!؟"،
"أنصحك بذلك أو ذلك!!"،
كفى،
لم أعد أحتمل،
أفقدوني صبري،
انا بخير لماذا لا يفهمون،
إن مصيبتي،
هو إهتمامهم الزائد،
إني أقدّر لهم حرصهم علي،
لكن أرجوكم فصدري لايستحمل المزيد،
كالأكل عندما تكثر منه،
تصاب بالتخمة،
والآن نفسي أصابتها التخمة،
حتى أنني أضحيت أعتبر،
كل سؤال عن حالتي،
كأنها كلمات وقحة لمضايقتي،
ياه لم أعد أستطيع تحمّل المزيد.
بينما هو عائد لبيته،
وهو يهم بصعود الدرجات لأعلى،
فإذا بزوجته تصرخ،
"عزيزي مابك تبدو شاحباً!؟"،
يجيب وهو يكمل مسيرة،
"لاشيء فقط أريد النوم"،
تأتي وتقف أمامه،
"لا ياحبيبي، كأنك مريض"،
ينزلق منها ويصعد السلم لغرفته،
يخلع ثيابه وينضجع على فراشة،
وبعد ان بدأ يشعر بالراحة،
إذا بباب الغرفة يفتح،
وزوجته تأتيه،
بحساء قائلة،
"قم أشرب هذا وستتحسّن"،
يجيبها وهو يحاول أن يبعد الضوء عن عينيه،
"انا بخير أرجوك دعيني أنام"،
كأنها لم تسمعه،
تأتي وتضع يدها على جبينه،
"ياه انت محموم فلتذهب للطبيب"،
وكأنه فقد أعصابه يقف على طوله،
ويصرخ بها،
"ألا تفهمين،
أنا بخير أغربي عن وجهي،
مابالكم لاتشعرون بي،
اريد النوم فقط،
أنصرفي وأتركيني،
فقط أتركيني أرتاح أرجوكِ انا بخير!!"،
وتقول بكلمات متقطّعة،
بسبب الصدمة والبكاء،
"هل لهذا الحد لاتحبّني،
هل لهذا الحد قد أزعجتك،
أم تراك تفرغ غضبك علي،
ياه لم أعتقد أن هذا جزاء إهتمامي.."،
يكاد ينقض عليها،
ولكن يقوم ويلبس ثيابه يقول وهو يخرج،
"احبك،
ولكن بإهتمامك الزائد،
قد سببتي لي الألم".
الختام:
أحياناً يكون الإهتمام،
إذا زاد عن حدّه،
سبب في أذى من نهتم لأمره،
وفي هذه الحالات،
يكون الإهتمام بأن نبتعد عن من يهمّنا أمره،
ولكن دون أن نتركه.
فيصل...
الأربعاء، 6 مارس 2013
إنعكاسي....
إنعكاسي..."٢٩"
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا هو يأتي ليراني،
كلّ يوم في الصباح والمساء،
ينظر لي يحسّن منّي ويتأكد على حالي،
ثم يذهب ويتركني في هذا المكان،
أنتظره بملل،
لا حول لي ولا قوّة،
فقط أنظر لغرفته البسيطة،
وأفكّر به ماذا يفعل هل هو بخير،
أم لا!؟.
وهاهو يعود في المساء،
ينظر لي بعد الإستحمام،
فقط لحظات بسيطة ينظر لي خلالها،
ثم يغط في نومه ليستيقط في الغد،
وانا اتأمله طوال الليل،
سأحاول التحدّث معه في الغد.
ياه لقد كان نوماً جميلاً،
لا كوابيس ولا عضلات متشنّجة،
سأذهب لأستحم،
فلدي إجتماع مهم اليوم.
اه كان الحمام منعشاً،
أشعر بجسدي يتنفّس،
لأعدّل من شكلي أمام المرآة،
ماذا!؟
هل انا أحلم!؟
إنعكاسي في المرآة لايتحرّك معي،
"ماهذا اللذي يحدث!؟"،
"هل تراني!!"،
ياه إنعكاسي يتحدّث،
حقاً إنني قد جننت،
"نعم أراك!"،
"حقاً؟"،
أهز رأسي ونصمت،
"يالسعادتي فقد كنت أتمنى أن تراني"،
مابه كأنه يبكي،
"هل أنت بخير!؟"،
مابي أحدّث نفسي كالمجنون!!،
"نعم، إن هذه دموع الفرح."،
يالهي هل هذا الإنعكاس غبي،
مابه متأثر لهذه الدرجة،
وماللذي يحدث له ليبكي هكذا،
اه أشعر أن عقلي سيطير،
"شكراً لك فهذه المرّة الأولى التي تراني"،
نعم هو غبي،
فانا دائماً أنظر له!،
"لقد كنت أنظر لك كل يوم"،
يمسح دموعه،
"لا لم تكن تنظر لي ولكن تنظر لإنعكاسك"،
ربما هو المجنون!!،
لايهم لأسألة بصراحة،
"أخبرني من أنت وماذا تريد!؟"،
هذا هو سيبتدئ بالحديث.
انا ياعزيزي هو أنت،
ولكنك أهملتني بأعمالك المتواصلة،
ولم تعد تهتم إلا لشكلي،
حتى مشاعري واحلامي وافكاري،
لم تعد تهمك،
كل يوم تاتي تنظر لي،
كنت أتمنى أن تخبرني أنك تحبّني،
أو حتى أنك تراني جميل،
ليس شكلي وإنما شخصيتي كذلك،
ولكن تكتفي،
بأن تعدّل من تسريحتك ومنظرك وتذهب،
وانا أجلس هنا أنتظرك بفارغ الصبر،
فما بي هو أني أريدك ألا تهملني،
فهل فعلت ذلك لي،
على الأقل أن تقول لي هذه الكلمات،
"أحبك يا انا"..
ختام:
إنعكاسنا في المرآة،
هو نحن،
فعندما ترون الصورة فقط،
فحتماً ستهملون الجوهر،
لذلك حاولوا أن تخبروا أنفسكم،
"أنا أحبّك"،
قبل إنتظارها من أحد،
وحتى قبل إخبارها لأحد،
فأنفسكم كما هو حالكم،
تحتاج لحبّكم كي تعطيكم الحب.
"أحبّك أنت يامن تقرأ حروفي"..
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا هو يأتي ليراني،
كلّ يوم في الصباح والمساء،
ينظر لي يحسّن منّي ويتأكد على حالي،
ثم يذهب ويتركني في هذا المكان،
أنتظره بملل،
لا حول لي ولا قوّة،
فقط أنظر لغرفته البسيطة،
وأفكّر به ماذا يفعل هل هو بخير،
أم لا!؟.
وهاهو يعود في المساء،
ينظر لي بعد الإستحمام،
فقط لحظات بسيطة ينظر لي خلالها،
ثم يغط في نومه ليستيقط في الغد،
وانا اتأمله طوال الليل،
سأحاول التحدّث معه في الغد.
ياه لقد كان نوماً جميلاً،
لا كوابيس ولا عضلات متشنّجة،
سأذهب لأستحم،
فلدي إجتماع مهم اليوم.
اه كان الحمام منعشاً،
أشعر بجسدي يتنفّس،
لأعدّل من شكلي أمام المرآة،
ماذا!؟
هل انا أحلم!؟
إنعكاسي في المرآة لايتحرّك معي،
"ماهذا اللذي يحدث!؟"،
"هل تراني!!"،
ياه إنعكاسي يتحدّث،
حقاً إنني قد جننت،
"نعم أراك!"،
"حقاً؟"،
أهز رأسي ونصمت،
"يالسعادتي فقد كنت أتمنى أن تراني"،
مابه كأنه يبكي،
"هل أنت بخير!؟"،
مابي أحدّث نفسي كالمجنون!!،
"نعم، إن هذه دموع الفرح."،
يالهي هل هذا الإنعكاس غبي،
مابه متأثر لهذه الدرجة،
وماللذي يحدث له ليبكي هكذا،
اه أشعر أن عقلي سيطير،
"شكراً لك فهذه المرّة الأولى التي تراني"،
نعم هو غبي،
فانا دائماً أنظر له!،
"لقد كنت أنظر لك كل يوم"،
يمسح دموعه،
"لا لم تكن تنظر لي ولكن تنظر لإنعكاسك"،
ربما هو المجنون!!،
لايهم لأسألة بصراحة،
"أخبرني من أنت وماذا تريد!؟"،
هذا هو سيبتدئ بالحديث.
انا ياعزيزي هو أنت،
ولكنك أهملتني بأعمالك المتواصلة،
ولم تعد تهتم إلا لشكلي،
حتى مشاعري واحلامي وافكاري،
لم تعد تهمك،
كل يوم تاتي تنظر لي،
كنت أتمنى أن تخبرني أنك تحبّني،
أو حتى أنك تراني جميل،
ليس شكلي وإنما شخصيتي كذلك،
ولكن تكتفي،
بأن تعدّل من تسريحتك ومنظرك وتذهب،
وانا أجلس هنا أنتظرك بفارغ الصبر،
فما بي هو أني أريدك ألا تهملني،
فهل فعلت ذلك لي،
على الأقل أن تقول لي هذه الكلمات،
"أحبك يا انا"..
ختام:
إنعكاسنا في المرآة،
هو نحن،
فعندما ترون الصورة فقط،
فحتماً ستهملون الجوهر،
لذلك حاولوا أن تخبروا أنفسكم،
"أنا أحبّك"،
قبل إنتظارها من أحد،
وحتى قبل إخبارها لأحد،
فأنفسكم كما هو حالكم،
تحتاج لحبّكم كي تعطيكم الحب.
"أحبّك أنت يامن تقرأ حروفي"..
فيصل...
الاثنين، 4 مارس 2013
الإبتسامة...
الإبتسامة... "٢٨"
قصّة قصيرة بقلمي...
انا رجل أعمل بشركة فخمة،
رياضي،
أحب الهدوء،
دائماً أذهب لعملي مشياً،
فالمشي من الأمور التي أتلذذ بها في حياتي،
لأنني لا أحب السرعة،
أحب أن آخذ وقتي بكل شيء،
فالمشي يتيح لي رؤية البشر،
صحيح أن العالم مزدحم،
وإزعاج السيارات وما إلى ذلك،
لكن لايهمّني أمرهم،
فبسبب إختراع السمّاعات،
أستطيع وضعها على أذني،
وأقوم بتشغيل موسيقى كلاسيكية هادئة،
ولايهمني مايهدر بجانبي من إزعاج،
طريقي هو كالمعتاد،
أخرج من شقّتي الأنيقة،
نعم أنيقة فقد إنتقيت كل قطعة بها،
بذوقي الفريد،
ودائماً مايقال لي أن ذوقي صعب جداً،
أخرج لأضغط على زر المصعد،
وانا أنتظره،
أختار نغمة اليوم،
أنزل من المصعد،
ألوّح لحارس المبنى،
"صباح الخير"،
يردّها لي ولكن لا أسمعه فقط أبتسم،
فهو يعلم روتيني الآن،
وإذا أراد شيء،
كان يأتي ويوقفني،
أخرج وأنعطف يميناً،
أمشي مايقارب العشرين دقيقة،
وأصل لمبنى الشركة،
وبهذه العشرين دقيقة،
عيناي تنظر لوجوه البشر،
بعضها غاضبة،
وبعضها حزينة،
سعيدة، متوتّرة ، وغير ذلك الكثير،
وعندما أصل لعملي،
أخلع السمّاعات،
أذهب لمكتبي،
مصبّحاً على كل من أراه أمامي،
عملي بسيط ومهم بنفس الوقت،
فأنا أقوم بحصر أرباح الشركة،
وهذا العمل بطيء لذلك هو ممتاز لي،
فكما ذكرت لا أحب السرعة،
أو العمل اللذي يحمل الكثير من الضغط،
بعدها أعود لمنزلي،
اقرأ كتاب حتى يأتيني النوم،
وعلى هذه الحال يومياً،
انا من يطبخ ولي خادمة،
تأتي كلّ يوم وانا في العمل تقوم بالتنظيفات،
لاشيء مهم هذه حياتي كلّ يوم،
حتى رأيتها.
في يوم من الأيام وانا في طريقي للعمل،
من بين الوجوه رأيتها،
إبتسامه لايمكنني وصفها،
عندما رأيتها جمدت،
وظللت أتأملها،
كانت إبتسامة فتاة في ريعان شبابها،
ذات شعر أسود لامع،
وعينان واسعتان ذات لون عسلي،
وأنف صغير شقي،
ببشرتها البيضاء،
التي تسودها حمرة النضارة،
وشفاه كبيرة تكشف عن أسنان كاللؤلؤ،
تنظر لي وهي تبتسم،
قد أفقدتني عقلي بسمتها،
ولا قدرت على شيء سوى البسمة،
وأنا جامد في مكاني،
فلوّحت لي،
وكالمسحور،
إرتفعت يدي لتلوّح لها،
وفجأة إلتفتت عنّي لرجل كان أمامها،
فبعدها بدأت أستوعب الموقف،
كانت بائعة في الطريق،
تقف أمام طاولة،
لبيع الإكسسوارات المصنّعة يدوياً،
وكلّ إعتقادي أنها قامت بصنعها،
وكانت على الطاولة لوحات بالإسعار،
وانا اتأملها بذهول،
ومن دون شعور إقتربت منها،
لا أعلم لماذا،
لم يكن ذوقي محبّاً للإكسسوارات،
ولكن كنت منجذباً نحوها،
كالقمر تجذبه الأرض ليطوف حولها،
في اليوم وكل يوم،
إقتربت وانا اخلع سمّاعاتي،
ولم أشعر بإنزعاج من الضوضاء،
التي لم أسمعها منذ فترة،
فقط إقتربت حتى كنت أمامها،
نظرت لها بذهول،
وانا أبتسم إبتسامة الغبي،
حتى إذا فرغت من الرجل إلتفتت إلي،
ورأيت بسمتها من جديد،
وددت لو أن الوقت يتوّقف،
فقلت لها بعد مرور عدّة ثوانٍ،
"مرحباً"
هزّت رأسها،
صمت قليلاً،
قلت،
"بكم هذا!؟"،
واضعاً يدي على قطعة لم تهمّني أساساً،
شارت بيدها على اللوحة،
إبتسمت،
أعطيتها ورقة نقدية،
تفوق قيمة القطعة،
وطلبت منها أن تحتفظ بالباقي،
فعندما أردت الذهاب،
غضبت لأنها لم تحدّثني،
سألتها،
"لماذا لا تكلّميني، فهذه وقاحة تعتبر"،
ياه ذهلني مافعلت،
أخرجت دفتر صغير،
ومددته لي،
مكتوب به،
"عذراً لا أسمع ولا أتكلّم،
فأكتب لي ماتريد.."،
شعرت بالذهول منها،
إنصرفت وانا غاضب وخجول من نفسي،
وعدت لبيتي معتذراً من عملي،
وإبتسامتها لم تذهب عن فكري،
وأتى الغد ولم أجدها.
مرّت الأيام ولايزال طيفها ببالي،
حتى أنني تجرأت على تعلّم لغة الإشارة،
وبدأت أتقنها كثيراً،
وبعد مرور بعض من الزمن،
وكأنها لم تتغير وجدتها،
بنفس المكان بنفس الوضع،
بنفس الإبتسامة حتى أنها إزدادت حلاوة،
كأنه من الممكن أن يحدث ذلك،
هذه المرّة إقتربت منها،
من دون خلع سمّاعاتي،
وحدث الحديث بيننا بلغة الإشارة.
مرحباً..
أهلاً..
هل تذكرينني!؟..
نعم، أنت الكريم..*إبتسمت*
*ضحكت* انا أسف لم أقصد أن أكون وقحاً..
لاعليك لم يحدث سوء..
أشكرك..
لاداعي، لكن لما هربت..
لا أعلم فقد شعرت بالخجل من نفسي..
لما!؟..
لأنني لم أتحدّث لغتك..
*تبتسم* والان أنت تتحدّثها، كيف ذلك!؟..
*بخجل* لقد تعلّمتها خلال هذه المدّة..
لماذا!؟..
كي أستطيع أن أتحدّث معك..
ولماذا تريد ذلك!؟..
لأنني وقعت بحب إبتسامتك..
*قلتها بصوتي أيضاً*
*تضحك بخجل كأنني أسمع ضحكتها*
وماذا تريد الآن!؟..
أعلم أن هذا خارج عن المألوف،
ولكن هل تقبلين الزواج منّي،
فأنا أريدك بكل مافيني.. *أشعر برهبه*
*يمر وقت كأنها تتقبّل الصدمة*
*تهز رأسها موافقة بعد وقت بالموافقة*
حقاً!؟.. *أصرخ غير مقتنع*
نعم، فمن أخذ كل ذلك الوقت ليتعلّم لغتي،
فحتماً أنه يحبّني، وسيعاملني أجمل معاملة..
ختام:
"عندما تريدون الوصول لقلب شخص"،
لانتظروا منه أن يتعلّم لغتكم،
ولكن بادروا أنتم بتعلّم لغته،
إخوتي من فقدوا السمع والنطق،
مكانتكم عالية بقلوبنا،
ويجدر بنا جميعاً تعلّم لغتكم الجميلة،
"لغة الإشارة"
فإني أعشقها بكلّ قلبي،
وأعشقكم،
حفظكم الله من كلّ سوء.
فيصل..
قصّة قصيرة بقلمي...
انا رجل أعمل بشركة فخمة،
رياضي،
أحب الهدوء،
دائماً أذهب لعملي مشياً،
فالمشي من الأمور التي أتلذذ بها في حياتي،
لأنني لا أحب السرعة،
أحب أن آخذ وقتي بكل شيء،
فالمشي يتيح لي رؤية البشر،
صحيح أن العالم مزدحم،
وإزعاج السيارات وما إلى ذلك،
لكن لايهمّني أمرهم،
فبسبب إختراع السمّاعات،
أستطيع وضعها على أذني،
وأقوم بتشغيل موسيقى كلاسيكية هادئة،
ولايهمني مايهدر بجانبي من إزعاج،
طريقي هو كالمعتاد،
أخرج من شقّتي الأنيقة،
نعم أنيقة فقد إنتقيت كل قطعة بها،
بذوقي الفريد،
ودائماً مايقال لي أن ذوقي صعب جداً،
أخرج لأضغط على زر المصعد،
وانا أنتظره،
أختار نغمة اليوم،
أنزل من المصعد،
ألوّح لحارس المبنى،
"صباح الخير"،
يردّها لي ولكن لا أسمعه فقط أبتسم،
فهو يعلم روتيني الآن،
وإذا أراد شيء،
كان يأتي ويوقفني،
أخرج وأنعطف يميناً،
أمشي مايقارب العشرين دقيقة،
وأصل لمبنى الشركة،
وبهذه العشرين دقيقة،
عيناي تنظر لوجوه البشر،
بعضها غاضبة،
وبعضها حزينة،
سعيدة، متوتّرة ، وغير ذلك الكثير،
وعندما أصل لعملي،
أخلع السمّاعات،
أذهب لمكتبي،
مصبّحاً على كل من أراه أمامي،
عملي بسيط ومهم بنفس الوقت،
فأنا أقوم بحصر أرباح الشركة،
وهذا العمل بطيء لذلك هو ممتاز لي،
فكما ذكرت لا أحب السرعة،
أو العمل اللذي يحمل الكثير من الضغط،
بعدها أعود لمنزلي،
اقرأ كتاب حتى يأتيني النوم،
وعلى هذه الحال يومياً،
انا من يطبخ ولي خادمة،
تأتي كلّ يوم وانا في العمل تقوم بالتنظيفات،
لاشيء مهم هذه حياتي كلّ يوم،
حتى رأيتها.
في يوم من الأيام وانا في طريقي للعمل،
من بين الوجوه رأيتها،
إبتسامه لايمكنني وصفها،
عندما رأيتها جمدت،
وظللت أتأملها،
كانت إبتسامة فتاة في ريعان شبابها،
ذات شعر أسود لامع،
وعينان واسعتان ذات لون عسلي،
وأنف صغير شقي،
ببشرتها البيضاء،
التي تسودها حمرة النضارة،
وشفاه كبيرة تكشف عن أسنان كاللؤلؤ،
تنظر لي وهي تبتسم،
قد أفقدتني عقلي بسمتها،
ولا قدرت على شيء سوى البسمة،
وأنا جامد في مكاني،
فلوّحت لي،
وكالمسحور،
إرتفعت يدي لتلوّح لها،
وفجأة إلتفتت عنّي لرجل كان أمامها،
فبعدها بدأت أستوعب الموقف،
كانت بائعة في الطريق،
تقف أمام طاولة،
لبيع الإكسسوارات المصنّعة يدوياً،
وكلّ إعتقادي أنها قامت بصنعها،
وكانت على الطاولة لوحات بالإسعار،
وانا اتأملها بذهول،
ومن دون شعور إقتربت منها،
لا أعلم لماذا،
لم يكن ذوقي محبّاً للإكسسوارات،
ولكن كنت منجذباً نحوها،
كالقمر تجذبه الأرض ليطوف حولها،
في اليوم وكل يوم،
إقتربت وانا اخلع سمّاعاتي،
ولم أشعر بإنزعاج من الضوضاء،
التي لم أسمعها منذ فترة،
فقط إقتربت حتى كنت أمامها،
نظرت لها بذهول،
وانا أبتسم إبتسامة الغبي،
حتى إذا فرغت من الرجل إلتفتت إلي،
ورأيت بسمتها من جديد،
وددت لو أن الوقت يتوّقف،
فقلت لها بعد مرور عدّة ثوانٍ،
"مرحباً"
هزّت رأسها،
صمت قليلاً،
قلت،
"بكم هذا!؟"،
واضعاً يدي على قطعة لم تهمّني أساساً،
شارت بيدها على اللوحة،
إبتسمت،
أعطيتها ورقة نقدية،
تفوق قيمة القطعة،
وطلبت منها أن تحتفظ بالباقي،
فعندما أردت الذهاب،
غضبت لأنها لم تحدّثني،
سألتها،
"لماذا لا تكلّميني، فهذه وقاحة تعتبر"،
ياه ذهلني مافعلت،
أخرجت دفتر صغير،
ومددته لي،
مكتوب به،
"عذراً لا أسمع ولا أتكلّم،
فأكتب لي ماتريد.."،
شعرت بالذهول منها،
إنصرفت وانا غاضب وخجول من نفسي،
وعدت لبيتي معتذراً من عملي،
وإبتسامتها لم تذهب عن فكري،
وأتى الغد ولم أجدها.
مرّت الأيام ولايزال طيفها ببالي،
حتى أنني تجرأت على تعلّم لغة الإشارة،
وبدأت أتقنها كثيراً،
وبعد مرور بعض من الزمن،
وكأنها لم تتغير وجدتها،
بنفس المكان بنفس الوضع،
بنفس الإبتسامة حتى أنها إزدادت حلاوة،
كأنه من الممكن أن يحدث ذلك،
هذه المرّة إقتربت منها،
من دون خلع سمّاعاتي،
وحدث الحديث بيننا بلغة الإشارة.
مرحباً..
أهلاً..
هل تذكرينني!؟..
نعم، أنت الكريم..*إبتسمت*
*ضحكت* انا أسف لم أقصد أن أكون وقحاً..
لاعليك لم يحدث سوء..
أشكرك..
لاداعي، لكن لما هربت..
لا أعلم فقد شعرت بالخجل من نفسي..
لما!؟..
لأنني لم أتحدّث لغتك..
*تبتسم* والان أنت تتحدّثها، كيف ذلك!؟..
*بخجل* لقد تعلّمتها خلال هذه المدّة..
لماذا!؟..
كي أستطيع أن أتحدّث معك..
ولماذا تريد ذلك!؟..
لأنني وقعت بحب إبتسامتك..
*قلتها بصوتي أيضاً*
*تضحك بخجل كأنني أسمع ضحكتها*
وماذا تريد الآن!؟..
أعلم أن هذا خارج عن المألوف،
ولكن هل تقبلين الزواج منّي،
فأنا أريدك بكل مافيني.. *أشعر برهبه*
*يمر وقت كأنها تتقبّل الصدمة*
*تهز رأسها موافقة بعد وقت بالموافقة*
حقاً!؟.. *أصرخ غير مقتنع*
نعم، فمن أخذ كل ذلك الوقت ليتعلّم لغتي،
فحتماً أنه يحبّني، وسيعاملني أجمل معاملة..
ختام:
"عندما تريدون الوصول لقلب شخص"،
لانتظروا منه أن يتعلّم لغتكم،
ولكن بادروا أنتم بتعلّم لغته،
إخوتي من فقدوا السمع والنطق،
مكانتكم عالية بقلوبنا،
ويجدر بنا جميعاً تعلّم لغتكم الجميلة،
"لغة الإشارة"
فإني أعشقها بكلّ قلبي،
وأعشقكم،
حفظكم الله من كلّ سوء.
