قفز بالحبل المطاطي... "٢٣"
قصّة قصيرة بقلمي...
على طرف جسر جورج الملكي،
بولاية "كولارادو بالولايات المتحدّة الأمريكية"
يقف رجل ليقوم بقفزة الحبل المطاطي،
من على إرتفاع يبلغ تقريباً ثلاث مائة قدم.
ياه كم هو مخيف هذا الشعور،
الان يقومون بإلباسي لباس القفز،
لو لم أكن قد أفرغت مثانتي سابقاً،
لبللت نفسي الآن،
جسدي يكاد لا يتوّقف عن الإرتعاش،
لأهدأ،
تذكّر لماذا أنت تقوم بهذا الأمر،
نعم كي أنتصر على مخاوفي،
فقد ضقت ذرعاً من الخوف،
لقد كنت جباناً طوال حياتي،
السرعة، المرتفعات، الظلام، وأشياء كثيرة،
تخيفني بشدّة دائماً على نفس الحال،
والآن في بداية عقدي الثالث،
قد زهقت من هذا الشعور المؤلم،
اه لقد إنتهوا من الإعدادات،
"هيّا تقدّم"،
نعم سأتقدّم،
يالجمال المنظر،
لكن جسدي لايكف عن الإرتعاش،
آآه يالبعد القاع،
هل أعود أدراجي،
أنهم يصرخون ماذا أفعل،
"أنت جبان وستبقى هكذا للأبد"،
نعم ،
هذا ماكنت أسمعه طوال حياتي،
حتى أن خوفي قد طغى على كل شيء آخر،
فليذهبوا للجحيم،
هل فعلاً هذا يوم مماتي،
فلينتهي الأمر إذاً،
هااه جسدي لايرتعش،
لا أشعر بشيء،
هدوء تام،
فقط الريح تداعب وجهي،
أشعر أنه يمكنني الطيران،
هل هذا شعور الشجاعة،
ام هو غياب الخوف،
ام فقدت عقلي،
فقط خطوة.
ويرمي نفسه بالهواء ولايسمع له صراخ..
ياه انا اطير،
يالهذا الشعور الجميل،
كأنني أطير،
الأرض تقترب منّي بسرعة جميلة،
أما أنا اللذي أقترب،
لم أعد أشعر بالجاذبية تحكمني،
يااه سأحتضن القاع،
سيبتلعني الماء،
يالهذا الشعور الجميل.
فجأة يسحبه الحبل المطاطي،
وتسمع صرخاته الهادرة،
لجميع الموجودين..
وصلت للقاع،
ماهذا الشعور،
كأنها ألف يد تسحبني للخلف،
لا أستطيع حبس صراخي،
دموعي اهاتي،
اشعر بالسعادة والخوف،
وجميع المشاعر المختلفة،
ماهذه المشاعر،
هل هذه الحياة،
التي لم أكن أحياها.
بعد توّقف الحبل عن الإرتداد،
فريق العمل يسحب الشاب،
ويعيدونه لمكانه،
"ها هل شعرت بالموت،
صراخك كان مضحكاً."،
يسأله أحدهم،
يجيب الشاب،
"لا بل شعرت للمرّة الأولى بالحياة،
كأنني ولدت من جديد.".
ختام:
أحياناً لا نتعلّم معنى الحياة،
إلا عندما نواجه الموت،
أو أشد مخاوفنا،
لاتقلقوا فعمركم مكتوب،
وعيشوا كل لحظة كأنها حياة جديدة،
أعطاكم الله جميل العمر..
فيصل...
الأربعاء، 27 فبراير 2013
مخدّة الدموع...
مخدّة الدموع.... "٢٢"
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي ككل يوم،
أرجع للبيت،
بعد يوم مليء بالزيف،
إبتسامات مفبركة،
أحاديث منمّقة،
وأقنعة بالية،
أعود للبيت،
وليس بيتي أفضل من العالم الخارجي،
كل فرد من أسرتي،
عندما يدخل للبيت،
يقوم بتبديل قناع الرسميات،
بقناع الأسرة،
نتصنّع البسمة في وجوه بعضنا،
نتجاذب أطراف الحديث المملّة،
نتكلّم بسطحية،
ونترك الأمور العميقة،
الصريحة المهمّة،
أعود لغرفتي،
أذهب لأخلع قناعي،
وأنظر لوجهي في المرآة،
وأجده متشقق من الآلام،
جاف من المشاعر،
مكوي من الدموع الحارقة،
أذهب لأضع رأسي على المخدّة،
وأجهش بالبكاء،
كالطّفل الصغير،
أبكي حتى لايبقى بي دمع وأنام.
هذا حبيبي كعادته،
يضع رأسه بحضني،
يبكي ويشكي لي بصمت عن معاناته،
لست متضايقة من همومه،
بالعكس سعيدة،
لكوني بجانبة عندما يحتاجني،
يغرقني بدموعه الحارّة،
فأفيض له بالحنان،
أغني له بصمت،
حتى يذهب لعالم الأحلام،
ويعود في اليوم الآخر يستيقظ وهو سعيد،
ولكن للأسف دائماً يلبس قناعة،
وهذا القناع اللذي يرهقه ويبكيه،
هذه الليلّة سأخبر المنبّه ألا يعمل،
لعلّه يذهب لحياته دون أن يرتدي قناعه،
قد وافق المنبّه،
جميل لننتظر الصباح.
آه،
لقد كانت نومة مريحة،
كم الساعة،
الثامنة والنصف!!!!،
يااه ليس لدي وقت،
لأسرع لعملي،
وبسرعة عجيبة أصل هناك،
لأذهب لمكتبي.
وهو في طريقة،
يستغرب من تعليقات الموّظفين،
"مابك تبدو منهكاً اليوم"،
"يوجد شيء غريب بك اليوم"،
"هل أنت بخير، وجهك مصفر"،
ويصل لمكتبه وهو متعجّب من اللذي حدث.
ماذا بهم اليوم!؟
هل وجهي لهذه الدرجة غريب!؟،
لأنظر في المرآة،
ياه أبدو فضيعاً بشكل،
تباً!!،
لقد نسيت وضع قناعي،
وهو القناع المزيّف الوهمي،
اللذي أقوم بوضعه علي في كلّ يوم،
مالعمل لدي إجتماع مهم،
ووجهي مليء بالحزن.
وبعد يوم عمل شاق يعود لبيته،
وعندما يرى والدته،
تسأله "هل أنت بخير ياعزيزي!؟"،
من دون أن يشعر يبكي،
ويحتضنها،
"أماه إني متعب!!"،
ومع بكائه اذا بقناع والدته يسيح،
ليظهر وجهها الملائكي التي خبأته،
كي لايستغلها الناس،
وتحتضنه بعمق وتضع رأسه على رجلها،
تداعب شعره كالطفل،
وظلّ يبكي حتى إختفى كل ألم به،
بعد حالة البكاء قبّل قدم والدته ورأسها،
ثم إنصرف ليذهب لغرفته،
ووضع رأسه على المخدّة ولم يبكي،
فقد غسل وجهه بدموع الأمان والرّاحة،
ونام بهدوء تام وطمأنينة،
وهو يسمع مخدّته تهمس،
"أهلاً بعودتك ياعزيزي".