فيصل..
الأحد، 3 مارس 2013
قلادة الحنان....
قلادة الحنان... "٢٧"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
دخل رجل،
دموعه تجري بلا توّقف،
رغم أنه لم يكن يبكي،
أو كما شخص قد توّقف عن البكاء،
ودموعه لم تستوعب ذلك،
فضلّت تنهمر،
يدخل الغرفة،
يتحدّث كالمصاب بالذهان،
"رحماك..رحماك ربّي"،
كأنه خائف من الغرفة،
أو مما تفعله الغرفة بنفسه،
ذهب للخزانة،
وفتح أحد أبوابها،
وكانت بداخلها خزنة،
أخرج مفتاح من جيبه،
وبيده التي ترتعش،
فتح الخزنة،
ووجد داخله علبة،
من نوع العلب التي توضع بها المجوهرات،
فتحها،
ثم صرخ باكيا،
"اااه رحمك الله يا امي".
كانت بداخل العلبة،
قلادة عتيقة لؤلؤية،
بيضاء لامعة،
أخذها الرجل وضمّها لقلبه،
جلس يقبّل كل لؤلؤه منها،
وثم وضعها امامه،
وكأن القلادة تقول له،
"أهلاً بني"،
بدأ الرجل يتحدّث كالمجنون.
أمي،
أحبك أشتاق لكِ،
سامحيني على تقصيري،
رحمك الله يافاضلة،
أريد تقبيل رجليك،
لقد دفنتك اليوم بيدي،
قبّلت رأسك،
بعد أن غسلوك،
لاتزال إبتسامتك تعتريك،
أمي عدت للتو من قبرك،
حيث دفنتك،
وها انا الان أشتاق لك،
وهذه قلادتك أمامي،
تذكرني بتقصيري بحقّك،
الليالي الكثيرة التي تركتك تنتظريني،
وانا ألهو مع أصدقائي،
الأيام الكثيرة،
التي لم أتّصل لأطمئنك على حالي،
سامحيني ياملاك،
سامحيني إن علا صوتي على صوتك،
في لحظة غضب لم أعنيها،
إغفري لي إن فضّلت،
قضاء وقتي بأمر بعيد عنكِ،
إرحميني إن لم أرحمك بأسفاري،
وتركتك قلقة على صحّتي،
أماه أعشقك،
انا لا أعارض قضاء ربي،
لكن يصعب علي جدّاً،
أن أتحمّل غيابك بعد فقدانك،
أمي كم أريد أن أضمّك،
أقبّلك،
أستنشق عبيرك،
أريد راحة يديك على صدري،
وأناملك تمسح دموعي،
أمي طفلك لايزال طفلك،
ياه يا أمي كيف أقدر على الدنيا من غيرك،
أشعر أنني كبرت فجأة بغيابك،
أصبحت عجوز بلحظة ذهابك،
أمي،
اااه يا أمي،
رحمك ربّي كما ربيّتني صغيراً.
وفجأة كأنما القلادة تتحدّث له.
لاتقلق يابني،
فأنت لم تقصّر بحقّها،
لقد كانت تعشقك أيما عشق،
فأنت إبنها الوحيد،
كانت تفاخر بك طول الوقت،
تتحدّث عنك في كلّ يوم،
فهي لم تغضب منك يوماً،
فإن لم تكن تزورها،
فبعض من ثيابك لم تغسلها،
تركتها برائحتك تستنشقها كل حين،
وكل ليلة تغيب بها كانت تدعوا لك بالسعادة،
كانت تسعد فقط بوجودك في حياتها،
لم تكن تريد منك شيئاً أبداً،
فقط كانت تكفيها أنك تعيش حياتك،
ولو طلبتها حياتها،
لتنازلت عنها لأجلك،
حتى عندما سافرت،
كنت تزورها في منامها،
وتصحو لتدعي لك في جنح الليل،
يابني،
لا تقلق،
فلن توفيها حقّها مهما فعلت،
ولكن يكفيك أن تكون بخير،
وستسعد بذلك كلّ السعادة،
وقبل موتها أخبرتني،
أن الله أنعم عليها بحياة جميلة،
حيث رزقها بك،
وتدعوا الله أن تراك في جنّته،
فعش حياتك سعيداً،
لا لأجلك وإنما لأجل من سهرت كي تنام،
ومن جاعت كي تشبع،
ومن تعبت كي ترتاح،
و، و، و، و........
لحظتها بكى الرجل كالطفل،
حتى نام على سريرها،
وعندما إستيقظ،
لم يعد طفلاً أبداً.
ختام:
إهداء لكِ إمي،
وسامحيني على تقصيري،
حفظك الله من كل مكروه،
ورزقك الفردوس يارب،
على وجودك بحياتي،
وكلّ مافعلتيه لأجلي،
أحبّك كلّ مابقلبي طاقة للحب.
إبنك فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
دخل رجل،
دموعه تجري بلا توّقف،
رغم أنه لم يكن يبكي،
أو كما شخص قد توّقف عن البكاء،
ودموعه لم تستوعب ذلك،
فضلّت تنهمر،
يدخل الغرفة،
يتحدّث كالمصاب بالذهان،
"رحماك..رحماك ربّي"،
كأنه خائف من الغرفة،
أو مما تفعله الغرفة بنفسه،
ذهب للخزانة،
وفتح أحد أبوابها،
وكانت بداخلها خزنة،
أخرج مفتاح من جيبه،
وبيده التي ترتعش،
فتح الخزنة،
ووجد داخله علبة،
من نوع العلب التي توضع بها المجوهرات،
فتحها،
ثم صرخ باكيا،
"اااه رحمك الله يا امي".
كانت بداخل العلبة،
قلادة عتيقة لؤلؤية،
بيضاء لامعة،
أخذها الرجل وضمّها لقلبه،
جلس يقبّل كل لؤلؤه منها،
وثم وضعها امامه،
وكأن القلادة تقول له،
"أهلاً بني"،
بدأ الرجل يتحدّث كالمجنون.
أمي،
أحبك أشتاق لكِ،
سامحيني على تقصيري،
رحمك الله يافاضلة،
أريد تقبيل رجليك،
لقد دفنتك اليوم بيدي،
قبّلت رأسك،
بعد أن غسلوك،
لاتزال إبتسامتك تعتريك،
أمي عدت للتو من قبرك،
حيث دفنتك،
وها انا الان أشتاق لك،
وهذه قلادتك أمامي،
تذكرني بتقصيري بحقّك،
الليالي الكثيرة التي تركتك تنتظريني،
وانا ألهو مع أصدقائي،
الأيام الكثيرة،
التي لم أتّصل لأطمئنك على حالي،
سامحيني ياملاك،
سامحيني إن علا صوتي على صوتك،
في لحظة غضب لم أعنيها،
إغفري لي إن فضّلت،
قضاء وقتي بأمر بعيد عنكِ،
إرحميني إن لم أرحمك بأسفاري،
وتركتك قلقة على صحّتي،
أماه أعشقك،
انا لا أعارض قضاء ربي،
لكن يصعب علي جدّاً،
أن أتحمّل غيابك بعد فقدانك،
أمي كم أريد أن أضمّك،
أقبّلك،
أستنشق عبيرك،
أريد راحة يديك على صدري،
وأناملك تمسح دموعي،
أمي طفلك لايزال طفلك،
ياه يا أمي كيف أقدر على الدنيا من غيرك،
أشعر أنني كبرت فجأة بغيابك،
أصبحت عجوز بلحظة ذهابك،
أمي،
اااه يا أمي،
رحمك ربّي كما ربيّتني صغيراً.
وفجأة كأنما القلادة تتحدّث له.
لاتقلق يابني،
فأنت لم تقصّر بحقّها،
لقد كانت تعشقك أيما عشق،
فأنت إبنها الوحيد،
كانت تفاخر بك طول الوقت،
تتحدّث عنك في كلّ يوم،
فهي لم تغضب منك يوماً،
فإن لم تكن تزورها،
فبعض من ثيابك لم تغسلها،
تركتها برائحتك تستنشقها كل حين،
وكل ليلة تغيب بها كانت تدعوا لك بالسعادة،
كانت تسعد فقط بوجودك في حياتها،
لم تكن تريد منك شيئاً أبداً،
فقط كانت تكفيها أنك تعيش حياتك،
ولو طلبتها حياتها،
لتنازلت عنها لأجلك،
حتى عندما سافرت،
كنت تزورها في منامها،
وتصحو لتدعي لك في جنح الليل،
يابني،
لا تقلق،
فلن توفيها حقّها مهما فعلت،
ولكن يكفيك أن تكون بخير،
وستسعد بذلك كلّ السعادة،
وقبل موتها أخبرتني،
أن الله أنعم عليها بحياة جميلة،
حيث رزقها بك،
وتدعوا الله أن تراك في جنّته،
فعش حياتك سعيداً،
لا لأجلك وإنما لأجل من سهرت كي تنام،
ومن جاعت كي تشبع،
ومن تعبت كي ترتاح،
و، و، و، و........
لحظتها بكى الرجل كالطفل،
حتى نام على سريرها،
وعندما إستيقظ،
لم يعد طفلاً أبداً.
ختام:
إهداء لكِ إمي،
وسامحيني على تقصيري،
حفظك الله من كل مكروه،
ورزقك الفردوس يارب،
على وجودك بحياتي،
وكلّ مافعلتيه لأجلي،
أحبّك كلّ مابقلبي طاقة للحب.
إبنك فيصل...
السبت، 2 مارس 2013
الكنز الضائع...
الكنز الضائع... "٢٦"
قصّة قصيرة بقلمي...
على ضفاف النهر،
يمشي طفل صغير،
قد يترائى من بعيد،
كأنه في الرابعة أو الخامسة،
لكن عندما تقترب منه تعلم أنه أكبر من ذلك،
فهو تقريباً في الثامنه،
ولكن ملامحة لا توحي بذلك،
أيضاً طريقة حركته تعبّر عن البراءة،
أكثر منها عن الصبيانية،
وهو يمشي،
كان يهمهم بكلمات،
"ثمانية وستون، تسعة وستون،
سبعونٌ سبعون"،
ولازال يمشي ويهمهم،
بملابسه المتقطعة،
بنطال بنّي بالٍ،
وقميص أخضر فضفاض،
وقبّعة قش كبيرة،
تعطيه منظر الفلّاح الصغير،
ولايرتدي حذاء،
"لاحذاء أبداً"،
كما يقول،
"لأن الحذاء يحد من حريّتك"،
وفجاة،
"مئة"،
ثم إلتفت جهة النهر،
وقفز في الماء،
بعد أن القي ثيابه،
إلا من سروال داخلي من القطن،
النهر لم يكن سريع الجريان،
وصل للقاع بسهولة،
أمسك بشيء يشبه السلسلة المعدنية،
واخرجه معه لخارج النهر،
بدأ يشده،
ويسحبه،
حتى أصبح مشدوداً،
ثم قرع عليه،
بالقضيب المعدني اللذي كان يحمله،
قرع ثم قرع،
ثم توقّف عند الثالثة،
وأتمّها بالرابعة،
وبعد قليل،
إذا بالضفّة المقابلة،
كأنما باب سرّي يفتح،
حتى لو كنت مارّاً بجانب الصبي،
أو الباب،
لن تشعر بشيء،
حتى فتح الباب لآخرته،
فبظلال صغيرة،
تتباين من بعيد،
وأحدها يصرخ بإسم،
وكان الإسم للفتى،
ليلوّح لهم،
وأحد الظلال بدأ بتوبيخ الفتاة التي صرخت،
وضع ملابسه بداخل كيس صغير،
وأخذ يسبح بإتجاههم،
ما إن وصل،
حتى سحبوه للداخل وأغلقوا الباب.
في الداخل،
كان المكان شبيه بأرض للعب الأطفال،
وكان مليء بالأطفال،
ربما مايقارب سبعة أطفال،
أربعة فتيان،
وثلاثة بنات،
بداخل هذه الغرفة،
المكوّنة من الأسرّة المتكسّرة،
والأثاث المهترئ،
والملابس القديمة،
كذلك الأطفال،
عندما تراهم تعلم أنهم فقراء،
فقد كانوا أيتام،
تجمّعوا بهذا المكان،
اللذي إكتشفه كبيرهم،
واللذي يكاد لصغر حجمه أن يكون أصغرهم،
لأنه لم يكن لهم ملجأ،
في هذه المدينة،
القاسية،
صرخ أحدهم،
"هل أحضرت الطعام!!"،
ردّ عليه وهو يبتسم،
"نعم ، نعم"،
بدأوا بالأكل والضحك،
وهكذا عاشوا حياتهم،
وفي يوم ما،
كان كبيرهم خارج المخبأ،
ليأتيهم بالأكل،
وإذا به يسمع،
"ياقوم أنفذوا بجلدكم،
فالسد سيتدمّر،
والنهر سيفيض!!!"،
صعق الصبي ممّا سمع،
وذهب يركض للمخبأ،
لكن أحد الرجّال،
مسكه وحمله يركض به هاربين،
يصرخ الصبي،
"أتركني أصدقائي،
أخوتي،
أرجوك ياسيّدي لابد أن أحذرّهم"،
ردّ الرجل وهو يركض مسرعاً،
"لاتقلق سيجدون من يساعدهم"،
صرخ كالمجنون،
"لا ، لا انت لاتعلم انهم اسفل النهر!!"،
لم يهتم الرجل لذلك الكلام الغريب،
واعتقد انها هذيان بسبب الخوف،
بعد ايام،
هدأ النهر،
ورمّم السد،
عاد الجميع لوسط المدينة،
والصبي يركض كالمجنون،
ومعه الرجل اللذي قد سمع حكايته بالتفصيل،
بعد مرور هذه الايام،
حتى اذا وصلوا لذلك المخبأ،
وجدوا الباب كأنه منفجر من الداخل،
سبح الإثنان للمخبأ،
ووجدوا بداخله حفره ولاشيء آخر،
قال الرجل،
"أعتقد أن الماء،
أتى من الإسفل ورمى الجميع خارجاً"،
جلس الصبي يبكي،
"كنزي ااه، كنزي اه"،
انتهى الموقف على هذه الحال،
وبقى الصبي مع الرجل.
بعد مرور بضع السنوات،
كان الصبي قد كبر قليلاً،
وهو مع الرجل يرتحلان،
على مدن النهر،
من المحيط الى البحر،
واذا هو يتجوّل باحدى هذه المدن،
يبيع ويشتري،
يسمع صوت يناديه،
صوت مألوف،
قد سمعه كثير من المرّات،
صوت يأتيه بأحلامه كلّ ليلة،
توّهم أنه يحلم،
صاح الصوت من جديد ينادي إسمه،
فلمّا إلتفت إذا بتلك الفتاة،
التي كانت معه في المخبأ تأتي له مهرولة،
من دون أن يشعر فتح ذراعية،
كأنه تركها بالأمس،
فسقطت بحضنه،
إحتضنها بشدّة،
وهي تبكي فرحاً،
وهو من الدهشة،
لم يخرج صوت،
فقط دموعه تنهمر،
كان الرجل ينظر لهما باستغراب،
بعد حديث مطوّل علم منها التالي،
وكذلك الرجل إستمع لهما.
أن النهر عندما فاض بهم،
أتى الماء من إسفلهم،
ورماهم خارج المخبأ،
ومن حسن حظّهم،
أن أسرّتهم كانت من الخشب،
التي تمسّكوا بها جيّداً،
حتى سقطوا بهذه المدينة.
بحثنا عنك،
متوّقعين أننا لازلنا بمدينتنا،
ومن ثم علمنا،
انها ليست مدينتنا،
فاتفقنا ان نعود لمدينتنا،
لكن كانت الطريق طويلة،
ولم نملك المال ولا الغذاء،
فمن حسن الحظ،
وجدنا زوجين يملكان مطعم،
طيّبا القلب،
وقمنا بالعمل معهم،
مقابل الطعام والمسكن،
آملين أن نجدك،
وها انا اقوم بشراء الحاجيات للمطعم،
اذا بي المحك،
وانت تعرف البقيّة.
"خذيني لهم الان"،
صاح الصبي،
واخذته الفتاة،
تبعهما الرجل،
حتى وصلا للمطعم،
دخلوا جميعاً،
واذا بالصبي يرى أصحابه،
ويصرخ بصوته العالي،
"أخيراً وجدت كنزي الضائع!!!".
ختام:
أحياناً كثيرة،
لايكون الذهب او الالماس هو الكنز،
تكون الكنوز عبارة عن علاقات،
جميلة ، نقيّة ، ونادرة جداً،
بحيث لا يهمّنا سوى بقاء هذه الكنوز،
إن كنت تمتلك شخص تعتبره كنزاً،
فحافظ عليه،
وإن لم تكن،
فأبحث من الآن.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
على ضفاف النهر،
يمشي طفل صغير،
قد يترائى من بعيد،
كأنه في الرابعة أو الخامسة،
لكن عندما تقترب منه تعلم أنه أكبر من ذلك،
فهو تقريباً في الثامنه،
ولكن ملامحة لا توحي بذلك،
أيضاً طريقة حركته تعبّر عن البراءة،
أكثر منها عن الصبيانية،
وهو يمشي،
كان يهمهم بكلمات،
"ثمانية وستون، تسعة وستون،
سبعونٌ سبعون"،
ولازال يمشي ويهمهم،
بملابسه المتقطعة،
بنطال بنّي بالٍ،
وقميص أخضر فضفاض،
وقبّعة قش كبيرة،
تعطيه منظر الفلّاح الصغير،
ولايرتدي حذاء،
"لاحذاء أبداً"،
كما يقول،
"لأن الحذاء يحد من حريّتك"،
وفجاة،
"مئة"،
ثم إلتفت جهة النهر،
وقفز في الماء،
بعد أن القي ثيابه،
إلا من سروال داخلي من القطن،
النهر لم يكن سريع الجريان،
وصل للقاع بسهولة،
أمسك بشيء يشبه السلسلة المعدنية،
واخرجه معه لخارج النهر،
بدأ يشده،
ويسحبه،
حتى أصبح مشدوداً،
ثم قرع عليه،
بالقضيب المعدني اللذي كان يحمله،
قرع ثم قرع،
ثم توقّف عند الثالثة،
وأتمّها بالرابعة،
وبعد قليل،
إذا بالضفّة المقابلة،
كأنما باب سرّي يفتح،
حتى لو كنت مارّاً بجانب الصبي،
أو الباب،
لن تشعر بشيء،
حتى فتح الباب لآخرته،
فبظلال صغيرة،
تتباين من بعيد،
وأحدها يصرخ بإسم،
وكان الإسم للفتى،
ليلوّح لهم،
وأحد الظلال بدأ بتوبيخ الفتاة التي صرخت،
وضع ملابسه بداخل كيس صغير،
وأخذ يسبح بإتجاههم،
ما إن وصل،
حتى سحبوه للداخل وأغلقوا الباب.
في الداخل،
كان المكان شبيه بأرض للعب الأطفال،
وكان مليء بالأطفال،
ربما مايقارب سبعة أطفال،
أربعة فتيان،
وثلاثة بنات،
بداخل هذه الغرفة،
المكوّنة من الأسرّة المتكسّرة،
والأثاث المهترئ،
والملابس القديمة،
كذلك الأطفال،
عندما تراهم تعلم أنهم فقراء،
فقد كانوا أيتام،
تجمّعوا بهذا المكان،
اللذي إكتشفه كبيرهم،
واللذي يكاد لصغر حجمه أن يكون أصغرهم،
لأنه لم يكن لهم ملجأ،
في هذه المدينة،
القاسية،
صرخ أحدهم،
"هل أحضرت الطعام!!"،
ردّ عليه وهو يبتسم،
"نعم ، نعم"،
بدأوا بالأكل والضحك،
وهكذا عاشوا حياتهم،
وفي يوم ما،
كان كبيرهم خارج المخبأ،
ليأتيهم بالأكل،
وإذا به يسمع،
"ياقوم أنفذوا بجلدكم،
فالسد سيتدمّر،
والنهر سيفيض!!!"،
صعق الصبي ممّا سمع،
وذهب يركض للمخبأ،
لكن أحد الرجّال،
مسكه وحمله يركض به هاربين،
يصرخ الصبي،
"أتركني أصدقائي،
أخوتي،
أرجوك ياسيّدي لابد أن أحذرّهم"،
ردّ الرجل وهو يركض مسرعاً،
"لاتقلق سيجدون من يساعدهم"،
صرخ كالمجنون،
"لا ، لا انت لاتعلم انهم اسفل النهر!!"،
لم يهتم الرجل لذلك الكلام الغريب،
واعتقد انها هذيان بسبب الخوف،
بعد ايام،
هدأ النهر،
ورمّم السد،
عاد الجميع لوسط المدينة،
والصبي يركض كالمجنون،
ومعه الرجل اللذي قد سمع حكايته بالتفصيل،
بعد مرور هذه الايام،
حتى اذا وصلوا لذلك المخبأ،
وجدوا الباب كأنه منفجر من الداخل،
سبح الإثنان للمخبأ،
ووجدوا بداخله حفره ولاشيء آخر،
قال الرجل،
"أعتقد أن الماء،
أتى من الإسفل ورمى الجميع خارجاً"،
جلس الصبي يبكي،
"كنزي ااه، كنزي اه"،
انتهى الموقف على هذه الحال،
وبقى الصبي مع الرجل.
بعد مرور بضع السنوات،
كان الصبي قد كبر قليلاً،
وهو مع الرجل يرتحلان،
على مدن النهر،
من المحيط الى البحر،
واذا هو يتجوّل باحدى هذه المدن،
يبيع ويشتري،
يسمع صوت يناديه،
صوت مألوف،
قد سمعه كثير من المرّات،
صوت يأتيه بأحلامه كلّ ليلة،
توّهم أنه يحلم،
صاح الصوت من جديد ينادي إسمه،
فلمّا إلتفت إذا بتلك الفتاة،
التي كانت معه في المخبأ تأتي له مهرولة،
من دون أن يشعر فتح ذراعية،
كأنه تركها بالأمس،
فسقطت بحضنه،
إحتضنها بشدّة،
وهي تبكي فرحاً،
وهو من الدهشة،
لم يخرج صوت،
فقط دموعه تنهمر،
كان الرجل ينظر لهما باستغراب،
بعد حديث مطوّل علم منها التالي،
وكذلك الرجل إستمع لهما.
أن النهر عندما فاض بهم،
أتى الماء من إسفلهم،
ورماهم خارج المخبأ،
ومن حسن حظّهم،
أن أسرّتهم كانت من الخشب،
التي تمسّكوا بها جيّداً،
حتى سقطوا بهذه المدينة.
بحثنا عنك،
متوّقعين أننا لازلنا بمدينتنا،
ومن ثم علمنا،
انها ليست مدينتنا،
فاتفقنا ان نعود لمدينتنا،
لكن كانت الطريق طويلة،
ولم نملك المال ولا الغذاء،
فمن حسن الحظ،
وجدنا زوجين يملكان مطعم،
طيّبا القلب،
وقمنا بالعمل معهم،
مقابل الطعام والمسكن،
آملين أن نجدك،
وها انا اقوم بشراء الحاجيات للمطعم،
اذا بي المحك،
وانت تعرف البقيّة.
"خذيني لهم الان"،
صاح الصبي،
واخذته الفتاة،
تبعهما الرجل،
حتى وصلا للمطعم،
دخلوا جميعاً،
واذا بالصبي يرى أصحابه،
ويصرخ بصوته العالي،
"أخيراً وجدت كنزي الضائع!!!".
ختام:
أحياناً كثيرة،
لايكون الذهب او الالماس هو الكنز،
تكون الكنوز عبارة عن علاقات،
جميلة ، نقيّة ، ونادرة جداً،
بحيث لا يهمّنا سوى بقاء هذه الكنوز،
إن كنت تمتلك شخص تعتبره كنزاً،
فحافظ عليه،
وإن لم تكن،
فأبحث من الآن.
فيصل...
بجوار البحر....
بجوار البحر... "٢٥"
قصّة قصيرة بقلمي...
يااه..
يالجمال هذا الصباح...
قال ذلك وهو يمشي،
رجل طاعن في السن،
يرتدي معطف أسود،
وبنطال بنفس اللون،
حذاء لامع يميل للرمادي،
قميص أبيض،
وعلى رأسة قبّعه رماديه،
متجانسه مع لون شعره الأبيض،
يأتي ويجلس على المقعد،
اللذي بجانب الطريق،
المقابل للبحر،
الرجل كأنه نقطة سوداء،
على الطريق اللذي يتكوّن من حجارة بيضاء،
يجلس وينظر للبحر،
كان عمود إنارة بجانبة،
وأمامه السياج اللذي يحوف الطريق،
وكذلك للإنارات ذات اللون الأسود،
الموجودة على طول الطريق،
بمسافات متساوية،
كانت أمامه كذلك إنارة،
وبجانبها سلّم أو ليس سلّم،
ولكن عدّة درجات تهبط لرمال الشاطئ،
يجلس الرجل وينظر للأفق،
في هذا الوقت،
لم يكن الشاطئ يعج بالبشر،
لأنه وقت شتاء،
ولكن المارّة يطوفون هذا الطريق،
يمرون بجواره ولاينتبهون عليه،
وهو باقٍ ينظر بعيداً،
يتأمل حياته،
ويعيد حكايتها بنفسه.
ياه ، الجو جميل اليوم،
نعم لقد قلت ذلك،
مابي لم أعد أهتم،
حتى لماذا أقول هذه الكلمات،
"الجو جميل"،
ومالفرق إن لم يكن الجو جميل،
كنت سأجلس هنا،
ولن أفعل شيء،
سوى النظر للأفق،
فعلاً لقد ذهب عمري،
لم يبقى أحد في حياتي،
دفنت والداي،
إخوتي،
زوجتي وحتى بعض من إبنائي،
والباقي منهم لايهتم بي،
فمن يهتم برجل لم يعد له من منفعة،
رجل قد طعن فيه السن،
حتى لم يعد يفيد أي إنسان آخر،
فقط أجلس هنا أنظر للبحر،
ثم أعود لبيتي،
بيت، هه!!
ليس بيتاً وإنما غرفة،
أدفع أجرها من معاش تقاعدي،
لما أحتاج المال،
فليس لي حاجة لذلك،
لاهوايات،
لا أصدقاء لي قد بقوا،
حتى وإن أردت أن أكوّن صداقات جديدة،
لم يعد بي طاقة،
ولم أعد أهتم بذلك كثيراً،
فهذا حالي كلّ يوم،
أجلس على هذا الكرسي،
أنظر للبحر،
أعيد قصّة حياتي لنفسي،
حتى تغيب الشمس وأعود لبيتي،
ثم آتي لهنا في الصباح،
فعلاً لم يعد لحياتي معنى بعد الآن،
فقط إنتظار للموت ببطئ.
وتمر الأيام،
وفي خلال أحد الأيام،
كانت السماء ملبّدة بالغيوم،
وكان الطريق خالياً من المارّة،
وفي نفس المكان كانت النقطة موجودة،
ولكن هذه المرة كانت أكبر،
بسبب المظلّة التي أتى بها الرجل،
وذلك ليس غريباً فالسماء تنذر بالمطر،
ولكن الغريب أن يأتي لمكانه،
رغم أن المطر سيهبط في أي لحظة،
ولكن ذلك ليس غريباً عليه،
فإنه لم يعد يهتم لأي شيء،
ولكن لم يعلم الرجل،
أن هذا اليوم سيكون الأخير.
ياه، يالجمال هذا اليوم،
تباً لازلت أقول هذه الكلمات الغبيّة،
لايهم،
ولكن لماذا الطريق خالٍ،
هل الناس تخاف من المطر،
أمرهم غريب،
في الماضي كنّا نلعب تحت المطر،
نرقص تحت المطر،
نعمل تحت المطر،
نقع بالحب تحت المطر،
نحيا ونموت تحت المطر،
واليوم لايفعلون شيء تحت المطر،
غير الهروب منه،
لايهم،
انا كذلك لم أعد أهوى المطر،
لذلك أحضرت مظلّتي،
فإني أخاف البرد،
سأنتظر كعادتي ثم أعود،
ربما أعود مبكراً اذا كان المطر غزيراً،
هاهو المطر ينهمر،
يالصوته الجميل،
رذاذه المنعش،
ورائحته المُسكرة،
ياه أشعر بالدوّار،
هل عيناي تخونانني،
أم أن هناك أحداً يتجه للبحر،
من المجنون اللذي يفعل ذلك،
في مثل هذا الوقت،
في مثل هذا اليوم،
في مثل هذا الجو،
لأتبعه علّه يريد مساعدة،
ياه الدرجات غير متناسقة،
اكاد اقع،
رمال الشاطئ دخلت بحذائي،
كأنني أمشي في وحل،
يالهي!!
المجنون قد ذهب للبحر،
وكأنه يغرق،
بسرعة بسرعة،
لأساعده.
يقفز الرجل في الماء وبهذه اللحظة،
رأى صبي مايحدث فأتصل بالشرطة،
التي أتت مسرعة مع الإسعاف،
وهم يعتقدون من البلاغ،
ان رجل طاعن في السن يحاول الانتحار،
وعندما وصلوا وجدوا فتاة،
تتنفّس وتكح فيخرج الماء،
كشخص غرق للتو،
ووجدوا الرجل بجانبها ممدد،
يتنفّس بصعوبة،
ويسألوه" ماحدث مابك!؟"،
يجيب وهو يلفظ أنفاسه،
"كانت ستغرق فأنقذتها،
واعتقد أن جسدي لم يحتمل البرد،
ولا الحركة المسرفة التي قمت بها،
*يضحك بصعوبة*،
إنه يومٌ جميل،
ما أغباني،
دائماً أقولها بسبب أو بدونه،
ولكن اليوم فعلاً،
ياله من يوم جميل"،
أغمض الرجل عينيه،
وتوّقف عن التنفّس،
حاول المسعفين إنعاشه،
لكن لا يوجد أمل،
فارق الحياة.
بعد سنين،
في أحد المقابر،
وقفت إمرأة أمام قبر،
وهي تقول هذه الكلمات،
"لم أنساك يوماً،
لقد وهبت حياتك في سبيل إنقاذي،
ولم أفكّر منذ يومها بالإنتحار،
إني مدينة لك بحياتي،
رحمك الله"،
ومن بعيد يسمع نداء،
"ماما، مامااا"،
اذا بطفلة ورجل يأتيان،
يضمّان المرأة،
وينظرون للقبر باسمين.
الختام:
أحياناً لانقدّر حياتنا حق تقديرها،
ولكن ذلك لايمنع من أن نجد من يفعل،
رغم أنه من الأفضل لنا،
أن نقدّر نحن حياتنا،
قبل إنتظار أن تكون ذات معنى لأحدهم،
ولكن جلّ ما أريد قوله،
أنه حتى وإن ظننت أن لا معنى لما تفعل،
فحتماً هناك يوجد شخص،
مختبئ عن ناظريك يقدّرك تقدير،
ليس بإستطاعة أحد أن يقدّرك به،
وأحب أن أقول،
أنني أقدّر كل شخص منكم،
على إهدائي،
الوقت من يومه،
لقرائة كلماتي البسيطة.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
يااه..
يالجمال هذا الصباح...
قال ذلك وهو يمشي،
رجل طاعن في السن،
يرتدي معطف أسود،
وبنطال بنفس اللون،
حذاء لامع يميل للرمادي،
قميص أبيض،
وعلى رأسة قبّعه رماديه،
متجانسه مع لون شعره الأبيض،
يأتي ويجلس على المقعد،
اللذي بجانب الطريق،
المقابل للبحر،
الرجل كأنه نقطة سوداء،
على الطريق اللذي يتكوّن من حجارة بيضاء،
يجلس وينظر للبحر،
كان عمود إنارة بجانبة،
وأمامه السياج اللذي يحوف الطريق،
وكذلك للإنارات ذات اللون الأسود،
الموجودة على طول الطريق،
بمسافات متساوية،
كانت أمامه كذلك إنارة،
وبجانبها سلّم أو ليس سلّم،
ولكن عدّة درجات تهبط لرمال الشاطئ،
يجلس الرجل وينظر للأفق،
في هذا الوقت،
لم يكن الشاطئ يعج بالبشر،
لأنه وقت شتاء،
ولكن المارّة يطوفون هذا الطريق،
يمرون بجواره ولاينتبهون عليه،
وهو باقٍ ينظر بعيداً،
يتأمل حياته،
ويعيد حكايتها بنفسه.
ياه ، الجو جميل اليوم،
نعم لقد قلت ذلك،
مابي لم أعد أهتم،
حتى لماذا أقول هذه الكلمات،
"الجو جميل"،
ومالفرق إن لم يكن الجو جميل،
كنت سأجلس هنا،
ولن أفعل شيء،
سوى النظر للأفق،
فعلاً لقد ذهب عمري،
لم يبقى أحد في حياتي،
دفنت والداي،
إخوتي،
زوجتي وحتى بعض من إبنائي،
والباقي منهم لايهتم بي،
فمن يهتم برجل لم يعد له من منفعة،
رجل قد طعن فيه السن،
حتى لم يعد يفيد أي إنسان آخر،
فقط أجلس هنا أنظر للبحر،
ثم أعود لبيتي،
بيت، هه!!
ليس بيتاً وإنما غرفة،
أدفع أجرها من معاش تقاعدي،
لما أحتاج المال،
فليس لي حاجة لذلك،
لاهوايات،
لا أصدقاء لي قد بقوا،
حتى وإن أردت أن أكوّن صداقات جديدة،
لم يعد بي طاقة،
ولم أعد أهتم بذلك كثيراً،
فهذا حالي كلّ يوم،
أجلس على هذا الكرسي،
أنظر للبحر،
أعيد قصّة حياتي لنفسي،
حتى تغيب الشمس وأعود لبيتي،
ثم آتي لهنا في الصباح،
فعلاً لم يعد لحياتي معنى بعد الآن،
فقط إنتظار للموت ببطئ.
وتمر الأيام،
وفي خلال أحد الأيام،
كانت السماء ملبّدة بالغيوم،
وكان الطريق خالياً من المارّة،
وفي نفس المكان كانت النقطة موجودة،
ولكن هذه المرة كانت أكبر،
بسبب المظلّة التي أتى بها الرجل،
وذلك ليس غريباً فالسماء تنذر بالمطر،
ولكن الغريب أن يأتي لمكانه،
رغم أن المطر سيهبط في أي لحظة،
ولكن ذلك ليس غريباً عليه،
فإنه لم يعد يهتم لأي شيء،
ولكن لم يعلم الرجل،
أن هذا اليوم سيكون الأخير.
ياه، يالجمال هذا اليوم،
تباً لازلت أقول هذه الكلمات الغبيّة،
لايهم،
ولكن لماذا الطريق خالٍ،
هل الناس تخاف من المطر،
أمرهم غريب،
في الماضي كنّا نلعب تحت المطر،
نرقص تحت المطر،
نعمل تحت المطر،
نقع بالحب تحت المطر،
نحيا ونموت تحت المطر،
واليوم لايفعلون شيء تحت المطر،
غير الهروب منه،
لايهم،
انا كذلك لم أعد أهوى المطر،
لذلك أحضرت مظلّتي،
فإني أخاف البرد،
سأنتظر كعادتي ثم أعود،
ربما أعود مبكراً اذا كان المطر غزيراً،
هاهو المطر ينهمر،
يالصوته الجميل،
رذاذه المنعش،
ورائحته المُسكرة،
ياه أشعر بالدوّار،
هل عيناي تخونانني،
أم أن هناك أحداً يتجه للبحر،
من المجنون اللذي يفعل ذلك،
في مثل هذا الوقت،
في مثل هذا اليوم،
في مثل هذا الجو،
لأتبعه علّه يريد مساعدة،
ياه الدرجات غير متناسقة،
اكاد اقع،
رمال الشاطئ دخلت بحذائي،
كأنني أمشي في وحل،
يالهي!!
المجنون قد ذهب للبحر،
وكأنه يغرق،
بسرعة بسرعة،
لأساعده.
يقفز الرجل في الماء وبهذه اللحظة،
رأى صبي مايحدث فأتصل بالشرطة،
التي أتت مسرعة مع الإسعاف،
وهم يعتقدون من البلاغ،
ان رجل طاعن في السن يحاول الانتحار،
وعندما وصلوا وجدوا فتاة،
تتنفّس وتكح فيخرج الماء،
كشخص غرق للتو،
ووجدوا الرجل بجانبها ممدد،
يتنفّس بصعوبة،
ويسألوه" ماحدث مابك!؟"،
يجيب وهو يلفظ أنفاسه،
"كانت ستغرق فأنقذتها،
واعتقد أن جسدي لم يحتمل البرد،
ولا الحركة المسرفة التي قمت بها،
*يضحك بصعوبة*،
إنه يومٌ جميل،
ما أغباني،
دائماً أقولها بسبب أو بدونه،
ولكن اليوم فعلاً،
ياله من يوم جميل"،
أغمض الرجل عينيه،
وتوّقف عن التنفّس،
حاول المسعفين إنعاشه،
لكن لا يوجد أمل،
فارق الحياة.
بعد سنين،
في أحد المقابر،
وقفت إمرأة أمام قبر،
وهي تقول هذه الكلمات،
"لم أنساك يوماً،
لقد وهبت حياتك في سبيل إنقاذي،
ولم أفكّر منذ يومها بالإنتحار،
إني مدينة لك بحياتي،
رحمك الله"،
ومن بعيد يسمع نداء،
"ماما، مامااا"،
اذا بطفلة ورجل يأتيان،
يضمّان المرأة،
وينظرون للقبر باسمين.
الختام:
أحياناً لانقدّر حياتنا حق تقديرها،
ولكن ذلك لايمنع من أن نجد من يفعل،
رغم أنه من الأفضل لنا،
أن نقدّر نحن حياتنا،
قبل إنتظار أن تكون ذات معنى لأحدهم،
ولكن جلّ ما أريد قوله،
أنه حتى وإن ظننت أن لا معنى لما تفعل،
فحتماً هناك يوجد شخص،
مختبئ عن ناظريك يقدّرك تقدير،
ليس بإستطاعة أحد أن يقدّرك به،
وأحب أن أقول،
أنني أقدّر كل شخص منكم،
على إهدائي،
الوقت من يومه،
لقرائة كلماتي البسيطة.
فيصل...
الجمعة، 1 مارس 2013
دعوني لوحدي...
دعوني لوحدي... "٢٤"
قصّة قصيرة بقلمي...
آه فليذهبوا للجحيم،
لماذا لايتركوني لوحدي،
لا أحتاجهم،
لا أريدهم،
خائنين، حقيرين وضيعين،
جميعهم يسببون لي الازعاج،
لايدعوني وشأني،
يعتقدون أنهم يفعلون لي خيراً،
لا إنهم يزيدون من سوء حالتي،
كلّ يوم نفس الموضوع،
نفس الوجوه المشفقة على حالي،
لماذا هذه الشفقة لا أريدها،
لااا أريدها.
صرخ الشاب،
بغرفته التي تقع في الدور الأول،
بجناح العظام،
في جنح الليل،
وهو يفيق من كابوسه،
وبعد أن إستعاد رشده،
بدأ يسترجع الأحداث.
اه،
بسم الله،
ماالذي حدث،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
أين انا،
اه نعم انا في المشفى،
ياه لقد كان حقيقة،
تلك الحادثة لم تكن كابوساً،
ولكن حقيقة.
تبدئ الأفكار تسترجع بعقله،
يتذكّر اليوم المشؤوم،
اللذي وقعت به الحادثة،
حيث كان يجري في المضمار،
على ظهر فرسة،
وقد كان الفارس الأول في السباق،
وإذا بالخيل تسقط،
وتهشم ساقيه مع سقوطها،
قبل خط النهاية بقليل،
وحتى الان قد أصبح له ثلاثة شهور،
كان به من العز والكبرياء،
بحيث يرفض أن يكون محل شفقة أحد،
لذلك لم يعتاد على الوضع حتى الآن.
آه يالهم من مزعجين،
يعتقدون أنني أحتاج شفقتهم،
لا لا أريدها..
تمر الأيام ولم يزره أحد،
فقد تركه الجميع،
إلا من بعض أفراد عائلته،
ورجل كان يمر على المرضى،
كبير في العمر سليط اللسان،
أخبره أن وظيفته،
هي إعادة تأهيل الرياضين المصابين،
غضب الشاب،
"لا احتاجك ، تباً لك"،
ورغم أنه توّقع أن سيكون ردّه كذلك،
أو إدعاء باطل بالمحبة،
إذا به يقول بكل صراحة،
"يالك من مثير للشفقة"،
صعق الشاب بتلك الكلمات،
وهو يحاول إبتلاع الصدمة،
التي أصابت كبريائه،
إذا بالرجل يكمل حديثه،
"إسمع ياهذا،
انا لم آتي هنا،
بحثاً عن طفل يريد البكاء،
او لأعطيه المثلّجات،
أو أن آخذ بيده لأريه الطريق،
أنا أتيت بحثاً عن رجل،
يستطيع الإستمرار معي،
بل ويسبقني،
لذلك إن شعرت بأنك إكتفيت من الشفقة،
فهذه بطاقتي،
وإلا فلتذهب للجحيم."،
رحل الرجل،
ولازال الشاب يبتلع كلماته بمرارة،
وعندما أتى الليل،
قد إتخذ قرارة،
والآن بعد عامين،
على حلبة السباق.
هذا خط النهاية،
إحتجت لعامين تقريباً،
حادث مروّع ورجل كريه ليساعدني،
*يضحك*،
أعتقد أنه ليس بذلك الكره الآن،
وها انا أنتصر.
وفي مكان بعيد جداً عن المضمار،
يجلس رجل غاضب أمام التلفاز،
يصرخ،
"أخيراً،
لقد طال إنتظاري،
فعلاً إنك تستحق ذلك،
لأنك رجل بمعنى الكلمة،
ولست طفل يبحث عن الشفقة".
ختام:
في لحظات ضعفنا،
هناك من يحتاج للعاطفة،
وهناك من يحتاج للقسوة،
او كما يسمّى "الحب القاسي"،
ولكن لا يوجد من يحتاج للشفقة،
لذلك قبل أن تشفقوا على الآخرين،
حاولوا أن تكونوا بجانبهم،
ربما فقط يحتاجون،
لبعض التوبيخ.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
آه فليذهبوا للجحيم،
لماذا لايتركوني لوحدي،
لا أحتاجهم،
لا أريدهم،
خائنين، حقيرين وضيعين،
جميعهم يسببون لي الازعاج،
لايدعوني وشأني،
يعتقدون أنهم يفعلون لي خيراً،
لا إنهم يزيدون من سوء حالتي،
كلّ يوم نفس الموضوع،
نفس الوجوه المشفقة على حالي،
لماذا هذه الشفقة لا أريدها،
لااا أريدها.
صرخ الشاب،
بغرفته التي تقع في الدور الأول،
بجناح العظام،
في جنح الليل،
وهو يفيق من كابوسه،
وبعد أن إستعاد رشده،
بدأ يسترجع الأحداث.
اه،
بسم الله،
ماالذي حدث،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
أين انا،
اه نعم انا في المشفى،
ياه لقد كان حقيقة،
تلك الحادثة لم تكن كابوساً،
ولكن حقيقة.
تبدئ الأفكار تسترجع بعقله،
يتذكّر اليوم المشؤوم،
اللذي وقعت به الحادثة،
حيث كان يجري في المضمار،
على ظهر فرسة،
وقد كان الفارس الأول في السباق،
وإذا بالخيل تسقط،
وتهشم ساقيه مع سقوطها،
قبل خط النهاية بقليل،
وحتى الان قد أصبح له ثلاثة شهور،
كان به من العز والكبرياء،
بحيث يرفض أن يكون محل شفقة أحد،
لذلك لم يعتاد على الوضع حتى الآن.
آه يالهم من مزعجين،
يعتقدون أنني أحتاج شفقتهم،
لا لا أريدها..
تمر الأيام ولم يزره أحد،
فقد تركه الجميع،
إلا من بعض أفراد عائلته،
ورجل كان يمر على المرضى،
كبير في العمر سليط اللسان،
أخبره أن وظيفته،
هي إعادة تأهيل الرياضين المصابين،
غضب الشاب،
"لا احتاجك ، تباً لك"،
ورغم أنه توّقع أن سيكون ردّه كذلك،
أو إدعاء باطل بالمحبة،
إذا به يقول بكل صراحة،
"يالك من مثير للشفقة"،
صعق الشاب بتلك الكلمات،
وهو يحاول إبتلاع الصدمة،
التي أصابت كبريائه،
إذا بالرجل يكمل حديثه،
"إسمع ياهذا،
انا لم آتي هنا،
بحثاً عن طفل يريد البكاء،
او لأعطيه المثلّجات،
أو أن آخذ بيده لأريه الطريق،
أنا أتيت بحثاً عن رجل،
يستطيع الإستمرار معي،
بل ويسبقني،
لذلك إن شعرت بأنك إكتفيت من الشفقة،
فهذه بطاقتي،
وإلا فلتذهب للجحيم."،
رحل الرجل،
ولازال الشاب يبتلع كلماته بمرارة،
وعندما أتى الليل،
قد إتخذ قرارة،
والآن بعد عامين،
على حلبة السباق.
هذا خط النهاية،
إحتجت لعامين تقريباً،
حادث مروّع ورجل كريه ليساعدني،
*يضحك*،
أعتقد أنه ليس بذلك الكره الآن،
وها انا أنتصر.
وفي مكان بعيد جداً عن المضمار،
يجلس رجل غاضب أمام التلفاز،
يصرخ،
"أخيراً،
لقد طال إنتظاري،
فعلاً إنك تستحق ذلك،
لأنك رجل بمعنى الكلمة،
ولست طفل يبحث عن الشفقة".
ختام:
في لحظات ضعفنا،
هناك من يحتاج للعاطفة،
وهناك من يحتاج للقسوة،
او كما يسمّى "الحب القاسي"،
ولكن لا يوجد من يحتاج للشفقة،
لذلك قبل أن تشفقوا على الآخرين،
حاولوا أن تكونوا بجانبهم،
ربما فقط يحتاجون،
لبعض التوبيخ.
فيصل...
الأربعاء، 27 فبراير 2013
قفز بالحبل المطاطي...
قفز بالحبل المطاطي... "٢٣"
قصّة قصيرة بقلمي...
على طرف جسر جورج الملكي،
بولاية "كولارادو بالولايات المتحدّة الأمريكية"
يقف رجل ليقوم بقفزة الحبل المطاطي،
من على إرتفاع يبلغ تقريباً ثلاث مائة قدم.
ياه كم هو مخيف هذا الشعور،
الان يقومون بإلباسي لباس القفز،
لو لم أكن قد أفرغت مثانتي سابقاً،
لبللت نفسي الآن،
جسدي يكاد لا يتوّقف عن الإرتعاش،
لأهدأ،
تذكّر لماذا أنت تقوم بهذا الأمر،
نعم كي أنتصر على مخاوفي،
فقد ضقت ذرعاً من الخوف،
لقد كنت جباناً طوال حياتي،
السرعة، المرتفعات، الظلام، وأشياء كثيرة،
تخيفني بشدّة دائماً على نفس الحال،
والآن في بداية عقدي الثالث،
قد زهقت من هذا الشعور المؤلم،
اه لقد إنتهوا من الإعدادات،
"هيّا تقدّم"،
نعم سأتقدّم،
يالجمال المنظر،
لكن جسدي لايكف عن الإرتعاش،
آآه يالبعد القاع،
هل أعود أدراجي،
أنهم يصرخون ماذا أفعل،
"أنت جبان وستبقى هكذا للأبد"،
نعم ،
هذا ماكنت أسمعه طوال حياتي،
حتى أن خوفي قد طغى على كل شيء آخر،
فليذهبوا للجحيم،
هل فعلاً هذا يوم مماتي،
فلينتهي الأمر إذاً،
هااه جسدي لايرتعش،
لا أشعر بشيء،
هدوء تام،
فقط الريح تداعب وجهي،
أشعر أنه يمكنني الطيران،
هل هذا شعور الشجاعة،
ام هو غياب الخوف،
ام فقدت عقلي،
فقط خطوة.
ويرمي نفسه بالهواء ولايسمع له صراخ..
ياه انا اطير،
يالهذا الشعور الجميل،
كأنني أطير،
الأرض تقترب منّي بسرعة جميلة،
أما أنا اللذي أقترب،
لم أعد أشعر بالجاذبية تحكمني،
يااه سأحتضن القاع،
سيبتلعني الماء،
يالهذا الشعور الجميل.
فجأة يسحبه الحبل المطاطي،
وتسمع صرخاته الهادرة،
لجميع الموجودين..
وصلت للقاع،
ماهذا الشعور،
كأنها ألف يد تسحبني للخلف،
لا أستطيع حبس صراخي،
دموعي اهاتي،
اشعر بالسعادة والخوف،
وجميع المشاعر المختلفة،
ماهذه المشاعر،
هل هذه الحياة،
التي لم أكن أحياها.
بعد توّقف الحبل عن الإرتداد،
فريق العمل يسحب الشاب،
ويعيدونه لمكانه،
"ها هل شعرت بالموت،
صراخك كان مضحكاً."،
يسأله أحدهم،
يجيب الشاب،
"لا بل شعرت للمرّة الأولى بالحياة،
كأنني ولدت من جديد.".