ختام:
أحياناً من كثر الهموم والأحزان،
نختار أن نضع أقنعة نحتمي خلفها،
ليوم معيّن،
ولكن ندمنها لسهولة الأمر في البداية،
ولكن مع الوقت يصبح الوضع مؤلماً بائساً،
ويبتدي الآخرون بوضع أقنعتهم لمقابلتنا،
كحال الحفلات التنكّرية،
فلكي تقترب لشخص،
عليك أولاً أن تضع جانباً،
أقنعتك الدفاعية،
لتفز بإنسان،
يشاركك حلو الحياة ومرّها.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي ككل يوم،
أرجع للبيت،
بعد يوم مليء بالزيف،
إبتسامات مفبركة،
أحاديث منمّقة،
وأقنعة بالية،
أعود للبيت،
وليس بيتي أفضل من العالم الخارجي،
كل فرد من أسرتي،
عندما يدخل للبيت،
يقوم بتبديل قناع الرسميات،
بقناع الأسرة،
نتصنّع البسمة في وجوه بعضنا،
نتجاذب أطراف الحديث المملّة،
نتكلّم بسطحية،
ونترك الأمور العميقة،
الصريحة المهمّة،
أعود لغرفتي،
أذهب لأخلع قناعي،
وأنظر لوجهي في المرآة،
وأجده متشقق من الآلام،
جاف من المشاعر،
مكوي من الدموع الحارقة،
أذهب لأضع رأسي على المخدّة،
وأجهش بالبكاء،
كالطّفل الصغير،
أبكي حتى لايبقى بي دمع وأنام.
هذا حبيبي كعادته،
يضع رأسه بحضني،
يبكي ويشكي لي بصمت عن معاناته،
لست متضايقة من همومه،
بالعكس سعيدة،
لكوني بجانبة عندما يحتاجني،
يغرقني بدموعه الحارّة،
فأفيض له بالحنان،
أغني له بصمت،
حتى يذهب لعالم الأحلام،
ويعود في اليوم الآخر يستيقظ وهو سعيد،
ولكن للأسف دائماً يلبس قناعة،
وهذا القناع اللذي يرهقه ويبكيه،
هذه الليلّة سأخبر المنبّه ألا يعمل،
لعلّه يذهب لحياته دون أن يرتدي قناعه،
قد وافق المنبّه،
جميل لننتظر الصباح.
آه،
لقد كانت نومة مريحة،
كم الساعة،
الثامنة والنصف!!!!،
يااه ليس لدي وقت،
لأسرع لعملي،
وبسرعة عجيبة أصل هناك،
لأذهب لمكتبي.
وهو في طريقة،
يستغرب من تعليقات الموّظفين،
"مابك تبدو منهكاً اليوم"،
"يوجد شيء غريب بك اليوم"،
"هل أنت بخير، وجهك مصفر"،
ويصل لمكتبه وهو متعجّب من اللذي حدث.
ماذا بهم اليوم!؟
هل وجهي لهذه الدرجة غريب!؟،
لأنظر في المرآة،
ياه أبدو فضيعاً بشكل،
تباً!!،
لقد نسيت وضع قناعي،
وهو القناع المزيّف الوهمي،
اللذي أقوم بوضعه علي في كلّ يوم،
مالعمل لدي إجتماع مهم،
ووجهي مليء بالحزن.
وبعد يوم عمل شاق يعود لبيته،
وعندما يرى والدته،
تسأله "هل أنت بخير ياعزيزي!؟"،
من دون أن يشعر يبكي،
ويحتضنها،
"أماه إني متعب!!"،
ومع بكائه اذا بقناع والدته يسيح،
ليظهر وجهها الملائكي التي خبأته،
كي لايستغلها الناس،
وتحتضنه بعمق وتضع رأسه على رجلها،
تداعب شعره كالطفل،
وظلّ يبكي حتى إختفى كل ألم به،
بعد حالة البكاء قبّل قدم والدته ورأسها،
ثم إنصرف ليذهب لغرفته،
ووضع رأسه على المخدّة ولم يبكي،
فقد غسل وجهه بدموع الأمان والرّاحة،
ونام بهدوء تام وطمأنينة،
وهو يسمع مخدّته تهمس،
"أهلاً بعودتك ياعزيزي".
ختام:
أحياناً من كثر الهموم والأحزان،
نختار أن نضع أقنعة نحتمي خلفها،
ليوم معيّن،
ولكن ندمنها لسهولة الأمر في البداية،
ولكن مع الوقت يصبح الوضع مؤلماً بائساً،
ويبتدي الآخرون بوضع أقنعتهم لمقابلتنا،
كحال الحفلات التنكّرية،
فلكي تقترب لشخص،
عليك أولاً أن تضع جانباً،
أقنعتك الدفاعية،
لتفز بإنسان،
يشاركك حلو الحياة ومرّها.
فيصل...
الاثنين، 25 فبراير 2013
الوجه الآخر للحب...
الوجه الآخر للحب... "٢١"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد المقاهي الشعبية،
يدخل رجل كعادته،
شاب في أواخر العشرينات،
حسن الثياب،
ملامحة عادية،
إبتسامته بشوشة،
يحيّي الجميع بدخوله،
ويردوّن عليه التحيّة،
كشخص إعتاد المكان منذ فترة،
يذهب ليجلس بمكانه المعهود،
فيجلبون له طلبه المعتاد،
كوب القهوة،
وشيشة "السلوّم"،
ويبتدي في التأمل كعادته،
بعد أول رشفة له من القهوة،
ولحظة إخراج أول نفس له من الدّخان.
ياه كانت الأيام الماضية متعبة،
العمل والرسميات المتتالية،
كم انا بحاجة لبضع لحظات من الرّاحة،
أعشق هذا المقهى فهو هادئ،
ليس كباقي المقاهي التي تعج بالزبائن،
وصوت الموسيقى يكاد يفقع طبلة أذني،
كما قيل لي أنا رجل من الطراز القديم،
أعشق الفن القديم الهادئ.
وبينما هو غارق بتأملاته،
يشدّ إنتباهه شخص،
كان قد شدّ إنتباهه في الأيام الماضية.
هذا هو..!؟
في نفس المكان ونفس طريقة الجلوس،
ذلك العجوز دائماً أراه هنا،
يجلس ويأتون له بالقهوة،
يحتسي بعضاً منها،
ويتركها حتى تفتر،
ويلعب بطرف "شماغه"،
ويتأمله بعمق،
ثم يقبّله وشفاهه ترتجف،
كأنما يحبس دمعة تكاد تهرب،
فعلاً أن أمره عجيب،
لاسأل عماد عن موضوعه،
"عماد..!!".
كان عماد،
أحد الشبّان اللذين يعملون في المقهى،
يأتي عماد ويجيبه،
"نعم ، هل كل شيء كما تريد"،
يطمأنه بأن كل شيء كذلك ثم يسأل،
"ما أمر ذلك الشيخ اللذي يجلس هناك!؟"،
ينظر عماد لإتجاه عيون الرجل،
يرى العجوز ويجيب،
"هذا الرجل يأتي لهذا المكان،
حتى قبل أن أعمل به،
لا أعلم قصّته،
لكن صاحب المقهى طلب أن نعطيه مايريد،
من غير أن نأخذ منه المال،
ولايطلب غير القهوة."،
زاد فضول الرجل وشكر عماد على خدمته،
إنتظر قليلاً ثم عزم أمره،
وذهب للعجوز.
"صباح الخير ياعم.."،
لماذا لا يجيب لأكررها،
"ياعم صباح الخير..!!"،
"أهلاً يابني صباح النور"،
كأنني إنتشلته من عالمٍ آخر،
لأعرف عن نفسي،
"أسمي "جمال" ياعم"،
كأنه يفكّر بكلامي،
كشخص لم يعتاد الحديث منذ زمن،
"أهلاً ياجمال ، إسمي "خالد- أبو محمد"،
ياه صوته هادئ وحنون،
"تشرفنا ياعم أبا محمد،
هل لي بالجلوس معك"
ينظر للمقهى كأنه مستغرب من طلبي،
ولا ألومه فالمقهى شبه فاضي هذه الفترة،
"تفضّل إجلس يابني"،
لا أريد مضايقته لذا سأجلس بجوارة،
كي لايشعر بأنني أحمق يحقق بأمره،
"هذا الصباح جميل، أليس كذلك!؟"،
عماد يحضر طلبي من الطاولة الأخرى،
ويجيب علي الشيخ كمن لايهتم،
"إنه ككل صباح ياجمال"،
لأجعله يرتاح لي قليلاً،
"نعم فالصباحات تتشابه،
ولكن حالياً أشعر بالتعب،
فقد إنهمكت بأشغالي،
حتى لم يبقى لي وقت لأتمتّع بصباح كهذا"،
كأنه يسترجع أمور في رأسه،
"أعتقد أن الشباب فترة مثيرة"،
جميل فقد فتح لي المجال،
"إذاً فشبابك كان مثيراً ، ها!؟"،
أبتسم له إبتسامة شيطانية ليعرف المغزى،
"أعتقد أنه كان كذلك،
لكن لم يعد يهم الآن"،
ياه كأنه يحمل هموم الكون على كتفه،
لأصارحه بما أريد،
"الحقيقة ياعم خالد،
أنني آتي لهذه القهوة منذ مدّة،
وقد لفت إنتباهي جلوسك هنا،
كلّ يوم بنفس التأملات،
بنفس الوضع،
بمثل كوب القهوة هذا."
كأن كلامي لم يعجبه،
وأرجعه لعالم التأملات،
لأسألة بوضوح،
"هل لي معرفة حكايتك ياعم خالد!"،
يتنهّد تنهيدة طويلة،
"آه، هل حقاً تريد ذلك يابني،
فحكايتي ليست سعيدة."،
جميل الآن ربما سيخبرني،
"لاعليك فلدي متّسع من الوقت،
ولم آتي للبحث عن الحكاية السعيدة،
فقط أردت أن أستمع لك،
ولسبب جلوسك في هذا المكان كلّ يوم."،
عاد ينظر لشماغه،
ويقبّل طرفه أو يشتم رائحته،
"حسناً يابني فلتستمع إذاً لحكايتي".
وهنا بدأ العجوز يحكي حكايته،
وهو يقول..
منذ زمن بعيد،
كنت شاباً يحب المغامرة،
دائم البحث عن الإثارة،
وذلك أوقعني في كثير من المشاكل،
كنت كأي شاب في مثل عمري،
ولكن لم أكن كاذباً ولا مخادعاً،
ولا حتى جباناً،
كانت حياتي باختصار مغامرة،
واللذي كان يحرّكها،
هو الحب،
الحب لفتاة جميلة،
عشقتها منذ نعومة أظفارها،
كانت هذه الفتاة هي إبنة عمّتي،
عشنا في بيت واحد منذ الصغر،
كانا والداها مطلّقان،
لذا عاشت هي وأمها معنا،
وكانت إبنتها الوحيدة،
كنت أحبّها كأختي،
ثم هذا الحب تطوّر حتى صار عشقاً،
أتذكّر عندما بدأت بلبس الشماغ،
وهي كانت ترتدي حجابها أمامي،
كانت تخبرني بكل تفاصيل حياتها،
وأحياناً عندما تبكي،
كنت أمسح دمعها بطرف شماغي،
لذلك تجدني دائماً أقبّل ذلك الطرف،
لا تعتبر يابني أن حبّي لها،
كان نزوة لمجرّد الجنس،
لا والله،
فقد كان حبّاً طاهراً كل الطهر،
ولكن في يوم رأت عمّتي جلساتنا المطوّلة معاً،
وحالها كحال أي أم خافت،
خافت أن يخدعنا الشيطان،
لذلك،
عندما كنت في أواخر العقد الثاني من عمري،
طلبت أمّها من والدها ، "طليقها"،
أن يأخذ إبنته لتعيش معه،
وفعل،
كذلك خوفاً من أن يحدث أمر لايحمد عقباه،
وكنت أعشقها كثيراً،
ولم أكن لأؤذيها بأي شكل،
ولكن هذه حال الوالدين وخوفهم،
أخبرت أبي بأني أريدها زوجه لي،
رفض..
وقلت لعمّتي،
عمّاه أريد الزواج بها،
لاتحرميني منها،
فقالت ذلك رأي أباها،
وعدت لوالدي لأستعلم عن سبب رفضه،
فأخبرني أن أكوّن نفسي قبلاً،
وأني لازلت صغيراً،
رضخت لأمره،
وفعلت ماطلب منّي،
كنت أبعث لها بالرسائل،
وبعد فترة علم والدها بالأمر،
وبلّغ عمّتي التي بلّغت والدي،
فغضب وضربني،
وحذّرني ألا أفعل،
وكنت أستخدم أختي كرسول بيننا،
عندما تزورهم،
وهي الوحيدة غير والدي ووالداها،
اللذين يعلمون بأمرنا،
وبعد الثانوية،
ذهبت لأدرس بالخارج،
على نفقة الدولة بسبب درجاتي العالية،
في البداية رفضت،
ولكن إنصياعاً لأوامر والديّ،
ذهبت فقد أرادوا لي النجاح،
وانا بالخارج،
كنت أرسل لأهلي الخطابات،
وأرسل لأختي خطابات مشفّرة،
على هيئة أشعار،
أو أكتب بالانجليزية لها،
كي توصل رسائلي لها،
وتخبرني بأمرها،
وبعد حين لم تصلني خطابات من أختي،
صبرت على السنوات الثلاث الباقية،
كأنها الدهر،
وعدت للبلاد خريجاً،
وعندما إستقبلني أهلي،
وأنتهينا من ذلك وأنا في أسوأ مراحل صبري،
هرعت لأختي،
كي تخبرني أن حبيبتي "عشيقتي"،
قد..
قد...
تزوّجت من أبن عمّها،
ويوم زفافها هو اليوم،
لم أعي ماقالت،
وصرخت بها أين الفرح،
أين أخبريني،
أرجوك أختاه قولي لي أين هي،
قالت لماذا،
ماذا ستفعل يامجنون،
ظهرت دموعي وانا أصرخ أرجوك،
قولي لي ماالذي حدث،
أين!! أرجوك أقبلّك أختاه،
أحلّفك بالله قولي لي،
فقالت أنهم في ذلك المكان،
بسبب صدمتي رحت أركض،
حتى لم أنتعل حذائي،
وصلت لمكان الفرح،
ورأيت أسم العريس،
وهو أحد أبناء عمومتها،
سقطت على ركبتي،
قدماي تفطرّت ونزفت دم،
عيوني لا تغمض والدموع تنساب منها،
فمي مفتوح لأقصاه،
وانا أصرخ لا،
لااااااا..
وهنا توّقف أبا محمد،
ليمسح دموعه التي باغتته،
وليستجمع قواه،
وجمال ينظر له وقد إجتمع الدمع بمقلتيه،
وكأنه في لحطة وعي عاد للواقع،
صرخ بعماد أن يحضر منديلاً،
وماء وعصير ليمون ليهدئ من روعه،
من روع هذا الرجّل اللذي أصبح كالطفل أمامه،
وبعد لحظات هدوء وصمت،
تنهّد أبا محمد وأستأنف حديثة.