ختام:
أحياناً لا نتعلّم معنى الحياة،
إلا عندما نواجه الموت،
أو أشد مخاوفنا،
لاتقلقوا فعمركم مكتوب،
وعيشوا كل لحظة كأنها حياة جديدة،
أعطاكم الله جميل العمر..
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
على طرف جسر جورج الملكي،
بولاية "كولارادو بالولايات المتحدّة الأمريكية"
يقف رجل ليقوم بقفزة الحبل المطاطي،
من على إرتفاع يبلغ تقريباً ثلاث مائة قدم.
ياه كم هو مخيف هذا الشعور،
الان يقومون بإلباسي لباس القفز،
لو لم أكن قد أفرغت مثانتي سابقاً،
لبللت نفسي الآن،
جسدي يكاد لا يتوّقف عن الإرتعاش،
لأهدأ،
تذكّر لماذا أنت تقوم بهذا الأمر،
نعم كي أنتصر على مخاوفي،
فقد ضقت ذرعاً من الخوف،
لقد كنت جباناً طوال حياتي،
السرعة، المرتفعات، الظلام، وأشياء كثيرة،
تخيفني بشدّة دائماً على نفس الحال،
والآن في بداية عقدي الثالث،
قد زهقت من هذا الشعور المؤلم،
اه لقد إنتهوا من الإعدادات،
"هيّا تقدّم"،
نعم سأتقدّم،
يالجمال المنظر،
لكن جسدي لايكف عن الإرتعاش،
آآه يالبعد القاع،
هل أعود أدراجي،
أنهم يصرخون ماذا أفعل،
"أنت جبان وستبقى هكذا للأبد"،
نعم ،
هذا ماكنت أسمعه طوال حياتي،
حتى أن خوفي قد طغى على كل شيء آخر،
فليذهبوا للجحيم،
هل فعلاً هذا يوم مماتي،
فلينتهي الأمر إذاً،
هااه جسدي لايرتعش،
لا أشعر بشيء،
هدوء تام،
فقط الريح تداعب وجهي،
أشعر أنه يمكنني الطيران،
هل هذا شعور الشجاعة،
ام هو غياب الخوف،
ام فقدت عقلي،
فقط خطوة.
ويرمي نفسه بالهواء ولايسمع له صراخ..
ياه انا اطير،
يالهذا الشعور الجميل،
كأنني أطير،
الأرض تقترب منّي بسرعة جميلة،
أما أنا اللذي أقترب،
لم أعد أشعر بالجاذبية تحكمني،
يااه سأحتضن القاع،
سيبتلعني الماء،
يالهذا الشعور الجميل.
فجأة يسحبه الحبل المطاطي،
وتسمع صرخاته الهادرة،
لجميع الموجودين..
وصلت للقاع،
ماهذا الشعور،
كأنها ألف يد تسحبني للخلف،
لا أستطيع حبس صراخي،
دموعي اهاتي،
اشعر بالسعادة والخوف،
وجميع المشاعر المختلفة،
ماهذه المشاعر،
هل هذه الحياة،
التي لم أكن أحياها.
بعد توّقف الحبل عن الإرتداد،
فريق العمل يسحب الشاب،
ويعيدونه لمكانه،
"ها هل شعرت بالموت،
صراخك كان مضحكاً."،
يسأله أحدهم،
يجيب الشاب،
"لا بل شعرت للمرّة الأولى بالحياة،
كأنني ولدت من جديد.".
ختام:
أحياناً لا نتعلّم معنى الحياة،
إلا عندما نواجه الموت،
أو أشد مخاوفنا،
لاتقلقوا فعمركم مكتوب،
وعيشوا كل لحظة كأنها حياة جديدة،
أعطاكم الله جميل العمر..
فيصل...
مخدّة الدموع...
مخدّة الدموع.... "٢٢"
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي ككل يوم،
أرجع للبيت،
بعد يوم مليء بالزيف،
إبتسامات مفبركة،
أحاديث منمّقة،
وأقنعة بالية،
أعود للبيت،
وليس بيتي أفضل من العالم الخارجي،
كل فرد من أسرتي،
عندما يدخل للبيت،
يقوم بتبديل قناع الرسميات،
بقناع الأسرة،
نتصنّع البسمة في وجوه بعضنا،
نتجاذب أطراف الحديث المملّة،
نتكلّم بسطحية،
ونترك الأمور العميقة،
الصريحة المهمّة،
أعود لغرفتي،
أذهب لأخلع قناعي،
وأنظر لوجهي في المرآة،
وأجده متشقق من الآلام،
جاف من المشاعر،
مكوي من الدموع الحارقة،
أذهب لأضع رأسي على المخدّة،
وأجهش بالبكاء،
كالطّفل الصغير،
أبكي حتى لايبقى بي دمع وأنام.
هذا حبيبي كعادته،
يضع رأسه بحضني،
يبكي ويشكي لي بصمت عن معاناته،
لست متضايقة من همومه،
بالعكس سعيدة،
لكوني بجانبة عندما يحتاجني،
يغرقني بدموعه الحارّة،
فأفيض له بالحنان،
أغني له بصمت،
حتى يذهب لعالم الأحلام،
ويعود في اليوم الآخر يستيقظ وهو سعيد،
ولكن للأسف دائماً يلبس قناعة،
وهذا القناع اللذي يرهقه ويبكيه،
هذه الليلّة سأخبر المنبّه ألا يعمل،
لعلّه يذهب لحياته دون أن يرتدي قناعه،
قد وافق المنبّه،
جميل لننتظر الصباح.
آه،
لقد كانت نومة مريحة،
كم الساعة،
الثامنة والنصف!!!!،
يااه ليس لدي وقت،
لأسرع لعملي،
وبسرعة عجيبة أصل هناك،
لأذهب لمكتبي.
وهو في طريقة،
يستغرب من تعليقات الموّظفين،
"مابك تبدو منهكاً اليوم"،
"يوجد شيء غريب بك اليوم"،
"هل أنت بخير، وجهك مصفر"،
ويصل لمكتبه وهو متعجّب من اللذي حدث.
ماذا بهم اليوم!؟
هل وجهي لهذه الدرجة غريب!؟،
لأنظر في المرآة،
ياه أبدو فضيعاً بشكل،
تباً!!،
لقد نسيت وضع قناعي،
وهو القناع المزيّف الوهمي،
اللذي أقوم بوضعه علي في كلّ يوم،
مالعمل لدي إجتماع مهم،
ووجهي مليء بالحزن.
وبعد يوم عمل شاق يعود لبيته،
وعندما يرى والدته،
تسأله "هل أنت بخير ياعزيزي!؟"،
من دون أن يشعر يبكي،
ويحتضنها،
"أماه إني متعب!!"،
ومع بكائه اذا بقناع والدته يسيح،
ليظهر وجهها الملائكي التي خبأته،
كي لايستغلها الناس،
وتحتضنه بعمق وتضع رأسه على رجلها،
تداعب شعره كالطفل،
وظلّ يبكي حتى إختفى كل ألم به،
بعد حالة البكاء قبّل قدم والدته ورأسها،
ثم إنصرف ليذهب لغرفته،
ووضع رأسه على المخدّة ولم يبكي،
فقد غسل وجهه بدموع الأمان والرّاحة،
ونام بهدوء تام وطمأنينة،
وهو يسمع مخدّته تهمس،
"أهلاً بعودتك ياعزيزي".
ختام:
أحياناً من كثر الهموم والأحزان،
نختار أن نضع أقنعة نحتمي خلفها،
ليوم معيّن،
ولكن ندمنها لسهولة الأمر في البداية،
ولكن مع الوقت يصبح الوضع مؤلماً بائساً،
ويبتدي الآخرون بوضع أقنعتهم لمقابلتنا،
كحال الحفلات التنكّرية،
فلكي تقترب لشخص،
عليك أولاً أن تضع جانباً،
أقنعتك الدفاعية،
لتفز بإنسان،
يشاركك حلو الحياة ومرّها.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي ككل يوم،
أرجع للبيت،
بعد يوم مليء بالزيف،
إبتسامات مفبركة،
أحاديث منمّقة،
وأقنعة بالية،
أعود للبيت،
وليس بيتي أفضل من العالم الخارجي،
كل فرد من أسرتي،
عندما يدخل للبيت،
يقوم بتبديل قناع الرسميات،
بقناع الأسرة،
نتصنّع البسمة في وجوه بعضنا،
نتجاذب أطراف الحديث المملّة،
نتكلّم بسطحية،
ونترك الأمور العميقة،
الصريحة المهمّة،
أعود لغرفتي،
أذهب لأخلع قناعي،
وأنظر لوجهي في المرآة،
وأجده متشقق من الآلام،
جاف من المشاعر،
مكوي من الدموع الحارقة،
أذهب لأضع رأسي على المخدّة،
وأجهش بالبكاء،
كالطّفل الصغير،
أبكي حتى لايبقى بي دمع وأنام.
هذا حبيبي كعادته،
يضع رأسه بحضني،
يبكي ويشكي لي بصمت عن معاناته،
لست متضايقة من همومه،
بالعكس سعيدة،
لكوني بجانبة عندما يحتاجني،
يغرقني بدموعه الحارّة،
فأفيض له بالحنان،
أغني له بصمت،
حتى يذهب لعالم الأحلام،
ويعود في اليوم الآخر يستيقظ وهو سعيد،
ولكن للأسف دائماً يلبس قناعة،
وهذا القناع اللذي يرهقه ويبكيه،
هذه الليلّة سأخبر المنبّه ألا يعمل،
لعلّه يذهب لحياته دون أن يرتدي قناعه،
قد وافق المنبّه،
جميل لننتظر الصباح.
آه،
لقد كانت نومة مريحة،
كم الساعة،
الثامنة والنصف!!!!،
يااه ليس لدي وقت،
لأسرع لعملي،
وبسرعة عجيبة أصل هناك،
لأذهب لمكتبي.
وهو في طريقة،
يستغرب من تعليقات الموّظفين،
"مابك تبدو منهكاً اليوم"،
"يوجد شيء غريب بك اليوم"،
"هل أنت بخير، وجهك مصفر"،
ويصل لمكتبه وهو متعجّب من اللذي حدث.
ماذا بهم اليوم!؟
هل وجهي لهذه الدرجة غريب!؟،
لأنظر في المرآة،
ياه أبدو فضيعاً بشكل،
تباً!!،
لقد نسيت وضع قناعي،
وهو القناع المزيّف الوهمي،
اللذي أقوم بوضعه علي في كلّ يوم،
مالعمل لدي إجتماع مهم،
ووجهي مليء بالحزن.
وبعد يوم عمل شاق يعود لبيته،
وعندما يرى والدته،
تسأله "هل أنت بخير ياعزيزي!؟"،
من دون أن يشعر يبكي،
ويحتضنها،
"أماه إني متعب!!"،
ومع بكائه اذا بقناع والدته يسيح،
ليظهر وجهها الملائكي التي خبأته،
كي لايستغلها الناس،
وتحتضنه بعمق وتضع رأسه على رجلها،
تداعب شعره كالطفل،
وظلّ يبكي حتى إختفى كل ألم به،
بعد حالة البكاء قبّل قدم والدته ورأسها،
ثم إنصرف ليذهب لغرفته،
ووضع رأسه على المخدّة ولم يبكي،
فقد غسل وجهه بدموع الأمان والرّاحة،
ونام بهدوء تام وطمأنينة،
وهو يسمع مخدّته تهمس،
"أهلاً بعودتك ياعزيزي".
ختام:
أحياناً من كثر الهموم والأحزان،
نختار أن نضع أقنعة نحتمي خلفها،
ليوم معيّن،
ولكن ندمنها لسهولة الأمر في البداية،
ولكن مع الوقت يصبح الوضع مؤلماً بائساً،
ويبتدي الآخرون بوضع أقنعتهم لمقابلتنا،
كحال الحفلات التنكّرية،
فلكي تقترب لشخص،
عليك أولاً أن تضع جانباً،
أقنعتك الدفاعية،
لتفز بإنسان،
يشاركك حلو الحياة ومرّها.
فيصل...
الاثنين، 25 فبراير 2013
الوجه الآخر للحب...
الوجه الآخر للحب... "٢١"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد المقاهي الشعبية،
يدخل رجل كعادته،
شاب في أواخر العشرينات،
حسن الثياب،
ملامحة عادية،
إبتسامته بشوشة،
يحيّي الجميع بدخوله،
ويردوّن عليه التحيّة،
كشخص إعتاد المكان منذ فترة،
يذهب ليجلس بمكانه المعهود،
فيجلبون له طلبه المعتاد،
كوب القهوة،
وشيشة "السلوّم"،
ويبتدي في التأمل كعادته،
بعد أول رشفة له من القهوة،
ولحظة إخراج أول نفس له من الدّخان.
ياه كانت الأيام الماضية متعبة،
العمل والرسميات المتتالية،
كم انا بحاجة لبضع لحظات من الرّاحة،
أعشق هذا المقهى فهو هادئ،
ليس كباقي المقاهي التي تعج بالزبائن،
وصوت الموسيقى يكاد يفقع طبلة أذني،
كما قيل لي أنا رجل من الطراز القديم،
أعشق الفن القديم الهادئ.
وبينما هو غارق بتأملاته،
يشدّ إنتباهه شخص،
كان قد شدّ إنتباهه في الأيام الماضية.
هذا هو..!؟
في نفس المكان ونفس طريقة الجلوس،
ذلك العجوز دائماً أراه هنا،
يجلس ويأتون له بالقهوة،
يحتسي بعضاً منها،
ويتركها حتى تفتر،
ويلعب بطرف "شماغه"،
ويتأمله بعمق،
ثم يقبّله وشفاهه ترتجف،
كأنما يحبس دمعة تكاد تهرب،
فعلاً أن أمره عجيب،
لاسأل عماد عن موضوعه،
"عماد..!!".
كان عماد،
أحد الشبّان اللذين يعملون في المقهى،
يأتي عماد ويجيبه،
"نعم ، هل كل شيء كما تريد"،
يطمأنه بأن كل شيء كذلك ثم يسأل،
"ما أمر ذلك الشيخ اللذي يجلس هناك!؟"،
ينظر عماد لإتجاه عيون الرجل،
يرى العجوز ويجيب،
"هذا الرجل يأتي لهذا المكان،
حتى قبل أن أعمل به،
لا أعلم قصّته،
لكن صاحب المقهى طلب أن نعطيه مايريد،
من غير أن نأخذ منه المال،
ولايطلب غير القهوة."،
زاد فضول الرجل وشكر عماد على خدمته،
إنتظر قليلاً ثم عزم أمره،
وذهب للعجوز.
"صباح الخير ياعم.."،
لماذا لا يجيب لأكررها،
"ياعم صباح الخير..!!"،
"أهلاً يابني صباح النور"،
كأنني إنتشلته من عالمٍ آخر،
لأعرف عن نفسي،
"أسمي "جمال" ياعم"،
كأنه يفكّر بكلامي،
كشخص لم يعتاد الحديث منذ زمن،
"أهلاً ياجمال ، إسمي "خالد- أبو محمد"،
ياه صوته هادئ وحنون،
"تشرفنا ياعم أبا محمد،
هل لي بالجلوس معك"
ينظر للمقهى كأنه مستغرب من طلبي،
ولا ألومه فالمقهى شبه فاضي هذه الفترة،
"تفضّل إجلس يابني"،
لا أريد مضايقته لذا سأجلس بجوارة،
كي لايشعر بأنني أحمق يحقق بأمره،
"هذا الصباح جميل، أليس كذلك!؟"،
عماد يحضر طلبي من الطاولة الأخرى،
ويجيب علي الشيخ كمن لايهتم،
"إنه ككل صباح ياجمال"،
لأجعله يرتاح لي قليلاً،
"نعم فالصباحات تتشابه،
ولكن حالياً أشعر بالتعب،
فقد إنهمكت بأشغالي،
حتى لم يبقى لي وقت لأتمتّع بصباح كهذا"،
كأنه يسترجع أمور في رأسه،
"أعتقد أن الشباب فترة مثيرة"،
جميل فقد فتح لي المجال،
"إذاً فشبابك كان مثيراً ، ها!؟"،
أبتسم له إبتسامة شيطانية ليعرف المغزى،
"أعتقد أنه كان كذلك،
لكن لم يعد يهم الآن"،
ياه كأنه يحمل هموم الكون على كتفه،
لأصارحه بما أريد،
"الحقيقة ياعم خالد،
أنني آتي لهذه القهوة منذ مدّة،
وقد لفت إنتباهي جلوسك هنا،
كلّ يوم بنفس التأملات،
بنفس الوضع،
بمثل كوب القهوة هذا."
كأن كلامي لم يعجبه،
وأرجعه لعالم التأملات،
لأسألة بوضوح،
"هل لي معرفة حكايتك ياعم خالد!"،
يتنهّد تنهيدة طويلة،
"آه، هل حقاً تريد ذلك يابني،
فحكايتي ليست سعيدة."،
جميل الآن ربما سيخبرني،
"لاعليك فلدي متّسع من الوقت،
ولم آتي للبحث عن الحكاية السعيدة،
فقط أردت أن أستمع لك،
ولسبب جلوسك في هذا المكان كلّ يوم."،
عاد ينظر لشماغه،
ويقبّل طرفه أو يشتم رائحته،
"حسناً يابني فلتستمع إذاً لحكايتي".
وهنا بدأ العجوز يحكي حكايته،
وهو يقول..
منذ زمن بعيد،
كنت شاباً يحب المغامرة،
دائم البحث عن الإثارة،
وذلك أوقعني في كثير من المشاكل،
كنت كأي شاب في مثل عمري،
ولكن لم أكن كاذباً ولا مخادعاً،
ولا حتى جباناً،
كانت حياتي باختصار مغامرة،
واللذي كان يحرّكها،
هو الحب،
الحب لفتاة جميلة،
عشقتها منذ نعومة أظفارها،
كانت هذه الفتاة هي إبنة عمّتي،
عشنا في بيت واحد منذ الصغر،
كانا والداها مطلّقان،
لذا عاشت هي وأمها معنا،
وكانت إبنتها الوحيدة،
كنت أحبّها كأختي،
ثم هذا الحب تطوّر حتى صار عشقاً،
أتذكّر عندما بدأت بلبس الشماغ،
وهي كانت ترتدي حجابها أمامي،
كانت تخبرني بكل تفاصيل حياتها،
وأحياناً عندما تبكي،
كنت أمسح دمعها بطرف شماغي،
لذلك تجدني دائماً أقبّل ذلك الطرف،
لا تعتبر يابني أن حبّي لها،
كان نزوة لمجرّد الجنس،
لا والله،
فقد كان حبّاً طاهراً كل الطهر،
ولكن في يوم رأت عمّتي جلساتنا المطوّلة معاً،
وحالها كحال أي أم خافت،
خافت أن يخدعنا الشيطان،
لذلك،
عندما كنت في أواخر العقد الثاني من عمري،
طلبت أمّها من والدها ، "طليقها"،
أن يأخذ إبنته لتعيش معه،
وفعل،
كذلك خوفاً من أن يحدث أمر لايحمد عقباه،
وكنت أعشقها كثيراً،
ولم أكن لأؤذيها بأي شكل،
ولكن هذه حال الوالدين وخوفهم،
أخبرت أبي بأني أريدها زوجه لي،
رفض..
وقلت لعمّتي،
عمّاه أريد الزواج بها،
لاتحرميني منها،
فقالت ذلك رأي أباها،
وعدت لوالدي لأستعلم عن سبب رفضه،
فأخبرني أن أكوّن نفسي قبلاً،
وأني لازلت صغيراً،
رضخت لأمره،
وفعلت ماطلب منّي،
كنت أبعث لها بالرسائل،
وبعد فترة علم والدها بالأمر،
وبلّغ عمّتي التي بلّغت والدي،
فغضب وضربني،
وحذّرني ألا أفعل،
وكنت أستخدم أختي كرسول بيننا،
عندما تزورهم،
وهي الوحيدة غير والدي ووالداها،
اللذين يعلمون بأمرنا،
وبعد الثانوية،
ذهبت لأدرس بالخارج،
على نفقة الدولة بسبب درجاتي العالية،
في البداية رفضت،
ولكن إنصياعاً لأوامر والديّ،
ذهبت فقد أرادوا لي النجاح،
وانا بالخارج،
كنت أرسل لأهلي الخطابات،
وأرسل لأختي خطابات مشفّرة،
على هيئة أشعار،
أو أكتب بالانجليزية لها،
كي توصل رسائلي لها،
وتخبرني بأمرها،
وبعد حين لم تصلني خطابات من أختي،
صبرت على السنوات الثلاث الباقية،
كأنها الدهر،
وعدت للبلاد خريجاً،
وعندما إستقبلني أهلي،
وأنتهينا من ذلك وأنا في أسوأ مراحل صبري،
هرعت لأختي،
كي تخبرني أن حبيبتي "عشيقتي"،
قد..
قد...
تزوّجت من أبن عمّها،
ويوم زفافها هو اليوم،
لم أعي ماقالت،
وصرخت بها أين الفرح،
أين أخبريني،
أرجوك أختاه قولي لي أين هي،
قالت لماذا،
ماذا ستفعل يامجنون،
ظهرت دموعي وانا أصرخ أرجوك،
قولي لي ماالذي حدث،
أين!! أرجوك أقبلّك أختاه،
أحلّفك بالله قولي لي،
فقالت أنهم في ذلك المكان،
بسبب صدمتي رحت أركض،
حتى لم أنتعل حذائي،
وصلت لمكان الفرح،
ورأيت أسم العريس،
وهو أحد أبناء عمومتها،
سقطت على ركبتي،
قدماي تفطرّت ونزفت دم،
عيوني لا تغمض والدموع تنساب منها،
فمي مفتوح لأقصاه،
وانا أصرخ لا،
لااااااا..
وهنا توّقف أبا محمد،
ليمسح دموعه التي باغتته،
وليستجمع قواه،
وجمال ينظر له وقد إجتمع الدمع بمقلتيه،
وكأنه في لحطة وعي عاد للواقع،
صرخ بعماد أن يحضر منديلاً،
وماء وعصير ليمون ليهدئ من روعه،
من روع هذا الرجّل اللذي أصبح كالطفل أمامه،
وبعد لحظات هدوء وصمت،
تنهّد أبا محمد وأستأنف حديثة.
سامحني يابني،
لازلت ضعيفاً أمام هذا الأمر،
لنرجع نكتمل الحديث،
كنت أمام فرحهم وبداخلي أحزان،
أنظر لزينة الفرح،
وقلبي يتقطّع ملايين القطع،
أنظر من بعيد،
الناس تغنّي بسعادة،
"ليلة سعيدة ليلتك ياعريس"،
وبداخلي أصرخ،
"نعم ليلتك سعيدة ياعريس،
وليلتك تعيسة ياخالد."،
جلست هناك لا أعلم كم من الوقت،
حتى لم أشعر إنطفأت الأنوار،
وحلّ الصمت في المكان،
وكان كلّ من يمر بجاني،
يعتبرني مجنون،
لم اشأ أن أقول لهم من أنا،
خوفاً على شرفها،
بعد أن عاد وعيي وجفّ دمعي،
عدت للبيت،
ورأيت أختي بانتظاري،
رأت حالي،
ظمتني بقوّة وهي تبكي،
ودموعي لم أشعر إن كانت تنهر أم لا،
فقد تبلدت مشاعري،
قبلّت رأسي وقالت،
"لا عليك يا أخي قسمة ونصيب"،
لم أهتم لكلامها وسألت،
"أين والديّ!؟"،
قالت أخبرتهم،
"أنك في فراشك منهك من السفر،
فلا تقلق وأذهب لتستريح."،
قبلّت جبينها على مافعلت،
وانا ذاهب قلت لها،
"منذ اليوم لن أجد الراحة".
في هذا اللحظة عاد ابا محمد يتأمل،
ويقبّل طرف شماغة،
لم يدري جمال مايقول،
ولكن تكلّم،
"ياه يا ابا محمد،
فإنني لا ألومنك على ماحدث."،
فردّ الشيخ،
"لم تنتهي القصّة ياعزيزي بعد."،
واستأنف يحكي الحكاية.