سامحني يابني،
لازلت ضعيفاً أمام هذا الأمر،
لنرجع نكتمل الحديث،
كنت أمام فرحهم وبداخلي أحزان،
أنظر لزينة الفرح،
وقلبي يتقطّع ملايين القطع،
أنظر من بعيد،
الناس تغنّي بسعادة،
"ليلة سعيدة ليلتك ياعريس"،
وبداخلي أصرخ،
"نعم ليلتك سعيدة ياعريس،
وليلتك تعيسة ياخالد."،
جلست هناك لا أعلم كم من الوقت،
حتى لم أشعر إنطفأت الأنوار،
وحلّ الصمت في المكان،
وكان كلّ من يمر بجاني،
يعتبرني مجنون،
لم اشأ أن أقول لهم من أنا،
خوفاً على شرفها،
بعد أن عاد وعيي وجفّ دمعي،
عدت للبيت،
ورأيت أختي بانتظاري،
رأت حالي،
ظمتني بقوّة وهي تبكي،
ودموعي لم أشعر إن كانت تنهر أم لا،
فقد تبلدت مشاعري،
قبلّت رأسي وقالت،
"لا عليك يا أخي قسمة ونصيب"،
لم أهتم لكلامها وسألت،
"أين والديّ!؟"،
قالت أخبرتهم،
"أنك في فراشك منهك من السفر،
فلا تقلق وأذهب لتستريح."،
قبلّت جبينها على مافعلت،
وانا ذاهب قلت لها،
"منذ اليوم لن أجد الراحة".
في هذا اللحظة عاد ابا محمد يتأمل،
ويقبّل طرف شماغة،
لم يدري جمال مايقول،
ولكن تكلّم،
"ياه يا ابا محمد،
فإنني لا ألومنك على ماحدث."،
فردّ الشيخ،
"لم تنتهي القصّة ياعزيزي بعد."،
واستأنف يحكي الحكاية.
بعد تلك الليلة،
لم أعد أهتم لشيء،
كنت مقهوراً،
لأنني توّقعت أنها لم تكن تحبّني،
ولم تهتم لحالي كما إهتممت لها،
وكنت غاضب،
وبعد مرور سنة حدث أمر،
جعلني أفقد،
كل مابي من شعور،
إلا الحزن والندّم،
أتت أختي،
ووجهها تشوّه من البكاء،
وتخبرني بصوت خشنّته الصرخات،
"خالد...... لقد ماتت"،
لم أفهم ماتعنيه،
وأكملت تصرخ باكية،
مدّت لي دفتر كتب عليه،
خاص لفلانه "أختي"،
والدفتر من نوع المذكرات التي لها قفل،
أخذتها وأنا لا أفهم،
"ماذا حدث ، مابك أختاه!؟"،
هربت وقبل أن تهرب قالت،
"إقرأه وستعلم"،
عدت لغرفتي،
إستخدمت المفتاح اللذي أعطتني أختي،
فتحت اول صفحة بالدفتر،
وقرأت ماكتب،
"فلانه هذه المذكرّات،
ليس لها غير مفتاحين،
الأول معي،
والآخر معك لمثل هذا اليوم،
ومفتاحي مخبّأ،
حيث لن يعرف مكانه أحد،
وبما أن الدفتر بيدك،
ذلك يعني أنني فارقت الحياة"،
توّقفت أسترجع أنفاسي،
وأتذكّر ماقالته أختي ل "لقد ماتت"،
أكملت القراءة،
"وبما أنني قد فارقت الحياة،
فهذه المذكّرات قد كتبتها،
للرجل الوحيد اللذي سكن قلبي،
وهو خالد،
أرجوك الا تقرأيها وأعطيها لخالد.
المخلصة: "أسم حبيبتي..."."،
صعقت وتأثرت سال دمعي،
عضضت شفاهي حتى أدمت،
وبدأت أقرأ ومع كل حرف أتنهّد،
وبعد كل سطر أصرخ،
ياه للحب اللذي أهدتني إياه،
يالدنائتي حين شككت بحبّها،
أخبرتني بتفاصيل كثيرة،
ومعاناتها،
وآلامها وأحزانها،
قرأت كل شيء وشعرت كما شعرت هي به،
وكان شعورها أشد قسوة من شعوري،
حتّى أن عنائي لايذكر لها،
لقد حفظت تلك الصفحات بقلبي،
وسأخبرك ببعض منها.
أحبّك خالد،
نعم هذه الكلمة الوحيدة،
لا يستحقّها سواك،
لقد بدأت بكتابة هذه المذكّرات،
بعد أن أنقطعت أخبارك،
يقولون أهلي أنك مللت منّي،
وانا أعلم أنهم يكذبون،
فمحال أن يتركني خالد.
خالد أشتاق لك كثيراً،
أكاد أجن بسبب هذا الإشتياق،
ياه كم أريدك أن تمسح مدمعي،
بطرف شماغك،
أحبّك خالد.
خالد لقد علمت أنك سافرت لتدرس بالخارج،
تمنيّت لو كنت معك في سفرك،
كم سيكون جميلاً وجودك بجانبي،
بعيد عن هذا الظلم،
وفقّك الله حبيبي،
أشتاق لك ياخالد.
خالد..
لقد وافق أبي على خطبتي من إبن عمّي،
لقد رفضت وصرخت وبكيت،
ولم يرضى أبي وضربني،
فكرت بالانتحار،
لكن لم اشأ أن أوجع قلبك بموتي،
أحتاج لك خالد.
خالد حفل زفافي غداً،
وغداً ستعود للبلاد،
يالسخرية القدر القاسية،
خالد كم أريدك أن تكون أنت زوجي،
من يزفّوني إليه غداً،
خالد انا لك وحدك.
خالد لقد مرّ شهر على زفافي،
زوجي رجل صالح،
وطيّب وحنون،
ويحبّني كثيرا،
وحاولت أن أوفي عهدي كزوجة،
ولكنّي أشعر بالذنب،
لأنني لم أستطع أن أبادله الحب،
وكيف أفعل وأنت وحدك من في قلبي،
أتمنّى أن تكون بخير،
مجنونة بك ياخالد.
خالد انا حامل،
تمنيّت لو كان إبنك اللذي يحيا في بطني،
ولكن شائت الأقدار،
أحبّك خالد.
خالد لقد قرّبت موعد ولادتي،
يقولون أن الجنين في حالة خطرة،
ربمّا أموت في خلال الإنجاب،
إن مت سأكون شهيدة بإذن الله،
وأطلب من الله أن يشفع لك.
خالد غداً موعد العملية،
إن كان هذا آخر ما أكتب،
أتمنى من الله،
أن يجمعني بك في جنّته،
إلى اللقاء من قسوة الدنيا،
إلى لقاء تحت رحمة الرحمن،
أحبّك خالد..
هنا بدأ جمال بذرف الدموع،
كما فعل الرجّل اللذي أمامه،
فلم يستطع إحتمال كميّة المشاعر،
اللتي إنهملت عليه،
ثم عاد ابا محمد ليقول،
"أتعلم ماهي الطامّة"،
"ماذا!؟"،
سأل جمال وهو يكبح شهقات البكاء،
"أن زوجها سمّى إبنه "خالد" تلبية لطلبها"،
ترك جمال شهقة تخرج منه على هذه المعلومة،
بعد فترة هدؤوا،
ثم قال خالد لجمال،
يستأنف ماتبقّى من القصّة.
بعد موتها بفترة ذهبت لبيت زوجها،
ودخلت عليه المجلس،
وأكرمني،
ثم عزيّته بفقديتنا انا واياه،
وقلت له،
يا ابا خالد،
اتيتك اليوم لأخبرك بأمر،
فقال "تفضّل"،
فققصت الحكاية من بدايتها،
حتى أنتهيت وقلت له،
هذه رقبتي فأفعل بي ما أنت فاعل،
وضع يده على كتفي وأحتضنني،
وقال وهو يبكي،
"سامحني ياخالد،
ولتسامحني أم خالد،
فلم يكن لي علم بما حدث،
وليرحمها الله وليعفو عنّي،
ولتعفوون عنّي أنتما أيضاً،
فقد كانت أم خالد،
رحمها الله لم ترفض لي طلب،
وعاملتني أحسن معاملة،
حتى إنني كنت أتوّقع أنها ملاك،
وفعلاً أنها ملاك،
وياخالد لست أريد منك شيء،
سوى غفرانك لي"،
صعقت لكلامه ولم ألم ام خالد بما كتبت عنه،
فقد كان رجل بمعنى الكلمة،
ويملك قلب لايملكه سواه،
حتى أنني ضننته ملاكاً،
فقام وأحضر خالد،
وقال،
"خذ ياخالد قبّل إبنها"،
فقبلّته وانا أبكي،
ثم تركته لأذهب،
فقال،
"تعال متى أردت ياصديقي،
لأي شيء تريده،
حتى خالد إعتبره إبنك"،
قبلّت رأسه وأحتضنتهما بشدّة،
وقلت له لا والله هذا إبنك،
وانت كان من نصيبك ان تكون لك في الدنيا،
وبإذن ربّي ستكون لي بالآخرة،
ومرّت السنين تزوجت وانجبت،
واحببت زوجتي وعاملتها في مكانها،
ولازال قلبي معها،
حتى أنني أتصدّق بأسمها،
وهذه يابني حكايتي،
وعذراً على الإطالة عليك،
بتخاريف عجوز خرف.
قام جمال وقبّل رأس الشيخ،
وقال،
"أشكرك من قلبي يا أبا محمد،
لقد..."،
سكت جمال ثم أكمل،
"لقد عيّشتني أجمل حالة من الحب،
وانا لذلك مدين لك مدى الحياة"،
قبّله خالد وسكت،
ذهب جمال لحياته،
وبقى خالد يتأمل بحياته،
ويقبّل شماغة،
ومنذ ذلك اليوم أصبح خالد وجمال صديقان،
حتى توفي خالد وفي يوم دفانه،
دعى له جمال،
"ربي أجمعه بمن يشتاق له،
وتشتاق له،
ربي أنت أرحم الرحمين"،
وعاد جمال لبيته،
ولم يبكي يومها،
لأنه كان يوماً سعيداً،
حيث أخيراً،
وبمشيئة ربّي،
سيجتمعان في جنّته.
ختام:
الحب من أسمى المعاني،
لا تستغلوه بالسوء،
ولاتجعل كلّ حب،
كما يستغلّه القذرين،
ولاتنظروا له كالقذارة،
الحب طاهر،
ولكن بعض من البشر يدنّسه،
لذلك حاولوا أن تتركوه بطهارته،
أحبكّم جميعاً
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد المقاهي الشعبية،
يدخل رجل كعادته،
شاب في أواخر العشرينات،
حسن الثياب،
ملامحة عادية،
إبتسامته بشوشة،
يحيّي الجميع بدخوله،
ويردوّن عليه التحيّة،
كشخص إعتاد المكان منذ فترة،
يذهب ليجلس بمكانه المعهود،
فيجلبون له طلبه المعتاد،
كوب القهوة،
وشيشة "السلوّم"،
ويبتدي في التأمل كعادته،
بعد أول رشفة له من القهوة،
ولحظة إخراج أول نفس له من الدّخان.
ياه كانت الأيام الماضية متعبة،
العمل والرسميات المتتالية،
كم انا بحاجة لبضع لحظات من الرّاحة،
أعشق هذا المقهى فهو هادئ،
ليس كباقي المقاهي التي تعج بالزبائن،
وصوت الموسيقى يكاد يفقع طبلة أذني،
كما قيل لي أنا رجل من الطراز القديم،
أعشق الفن القديم الهادئ.
وبينما هو غارق بتأملاته،
يشدّ إنتباهه شخص،
كان قد شدّ إنتباهه في الأيام الماضية.
هذا هو..!؟
في نفس المكان ونفس طريقة الجلوس،
ذلك العجوز دائماً أراه هنا،
يجلس ويأتون له بالقهوة،
يحتسي بعضاً منها،
ويتركها حتى تفتر،
ويلعب بطرف "شماغه"،
ويتأمله بعمق،
ثم يقبّله وشفاهه ترتجف،
كأنما يحبس دمعة تكاد تهرب،
فعلاً أن أمره عجيب،
لاسأل عماد عن موضوعه،
"عماد..!!".
كان عماد،
أحد الشبّان اللذين يعملون في المقهى،
يأتي عماد ويجيبه،
"نعم ، هل كل شيء كما تريد"،
يطمأنه بأن كل شيء كذلك ثم يسأل،
"ما أمر ذلك الشيخ اللذي يجلس هناك!؟"،
ينظر عماد لإتجاه عيون الرجل،
يرى العجوز ويجيب،
"هذا الرجل يأتي لهذا المكان،
حتى قبل أن أعمل به،
لا أعلم قصّته،
لكن صاحب المقهى طلب أن نعطيه مايريد،
من غير أن نأخذ منه المال،
ولايطلب غير القهوة."،
زاد فضول الرجل وشكر عماد على خدمته،
إنتظر قليلاً ثم عزم أمره،
وذهب للعجوز.
"صباح الخير ياعم.."،
لماذا لا يجيب لأكررها،
"ياعم صباح الخير..!!"،
"أهلاً يابني صباح النور"،
كأنني إنتشلته من عالمٍ آخر،
لأعرف عن نفسي،
"أسمي "جمال" ياعم"،
كأنه يفكّر بكلامي،
كشخص لم يعتاد الحديث منذ زمن،
"أهلاً ياجمال ، إسمي "خالد- أبو محمد"،
ياه صوته هادئ وحنون،
"تشرفنا ياعم أبا محمد،
هل لي بالجلوس معك"
ينظر للمقهى كأنه مستغرب من طلبي،
ولا ألومه فالمقهى شبه فاضي هذه الفترة،
"تفضّل إجلس يابني"،
لا أريد مضايقته لذا سأجلس بجوارة،
كي لايشعر بأنني أحمق يحقق بأمره،
"هذا الصباح جميل، أليس كذلك!؟"،
عماد يحضر طلبي من الطاولة الأخرى،
ويجيب علي الشيخ كمن لايهتم،
"إنه ككل صباح ياجمال"،
لأجعله يرتاح لي قليلاً،
"نعم فالصباحات تتشابه،
ولكن حالياً أشعر بالتعب،
فقد إنهمكت بأشغالي،
حتى لم يبقى لي وقت لأتمتّع بصباح كهذا"،
كأنه يسترجع أمور في رأسه،
"أعتقد أن الشباب فترة مثيرة"،
جميل فقد فتح لي المجال،
"إذاً فشبابك كان مثيراً ، ها!؟"،
أبتسم له إبتسامة شيطانية ليعرف المغزى،
"أعتقد أنه كان كذلك،
لكن لم يعد يهم الآن"،
ياه كأنه يحمل هموم الكون على كتفه،
لأصارحه بما أريد،
"الحقيقة ياعم خالد،
أنني آتي لهذه القهوة منذ مدّة،
وقد لفت إنتباهي جلوسك هنا،
كلّ يوم بنفس التأملات،
بنفس الوضع،
بمثل كوب القهوة هذا."