بعد تلك الليلة،
لم أعد أهتم لشيء،
كنت مقهوراً،
لأنني توّقعت أنها لم تكن تحبّني،
ولم تهتم لحالي كما إهتممت لها،
وكنت غاضب،
وبعد مرور سنة حدث أمر،
جعلني أفقد،
كل مابي من شعور،
إلا الحزن والندّم،
أتت أختي،
ووجهها تشوّه من البكاء،
وتخبرني بصوت خشنّته الصرخات،
"خالد...... لقد ماتت"،
لم أفهم ماتعنيه،
وأكملت تصرخ باكية،
مدّت لي دفتر كتب عليه،
خاص لفلانه "أختي"،
والدفتر من نوع المذكرات التي لها قفل،
أخذتها وأنا لا أفهم،
"ماذا حدث ، مابك أختاه!؟"،
هربت وقبل أن تهرب قالت،
"إقرأه وستعلم"،
عدت لغرفتي،
إستخدمت المفتاح اللذي أعطتني أختي،
فتحت اول صفحة بالدفتر،
وقرأت ماكتب،
"فلانه هذه المذكرّات،
ليس لها غير مفتاحين،
الأول معي،
والآخر معك لمثل هذا اليوم،
ومفتاحي مخبّأ،
حيث لن يعرف مكانه أحد،
وبما أن الدفتر بيدك،
ذلك يعني أنني فارقت الحياة"،
توّقفت أسترجع أنفاسي،
وأتذكّر ماقالته أختي ل "لقد ماتت"،
أكملت القراءة،
"وبما أنني قد فارقت الحياة،
فهذه المذكّرات قد كتبتها،
للرجل الوحيد اللذي سكن قلبي،
وهو خالد،
أرجوك الا تقرأيها وأعطيها لخالد.
المخلصة: "أسم حبيبتي..."."،
صعقت وتأثرت سال دمعي،
عضضت شفاهي حتى أدمت،
وبدأت أقرأ ومع كل حرف أتنهّد،
وبعد كل سطر أصرخ،
ياه للحب اللذي أهدتني إياه،
يالدنائتي حين شككت بحبّها،
أخبرتني بتفاصيل كثيرة،
ومعاناتها،
وآلامها وأحزانها،
قرأت كل شيء وشعرت كما شعرت هي به،
وكان شعورها أشد قسوة من شعوري،
حتّى أن عنائي لايذكر لها،
لقد حفظت تلك الصفحات بقلبي،
وسأخبرك ببعض منها.
أحبّك خالد،
نعم هذه الكلمة الوحيدة،
لا يستحقّها سواك،
لقد بدأت بكتابة هذه المذكّرات،
بعد أن أنقطعت أخبارك،
يقولون أهلي أنك مللت منّي،
وانا أعلم أنهم يكذبون،
فمحال أن يتركني خالد.
خالد أشتاق لك كثيراً،
أكاد أجن بسبب هذا الإشتياق،
ياه كم أريدك أن تمسح مدمعي،
بطرف شماغك،
أحبّك خالد.
خالد لقد علمت أنك سافرت لتدرس بالخارج،
تمنيّت لو كنت معك في سفرك،
كم سيكون جميلاً وجودك بجانبي،
بعيد عن هذا الظلم،
وفقّك الله حبيبي،
أشتاق لك ياخالد.
خالد..
لقد وافق أبي على خطبتي من إبن عمّي،
لقد رفضت وصرخت وبكيت،
ولم يرضى أبي وضربني،
فكرت بالانتحار،
لكن لم اشأ أن أوجع قلبك بموتي،
أحتاج لك خالد.
خالد حفل زفافي غداً،
وغداً ستعود للبلاد،
يالسخرية القدر القاسية،
خالد كم أريدك أن تكون أنت زوجي،
من يزفّوني إليه غداً،
خالد انا لك وحدك.
خالد لقد مرّ شهر على زفافي،
زوجي رجل صالح،
وطيّب وحنون،
ويحبّني كثيرا،
وحاولت أن أوفي عهدي كزوجة،
ولكنّي أشعر بالذنب،
لأنني لم أستطع أن أبادله الحب،
وكيف أفعل وأنت وحدك من في قلبي،
أتمنّى أن تكون بخير،
مجنونة بك ياخالد.
خالد انا حامل،
تمنيّت لو كان إبنك اللذي يحيا في بطني،
ولكن شائت الأقدار،
أحبّك خالد.
خالد لقد قرّبت موعد ولادتي،
يقولون أن الجنين في حالة خطرة،
ربمّا أموت في خلال الإنجاب،
إن مت سأكون شهيدة بإذن الله،
وأطلب من الله أن يشفع لك.
خالد غداً موعد العملية،
إن كان هذا آخر ما أكتب،
أتمنى من الله،
أن يجمعني بك في جنّته،
إلى اللقاء من قسوة الدنيا،
إلى لقاء تحت رحمة الرحمن،
أحبّك خالد..
هنا بدأ جمال بذرف الدموع،
كما فعل الرجّل اللذي أمامه،
فلم يستطع إحتمال كميّة المشاعر،
اللتي إنهملت عليه،
ثم عاد ابا محمد ليقول،
"أتعلم ماهي الطامّة"،
"ماذا!؟"،
سأل جمال وهو يكبح شهقات البكاء،
"أن زوجها سمّى إبنه "خالد" تلبية لطلبها"،
ترك جمال شهقة تخرج منه على هذه المعلومة،
بعد فترة هدؤوا،
ثم قال خالد لجمال،
يستأنف ماتبقّى من القصّة.
بعد موتها بفترة ذهبت لبيت زوجها،
ودخلت عليه المجلس،
وأكرمني،
ثم عزيّته بفقديتنا انا واياه،
وقلت له،
يا ابا خالد،
اتيتك اليوم لأخبرك بأمر،
فقال "تفضّل"،
فققصت الحكاية من بدايتها،
حتى أنتهيت وقلت له،
هذه رقبتي فأفعل بي ما أنت فاعل،
وضع يده على كتفي وأحتضنني،
وقال وهو يبكي،
"سامحني ياخالد،
ولتسامحني أم خالد،
فلم يكن لي علم بما حدث،
وليرحمها الله وليعفو عنّي،
ولتعفوون عنّي أنتما أيضاً،
فقد كانت أم خالد،
رحمها الله لم ترفض لي طلب،
وعاملتني أحسن معاملة،
حتى إنني كنت أتوّقع أنها ملاك،
وفعلاً أنها ملاك،
وياخالد لست أريد منك شيء،
سوى غفرانك لي"،
صعقت لكلامه ولم ألم ام خالد بما كتبت عنه،
فقد كان رجل بمعنى الكلمة،
ويملك قلب لايملكه سواه،
حتى أنني ضننته ملاكاً،
فقام وأحضر خالد،
وقال،
"خذ ياخالد قبّل إبنها"،
فقبلّته وانا أبكي،
ثم تركته لأذهب،
فقال،
"تعال متى أردت ياصديقي،
لأي شيء تريده،
حتى خالد إعتبره إبنك"،
قبلّت رأسه وأحتضنتهما بشدّة،
وقلت له لا والله هذا إبنك،
وانت كان من نصيبك ان تكون لك في الدنيا،
وبإذن ربّي ستكون لي بالآخرة،
ومرّت السنين تزوجت وانجبت،
واحببت زوجتي وعاملتها في مكانها،
ولازال قلبي معها،
حتى أنني أتصدّق بأسمها،
وهذه يابني حكايتي،
وعذراً على الإطالة عليك،
بتخاريف عجوز خرف.
قام جمال وقبّل رأس الشيخ،
وقال،
"أشكرك من قلبي يا أبا محمد،
لقد..."،
سكت جمال ثم أكمل،
"لقد عيّشتني أجمل حالة من الحب،
وانا لذلك مدين لك مدى الحياة"،
قبّله خالد وسكت،
ذهب جمال لحياته،
وبقى خالد يتأمل بحياته،
ويقبّل شماغة،
ومنذ ذلك اليوم أصبح خالد وجمال صديقان،
حتى توفي خالد وفي يوم دفانه،
دعى له جمال،
"ربي أجمعه بمن يشتاق له،
وتشتاق له،
ربي أنت أرحم الرحمين"،
وعاد جمال لبيته،
ولم يبكي يومها،
لأنه كان يوماً سعيداً،
حيث أخيراً،
وبمشيئة ربّي،
سيجتمعان في جنّته.
ختام:
الحب من أسمى المعاني،
لا تستغلوه بالسوء،
ولاتجعل كلّ حب،
كما يستغلّه القذرين،
ولاتنظروا له كالقذارة،
الحب طاهر،
ولكن بعض من البشر يدنّسه،
لذلك حاولوا أن تتركوه بطهارته،
أحبكّم جميعاً
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد المقاهي الشعبية،
يدخل رجل كعادته،
شاب في أواخر العشرينات،
حسن الثياب،
ملامحة عادية،
إبتسامته بشوشة،
يحيّي الجميع بدخوله،
ويردوّن عليه التحيّة،
كشخص إعتاد المكان منذ فترة،
يذهب ليجلس بمكانه المعهود،
فيجلبون له طلبه المعتاد،
كوب القهوة،
وشيشة "السلوّم"،
ويبتدي في التأمل كعادته،
بعد أول رشفة له من القهوة،
ولحظة إخراج أول نفس له من الدّخان.
ياه كانت الأيام الماضية متعبة،
العمل والرسميات المتتالية،
كم انا بحاجة لبضع لحظات من الرّاحة،
أعشق هذا المقهى فهو هادئ،
ليس كباقي المقاهي التي تعج بالزبائن،
وصوت الموسيقى يكاد يفقع طبلة أذني،
كما قيل لي أنا رجل من الطراز القديم،
أعشق الفن القديم الهادئ.
وبينما هو غارق بتأملاته،
يشدّ إنتباهه شخص،
كان قد شدّ إنتباهه في الأيام الماضية.
هذا هو..!؟
في نفس المكان ونفس طريقة الجلوس،
ذلك العجوز دائماً أراه هنا،
يجلس ويأتون له بالقهوة،
يحتسي بعضاً منها،
ويتركها حتى تفتر،
ويلعب بطرف "شماغه"،
ويتأمله بعمق،
ثم يقبّله وشفاهه ترتجف،
كأنما يحبس دمعة تكاد تهرب،
فعلاً أن أمره عجيب،
لاسأل عماد عن موضوعه،
"عماد..!!".
كان عماد،
أحد الشبّان اللذين يعملون في المقهى،
يأتي عماد ويجيبه،
"نعم ، هل كل شيء كما تريد"،
يطمأنه بأن كل شيء كذلك ثم يسأل،
"ما أمر ذلك الشيخ اللذي يجلس هناك!؟"،
ينظر عماد لإتجاه عيون الرجل،
يرى العجوز ويجيب،
"هذا الرجل يأتي لهذا المكان،
حتى قبل أن أعمل به،
لا أعلم قصّته،
لكن صاحب المقهى طلب أن نعطيه مايريد،
من غير أن نأخذ منه المال،
ولايطلب غير القهوة."،
زاد فضول الرجل وشكر عماد على خدمته،
إنتظر قليلاً ثم عزم أمره،
وذهب للعجوز.
"صباح الخير ياعم.."،
لماذا لا يجيب لأكررها،
"ياعم صباح الخير..!!"،
"أهلاً يابني صباح النور"،
كأنني إنتشلته من عالمٍ آخر،
لأعرف عن نفسي،
"أسمي "جمال" ياعم"،
كأنه يفكّر بكلامي،
كشخص لم يعتاد الحديث منذ زمن،
"أهلاً ياجمال ، إسمي "خالد- أبو محمد"،
ياه صوته هادئ وحنون،
"تشرفنا ياعم أبا محمد،
هل لي بالجلوس معك"
ينظر للمقهى كأنه مستغرب من طلبي،
ولا ألومه فالمقهى شبه فاضي هذه الفترة،
"تفضّل إجلس يابني"،
لا أريد مضايقته لذا سأجلس بجوارة،
كي لايشعر بأنني أحمق يحقق بأمره،
"هذا الصباح جميل، أليس كذلك!؟"،
عماد يحضر طلبي من الطاولة الأخرى،
ويجيب علي الشيخ كمن لايهتم،
"إنه ككل صباح ياجمال"،
لأجعله يرتاح لي قليلاً،
"نعم فالصباحات تتشابه،
ولكن حالياً أشعر بالتعب،
فقد إنهمكت بأشغالي،
حتى لم يبقى لي وقت لأتمتّع بصباح كهذا"،
كأنه يسترجع أمور في رأسه،
"أعتقد أن الشباب فترة مثيرة"،
جميل فقد فتح لي المجال،
"إذاً فشبابك كان مثيراً ، ها!؟"،
أبتسم له إبتسامة شيطانية ليعرف المغزى،
"أعتقد أنه كان كذلك،
لكن لم يعد يهم الآن"،
ياه كأنه يحمل هموم الكون على كتفه،
لأصارحه بما أريد،
"الحقيقة ياعم خالد،
أنني آتي لهذه القهوة منذ مدّة،
وقد لفت إنتباهي جلوسك هنا،
كلّ يوم بنفس التأملات،
بنفس الوضع،
بمثل كوب القهوة هذا."
كأن كلامي لم يعجبه،
وأرجعه لعالم التأملات،
لأسألة بوضوح،
"هل لي معرفة حكايتك ياعم خالد!"،
يتنهّد تنهيدة طويلة،
"آه، هل حقاً تريد ذلك يابني،
فحكايتي ليست سعيدة."،
جميل الآن ربما سيخبرني،
"لاعليك فلدي متّسع من الوقت،
ولم آتي للبحث عن الحكاية السعيدة،
فقط أردت أن أستمع لك،
ولسبب جلوسك في هذا المكان كلّ يوم."،
عاد ينظر لشماغه،
ويقبّل طرفه أو يشتم رائحته،
"حسناً يابني فلتستمع إذاً لحكايتي".
وهنا بدأ العجوز يحكي حكايته،
وهو يقول..
منذ زمن بعيد،
كنت شاباً يحب المغامرة،
دائم البحث عن الإثارة،
وذلك أوقعني في كثير من المشاكل،
كنت كأي شاب في مثل عمري،
ولكن لم أكن كاذباً ولا مخادعاً،
ولا حتى جباناً،
كانت حياتي باختصار مغامرة،
واللذي كان يحرّكها،
هو الحب،
الحب لفتاة جميلة،
عشقتها منذ نعومة أظفارها،
كانت هذه الفتاة هي إبنة عمّتي،
عشنا في بيت واحد منذ الصغر،
كانا والداها مطلّقان،
لذا عاشت هي وأمها معنا،
وكانت إبنتها الوحيدة،
كنت أحبّها كأختي،
ثم هذا الحب تطوّر حتى صار عشقاً،
أتذكّر عندما بدأت بلبس الشماغ،
وهي كانت ترتدي حجابها أمامي،
كانت تخبرني بكل تفاصيل حياتها،
وأحياناً عندما تبكي،
كنت أمسح دمعها بطرف شماغي،
لذلك تجدني دائماً أقبّل ذلك الطرف،
لا تعتبر يابني أن حبّي لها،
كان نزوة لمجرّد الجنس،
لا والله،
فقد كان حبّاً طاهراً كل الطهر،
ولكن في يوم رأت عمّتي جلساتنا المطوّلة معاً،
وحالها كحال أي أم خافت،
خافت أن يخدعنا الشيطان،
لذلك،
عندما كنت في أواخر العقد الثاني من عمري،
طلبت أمّها من والدها ، "طليقها"،
أن يأخذ إبنته لتعيش معه،
وفعل،
كذلك خوفاً من أن يحدث أمر لايحمد عقباه،
وكنت أعشقها كثيراً،
ولم أكن لأؤذيها بأي شكل،
ولكن هذه حال الوالدين وخوفهم،
أخبرت أبي بأني أريدها زوجه لي،
رفض..
وقلت لعمّتي،
عمّاه أريد الزواج بها،
لاتحرميني منها،
فقالت ذلك رأي أباها،
وعدت لوالدي لأستعلم عن سبب رفضه،
فأخبرني أن أكوّن نفسي قبلاً،
وأني لازلت صغيراً،
رضخت لأمره،
وفعلت ماطلب منّي،
كنت أبعث لها بالرسائل،
وبعد فترة علم والدها بالأمر،
وبلّغ عمّتي التي بلّغت والدي،
فغضب وضربني،
وحذّرني ألا أفعل،
وكنت أستخدم أختي كرسول بيننا،
عندما تزورهم،
وهي الوحيدة غير والدي ووالداها،
اللذين يعلمون بأمرنا،
وبعد الثانوية،
ذهبت لأدرس بالخارج،
على نفقة الدولة بسبب درجاتي العالية،
في البداية رفضت،
ولكن إنصياعاً لأوامر والديّ،
ذهبت فقد أرادوا لي النجاح،
وانا بالخارج،
كنت أرسل لأهلي الخطابات،
وأرسل لأختي خطابات مشفّرة،
على هيئة أشعار،
أو أكتب بالانجليزية لها،
كي توصل رسائلي لها،
وتخبرني بأمرها،
وبعد حين لم تصلني خطابات من أختي،
صبرت على السنوات الثلاث الباقية،
كأنها الدهر،
وعدت للبلاد خريجاً،
وعندما إستقبلني أهلي،
وأنتهينا من ذلك وأنا في أسوأ مراحل صبري،
هرعت لأختي،
كي تخبرني أن حبيبتي "عشيقتي"،
قد..
قد...
تزوّجت من أبن عمّها،
ويوم زفافها هو اليوم،
لم أعي ماقالت،
وصرخت بها أين الفرح،
أين أخبريني،
أرجوك أختاه قولي لي أين هي،
قالت لماذا،
ماذا ستفعل يامجنون،
ظهرت دموعي وانا أصرخ أرجوك،
قولي لي ماالذي حدث،
أين!! أرجوك أقبلّك أختاه،
أحلّفك بالله قولي لي،
فقالت أنهم في ذلك المكان،
بسبب صدمتي رحت أركض،
حتى لم أنتعل حذائي،
وصلت لمكان الفرح،
ورأيت أسم العريس،
وهو أحد أبناء عمومتها،
سقطت على ركبتي،
قدماي تفطرّت ونزفت دم،
عيوني لا تغمض والدموع تنساب منها،
فمي مفتوح لأقصاه،
وانا أصرخ لا،
لااااااا..
وهنا توّقف أبا محمد،
ليمسح دموعه التي باغتته،
وليستجمع قواه،
وجمال ينظر له وقد إجتمع الدمع بمقلتيه،
وكأنه في لحطة وعي عاد للواقع،
صرخ بعماد أن يحضر منديلاً،
وماء وعصير ليمون ليهدئ من روعه،
من روع هذا الرجّل اللذي أصبح كالطفل أمامه،
وبعد لحظات هدوء وصمت،
تنهّد أبا محمد وأستأنف حديثة.
سامحني يابني،
لازلت ضعيفاً أمام هذا الأمر،
لنرجع نكتمل الحديث،
كنت أمام فرحهم وبداخلي أحزان،
أنظر لزينة الفرح،
وقلبي يتقطّع ملايين القطع،
أنظر من بعيد،
الناس تغنّي بسعادة،
"ليلة سعيدة ليلتك ياعريس"،
وبداخلي أصرخ،
"نعم ليلتك سعيدة ياعريس،
وليلتك تعيسة ياخالد."،
جلست هناك لا أعلم كم من الوقت،
حتى لم أشعر إنطفأت الأنوار،
وحلّ الصمت في المكان،
وكان كلّ من يمر بجاني،
يعتبرني مجنون،
لم اشأ أن أقول لهم من أنا،
خوفاً على شرفها،
بعد أن عاد وعيي وجفّ دمعي،
عدت للبيت،
ورأيت أختي بانتظاري،
رأت حالي،
ظمتني بقوّة وهي تبكي،
ودموعي لم أشعر إن كانت تنهر أم لا،
فقد تبلدت مشاعري،
قبلّت رأسي وقالت،
"لا عليك يا أخي قسمة ونصيب"،
لم أهتم لكلامها وسألت،
"أين والديّ!؟"،
قالت أخبرتهم،
"أنك في فراشك منهك من السفر،
فلا تقلق وأذهب لتستريح."،
قبلّت جبينها على مافعلت،
وانا ذاهب قلت لها،
"منذ اليوم لن أجد الراحة".
في هذا اللحظة عاد ابا محمد يتأمل،
ويقبّل طرف شماغة،
لم يدري جمال مايقول،
ولكن تكلّم،
"ياه يا ابا محمد،
فإنني لا ألومنك على ماحدث."،
فردّ الشيخ،
"لم تنتهي القصّة ياعزيزي بعد."،
واستأنف يحكي الحكاية.
بعد تلك الليلة،
لم أعد أهتم لشيء،
كنت مقهوراً،
لأنني توّقعت أنها لم تكن تحبّني،
ولم تهتم لحالي كما إهتممت لها،
وكنت غاضب،
وبعد مرور سنة حدث أمر،
جعلني أفقد،
كل مابي من شعور،
إلا الحزن والندّم،
أتت أختي،
ووجهها تشوّه من البكاء،
وتخبرني بصوت خشنّته الصرخات،
"خالد...... لقد ماتت"،
لم أفهم ماتعنيه،
وأكملت تصرخ باكية،
مدّت لي دفتر كتب عليه،
خاص لفلانه "أختي"،
والدفتر من نوع المذكرات التي لها قفل،
أخذتها وأنا لا أفهم،
"ماذا حدث ، مابك أختاه!؟"،
هربت وقبل أن تهرب قالت،
"إقرأه وستعلم"،
عدت لغرفتي،
إستخدمت المفتاح اللذي أعطتني أختي،
فتحت اول صفحة بالدفتر،
وقرأت ماكتب،
"فلانه هذه المذكرّات،
ليس لها غير مفتاحين،
الأول معي،
والآخر معك لمثل هذا اليوم،
ومفتاحي مخبّأ،
حيث لن يعرف مكانه أحد،
وبما أن الدفتر بيدك،
ذلك يعني أنني فارقت الحياة"،
توّقفت أسترجع أنفاسي،
وأتذكّر ماقالته أختي ل "لقد ماتت"،
أكملت القراءة،
"وبما أنني قد فارقت الحياة،
فهذه المذكّرات قد كتبتها،
للرجل الوحيد اللذي سكن قلبي،
وهو خالد،
أرجوك الا تقرأيها وأعطيها لخالد.
المخلصة: "أسم حبيبتي..."."،
صعقت وتأثرت سال دمعي،
عضضت شفاهي حتى أدمت،
وبدأت أقرأ ومع كل حرف أتنهّد،
وبعد كل سطر أصرخ،
ياه للحب اللذي أهدتني إياه،
يالدنائتي حين شككت بحبّها،
أخبرتني بتفاصيل كثيرة،
ومعاناتها،
وآلامها وأحزانها،
قرأت كل شيء وشعرت كما شعرت هي به،
وكان شعورها أشد قسوة من شعوري،
حتّى أن عنائي لايذكر لها،
لقد حفظت تلك الصفحات بقلبي،
وسأخبرك ببعض منها.
أحبّك خالد،
نعم هذه الكلمة الوحيدة،
لا يستحقّها سواك،
لقد بدأت بكتابة هذه المذكّرات،
بعد أن أنقطعت أخبارك،
يقولون أهلي أنك مللت منّي،
وانا أعلم أنهم يكذبون،
فمحال أن يتركني خالد.
خالد أشتاق لك كثيراً،
أكاد أجن بسبب هذا الإشتياق،
ياه كم أريدك أن تمسح مدمعي،
بطرف شماغك،
أحبّك خالد.
خالد لقد علمت أنك سافرت لتدرس بالخارج،
تمنيّت لو كنت معك في سفرك،
كم سيكون جميلاً وجودك بجانبي،
بعيد عن هذا الظلم،
وفقّك الله حبيبي،
أشتاق لك ياخالد.
خالد..
لقد وافق أبي على خطبتي من إبن عمّي،
لقد رفضت وصرخت وبكيت،
ولم يرضى أبي وضربني،
فكرت بالانتحار،
لكن لم اشأ أن أوجع قلبك بموتي،
أحتاج لك خالد.
خالد حفل زفافي غداً،
وغداً ستعود للبلاد،
يالسخرية القدر القاسية،
خالد كم أريدك أن تكون أنت زوجي،
من يزفّوني إليه غداً،
خالد انا لك وحدك.
خالد لقد مرّ شهر على زفافي،
زوجي رجل صالح،
وطيّب وحنون،
ويحبّني كثيرا،
وحاولت أن أوفي عهدي كزوجة،
ولكنّي أشعر بالذنب،
لأنني لم أستطع أن أبادله الحب،
وكيف أفعل وأنت وحدك من في قلبي،
أتمنّى أن تكون بخير،
مجنونة بك ياخالد.
خالد انا حامل،
تمنيّت لو كان إبنك اللذي يحيا في بطني،
ولكن شائت الأقدار،
أحبّك خالد.
خالد لقد قرّبت موعد ولادتي،
يقولون أن الجنين في حالة خطرة،
ربمّا أموت في خلال الإنجاب،
إن مت سأكون شهيدة بإذن الله،
وأطلب من الله أن يشفع لك.
خالد غداً موعد العملية،
إن كان هذا آخر ما أكتب،
أتمنى من الله،
أن يجمعني بك في جنّته،
إلى اللقاء من قسوة الدنيا،
إلى لقاء تحت رحمة الرحمن،
أحبّك خالد..