كأن كلامي لم يعجبه،
وأرجعه لعالم التأملات،
لأسألة بوضوح،
"هل لي معرفة حكايتك ياعم خالد!"،
يتنهّد تنهيدة طويلة،
"آه، هل حقاً تريد ذلك يابني،
فحكايتي ليست سعيدة."،
جميل الآن ربما سيخبرني،
"لاعليك فلدي متّسع من الوقت،
ولم آتي للبحث عن الحكاية السعيدة،
فقط أردت أن أستمع لك،
ولسبب جلوسك في هذا المكان كلّ يوم."،
عاد ينظر لشماغه،
ويقبّل طرفه أو يشتم رائحته،
"حسناً يابني فلتستمع إذاً لحكايتي".
وهنا بدأ العجوز يحكي حكايته،
وهو يقول..
منذ زمن بعيد،
كنت شاباً يحب المغامرة،
دائم البحث عن الإثارة،
وذلك أوقعني في كثير من المشاكل،
كنت كأي شاب في مثل عمري،
ولكن لم أكن كاذباً ولا مخادعاً،
ولا حتى جباناً،
كانت حياتي باختصار مغامرة،
واللذي كان يحرّكها،
هو الحب،
الحب لفتاة جميلة،
عشقتها منذ نعومة أظفارها،
كانت هذه الفتاة هي إبنة عمّتي،
عشنا في بيت واحد منذ الصغر،
كانا والداها مطلّقان،
لذا عاشت هي وأمها معنا،
وكانت إبنتها الوحيدة،
كنت أحبّها كأختي،
ثم هذا الحب تطوّر حتى صار عشقاً،
أتذكّر عندما بدأت بلبس الشماغ،
وهي كانت ترتدي حجابها أمامي،
كانت تخبرني بكل تفاصيل حياتها،
وأحياناً عندما تبكي،
كنت أمسح دمعها بطرف شماغي،
لذلك تجدني دائماً أقبّل ذلك الطرف،
لا تعتبر يابني أن حبّي لها،
كان نزوة لمجرّد الجنس،
لا والله،
فقد كان حبّاً طاهراً كل الطهر،
ولكن في يوم رأت عمّتي جلساتنا المطوّلة معاً،
وحالها كحال أي أم خافت،
خافت أن يخدعنا الشيطان،
لذلك،
عندما كنت في أواخر العقد الثاني من عمري،
طلبت أمّها من والدها ، "طليقها"،
أن يأخذ إبنته لتعيش معه،
وفعل،
كذلك خوفاً من أن يحدث أمر لايحمد عقباه،
وكنت أعشقها كثيراً،
ولم أكن لأؤذيها بأي شكل،
ولكن هذه حال الوالدين وخوفهم،
أخبرت أبي بأني أريدها زوجه لي،
رفض..
وقلت لعمّتي،
عمّاه أريد الزواج بها،
لاتحرميني منها،
فقالت ذلك رأي أباها،
وعدت لوالدي لأستعلم عن سبب رفضه،
فأخبرني أن أكوّن نفسي قبلاً،
وأني لازلت صغيراً،
رضخت لأمره،
وفعلت ماطلب منّي،
كنت أبعث لها بالرسائل،
وبعد فترة علم والدها بالأمر،
وبلّغ عمّتي التي بلّغت والدي،
فغضب وضربني،
وحذّرني ألا أفعل،
وكنت أستخدم أختي كرسول بيننا،
عندما تزورهم،
وهي الوحيدة غير والدي ووالداها،
اللذين يعلمون بأمرنا،
وبعد الثانوية،
ذهبت لأدرس بالخارج،
على نفقة الدولة بسبب درجاتي العالية،
في البداية رفضت،
ولكن إنصياعاً لأوامر والديّ،
ذهبت فقد أرادوا لي النجاح،
وانا بالخارج،
كنت أرسل لأهلي الخطابات،
وأرسل لأختي خطابات مشفّرة،
على هيئة أشعار،
أو أكتب بالانجليزية لها،
كي توصل رسائلي لها،
وتخبرني بأمرها،
وبعد حين لم تصلني خطابات من أختي،
صبرت على السنوات الثلاث الباقية،
كأنها الدهر،
وعدت للبلاد خريجاً،
وعندما إستقبلني أهلي،
وأنتهينا من ذلك وأنا في أسوأ مراحل صبري،
هرعت لأختي،
كي تخبرني أن حبيبتي "عشيقتي"،
قد..
قد...
تزوّجت من أبن عمّها،
ويوم زفافها هو اليوم،
لم أعي ماقالت،
وصرخت بها أين الفرح،
أين أخبريني،
أرجوك أختاه قولي لي أين هي،
قالت لماذا،
ماذا ستفعل يامجنون،
ظهرت دموعي وانا أصرخ أرجوك،
قولي لي ماالذي حدث،
أين!! أرجوك أقبلّك أختاه،
أحلّفك بالله قولي لي،
فقالت أنهم في ذلك المكان،
بسبب صدمتي رحت أركض،
حتى لم أنتعل حذائي،
وصلت لمكان الفرح،
ورأيت أسم العريس،
وهو أحد أبناء عمومتها،
سقطت على ركبتي،
قدماي تفطرّت ونزفت دم،
عيوني لا تغمض والدموع تنساب منها،
فمي مفتوح لأقصاه،
وانا أصرخ لا،
لااااااا..
وهنا توّقف أبا محمد،
ليمسح دموعه التي باغتته،
وليستجمع قواه،
وجمال ينظر له وقد إجتمع الدمع بمقلتيه،
وكأنه في لحطة وعي عاد للواقع،
صرخ بعماد أن يحضر منديلاً،
وماء وعصير ليمون ليهدئ من روعه،
من روع هذا الرجّل اللذي أصبح كالطفل أمامه،
وبعد لحظات هدوء وصمت،
تنهّد أبا محمد وأستأنف حديثة.
سامحني يابني،
لازلت ضعيفاً أمام هذا الأمر،
لنرجع نكتمل الحديث،
كنت أمام فرحهم وبداخلي أحزان،
أنظر لزينة الفرح،
وقلبي يتقطّع ملايين القطع،
أنظر من بعيد،
الناس تغنّي بسعادة،
"ليلة سعيدة ليلتك ياعريس"،
وبداخلي أصرخ،
"نعم ليلتك سعيدة ياعريس،
وليلتك تعيسة ياخالد."،
جلست هناك لا أعلم كم من الوقت،
حتى لم أشعر إنطفأت الأنوار،
وحلّ الصمت في المكان،
وكان كلّ من يمر بجاني،
يعتبرني مجنون،
لم اشأ أن أقول لهم من أنا،
خوفاً على شرفها،
بعد أن عاد وعيي وجفّ دمعي،
عدت للبيت،
ورأيت أختي بانتظاري،
رأت حالي،
ظمتني بقوّة وهي تبكي،
ودموعي لم أشعر إن كانت تنهر أم لا،
فقد تبلدت مشاعري،
قبلّت رأسي وقالت،
"لا عليك يا أخي قسمة ونصيب"،
لم أهتم لكلامها وسألت،
"أين والديّ!؟"،
قالت أخبرتهم،
"أنك في فراشك منهك من السفر،
فلا تقلق وأذهب لتستريح."،
قبلّت جبينها على مافعلت،
وانا ذاهب قلت لها،
"منذ اليوم لن أجد الراحة".
في هذا اللحظة عاد ابا محمد يتأمل،
ويقبّل طرف شماغة،
لم يدري جمال مايقول،
ولكن تكلّم،
"ياه يا ابا محمد،
فإنني لا ألومنك على ماحدث."،
فردّ الشيخ،
"لم تنتهي القصّة ياعزيزي بعد."،
واستأنف يحكي الحكاية.
بعد تلك الليلة،
لم أعد أهتم لشيء،
كنت مقهوراً،
لأنني توّقعت أنها لم تكن تحبّني،
ولم تهتم لحالي كما إهتممت لها،
وكنت غاضب،
وبعد مرور سنة حدث أمر،
جعلني أفقد،
كل مابي من شعور،
إلا الحزن والندّم،
أتت أختي،
ووجهها تشوّه من البكاء،
وتخبرني بصوت خشنّته الصرخات،
"خالد...... لقد ماتت"،
لم أفهم ماتعنيه،
وأكملت تصرخ باكية،
مدّت لي دفتر كتب عليه،
خاص لفلانه "أختي"،
والدفتر من نوع المذكرات التي لها قفل،
أخذتها وأنا لا أفهم،
"ماذا حدث ، مابك أختاه!؟"،
هربت وقبل أن تهرب قالت،
"إقرأه وستعلم"،
عدت لغرفتي،
إستخدمت المفتاح اللذي أعطتني أختي،
فتحت اول صفحة بالدفتر،
وقرأت ماكتب،
"فلانه هذه المذكرّات،
ليس لها غير مفتاحين،
الأول معي،
والآخر معك لمثل هذا اليوم،
ومفتاحي مخبّأ،
حيث لن يعرف مكانه أحد،
وبما أن الدفتر بيدك،
ذلك يعني أنني فارقت الحياة"،
توّقفت أسترجع أنفاسي،
وأتذكّر ماقالته أختي ل "لقد ماتت"،
أكملت القراءة،
"وبما أنني قد فارقت الحياة،
فهذه المذكّرات قد كتبتها،
للرجل الوحيد اللذي سكن قلبي،
وهو خالد،
أرجوك الا تقرأيها وأعطيها لخالد.
المخلصة: "أسم حبيبتي..."."،
صعقت وتأثرت سال دمعي،
عضضت شفاهي حتى أدمت،
وبدأت أقرأ ومع كل حرف أتنهّد،
وبعد كل سطر أصرخ،
ياه للحب اللذي أهدتني إياه،
يالدنائتي حين شككت بحبّها،
أخبرتني بتفاصيل كثيرة،
ومعاناتها،
وآلامها وأحزانها،
قرأت كل شيء وشعرت كما شعرت هي به،
وكان شعورها أشد قسوة من شعوري،
حتّى أن عنائي لايذكر لها،
لقد حفظت تلك الصفحات بقلبي،
وسأخبرك ببعض منها.
أحبّك خالد،
نعم هذه الكلمة الوحيدة،
لا يستحقّها سواك،
لقد بدأت بكتابة هذه المذكّرات،
بعد أن أنقطعت أخبارك،
يقولون أهلي أنك مللت منّي،
وانا أعلم أنهم يكذبون،
فمحال أن يتركني خالد.
خالد أشتاق لك كثيراً،
أكاد أجن بسبب هذا الإشتياق،
ياه كم أريدك أن تمسح مدمعي،
بطرف شماغك،
أحبّك خالد.
خالد لقد علمت أنك سافرت لتدرس بالخارج،
تمنيّت لو كنت معك في سفرك،
كم سيكون جميلاً وجودك بجانبي،
بعيد عن هذا الظلم،
وفقّك الله حبيبي،
أشتاق لك ياخالد.
خالد..
لقد وافق أبي على خطبتي من إبن عمّي،
لقد رفضت وصرخت وبكيت،
ولم يرضى أبي وضربني،
فكرت بالانتحار،
لكن لم اشأ أن أوجع قلبك بموتي،
أحتاج لك خالد.
خالد حفل زفافي غداً،
وغداً ستعود للبلاد،
يالسخرية القدر القاسية،
خالد كم أريدك أن تكون أنت زوجي،
من يزفّوني إليه غداً،
خالد انا لك وحدك.
خالد لقد مرّ شهر على زفافي،
زوجي رجل صالح،
وطيّب وحنون،
ويحبّني كثيرا،
وحاولت أن أوفي عهدي كزوجة،
ولكنّي أشعر بالذنب،
لأنني لم أستطع أن أبادله الحب،
وكيف أفعل وأنت وحدك من في قلبي،
أتمنّى أن تكون بخير،
مجنونة بك ياخالد.
خالد انا حامل،
تمنيّت لو كان إبنك اللذي يحيا في بطني،
ولكن شائت الأقدار،
أحبّك خالد.
خالد لقد قرّبت موعد ولادتي،
يقولون أن الجنين في حالة خطرة،
ربمّا أموت في خلال الإنجاب،
إن مت سأكون شهيدة بإذن الله،
وأطلب من الله أن يشفع لك.
خالد غداً موعد العملية،
إن كان هذا آخر ما أكتب،
أتمنى من الله،
أن يجمعني بك في جنّته،
إلى اللقاء من قسوة الدنيا،
إلى لقاء تحت رحمة الرحمن،
أحبّك خالد..
هنا بدأ جمال بذرف الدموع،
كما فعل الرجّل اللذي أمامه،
فلم يستطع إحتمال كميّة المشاعر،
اللتي إنهملت عليه،
ثم عاد ابا محمد ليقول،
"أتعلم ماهي الطامّة"،
"ماذا!؟"،
سأل جمال وهو يكبح شهقات البكاء،
"أن زوجها سمّى إبنه "خالد" تلبية لطلبها"،
ترك جمال شهقة تخرج منه على هذه المعلومة،
بعد فترة هدؤوا،
ثم قال خالد لجمال،
يستأنف ماتبقّى من القصّة.
بعد موتها بفترة ذهبت لبيت زوجها،
ودخلت عليه المجلس،
وأكرمني،
ثم عزيّته بفقديتنا انا واياه،
وقلت له،
يا ابا خالد،
اتيتك اليوم لأخبرك بأمر،
فقال "تفضّل"،
فققصت الحكاية من بدايتها،
حتى أنتهيت وقلت له،
هذه رقبتي فأفعل بي ما أنت فاعل،
وضع يده على كتفي وأحتضنني،
وقال وهو يبكي،
"سامحني ياخالد،
ولتسامحني أم خالد،
فلم يكن لي علم بما حدث،
وليرحمها الله وليعفو عنّي،
ولتعفوون عنّي أنتما أيضاً،
فقد كانت أم خالد،
رحمها الله لم ترفض لي طلب،
وعاملتني أحسن معاملة،
حتى إنني كنت أتوّقع أنها ملاك،
وفعلاً أنها ملاك،
وياخالد لست أريد منك شيء،
سوى غفرانك لي"،
صعقت لكلامه ولم ألم ام خالد بما كتبت عنه،
فقد كان رجل بمعنى الكلمة،
ويملك قلب لايملكه سواه،
حتى أنني ضننته ملاكاً،
فقام وأحضر خالد،
وقال،
"خذ ياخالد قبّل إبنها"،
فقبلّته وانا أبكي،
ثم تركته لأذهب،
فقال،
"تعال متى أردت ياصديقي،
لأي شيء تريده،
حتى خالد إعتبره إبنك"،
قبلّت رأسه وأحتضنتهما بشدّة،
وقلت له لا والله هذا إبنك،
وانت كان من نصيبك ان تكون لك في الدنيا،
وبإذن ربّي ستكون لي بالآخرة،
ومرّت السنين تزوجت وانجبت،
واحببت زوجتي وعاملتها في مكانها،
ولازال قلبي معها،
حتى أنني أتصدّق بأسمها،
وهذه يابني حكايتي،
وعذراً على الإطالة عليك،
بتخاريف عجوز خرف.