هنا بدأ جمال بذرف الدموع،
كما فعل الرجّل اللذي أمامه،
فلم يستطع إحتمال كميّة المشاعر،
اللتي إنهملت عليه،
ثم عاد ابا محمد ليقول،
"أتعلم ماهي الطامّة"،
"ماذا!؟"،
سأل جمال وهو يكبح شهقات البكاء،
"أن زوجها سمّى إبنه "خالد" تلبية لطلبها"،
ترك جمال شهقة تخرج منه على هذه المعلومة،
بعد فترة هدؤوا،
ثم قال خالد لجمال،
يستأنف ماتبقّى من القصّة.
بعد موتها بفترة ذهبت لبيت زوجها،
ودخلت عليه المجلس،
وأكرمني،
ثم عزيّته بفقديتنا انا واياه،
وقلت له،
يا ابا خالد،
اتيتك اليوم لأخبرك بأمر،
فقال "تفضّل"،
فققصت الحكاية من بدايتها،
حتى أنتهيت وقلت له،
هذه رقبتي فأفعل بي ما أنت فاعل،
وضع يده على كتفي وأحتضنني،
وقال وهو يبكي،
"سامحني ياخالد،
ولتسامحني أم خالد،
فلم يكن لي علم بما حدث،
وليرحمها الله وليعفو عنّي،
ولتعفوون عنّي أنتما أيضاً،
فقد كانت أم خالد،
رحمها الله لم ترفض لي طلب،
وعاملتني أحسن معاملة،
حتى إنني كنت أتوّقع أنها ملاك،
وفعلاً أنها ملاك،
وياخالد لست أريد منك شيء،
سوى غفرانك لي"،
صعقت لكلامه ولم ألم ام خالد بما كتبت عنه،
فقد كان رجل بمعنى الكلمة،
ويملك قلب لايملكه سواه،
حتى أنني ضننته ملاكاً،
فقام وأحضر خالد،
وقال،
"خذ ياخالد قبّل إبنها"،
فقبلّته وانا أبكي،
ثم تركته لأذهب،
فقال،
"تعال متى أردت ياصديقي،
لأي شيء تريده،
حتى خالد إعتبره إبنك"،
قبلّت رأسه وأحتضنتهما بشدّة،
وقلت له لا والله هذا إبنك،
وانت كان من نصيبك ان تكون لك في الدنيا،
وبإذن ربّي ستكون لي بالآخرة،
ومرّت السنين تزوجت وانجبت،
واحببت زوجتي وعاملتها في مكانها،
ولازال قلبي معها،
حتى أنني أتصدّق بأسمها،
وهذه يابني حكايتي،
وعذراً على الإطالة عليك،
بتخاريف عجوز خرف.
قام جمال وقبّل رأس الشيخ،
وقال،
"أشكرك من قلبي يا أبا محمد،
لقد..."،
سكت جمال ثم أكمل،
"لقد عيّشتني أجمل حالة من الحب،
وانا لذلك مدين لك مدى الحياة"،
قبّله خالد وسكت،
ذهب جمال لحياته،
وبقى خالد يتأمل بحياته،
ويقبّل شماغة،
ومنذ ذلك اليوم أصبح خالد وجمال صديقان،
حتى توفي خالد وفي يوم دفانه،
دعى له جمال،
"ربي أجمعه بمن يشتاق له،
وتشتاق له،
ربي أنت أرحم الرحمين"،
وعاد جمال لبيته،
ولم يبكي يومها،
لأنه كان يوماً سعيداً،
حيث أخيراً،
وبمشيئة ربّي،
سيجتمعان في جنّته.
ختام:
الحب من أسمى المعاني،
لا تستغلوه بالسوء،
ولاتجعل كلّ حب،
كما يستغلّه القذرين،
ولاتنظروا له كالقذارة،
الحب طاهر،
ولكن بعض من البشر يدنّسه،
لذلك حاولوا أن تتركوه بطهارته،
أحبكّم جميعاً
فيصل...
الأحد، 24 فبراير 2013
البطّة والفراق...
البطّة والفراق...
قصّة قصيرة من "حياتي"....
عندما كنت صغيراً،
أحضر لي أخي الكبير،
بطّتين صغيرات،
كانتا أول الحيوانات الأليفة،
التي إقتنيتها،
أحببتهما كثيراً،
كنت أحافظ عليهم وأطعمهم،
ماتت واحدة وبقيت الأخرى،
كبرت قليلاً وزاد تعلّقي بها،
وبعد فترة،
كنت في مدينة الملاهي،
"يوم البحّار"،
إحدى مدن الملاهي المعروفة في الكويت،
تقع على شارع الخليج،
مدينة شعبية بسيطة،
جميلة وكنت أعشقها كثيراً،
وأعتقد إنني لازلت،
رغم إنني لم أطأها منذ مدّة،
لايهم،
عندما كنت هناك وانا صغير،
رأيت باعة "للحيوانات الأليفة"
ووجدت بائع للبط،
وكانت إحداها بعمر بطّتي،
إشتريتها كي تسليّها،
طبعاً اللذي شراها لي هذه المرّة،
والدي "رحمة الله عليه"،
كنت سعيداً جداً،
حيث أنني وجدت صديقة لبطّتي،
وخلال أقل من أسبوع نفقت البطَة الجديدة،
وبقت بطّتي فقط،
تكبر وتكبر،
حتى غدت كبيرة علي لحملها،
كنت أعشقها أيمّا عشق،
من الغريب إنني لم أطلق عليها إسم،
فقط كنت أناديها ببطّتي،
عندما يكون الشيء واحد فقط،
فلانحتاج للأسماء،
كما قلت لقد عشقتها،
كانت في مكان من بيتنا،
يسمّى "البخّار" أو الملحق،
يشبه الكراج تقريباً لبيتنا،
كنت آتي لها بالأكل،
وأحمّيها بحوض ماء،
إشتريته خصيصاً لها،
كانت تحبّني كذلك،
كل مادخلت عليها،
كانت تأتيني ركضاً،
تصرخ بصوتها المضحك،
"واك واك وااااك"،
كنت أداعبها وألعب معها،
تحوم من حولي على هيئة دوائر،
وأحياناً يكون معي،
قطعة من البطيّخ،
فكانت تأتي لتمسح رأسها عند قدمي،
فكنت أعطيها منه فتلتهمه،
كنت أتحدّث إليها،
عن كل شيء تقريباً،
ومع مرور الوقت أصبحت كبيرة جداً،
وقد تملّلوا منها أهلي،
حيث قالوا أنها توّسخ المكان،
وفي ذلك الوقت لم أستطع حملها،
إلا بصعوبة،
لا أعلم كم كان وزنها ،
لكنّها كانت سمينة جداً،
ومرحة وسعيدة دائماً،
فقرّر والدي بيعها،
لأنهم لم يطيقوا وجودها،
بسبب كبر حجمها،
رفضت ورفضت،
ولكن دون جدوى،
خذاني والدي "رحمة الله لنبيعها"،
ولم يرد أحد شرائها،
ربما لأنهم رأوا كيف كنت محتضنها بشدّة،
أو ربما لم يرد أحد بطّة مدلّلة،
لا تعرف غير الضحك واللعب،
ليس من ورائها فائدة،
إلا لهذا الطفل "انا"،
اللذي وجد بها صديق عزيز،
وسعدت أنه لم يرد أحد شرائها،
ونحن في طريق عودتنا،
وجد والدي رجال من إخواننا في مصر،
كانوا من أهل الصعيد،
قال لهم والدي هل تريدون البطّة،
رفضوا بحيث ليس لديهم المال لشرائها،
فقال خذوها بالمجّان،
فرحوا بذلك أشدّ الفرح،
وماكان منّي،
إلا أنني حزنت أشدّ من ذلك بكثير،
وغضبت ولكن بصمت،
توالت الأعوام وها أنا اليوم،
أكتب عن هذه البطّة،
التي فارقتها منذ مايقارب،
الثمانية عشر عاماً،
ولكن أعتقد أنني بعد كتابتي،
لهذه القصّة فإني،
قد سامحت والدي "رحمه الله"،
وأيضاً أولائك الرجال اللذين أخذوها،
وسامحت نفسي على ضعفي،
لعدم مدافعتي عنها أكثر من ذلك،
وكانت تلك أول تجربة لي للفراق،
وإلى اليوم،
لم أنساك أبداً ياصديقتي.
ختام:
الفراق نوع من الألم لايمكن وصفة،
وخصوصاً الفراق الأول،
رغم السنين ذقت الفراق بأنواعه المختلفة،
الشديد منها والخفيف،
ولكن مع الوقت،
يذهب الألم وتبقى ذكرياتهم الجميلة،
فبكل شخص يوجد جزء،
من الأشياء التي فارقته،
بسيطة كانت أم كبيرة،
أعتقد أنه حتى اليوم وأنا بهذه القهوة،
جالس على الكرسي،
أكتب القصّة،
أشعر بطيفها يداعب قدمي،
وهي تصرخ،
"واك واك وااااك".
فيصل...
قصّة قصيرة من "حياتي"....
عندما كنت صغيراً،
أحضر لي أخي الكبير،
بطّتين صغيرات،
كانتا أول الحيوانات الأليفة،
التي إقتنيتها،
أحببتهما كثيراً،
كنت أحافظ عليهم وأطعمهم،
ماتت واحدة وبقيت الأخرى،
كبرت قليلاً وزاد تعلّقي بها،
وبعد فترة،
كنت في مدينة الملاهي،
"يوم البحّار"،
إحدى مدن الملاهي المعروفة في الكويت،
تقع على شارع الخليج،
مدينة شعبية بسيطة،
جميلة وكنت أعشقها كثيراً،
وأعتقد إنني لازلت،
رغم إنني لم أطأها منذ مدّة،
لايهم،
عندما كنت هناك وانا صغير،
رأيت باعة "للحيوانات الأليفة"
ووجدت بائع للبط،
وكانت إحداها بعمر بطّتي،
إشتريتها كي تسليّها،
طبعاً اللذي شراها لي هذه المرّة،
والدي "رحمة الله عليه"،
كنت سعيداً جداً،
حيث أنني وجدت صديقة لبطّتي،
وخلال أقل من أسبوع نفقت البطَة الجديدة،
وبقت بطّتي فقط،
تكبر وتكبر،
حتى غدت كبيرة علي لحملها،
كنت أعشقها أيمّا عشق،
من الغريب إنني لم أطلق عليها إسم،
فقط كنت أناديها ببطّتي،
عندما يكون الشيء واحد فقط،
فلانحتاج للأسماء،
كما قلت لقد عشقتها،
كانت في مكان من بيتنا،
يسمّى "البخّار" أو الملحق،
يشبه الكراج تقريباً لبيتنا،
كنت آتي لها بالأكل،
وأحمّيها بحوض ماء،
إشتريته خصيصاً لها،
كانت تحبّني كذلك،
كل مادخلت عليها،
كانت تأتيني ركضاً،
تصرخ بصوتها المضحك،
"واك واك وااااك"،
كنت أداعبها وألعب معها،
تحوم من حولي على هيئة دوائر،
وأحياناً يكون معي،
قطعة من البطيّخ،
فكانت تأتي لتمسح رأسها عند قدمي،
فكنت أعطيها منه فتلتهمه،
كنت أتحدّث إليها،
عن كل شيء تقريباً،
ومع مرور الوقت أصبحت كبيرة جداً،
وقد تملّلوا منها أهلي،
حيث قالوا أنها توّسخ المكان،
وفي ذلك الوقت لم أستطع حملها،
إلا بصعوبة،
لا أعلم كم كان وزنها ،
لكنّها كانت سمينة جداً،
ومرحة وسعيدة دائماً،
فقرّر والدي بيعها،
لأنهم لم يطيقوا وجودها،
بسبب كبر حجمها،
رفضت ورفضت،
ولكن دون جدوى،
خذاني والدي "رحمة الله لنبيعها"،
ولم يرد أحد شرائها،
ربما لأنهم رأوا كيف كنت محتضنها بشدّة،
أو ربما لم يرد أحد بطّة مدلّلة،
لا تعرف غير الضحك واللعب،
ليس من ورائها فائدة،
إلا لهذا الطفل "انا"،
اللذي وجد بها صديق عزيز،
وسعدت أنه لم يرد أحد شرائها،
ونحن في طريق عودتنا،
وجد والدي رجال من إخواننا في مصر،
كانوا من أهل الصعيد،
قال لهم والدي هل تريدون البطّة،
رفضوا بحيث ليس لديهم المال لشرائها،
فقال خذوها بالمجّان،
فرحوا بذلك أشدّ الفرح،
وماكان منّي،
إلا أنني حزنت أشدّ من ذلك بكثير،
وغضبت ولكن بصمت،
توالت الأعوام وها أنا اليوم،
أكتب عن هذه البطّة،
التي فارقتها منذ مايقارب،
الثمانية عشر عاماً،
ولكن أعتقد أنني بعد كتابتي،
لهذه القصّة فإني،
قد سامحت والدي "رحمه الله"،
وأيضاً أولائك الرجال اللذين أخذوها،
وسامحت نفسي على ضعفي،
لعدم مدافعتي عنها أكثر من ذلك،
وكانت تلك أول تجربة لي للفراق،
وإلى اليوم،
لم أنساك أبداً ياصديقتي.
ختام:
الفراق نوع من الألم لايمكن وصفة،
وخصوصاً الفراق الأول،
رغم السنين ذقت الفراق بأنواعه المختلفة،
الشديد منها والخفيف،
ولكن مع الوقت،
يذهب الألم وتبقى ذكرياتهم الجميلة،
فبكل شخص يوجد جزء،
من الأشياء التي فارقته،
بسيطة كانت أم كبيرة،
أعتقد أنه حتى اليوم وأنا بهذه القهوة،
جالس على الكرسي،
أكتب القصّة،
أشعر بطيفها يداعب قدمي،
وهي تصرخ،
"واك واك وااااك".
فيصل...
السبت، 23 فبراير 2013
الكلمة اللكمة...
الكلمة اللكمة... "١٩"
قصّة قصيرة بقلمي...
ياه أشعر بالدوّار،
هتافاتهم لم تتغيَر،
كما كانت منذ الطفولة،
"قاتل قاتل قاتل"،
ذلك اليوم هو بداية كلّ شيء،
الساحة الخلفية،
شمس الظهيرة الساطعة،
والقتال،
والصراخ والألم،
والدم اللذي يضخ بقلبي،
ويتناثر من فمي،
قبل ذلك ماكنت أفعل،
نعم كنت صامتاً، خجولاً في الفصل،
كان الكثير من الطلبة يسيؤون معاملتي،
كنت أخاف القتال،
ولكن لم أكن جباناً فكنت أردّ عليهم،
بالكلمات النابية مثلما يفعلون،
ولكن ذلك اليوم بالذات،
لم أعد أحتمل وهم كذلك،
فأجتمعوا حولي لضربي،
كنت خائفاً من القتال،
فقد كان هذا القتال الأول اللذي يحدث لي،
بدايةً،
هذا يشد من قميصي،
ليصفعني على وجهي،
فبعد الصفعه الأولى،
توّقف كلّ شيء،
الصراخ الوقت الألم وحتى الخوف،
ضربته بأقصى قوّتي بمعدته،
ليسقط يلتوي ممسكاً معدته،
فأتى الآخران،
ضربوني من كل اتجاه،
معدتي وجهي أطرافي،
لا أشعر بشيء،
وكنت أرد عليهم بالمثل،
حتى أن وصل الادرينالين بي،
أن حملت أحدهم وطرحته أرضاً،
وانهملت عليه باللكمات،
وانا لست اصرخ ولاشيء،
وكان كأن كل شيء إعتدت فعله منذ الصغر،
فقط أزعجني نبضي،
اللذي أصبح كقرع الطبول،
يضرب ويضرب برأسي،
وانا أذيق من كان تحتي أقسى الضربات،
والاخر يضربني ولكن لستُ أعلم من أين،
وفقط أسمع "قاتل قاتل قاتل".
واليوم كذلك نفس الصراخ من المتفرّجين،
وانا جالس،
وتعود ذاكرتي،
بسبب اللكمات التي ذقتها،
لذلك اليوم المشهود،
حيث كنت كعادتي،
أوسع أحد المتطفلّين بالضرب المبرّح،
وإذا برجل،
يبلغ من العمر اواخر الثلاثين،
يمسك يدي،
ليخبرني أن أتوَقف،
وأنا بتلك الحالة،
أستقبل الحديث،
ولكن يصعب علي تفسيره،
لذلك وجهت له لكمه،
وإذا به يصدّها،
ويرجع لي أقسى منها،
ليغمى علي،
وتلك كانت المرّة الأولى التي يغمى علي،
فقد خسرت معارك ولكن تلك الاولى،
التي أفقد وعيي،
والأشد ذهولاً أنها لكمة واحدة،
بعدها علمت أنه مدرّب للملاكمة،
تدرّبت معه،
سنين،
ونازلت العديد من الخصوم،
فمرةً أفوز،
ومرةً أخسر،
واليوم أخيراً بعد العمل الشاق،
وصلنا للمباراة الحاسمة،
مباراة بطل العالم في الوزن الثقيل،
والجولة العاشرة إنتهت،
وأنا على الكرسي،
ومدرّبي يصرخ بوجهي،
يصب الماء علي،
أشعر بطعم الدم في فمي،
كذلك ملوحة العرق،
فقدت الكثير من حواسّي الآن،
سمعي ، نصف بصري،
حتى قدرتي على الكلام،
فقد أخبروني لاحقاً،
أنه عندما كنتُ أقول،
"حسناً حسناً"،
كانت تخرج كالتالي،
"اومف اومف"،
والآن يدفعني المدرّب،
وجسدي يقف،
حتى لا أشعر بنفسي هل انا واقف أم لا،
أقترب وإذا بخصمي يقترب،
نترنّح،
يسدد لكمته لي،
ولكن قد رفعت دفاعي،
فلم تمر ،
يريد أن يرسل أخرى،
فأستبقه بسريعه في الوجه،
نترنّح من جديد،
باغتني بلكمة،
على قفصي الصدري من اليسار،
حتى أنني فقدت القدرة على الحركة،
وسقطت يداي عن دفاعاتي،
لينقض علي بلكماته،
حتى طرحني بالأمامية،
وانا على الأرض،
لا أسمع شيء،
لايمكنني الرؤية بوضوح،
حتى إنني لا أشعر بشيء،
من بين الصرخات،
أتذكّر أمر حدث قديماً لي،
كلمة أبي،
"يابني الرجل ليخسر في حياته،
في أي مجال،
وهذا طبيعي،
ولكن عندما يبدأ بالإستسلام،
فإنه سيعتاد على ذلك،
يابني،
في أي ميدان قاتل حتى تنتصر،
أو تخسر وحذار أن تستلم."،
خمسة، ستّة،
اه أسمعه،
لن أستسلم يا أبي،
سأنهض،
وها انا.
لم يعلم من أين أتت تلك القوّة،
إنقض على خصمه،
فطرحه أرضاً بعد وابلٍ من اللكمات،
وفاز بالقاضية عليه،
ليصرخوا به بطلاً للعالم في الوزن الثقيل.
قد مرّت الأعوام منذ تلك المباراة،
والآن البطل يجلس بين أحفاده،
يقص عليهم بطولاته،
وأحدهم يسأل،
"جدّي هل تشتاق للملاكمة"،
يجيب البطل،
"نعم فالملاكمة كانت طريقي،
اللذي *وجدني*".
ختام:
الحياة لها طرق عجيبه،
أحياناً نختار طريقنا،
وأحياناً كثيرة طريقنا هو اللذي يختارنا،
ولكن الأمر اللذي نحتاج أن نفعله،
هو،
"أن نسلك الطريق حتى النهاية".
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
ياه أشعر بالدوّار،
هتافاتهم لم تتغيَر،
كما كانت منذ الطفولة،
"قاتل قاتل قاتل"،
ذلك اليوم هو بداية كلّ شيء،
الساحة الخلفية،
شمس الظهيرة الساطعة،
والقتال،
والصراخ والألم،
والدم اللذي يضخ بقلبي،
ويتناثر من فمي،
قبل ذلك ماكنت أفعل،
نعم كنت صامتاً، خجولاً في الفصل،
كان الكثير من الطلبة يسيؤون معاملتي،
كنت أخاف القتال،
ولكن لم أكن جباناً فكنت أردّ عليهم،
بالكلمات النابية مثلما يفعلون،
ولكن ذلك اليوم بالذات،
لم أعد أحتمل وهم كذلك،
فأجتمعوا حولي لضربي،
كنت خائفاً من القتال،
فقد كان هذا القتال الأول اللذي يحدث لي،
بدايةً،
هذا يشد من قميصي،
ليصفعني على وجهي،
فبعد الصفعه الأولى،
توّقف كلّ شيء،
الصراخ الوقت الألم وحتى الخوف،
ضربته بأقصى قوّتي بمعدته،
ليسقط يلتوي ممسكاً معدته،
فأتى الآخران،
ضربوني من كل اتجاه،
معدتي وجهي أطرافي،
لا أشعر بشيء،
وكنت أرد عليهم بالمثل،
حتى أن وصل الادرينالين بي،
أن حملت أحدهم وطرحته أرضاً،
وانهملت عليه باللكمات،
وانا لست اصرخ ولاشيء،
وكان كأن كل شيء إعتدت فعله منذ الصغر،
فقط أزعجني نبضي،
اللذي أصبح كقرع الطبول،
يضرب ويضرب برأسي،
وانا أذيق من كان تحتي أقسى الضربات،
والاخر يضربني ولكن لستُ أعلم من أين،
وفقط أسمع "قاتل قاتل قاتل".
واليوم كذلك نفس الصراخ من المتفرّجين،
وانا جالس،
وتعود ذاكرتي،
بسبب اللكمات التي ذقتها،
لذلك اليوم المشهود،
حيث كنت كعادتي،
أوسع أحد المتطفلّين بالضرب المبرّح،
وإذا برجل،
يبلغ من العمر اواخر الثلاثين،
يمسك يدي،
ليخبرني أن أتوَقف،
وأنا بتلك الحالة،
أستقبل الحديث،
ولكن يصعب علي تفسيره،
لذلك وجهت له لكمه،
وإذا به يصدّها،
ويرجع لي أقسى منها،
ليغمى علي،
وتلك كانت المرّة الأولى التي يغمى علي،
فقد خسرت معارك ولكن تلك الاولى،
التي أفقد وعيي،
والأشد ذهولاً أنها لكمة واحدة،
بعدها علمت أنه مدرّب للملاكمة،
تدرّبت معه،
سنين،
ونازلت العديد من الخصوم،
فمرةً أفوز،
ومرةً أخسر،
واليوم أخيراً بعد العمل الشاق،
وصلنا للمباراة الحاسمة،
مباراة بطل العالم في الوزن الثقيل،
والجولة العاشرة إنتهت،
وأنا على الكرسي،
ومدرّبي يصرخ بوجهي،
يصب الماء علي،
أشعر بطعم الدم في فمي،
كذلك ملوحة العرق،
فقدت الكثير من حواسّي الآن،
سمعي ، نصف بصري،
حتى قدرتي على الكلام،
فقد أخبروني لاحقاً،
أنه عندما كنتُ أقول،
"حسناً حسناً"،
كانت تخرج كالتالي،
"اومف اومف"،
والآن يدفعني المدرّب،
وجسدي يقف،
حتى لا أشعر بنفسي هل انا واقف أم لا،
أقترب وإذا بخصمي يقترب،
نترنّح،
يسدد لكمته لي،
ولكن قد رفعت دفاعي،
فلم تمر ،
يريد أن يرسل أخرى،
فأستبقه بسريعه في الوجه،
نترنّح من جديد،
باغتني بلكمة،
على قفصي الصدري من اليسار،
حتى أنني فقدت القدرة على الحركة،
وسقطت يداي عن دفاعاتي،
لينقض علي بلكماته،
حتى طرحني بالأمامية،
وانا على الأرض،
لا أسمع شيء،
لايمكنني الرؤية بوضوح،
حتى إنني لا أشعر بشيء،
من بين الصرخات،
أتذكّر أمر حدث قديماً لي،
كلمة أبي،
"يابني الرجل ليخسر في حياته،
في أي مجال،
وهذا طبيعي،
ولكن عندما يبدأ بالإستسلام،
فإنه سيعتاد على ذلك،
يابني،
في أي ميدان قاتل حتى تنتصر،
أو تخسر وحذار أن تستلم."،
خمسة، ستّة،
اه أسمعه،
لن أستسلم يا أبي،
سأنهض،
وها انا.
لم يعلم من أين أتت تلك القوّة،
إنقض على خصمه،
فطرحه أرضاً بعد وابلٍ من اللكمات،
وفاز بالقاضية عليه،
ليصرخوا به بطلاً للعالم في الوزن الثقيل.
قد مرّت الأعوام منذ تلك المباراة،
والآن البطل يجلس بين أحفاده،
يقص عليهم بطولاته،
وأحدهم يسأل،
"جدّي هل تشتاق للملاكمة"،
يجيب البطل،
"نعم فالملاكمة كانت طريقي،
اللذي *وجدني*".
ختام:
الحياة لها طرق عجيبه،
أحياناً نختار طريقنا،
وأحياناً كثيرة طريقنا هو اللذي يختارنا،
ولكن الأمر اللذي نحتاج أن نفعله،
هو،
"أن نسلك الطريق حتى النهاية".
فيصل...
الجمعة، 22 فبراير 2013
المرض والأمل...
المرض والأمل... "١٨"
قصّة قصيرة بقلمي...
الحكاية تبتدئ بغرفة مستشفى،
أحد المرضى يستيقظ من النوّم،
يخرج مذكّراته من تحت الوسادة،
ويشعل الضوء الخافت خلف سريرة،
ويفتح الأوراق حتى آخر صفحة كتبها،
ويضع القلم على الورقة ويكتب.
هذا أنا أستيقظ من نومي،
لأكتب عمّا بداخلي،
كتبت في الصفحات الماضية،
معاناتي مع هذا المرض،
اللذي فتك بجسدي كيفما شاء،
كلّ يوم في السنوات الماضية،
كنت أدّعي القوّة،
أمام أهلي وأصدقائي،
ولكن مع الوقت أصبحت متوتّر الأعصاب،
فعندما يأتون لي ليحدّثوني عن حياتهم،
بعضهم يشكي،
وبعضهم يتحدّث عن حياته السعيدة،
والبعض يخبر عن بطولات صعبة التصديق،
فأنفعلت بهم حتى بدأت أغضب منهم،
لأن كان الحسد يلتهمني من الدّاخل،
لماذا انا الوحيد اللذي صادقت الفراش،
لماذا أنا وحدي من عاش ولم يعش،
وكنت بعد كل لحظة غضب،
يأتي الليل وأصحو لأبكي،
وأبكي حتى أفقد وعيي،
ولكن في ليلة شعر بي أحد المرضى،
المجاورين لي وكان شيخ كبير بالعمر،
قال لي إن من الخطأ ماتقوم به،
فنحن في أمس الحاجة للصحبة بهذا الوقت،
فالوحدة تكون أشد قسوة عندما نكون ضعافاً،
فصرخت به ألا ليس له شأنٌ بما أفعل،
فقال بصوته الهادئ العميق،
نعم يابني ليس لي شأن،
ولكن أعلم ماتمرُّ به،
وذهب لغرفته وهو يقول لي الوداع،
وأتى الصباح وإذا بأحد الممرّضين،
يحضر لي هذه المذكّرات وقلم أنيق جداً،
حفر عليه حرفان بآخره وأخبرني الممّرض،
أن هذه تركت لأجلي من قبل فلان،
وأوضح لي أنه الشيخ اللذي رأيته بالأمس،
كان قد فارق الحياة هذا الصباح،
صعقت لهذا الخبر،
رأيت على المذكرّات كما ستجدون،
وصيّته بأن يترك لي هذه المذكّرات،
فتحتها ووجدت بداخلها كلمات مكتوبه،
الأصح كلام مكتوب،
مذكّرات العجوز،
قرأتها وبدأت أبكي لما أقرأ،
فقد كان العجوز شاباً ثرياً في الماضي،
أصابه المرض،
وبدأ في قلبه الشك والكره تجاه من حوله،
حتى قال لهم،
أنتم لاتريدوني ولكن تريدون مالي،
ومع أعصابه المتزعزعة بسبب المرض،
وكلّ شيء آخر بدأ الناس من حوله يرحلون،
ولم تغنيه أمواله عن شيء،
جلس في المشفى سنين طوال،
متلبّس به الخوف واليأس والوحده،
وعندما فقد كل أمل بالشفاء،
تحسّر أنه بقي وحيداً،
وكل ذلك كان في قلبي له تأثيراً كبيراً،
حتى أنني بدأت في كل ليلة أريد البكاء بها،
أستغني عن دموعي بالحبر،
وأكتب حتى أشعر بالراحة،
تحسنّت حالتي النفسية،
رغم مرضي إلا إنني غدوت أضحك،
وأمزح مع المرضى والأطبّاء،
وأصحابي بدؤا بزيارتي بشكل يومي،
لم يعد يهمّني مايفعلون،
بل بدأت أعشق حديثهم،
ووجودهم حولي،
ولاحظت بحالتي تتحسّن رغم المرض،
وأنا في كلّ ليلة أقرئ كلام العجوز،
وأزيد بكلامي،
والآن أشعر بالنعاس لذا سأنام.
نام المريض وكأنه يشعر،
بروح العجوز تبتسم له،
وبعد مضي الأعوام،
في غرفة أحد البيوت الفخمة،
يفيق رجل من نومه،
وهو يبتعد عن سريره،
تقول له زوجته،
"كعادتك ياعزيزي"،
يجيبها،
"نعم إطمأني"،
فيذهب لغرفة الجلوس،
ويجلس ويضع أمامه مذكرّات،
كتب على صفحتها الأولى،
*هذه المذكّرات،
هديّة للمريض في الغرفة ٣،
علّها تكون لك بصيص أمل في حياتك،
وأتمنّى لك الشفاء والسعادة.
مع حبّي..
مريض غرفة ٧"،
قبّل الكلمات،
وفتح الصفحات حتى وصل لصفحة فارغة،
وكتب عليها،
"لايوجد جديد،
فقط إنني كل ليلة أتعرّف أكثر،
على قيمة الأمل."
ختام:
الحياة مليئة بالحزن،
مليئة بالمآسي والألام،
فلاتجعلها تزداد سوءً،
بعصيانك وجحودك،
ولكن تعلّق بالأمل،
وأرضى بما قسمه الله لك،
فلا تعلم ربّما،
كانت هذه المصيبة نعمة عليك.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
الحكاية تبتدئ بغرفة مستشفى،
أحد المرضى يستيقظ من النوّم،
يخرج مذكّراته من تحت الوسادة،
ويشعل الضوء الخافت خلف سريرة،
ويفتح الأوراق حتى آخر صفحة كتبها،
ويضع القلم على الورقة ويكتب.
هذا أنا أستيقظ من نومي،
لأكتب عمّا بداخلي،
كتبت في الصفحات الماضية،
معاناتي مع هذا المرض،
اللذي فتك بجسدي كيفما شاء،
كلّ يوم في السنوات الماضية،
كنت أدّعي القوّة،
أمام أهلي وأصدقائي،
ولكن مع الوقت أصبحت متوتّر الأعصاب،
فعندما يأتون لي ليحدّثوني عن حياتهم،
بعضهم يشكي،
وبعضهم يتحدّث عن حياته السعيدة،
والبعض يخبر عن بطولات صعبة التصديق،
فأنفعلت بهم حتى بدأت أغضب منهم،
لأن كان الحسد يلتهمني من الدّاخل،
لماذا انا الوحيد اللذي صادقت الفراش،
لماذا أنا وحدي من عاش ولم يعش،
وكنت بعد كل لحظة غضب،
يأتي الليل وأصحو لأبكي،
وأبكي حتى أفقد وعيي،
ولكن في ليلة شعر بي أحد المرضى،
المجاورين لي وكان شيخ كبير بالعمر،
قال لي إن من الخطأ ماتقوم به،
فنحن في أمس الحاجة للصحبة بهذا الوقت،
فالوحدة تكون أشد قسوة عندما نكون ضعافاً،
فصرخت به ألا ليس له شأنٌ بما أفعل،
فقال بصوته الهادئ العميق،
نعم يابني ليس لي شأن،
ولكن أعلم ماتمرُّ به،
وذهب لغرفته وهو يقول لي الوداع،
وأتى الصباح وإذا بأحد الممرّضين،
يحضر لي هذه المذكّرات وقلم أنيق جداً،
حفر عليه حرفان بآخره وأخبرني الممّرض،
أن هذه تركت لأجلي من قبل فلان،
وأوضح لي أنه الشيخ اللذي رأيته بالأمس،
كان قد فارق الحياة هذا الصباح،
صعقت لهذا الخبر،
رأيت على المذكرّات كما ستجدون،
وصيّته بأن يترك لي هذه المذكّرات،
فتحتها ووجدت بداخلها كلمات مكتوبه،
الأصح كلام مكتوب،
مذكّرات العجوز،
قرأتها وبدأت أبكي لما أقرأ،
فقد كان العجوز شاباً ثرياً في الماضي،
أصابه المرض،
وبدأ في قلبه الشك والكره تجاه من حوله،
حتى قال لهم،
أنتم لاتريدوني ولكن تريدون مالي،
ومع أعصابه المتزعزعة بسبب المرض،
وكلّ شيء آخر بدأ الناس من حوله يرحلون،
ولم تغنيه أمواله عن شيء،
جلس في المشفى سنين طوال،
متلبّس به الخوف واليأس والوحده،
وعندما فقد كل أمل بالشفاء،
تحسّر أنه بقي وحيداً،
وكل ذلك كان في قلبي له تأثيراً كبيراً،
حتى أنني بدأت في كل ليلة أريد البكاء بها،
أستغني عن دموعي بالحبر،
وأكتب حتى أشعر بالراحة،
تحسنّت حالتي النفسية،
رغم مرضي إلا إنني غدوت أضحك،
وأمزح مع المرضى والأطبّاء،
وأصحابي بدؤا بزيارتي بشكل يومي،
لم يعد يهمّني مايفعلون،
بل بدأت أعشق حديثهم،
ووجودهم حولي،
ولاحظت بحالتي تتحسّن رغم المرض،
وأنا في كلّ ليلة أقرئ كلام العجوز،
وأزيد بكلامي،
والآن أشعر بالنعاس لذا سأنام.
نام المريض وكأنه يشعر،
بروح العجوز تبتسم له،
وبعد مضي الأعوام،
في غرفة أحد البيوت الفخمة،
يفيق رجل من نومه،
وهو يبتعد عن سريره،
تقول له زوجته،
"كعادتك ياعزيزي"،
يجيبها،
"نعم إطمأني"،
فيذهب لغرفة الجلوس،
ويجلس ويضع أمامه مذكرّات،
كتب على صفحتها الأولى،
*هذه المذكّرات،
هديّة للمريض في الغرفة ٣،
علّها تكون لك بصيص أمل في حياتك،
وأتمنّى لك الشفاء والسعادة.
مع حبّي..
مريض غرفة ٧"،
قبّل الكلمات،
وفتح الصفحات حتى وصل لصفحة فارغة،
وكتب عليها،
"لايوجد جديد،
فقط إنني كل ليلة أتعرّف أكثر،
على قيمة الأمل."
ختام:
الحياة مليئة بالحزن،
مليئة بالمآسي والألام،
فلاتجعلها تزداد سوءً،
بعصيانك وجحودك،
ولكن تعلّق بالأمل،
وأرضى بما قسمه الله لك،
فلا تعلم ربّما،
كانت هذه المصيبة نعمة عليك.
فيصل...
ذلك المكان...
ذلك المكان... "١٧"
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي منذ الصغر،
بلا مشاعر بلا أحاسيس،
من غير شيء يذكر،
سوى ذلك المكان،
حيث تبدّلت حياتي،
ياه كم أن الوقت يمشي،
هل فعلاً أصبح لتلك الذكرى،
أكثر من عشر سنوات،
كأنها ترائى لي في نفس هذا اليوم،
يالها من غريبة الحياة،
لا أعلم لماذا فجأة بهذا اليوم،
بدأ ذلك المكان يشغلني،
تلك الشجرة العملاقة.
التي حفر عليها حرفي وحرفها،
نعم حرفها،
آه كيف أن تلك اللحظة،
رغم حياتي ومصرفاتها،
ولحظاتها وذكرياتها،
تلك اللحظة تعتبر الأهم بحياتي،
هل لأني عائد للبيت،
رجعت لي كل هذه الأمور،
أم إنني إدّعيت نسيانها،
لا أعلم،
ولكن لتمضي الحال،
فلا يوجد تبديل لما حصل.
بعد أيام من عودته للبيت،
ذهب الرجل لـ"ذلك المكان"،
وعندما وصل،
ترائت له الذكرى ليبتدي بسردها،
رغم أنه لايوجد أحد ولكن تحدّث،
كأنه يحادثها،
فبعد أن لمس موضع النقش،
عادت الحياة لتلك الذكرى،
وبدأ يقول.
أحبّك،
نعم إني أحبّك،
رغم السنين،
لايزال النقش يبان جديداً،
حروفنا بداخل قلب حب،
أرى الآن فعلاً إن الأمر يبدو مبتذلا،
*وأخرج ضحكه باهته*,
يضحكني حالنا،
أتذكرين أول يوم رأيتك،
بطبيعتك الخجولة،
بتصرفاتك البريئة،
في المرّة الأولى تلك،
وضعت يدي على قلبي وقلت،
فعلاً هي وحدها تستحقّه،
* وضرب موضع صدره*،
ومن يومها وانا احاول التحدّث معك،
وبعدها فعلت،
أخبرتك أنني معجب بكِ،
وكنتي ترفضين تلك الأفكار،
بأنك ميقنة بأن كلّ حب في وقتنا،
مجرّد أحاديث كاذبة ومواقف زائفة،
وتعرفت عليك أكثر وأكثر،
وزدت بك حبّاً أكثر وأكثر،
ياعزيزتي لازلت،
أذكر ذلك اليوم اللذي،
صارحتني به بحبّك،
كان يومٌ يكاد يكون كالحلم بالنسبة لي،
وسقطنا أكثر بعشقنا لأحدنا الآخر،
كانت أيامنا حلوة معاً،
وكيف خطّطنا لمستقبلنا معاً،
ورسمنا أحلامنا يااه كيف تتغيّر الأمور،
ليأتي ذلك اليوم،
في ذلك المكان،
عند المغيب،
وكأنه آخر يوم في حياتي،
لتخبريني بتلك الكلمات القاسية،
"هذه آخر مرّة ألاقيك بها"،
صعقتني هذه الكلمات،
حاولت الإستفسار عن السبب،
لم تجيبي وأكتفيتي بتلك الكلمات،
فأخبرتك بمحاولة صبيانيّة،
بأن ننقش هذا النقش،
وفعلنا وذهبتي،
ومنذ يومها فقدت جميع مشاعري،
لايوجد حب صداقة ولا حتى مشاعر بسيطة،
كم أشتاق لكِ عزيزتي،
أنتي فقط من تستحقيّن الحب،
ولاسواكِ..
ظلّ فترة يتحسّس النقش،
وسقطت دمعه رغماً عنه،
وعيناه ثبتت بمكان واحد،
كأنه تذكّر أمراً مهم،
وعاد يتحدّث مع الطيّف،
اللذي بدا يشعر به كالحقيقة.
عزيزتي هناك أمر لم أخبرك به،
فبعد أن ذهبتي،
لم أستطع النوم،
وحاولت أن أعرف السبب،
اللذي جعلك تتركيني،
ولكن لا أظنك تعلمين ذلك،
نعم ياعزيزتي فقد علمت،
وتمنيّت أنني لم أعلم،
وتمنيّت أنني لم أحبّك،
ولم يحدث لي ماحدث،
فمنذ تلك الليلة فقدت مشاعري،
نعم..!! نعم..!!
لقد علمت أنك ستموتين،
بسبب جسدك،
اللذي لم يستطيع التأقلم،
مع حالتك الصحيّة،
علمت أن الأطباء أخبروا والديك،
بأنه ليس لديك وقت كافي للعيش،
وفي ذلك اليوم تركت المنزل،
وذهب لأعمل بالخارج،
في البداية لم أكف عن النحيب،
والبكاء الأليم على روحك،
وعلى الحب اللذي لم يكتمل،
وعلى حياتي التي أصبحت،
مجرّد قوقعة فارغة،
لم أنساكِ يوماً،
ولكن نسيت هذا المكان المشؤوم،
فهو يرتبط مع معرفتي لذكرى أليمة.
وكأن الرجل يسمع الطيف يحادثه،
ويخبره بأن يعيش حياته،
كما يريد،
فإن هذه حياة الشخص،
اللذي وقعت بحبّه الفتاة،
إبتسم ،
كمن وجد الأمل،
قبّل حرف الفتاة المنقوش ثم ذهب،
وبعد مرور الأعوام،
يأتي رجل ومعه شيخ كبير،
ويسأل الشاب الشيخ،
"والدي هل هذا هو المكان"،
فيجيبه والده،
"نعم يا بني هذا هو المكان،
والآن لتسمع قصّة والدك المؤلمة،
التي تعلّمت منها أن أعيش كل لحظة بسعادة،
فلا تعلم متى تفقد من تحب.".
ختام:
الحب جميل،
في كلّ أمر،
ومتى كان خالصاً،
سيكون حتما الأجمل،
حتى وإن خسرته،
فإن الحب يترك آثارة بقلبك،
لتزهر ثمارة الطيّبة من جديد،
فلاتقفل قلبك عن الحب،
وأتركه ينبض.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي منذ الصغر،
بلا مشاعر بلا أحاسيس،
من غير شيء يذكر،
سوى ذلك المكان،
حيث تبدّلت حياتي،
ياه كم أن الوقت يمشي،
هل فعلاً أصبح لتلك الذكرى،
أكثر من عشر سنوات،
كأنها ترائى لي في نفس هذا اليوم،
يالها من غريبة الحياة،
لا أعلم لماذا فجأة بهذا اليوم،
بدأ ذلك المكان يشغلني،
تلك الشجرة العملاقة.
التي حفر عليها حرفي وحرفها،
نعم حرفها،
آه كيف أن تلك اللحظة،
رغم حياتي ومصرفاتها،
ولحظاتها وذكرياتها،
تلك اللحظة تعتبر الأهم بحياتي،
هل لأني عائد للبيت،
رجعت لي كل هذه الأمور،
أم إنني إدّعيت نسيانها،
لا أعلم،
ولكن لتمضي الحال،
فلا يوجد تبديل لما حصل.
بعد أيام من عودته للبيت،
ذهب الرجل لـ"ذلك المكان"،
وعندما وصل،
ترائت له الذكرى ليبتدي بسردها،
رغم أنه لايوجد أحد ولكن تحدّث،
كأنه يحادثها،
فبعد أن لمس موضع النقش،
عادت الحياة لتلك الذكرى،
وبدأ يقول.
أحبّك،
نعم إني أحبّك،
رغم السنين،
لايزال النقش يبان جديداً،
حروفنا بداخل قلب حب،
أرى الآن فعلاً إن الأمر يبدو مبتذلا،
*وأخرج ضحكه باهته*,
يضحكني حالنا،
أتذكرين أول يوم رأيتك،
بطبيعتك الخجولة،
بتصرفاتك البريئة،
في المرّة الأولى تلك،
وضعت يدي على قلبي وقلت،
فعلاً هي وحدها تستحقّه،
* وضرب موضع صدره*،
ومن يومها وانا احاول التحدّث معك،
وبعدها فعلت،
أخبرتك أنني معجب بكِ،
وكنتي ترفضين تلك الأفكار،
بأنك ميقنة بأن كلّ حب في وقتنا،
مجرّد أحاديث كاذبة ومواقف زائفة،
وتعرفت عليك أكثر وأكثر،
وزدت بك حبّاً أكثر وأكثر،
ياعزيزتي لازلت،
أذكر ذلك اليوم اللذي،
صارحتني به بحبّك،
كان يومٌ يكاد يكون كالحلم بالنسبة لي،
وسقطنا أكثر بعشقنا لأحدنا الآخر،
كانت أيامنا حلوة معاً،
وكيف خطّطنا لمستقبلنا معاً،
ورسمنا أحلامنا يااه كيف تتغيّر الأمور،
ليأتي ذلك اليوم،
في ذلك المكان،
عند المغيب،
وكأنه آخر يوم في حياتي،
لتخبريني بتلك الكلمات القاسية،
"هذه آخر مرّة ألاقيك بها"،
صعقتني هذه الكلمات،
حاولت الإستفسار عن السبب،
لم تجيبي وأكتفيتي بتلك الكلمات،
فأخبرتك بمحاولة صبيانيّة،
بأن ننقش هذا النقش،
وفعلنا وذهبتي،
ومنذ يومها فقدت جميع مشاعري،
لايوجد حب صداقة ولا حتى مشاعر بسيطة،
كم أشتاق لكِ عزيزتي،
أنتي فقط من تستحقيّن الحب،
ولاسواكِ..
ظلّ فترة يتحسّس النقش،
وسقطت دمعه رغماً عنه،
وعيناه ثبتت بمكان واحد،
كأنه تذكّر أمراً مهم،
وعاد يتحدّث مع الطيّف،
اللذي بدا يشعر به كالحقيقة.
عزيزتي هناك أمر لم أخبرك به،
فبعد أن ذهبتي،
لم أستطع النوم،
وحاولت أن أعرف السبب،
اللذي جعلك تتركيني،
ولكن لا أظنك تعلمين ذلك،
نعم ياعزيزتي فقد علمت،
وتمنيّت أنني لم أعلم،
وتمنيّت أنني لم أحبّك،
ولم يحدث لي ماحدث،
فمنذ تلك الليلة فقدت مشاعري،
نعم..!! نعم..!!
لقد علمت أنك ستموتين،
بسبب جسدك،
اللذي لم يستطيع التأقلم،
مع حالتك الصحيّة،
علمت أن الأطباء أخبروا والديك،
بأنه ليس لديك وقت كافي للعيش،
وفي ذلك اليوم تركت المنزل،
وذهب لأعمل بالخارج،
في البداية لم أكف عن النحيب،
والبكاء الأليم على روحك،
وعلى الحب اللذي لم يكتمل،
وعلى حياتي التي أصبحت،
مجرّد قوقعة فارغة،
لم أنساكِ يوماً،
ولكن نسيت هذا المكان المشؤوم،
فهو يرتبط مع معرفتي لذكرى أليمة.
وكأن الرجل يسمع الطيف يحادثه،
ويخبره بأن يعيش حياته،
كما يريد،
فإن هذه حياة الشخص،
اللذي وقعت بحبّه الفتاة،
إبتسم ،
كمن وجد الأمل،
قبّل حرف الفتاة المنقوش ثم ذهب،
وبعد مرور الأعوام،
يأتي رجل ومعه شيخ كبير،
ويسأل الشاب الشيخ،
"والدي هل هذا هو المكان"،
فيجيبه والده،
"نعم يا بني هذا هو المكان،
والآن لتسمع قصّة والدك المؤلمة،
التي تعلّمت منها أن أعيش كل لحظة بسعادة،
فلا تعلم متى تفقد من تحب.".
ختام:
الحب جميل،
في كلّ أمر،
ومتى كان خالصاً،
سيكون حتما الأجمل،
حتى وإن خسرته،
فإن الحب يترك آثارة بقلبك،
لتزهر ثمارة الطيّبة من جديد،
فلاتقفل قلبك عن الحب،
وأتركه ينبض.
فيصل...
الخميس، 21 فبراير 2013
الكرسي المتحرّك....
الكرسي المتحرّك... "١٦"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
في زاوية الغرفة ،
يوجد كرسي متحرّك،
قد أصبح بالياً من كثرة الإستعمال،
تدق ساعة المنبّه،
تخرج يد ناعمة من تحت الغطاء،
لتطفئه،
تبعد اليد غطاء السرير عن الجسد،
فإذا بالفتاة إستيقظت على صوت المنبّه،
والساعة لاتزال في وقت مبكّر،
نهضت حتى أصبحت جالسة على السرير،
قرأت الأذكار الصباحية،
ثم مدّت يدها لتحظر صديقها،
الكرسي المتحرّك،
واللذي تناديه بـ"صديقي"،
حملت جسدها عليه،
كطريقة المعاق اللذي إعتاد إصابته،
لتجلس على الكرسي،
وهي تقول،
"عذراً ياصديقي،
أعتقد أنني إزدتّ وزناً"،
وضحكت وكانت لضحكتها نغمه خاصّة،
مطربة مفرحة،
كما هي حال خفّة روحها،
ذهبت لدورة المياه،
اللذي بُني خصّيصاً لها،
وكان تابعاً لغرفتها،
وأستحمّت وخرجت أخيراً،
لتلبس ثيابها،
لقد إعتادت على إعاقتها،
حيث أن كل ماتقوم به،
رغم صعوبته إلا أنك حينما تراها،
تعتقد أنه شيء سهل،
قامت بصلاة الفجر،
فقد كان أوانها،
ثم دخلت للمصعد،
اللذي وضع خصيصاً لغرفتها،
بالدوّر الثالث من البيت إلى الدور الأرضي،
ذهبت للمطبخ،
وكانت تتحرّك بإنسيابيه،
حتى لو وجدت نفسك بجانبها،
لن تشعر حتى بعجلات الكرسي،
تحتك بالأرض،
فقامت بصنع إفطارها،
وكان إفطارها بسيطاً،
حيث أنها لم تهوى الأكل كثيراً،
بعد إنتهائها من إفطارها،
قد أتى وقت الصباح،
فذهبت للدور الأول،
توقظ إخوتها لأنه يوم دراسي،
وكانت تقوم بذلك بكل سعادة،
فتجهّزهم للمدرسة،
وتلبسهم ثيابهم الصغار منهم،
وتعود للمطبخ لتصنع،
إفطاراً بسيطاً لهم،
وهي منهمكة بعملها،
إذا بإخوتها يأتون واحد تلو الآخر،
يصبحوها خيراً،
ثم يقبلوها على وجنتها،
وكان قلبها يطير فرحاً،
بسبب القبل تلك،
وكان قلبها معطاءً محبّاً،
ثم يجلسون على المائدة،
فتعطيهم إفطارهم،
فيلتهموه،
وبعدها يذهبوا خارجاً،
لمدرستهم،
وإذا بذويها قد هبطوا للتو،
أباها كان رجلاً ضخم الجثّة رقيق القلب،
قبّل رأسها وهو يقول،
"كيف حال ملاكي الصغيرة"،
تجيبه ككل يوم،
"بخير ياملاكي الحارس"،
ثم تنزل والدتها وكانت جميلة،
جداً جميلة ولايفوق جمال منظرها،
إلا جمال قلبها،
ولكنّها صغيرة البنية قليلاً،
حتى أن زوجها يمكن حملها بيد واحده،
أتت للفتاة وأحتضنتها،
"كم أنا فخورة بك يا ابنتي،
دائماً تفعلين كل شيء لوحدك،
ماعسانا أن نفعل من غيرك."،
تجيب الفتاة بابتسامة،
"لن تطيقوا العيش ياجنّتي"،
وضحك الثلاثة،
ثم بعد أن ذهب والداها لعملهم،
عادت الفتاة لغرفتها،
بعد أن قامت بتنظيف المكان،
وترتيبه لكي تستقبل أحبائها عندما يعودون،
ذهبت لغرفتها،
وجلست أمام شبّاك غرفتها المنخفض،
اللذي يساعدها أن ترى من خلاله للشارع،
تنظر وتبتسم تتابع حركات البشر،
ثم تشعر بالنعاس،
وتعود لترتاح بفراشها،
وتغمض عينيها،
وبتلك اللحظة،
يكاد يسمع صوت نحيب...
ياه كم أنتي عظيمة ياصديقتي،
كم أعشقك وأهواك،
ياليتهم يعلمون معاناتك،
ياليتهم يعلمون كم أنتي رقيقة،
ولكن ليس لديك حيله،
فأنتي إخترتي أن تكوني قويّة،
لازلت أتذكّر اليوم،
اللذي سمعتِ به أهلك صدفه،
وهم يتحدّثون على طاولة العشاء،
كيف أنكِ أصبحتِ عاله،
ومنذ يومها،
والى الآن خمس سنوات،
لازلت تجعلين من نفسك أكثر قوّة،
لم تكترثي بإعاقتك،
وحمدتي ربّك على نعمه،
وتفعلين المستحيل بشكل يومي،
لا ياعزيزتي أنتي لستِ ناقصة،
لستِ معاقة أو عالة،
حياتك بحد ذاتها معجزة،
أنتي معجزة بكل ماتحويه الكلمة من معنى،
وما إصابتك إلا نقطة لهذه القوّة،
ويسعدني ويشرّفني حملك على ظهري،
يامعجزتي في كلّ يوم،
فأرجوكِ كفّي دموعك.
ختام:
هناك معاقون وصلوا لمرحلة الكمال،
وهناك معافين أصابتهم الإعاقة الأخلاقية،
فلا تحكم على الشخص من خارجة،
ولاتأخُذك الشفقة بمن يجلس،
على الكرسي المتحرّك،
ولكن إفتخر بأن هذا الشخص،
ناضل بحياته وهو يعيشها يومياً،
باسماً فرحاً سعيداً،
ولا يشكي حاله لأي شخص،
سوى لله وحده،
وأما نحن نخجل أمام هذه المعجزات،
اللتي تجلس ليس على "كرسي متحرّك"،
وإنما ما أحب تسميته،
*عرش الحياة*.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
في زاوية الغرفة ،
يوجد كرسي متحرّك،
قد أصبح بالياً من كثرة الإستعمال،
تدق ساعة المنبّه،
تخرج يد ناعمة من تحت الغطاء،
لتطفئه،
تبعد اليد غطاء السرير عن الجسد،
فإذا بالفتاة إستيقظت على صوت المنبّه،
والساعة لاتزال في وقت مبكّر،
نهضت حتى أصبحت جالسة على السرير،
قرأت الأذكار الصباحية،
ثم مدّت يدها لتحظر صديقها،
الكرسي المتحرّك،
واللذي تناديه بـ"صديقي"،
حملت جسدها عليه،
كطريقة المعاق اللذي إعتاد إصابته،
لتجلس على الكرسي،
وهي تقول،
"عذراً ياصديقي،
أعتقد أنني إزدتّ وزناً"،
وضحكت وكانت لضحكتها نغمه خاصّة،
مطربة مفرحة،
كما هي حال خفّة روحها،
ذهبت لدورة المياه،
اللذي بُني خصّيصاً لها،
وكان تابعاً لغرفتها،
وأستحمّت وخرجت أخيراً،
لتلبس ثيابها،
لقد إعتادت على إعاقتها،
حيث أن كل ماتقوم به،
رغم صعوبته إلا أنك حينما تراها،
تعتقد أنه شيء سهل،
قامت بصلاة الفجر،
فقد كان أوانها،
ثم دخلت للمصعد،
اللذي وضع خصيصاً لغرفتها،
بالدوّر الثالث من البيت إلى الدور الأرضي،
ذهبت للمطبخ،
وكانت تتحرّك بإنسيابيه،
حتى لو وجدت نفسك بجانبها،
لن تشعر حتى بعجلات الكرسي،
تحتك بالأرض،
فقامت بصنع إفطارها،
وكان إفطارها بسيطاً،
حيث أنها لم تهوى الأكل كثيراً،
بعد إنتهائها من إفطارها،
قد أتى وقت الصباح،
فذهبت للدور الأول،
توقظ إخوتها لأنه يوم دراسي،
وكانت تقوم بذلك بكل سعادة،
فتجهّزهم للمدرسة،
وتلبسهم ثيابهم الصغار منهم،
وتعود للمطبخ لتصنع،
إفطاراً بسيطاً لهم،
وهي منهمكة بعملها،
إذا بإخوتها يأتون واحد تلو الآخر،
يصبحوها خيراً،
ثم يقبلوها على وجنتها،
وكان قلبها يطير فرحاً،
بسبب القبل تلك،
وكان قلبها معطاءً محبّاً،
ثم يجلسون على المائدة،
فتعطيهم إفطارهم،
فيلتهموه،
وبعدها يذهبوا خارجاً،
لمدرستهم،
وإذا بذويها قد هبطوا للتو،
أباها كان رجلاً ضخم الجثّة رقيق القلب،
قبّل رأسها وهو يقول،
"كيف حال ملاكي الصغيرة"،
تجيبه ككل يوم،
"بخير ياملاكي الحارس"،
ثم تنزل والدتها وكانت جميلة،
جداً جميلة ولايفوق جمال منظرها،
إلا جمال قلبها،
ولكنّها صغيرة البنية قليلاً،
حتى أن زوجها يمكن حملها بيد واحده،
أتت للفتاة وأحتضنتها،
"كم أنا فخورة بك يا ابنتي،
دائماً تفعلين كل شيء لوحدك،
ماعسانا أن نفعل من غيرك."،
تجيب الفتاة بابتسامة،
"لن تطيقوا العيش ياجنّتي"،
وضحك الثلاثة،
ثم بعد أن ذهب والداها لعملهم،
عادت الفتاة لغرفتها،
بعد أن قامت بتنظيف المكان،
وترتيبه لكي تستقبل أحبائها عندما يعودون،
ذهبت لغرفتها،
وجلست أمام شبّاك غرفتها المنخفض،
اللذي يساعدها أن ترى من خلاله للشارع،
تنظر وتبتسم تتابع حركات البشر،
ثم تشعر بالنعاس،
وتعود لترتاح بفراشها،
وتغمض عينيها،
وبتلك اللحظة،
يكاد يسمع صوت نحيب...
ياه كم أنتي عظيمة ياصديقتي،
كم أعشقك وأهواك،
ياليتهم يعلمون معاناتك،
ياليتهم يعلمون كم أنتي رقيقة،
ولكن ليس لديك حيله،
فأنتي إخترتي أن تكوني قويّة،
لازلت أتذكّر اليوم،
اللذي سمعتِ به أهلك صدفه،
وهم يتحدّثون على طاولة العشاء،
كيف أنكِ أصبحتِ عاله،
ومنذ يومها،
والى الآن خمس سنوات،
لازلت تجعلين من نفسك أكثر قوّة،
لم تكترثي بإعاقتك،
وحمدتي ربّك على نعمه،
وتفعلين المستحيل بشكل يومي،
لا ياعزيزتي أنتي لستِ ناقصة،
لستِ معاقة أو عالة،
حياتك بحد ذاتها معجزة،
أنتي معجزة بكل ماتحويه الكلمة من معنى،
وما إصابتك إلا نقطة لهذه القوّة،
ويسعدني ويشرّفني حملك على ظهري،
يامعجزتي في كلّ يوم،
فأرجوكِ كفّي دموعك.
ختام:
هناك معاقون وصلوا لمرحلة الكمال،
وهناك معافين أصابتهم الإعاقة الأخلاقية،
فلا تحكم على الشخص من خارجة،
ولاتأخُذك الشفقة بمن يجلس،
على الكرسي المتحرّك،
ولكن إفتخر بأن هذا الشخص،
ناضل بحياته وهو يعيشها يومياً،
باسماً فرحاً سعيداً،
ولا يشكي حاله لأي شخص،
سوى لله وحده،
وأما نحن نخجل أمام هذه المعجزات،
اللتي تجلس ليس على "كرسي متحرّك"،
وإنما ما أحب تسميته،
*عرش الحياة*.
فيصل...
الثلاثاء، 19 فبراير 2013
فُتات الخبز...
فتات الخبز... "١٥"
قصّة قصيرة بقلمي...
على أرضية مطبخ المطعم العريق،
تتجمّع بعض كسرات من خبز،
قد سقط من تقطيع الخبز،
تهييئاً لأطباق اليوم،
موجودة هذه الكسرات،
بعضها قد وطئ عليه من قبل الموظّفين،
والبعض الآخر لايزال متجمّع،
ولازالوا بأماكنهم،
وبعد فترة الغداء،
كانت قطع الخبز بكميّات كبيرة،
حتى أصبحت الكسرات،
كقطع رمل ذهبيّة متجمّعه،
بقت هناك في مكانها.
تتحدث إحدى الكسرات،
فتقول،
"مالهم يتركوننا بالأرض!؟"،
فتجيب الأخرى،
"هذا الفسق بعينه!!،
يرمون الطعام على الأرض."،
وتقول واحدة منهم،
"أنهم غريبوا الأطوار،
ألا يعلمون مالنا من فائدة.!؟".
الكسرات ترى حالها،
كبيرة جداً وغنيّة بالمواد الغذائية،
ولايعلمون كم هو حجمهم صغير،
ولايساوي شيئاً مقارنة بالقطعة الكبيرة.
وبعد إنتهاء العشاء،
كانت الأرض مليئة بفتات الخبز،
وقام عامل النظافه،
بجمعهم ليرميهم خارجاً.
وهذه العملية تحدث من وجهة نظر الفتات،
على الشكل التالي..
أنظروا يا أصدقائي،
إنهم الآن يبعدوننا عن هذا المكان،
ألهذا الحد قد ضاقوا ذرعاً منّا،
فلنتركهم يفعلون مايريدون،
ولنحتجّ ضدّ قمعهم لنا،
لا للقمع..!!
لا للكبت..!!
لا لفرض السيطرة..!!
يحيا الفتات..!!
يعيش الخبز..!!
وقليل ماعلموا،
أن لا أحد يسمع هتافهم سواهم،
وجرّتهم المكنسة،
إلى الخارج وتركتهم في سلّة المهملات.
بعد وقت قصير،
والفتات يحاول أن يستجمع قواه،
وكل قطعة صغيرة،
ترى حال صديقاتها.
هل أنتوا بخير!؟
أجيبوا يا أصدقائي..!!
نعم، انا موجوده،
وانا كذلك،
أعتقد أنني أصبت قليلاً فقط.
الحمدلله،
ولكن لقد نفق منّا الكثير،
يالبشاعتهم لا يريدون منّا فائدة،
فلنستسلم للعفن إذاً،
وليذهبوا للجحيم.
نعم..!!
فليخسئ الظالمين..!!
تباً لهم..!!
وفي هذا الوقت،
وإذا بظل صغير يدخل الزقاق،
اللذي ترقد به كسرات الخبز،
ويتبعه ظل آخر،
أصغر منه حجماً.
ألم أقل لكِ،
أن هذا المكان كنز،
فهو كل ليلة يمتلئ بالذهب،
هيّا ياعزيزتي،
فلتملئي معدتك،
وجيوبك منه.
حسناً يا أخي العزيز سأفعل..
وتشعر الكسرات بان هناك،
من يمسكهم بيديه،
بغاية إلتهامهم ففرحوا بذلك،
لأن تلك هي غايتهم بالحياة،
أن يسكنوا معدة شخص،
فقالت الكسرات،
"وأخيراً لقد دعونا لقدرنا المعهود..!!".
وفجأة تنقشع الغيوم المتلبّدة في السماء،
ليكشف نور القمر عن ملامح الظلال الصغيرة،
وقد كانوا طفلين فقراء،
يلتهمون فتات الخبز كأنه أشهى أكل بالحياة،
ويتلذذون به أيما تلذذ.
ختام:
لا تحتقر الشيء،
مهما كان صغير الحجم،
فما تعتبره قمامة،
حتماً سيكون كنز لشخص آخر،
كفتات الخبز،
اللذي ننفضه من على ملابسنا،
عندما يجتمع يكون كنز،
لبطون لم تعتاد الشبع.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
على أرضية مطبخ المطعم العريق،
تتجمّع بعض كسرات من خبز،
قد سقط من تقطيع الخبز،
تهييئاً لأطباق اليوم،
موجودة هذه الكسرات،
بعضها قد وطئ عليه من قبل الموظّفين،
والبعض الآخر لايزال متجمّع،
ولازالوا بأماكنهم،
وبعد فترة الغداء،
كانت قطع الخبز بكميّات كبيرة،
حتى أصبحت الكسرات،
كقطع رمل ذهبيّة متجمّعه،
بقت هناك في مكانها.
تتحدث إحدى الكسرات،
فتقول،
"مالهم يتركوننا بالأرض!؟"،
فتجيب الأخرى،
"هذا الفسق بعينه!!،
يرمون الطعام على الأرض."،
وتقول واحدة منهم،
"أنهم غريبوا الأطوار،
ألا يعلمون مالنا من فائدة.!؟".
الكسرات ترى حالها،
كبيرة جداً وغنيّة بالمواد الغذائية،
ولايعلمون كم هو حجمهم صغير،
ولايساوي شيئاً مقارنة بالقطعة الكبيرة.
وبعد إنتهاء العشاء،
كانت الأرض مليئة بفتات الخبز،
وقام عامل النظافه،
بجمعهم ليرميهم خارجاً.
وهذه العملية تحدث من وجهة نظر الفتات،
على الشكل التالي..
أنظروا يا أصدقائي،
إنهم الآن يبعدوننا عن هذا المكان،
ألهذا الحد قد ضاقوا ذرعاً منّا،
فلنتركهم يفعلون مايريدون،
ولنحتجّ ضدّ قمعهم لنا،
لا للقمع..!!
لا للكبت..!!
لا لفرض السيطرة..!!
يحيا الفتات..!!
يعيش الخبز..!!
وقليل ماعلموا،
أن لا أحد يسمع هتافهم سواهم،
وجرّتهم المكنسة،
إلى الخارج وتركتهم في سلّة المهملات.
بعد وقت قصير،
والفتات يحاول أن يستجمع قواه،
وكل قطعة صغيرة،
ترى حال صديقاتها.
هل أنتوا بخير!؟
أجيبوا يا أصدقائي..!!
نعم، انا موجوده،
وانا كذلك،
أعتقد أنني أصبت قليلاً فقط.
الحمدلله،
ولكن لقد نفق منّا الكثير،
يالبشاعتهم لا يريدون منّا فائدة،
فلنستسلم للعفن إذاً،
وليذهبوا للجحيم.
نعم..!!
فليخسئ الظالمين..!!
تباً لهم..!!
وفي هذا الوقت،
وإذا بظل صغير يدخل الزقاق،
اللذي ترقد به كسرات الخبز،
ويتبعه ظل آخر،
أصغر منه حجماً.
ألم أقل لكِ،
أن هذا المكان كنز،
فهو كل ليلة يمتلئ بالذهب،
هيّا ياعزيزتي،
فلتملئي معدتك،
وجيوبك منه.
حسناً يا أخي العزيز سأفعل..
وتشعر الكسرات بان هناك،
من يمسكهم بيديه،
بغاية إلتهامهم ففرحوا بذلك،
لأن تلك هي غايتهم بالحياة،
أن يسكنوا معدة شخص،
فقالت الكسرات،
"وأخيراً لقد دعونا لقدرنا المعهود..!!".
وفجأة تنقشع الغيوم المتلبّدة في السماء،
ليكشف نور القمر عن ملامح الظلال الصغيرة،
وقد كانوا طفلين فقراء،
يلتهمون فتات الخبز كأنه أشهى أكل بالحياة،
ويتلذذون به أيما تلذذ.
ختام:
لا تحتقر الشيء،
مهما كان صغير الحجم،
فما تعتبره قمامة،
حتماً سيكون كنز لشخص آخر،
كفتات الخبز،
اللذي ننفضه من على ملابسنا،
عندما يجتمع يكون كنز،
لبطون لم تعتاد الشبع.
فيصل...
الاثنين، 18 فبراير 2013
مورفين...
مورفين... "١٤"
"مسكّن الألم اللذي يتألم"
قصّة قصيرة بقلمي...
آه..
أكاد أموت من الألم،
لماذا رأسي يؤلمني لهذه الدرجة!؟،
لا ليس رأسي إنه جسدي،
روحي كل مابي يصرخ ألماً،
أين أنتي،
يامنقذتي أين أنتي،
مورفين!!،
ليست في جيبي،
لا ولا أجدها بالأدراج،
أين أنتي!!؟،
أجيبي،
لابد أنّها بخزانة الإسعافات،
آه..
ليست هنا أيضاً،
إين أنتي يامورفين..!!
على المغسلة في المطبخ،
حيث رمى الشاب اللذي يعاني بالأمس،
علبة حبوب المورفين بها،
لأنه أراد الإنتحار بإبتلاع محتوى العلبة،
وفي آخر لحظة تردّد ورماها بالمغسلة،
وذهبت جميع الحبوب،
إلا حبّة "مورفين" واحدة،
بقت بجانب المغسلة،
بحيث لا تبان بشكل ملحوظ.
هذا هو يصرخ من جديد،
دائماً نفس الحكاية،
يتألمون فيتعاطوني،
ثم بعد حين يكرهوني،
فيرموني بعيداً عنهم،
انا التي أمتص ألامهم،
لأتألم مكانهم،
انا التي في كلّ مرّة يبتلعوني،
أبتلع مرّ العذاب،
هذا حالي معهم،
يعتبرونني صديقه لهم،
ثم بعد حين يتركوني،
لو تعلمون مقدار الألم،
اللذي أتجرّعه بتجرّعكم لي،
لو تعلمون الإهمال اللذي تكافؤوني به،
انا التي صبرت في حين لم تصبروا،
انا التي هدأت من ألامكم،
لأصرخ صامتة بمحلّكم،
هذا انا مورفين،
العلاج السحري،
اللذي ترمون آلامكم وهمومكم عليه،
آه.. ياليتكم تعلمون عن معاناتي..
وفي هذه اللحظة وجد الشاب،
تلك الحبّة الوحيدة.
آه أخيراً وجدتك يامورفين،
أخيراً سأرتاح،
سأرتاح من تعبي ومن ألمي.
فمدّ الشاب يده ليلتقط المورفين،
ولكن بسبب البلل اللذي بيده،
من العرق المتصبّب منها،
زلقت الحبّه من يده،
وذهبت مع مياه المجاري.
ليس اليوم ياعزيزي،
لقد تألمت عوضاً عنك كثيراً،
واليوم لن أفعل،
لن أجعلك تستغلّني بعد اليوم،
ولتجرّب طعم الألم،
أفضل لك من الهروب إلي،
وإني لأفضّل مياه المجاري،
على معدة شاب ضعيف كأن،
لا يأتي إلي إلا حينما يحتاجني،
كفى،
لقد ضقت ذرعاً منكم ياضعفاء..!!
بقى الشاب ينتحب على حاله،
وعلى ألمه وعلى عقله المضطرب،
تثاقل نفسه للسرير،
وأغمى عليه،
وعندما أتى الصباح،
شعر بالألم بسيطاً،
نظر للأرض فوجد علبة الدواء الفارغة،
مكتوب عليها،
"يؤخذ عند الحاجة"،
إبتسم وهو يذرف دمعه ويقول،
"ياه يادواء..
لو تدري كم من البشر هم كحالك،
كحالي أنا أيضاً،
لا يأتي الناس إلينا،
إلا عند الحاجة"..
فيصل...
"مسكّن الألم اللذي يتألم"
قصّة قصيرة بقلمي...
آه..
أكاد أموت من الألم،
لماذا رأسي يؤلمني لهذه الدرجة!؟،
لا ليس رأسي إنه جسدي،
روحي كل مابي يصرخ ألماً،
أين أنتي،
يامنقذتي أين أنتي،
مورفين!!،
ليست في جيبي،
لا ولا أجدها بالأدراج،
أين أنتي!!؟،
أجيبي،
لابد أنّها بخزانة الإسعافات،
آه..
ليست هنا أيضاً،
إين أنتي يامورفين..!!
على المغسلة في المطبخ،
حيث رمى الشاب اللذي يعاني بالأمس،
علبة حبوب المورفين بها،
لأنه أراد الإنتحار بإبتلاع محتوى العلبة،
وفي آخر لحظة تردّد ورماها بالمغسلة،
وذهبت جميع الحبوب،
إلا حبّة "مورفين" واحدة،
بقت بجانب المغسلة،
بحيث لا تبان بشكل ملحوظ.
هذا هو يصرخ من جديد،
دائماً نفس الحكاية،
يتألمون فيتعاطوني،
ثم بعد حين يكرهوني،
فيرموني بعيداً عنهم،
انا التي أمتص ألامهم،
لأتألم مكانهم،
انا التي في كلّ مرّة يبتلعوني،
أبتلع مرّ العذاب،
هذا حالي معهم،
يعتبرونني صديقه لهم،
ثم بعد حين يتركوني،
لو تعلمون مقدار الألم،
اللذي أتجرّعه بتجرّعكم لي،
لو تعلمون الإهمال اللذي تكافؤوني به،
انا التي صبرت في حين لم تصبروا،
انا التي هدأت من ألامكم،
لأصرخ صامتة بمحلّكم،
هذا انا مورفين،
العلاج السحري،
اللذي ترمون آلامكم وهمومكم عليه،
آه.. ياليتكم تعلمون عن معاناتي..
وفي هذه اللحظة وجد الشاب،
تلك الحبّة الوحيدة.
آه أخيراً وجدتك يامورفين،
أخيراً سأرتاح،
سأرتاح من تعبي ومن ألمي.
فمدّ الشاب يده ليلتقط المورفين،
ولكن بسبب البلل اللذي بيده،
من العرق المتصبّب منها،
زلقت الحبّه من يده،
وذهبت مع مياه المجاري.
ليس اليوم ياعزيزي،
لقد تألمت عوضاً عنك كثيراً،
واليوم لن أفعل،
لن أجعلك تستغلّني بعد اليوم،
ولتجرّب طعم الألم،
أفضل لك من الهروب إلي،
وإني لأفضّل مياه المجاري،
على معدة شاب ضعيف كأن،
لا يأتي إلي إلا حينما يحتاجني،
كفى،
لقد ضقت ذرعاً منكم ياضعفاء..!!
بقى الشاب ينتحب على حاله،
وعلى ألمه وعلى عقله المضطرب،
تثاقل نفسه للسرير،
وأغمى عليه،
وعندما أتى الصباح،
شعر بالألم بسيطاً،
نظر للأرض فوجد علبة الدواء الفارغة،
مكتوب عليها،
"يؤخذ عند الحاجة"،
إبتسم وهو يذرف دمعه ويقول،
"ياه يادواء..
لو تدري كم من البشر هم كحالك،
كحالي أنا أيضاً،
لا يأتي الناس إلينا،
إلا عند الحاجة"..
فيصل...