قام جمال وقبّل رأس الشيخ،
وقال،
"أشكرك من قلبي يا أبا محمد،
لقد..."،
سكت جمال ثم أكمل،
"لقد عيّشتني أجمل حالة من الحب،
وانا لذلك مدين لك مدى الحياة"،
قبّله خالد وسكت،
ذهب جمال لحياته،
وبقى خالد يتأمل بحياته،
ويقبّل شماغة،
ومنذ ذلك اليوم أصبح خالد وجمال صديقان،
حتى توفي خالد وفي يوم دفانه،
دعى له جمال،
"ربي أجمعه بمن يشتاق له،
وتشتاق له،
ربي أنت أرحم الرحمين"،
وعاد جمال لبيته،
ولم يبكي يومها،
لأنه كان يوماً سعيداً،
حيث أخيراً،
وبمشيئة ربّي،
سيجتمعان في جنّته.
ختام:
الحب من أسمى المعاني،
لا تستغلوه بالسوء،
ولاتجعل كلّ حب،
كما يستغلّه القذرين،
ولاتنظروا له كالقذارة،
الحب طاهر،
ولكن بعض من البشر يدنّسه،
لذلك حاولوا أن تتركوه بطهارته،
أحبكّم جميعاً
فيصل...
الأحد، 24 فبراير 2013
البطّة والفراق...
البطّة والفراق...
قصّة قصيرة من "حياتي"....
عندما كنت صغيراً،
أحضر لي أخي الكبير،
بطّتين صغيرات،
كانتا أول الحيوانات الأليفة،
التي إقتنيتها،
أحببتهما كثيراً،
كنت أحافظ عليهم وأطعمهم،
ماتت واحدة وبقيت الأخرى،
كبرت قليلاً وزاد تعلّقي بها،
وبعد فترة،
كنت في مدينة الملاهي،
"يوم البحّار"،
إحدى مدن الملاهي المعروفة في الكويت،
تقع على شارع الخليج،
مدينة شعبية بسيطة،
جميلة وكنت أعشقها كثيراً،
وأعتقد إنني لازلت،
رغم إنني لم أطأها منذ مدّة،
لايهم،
عندما كنت هناك وانا صغير،
رأيت باعة "للحيوانات الأليفة"
ووجدت بائع للبط،
وكانت إحداها بعمر بطّتي،
إشتريتها كي تسليّها،
طبعاً اللذي شراها لي هذه المرّة،
والدي "رحمة الله عليه"،
كنت سعيداً جداً،
حيث أنني وجدت صديقة لبطّتي،
وخلال أقل من أسبوع نفقت البطَة الجديدة،
وبقت بطّتي فقط،
تكبر وتكبر،
حتى غدت كبيرة علي لحملها،
كنت أعشقها أيمّا عشق،
من الغريب إنني لم أطلق عليها إسم،
فقط كنت أناديها ببطّتي،
عندما يكون الشيء واحد فقط،
فلانحتاج للأسماء،
كما قلت لقد عشقتها،
كانت في مكان من بيتنا،
يسمّى "البخّار" أو الملحق،
يشبه الكراج تقريباً لبيتنا،
كنت آتي لها بالأكل،
وأحمّيها بحوض ماء،
إشتريته خصيصاً لها،
كانت تحبّني كذلك،
كل مادخلت عليها،
كانت تأتيني ركضاً،
تصرخ بصوتها المضحك،
"واك واك وااااك"،
كنت أداعبها وألعب معها،
تحوم من حولي على هيئة دوائر،
وأحياناً يكون معي،
قطعة من البطيّخ،
فكانت تأتي لتمسح رأسها عند قدمي،
فكنت أعطيها منه فتلتهمه،
كنت أتحدّث إليها،
عن كل شيء تقريباً،
ومع مرور الوقت أصبحت كبيرة جداً،
وقد تملّلوا منها أهلي،
حيث قالوا أنها توّسخ المكان،
وفي ذلك الوقت لم أستطع حملها،
إلا بصعوبة،
لا أعلم كم كان وزنها ،
لكنّها كانت سمينة جداً،
ومرحة وسعيدة دائماً،
فقرّر والدي بيعها،
لأنهم لم يطيقوا وجودها،
بسبب كبر حجمها،
رفضت ورفضت،
ولكن دون جدوى،
خذاني والدي "رحمة الله لنبيعها"،
ولم يرد أحد شرائها،
ربما لأنهم رأوا كيف كنت محتضنها بشدّة،
أو ربما لم يرد أحد بطّة مدلّلة،
لا تعرف غير الضحك واللعب،
ليس من ورائها فائدة،
إلا لهذا الطفل "انا"،
اللذي وجد بها صديق عزيز،
وسعدت أنه لم يرد أحد شرائها،
ونحن في طريق عودتنا،
وجد والدي رجال من إخواننا في مصر،
كانوا من أهل الصعيد،
قال لهم والدي هل تريدون البطّة،
رفضوا بحيث ليس لديهم المال لشرائها،
فقال خذوها بالمجّان،
فرحوا بذلك أشدّ الفرح،
وماكان منّي،
إلا أنني حزنت أشدّ من ذلك بكثير،
وغضبت ولكن بصمت،
توالت الأعوام وها أنا اليوم،
أكتب عن هذه البطّة،
التي فارقتها منذ مايقارب،
الثمانية عشر عاماً،
ولكن أعتقد أنني بعد كتابتي،
لهذه القصّة فإني،
قد سامحت والدي "رحمه الله"،
وأيضاً أولائك الرجال اللذين أخذوها،
وسامحت نفسي على ضعفي،
لعدم مدافعتي عنها أكثر من ذلك،
وكانت تلك أول تجربة لي للفراق،
وإلى اليوم،
لم أنساك أبداً ياصديقتي.
ختام:
الفراق نوع من الألم لايمكن وصفة،
وخصوصاً الفراق الأول،
رغم السنين ذقت الفراق بأنواعه المختلفة،
الشديد منها والخفيف،
ولكن مع الوقت،
يذهب الألم وتبقى ذكرياتهم الجميلة،
فبكل شخص يوجد جزء،
من الأشياء التي فارقته،
بسيطة كانت أم كبيرة،
أعتقد أنه حتى اليوم وأنا بهذه القهوة،
جالس على الكرسي،
أكتب القصّة،
أشعر بطيفها يداعب قدمي،
وهي تصرخ،
"واك واك وااااك".
فيصل...
قصّة قصيرة من "حياتي"....
عندما كنت صغيراً،
أحضر لي أخي الكبير،
بطّتين صغيرات،
كانتا أول الحيوانات الأليفة،
التي إقتنيتها،
أحببتهما كثيراً،
كنت أحافظ عليهم وأطعمهم،
ماتت واحدة وبقيت الأخرى،
كبرت قليلاً وزاد تعلّقي بها،
وبعد فترة،
كنت في مدينة الملاهي،
"يوم البحّار"،
إحدى مدن الملاهي المعروفة في الكويت،
تقع على شارع الخليج،
مدينة شعبية بسيطة،
جميلة وكنت أعشقها كثيراً،
وأعتقد إنني لازلت،
رغم إنني لم أطأها منذ مدّة،
لايهم،
عندما كنت هناك وانا صغير،
رأيت باعة "للحيوانات الأليفة"
ووجدت بائع للبط،
وكانت إحداها بعمر بطّتي،
إشتريتها كي تسليّها،
طبعاً اللذي شراها لي هذه المرّة،
والدي "رحمة الله عليه"،
كنت سعيداً جداً،
حيث أنني وجدت صديقة لبطّتي،
وخلال أقل من أسبوع نفقت البطَة الجديدة،
وبقت بطّتي فقط،
تكبر وتكبر،
حتى غدت كبيرة علي لحملها،
كنت أعشقها أيمّا عشق،
من الغريب إنني لم أطلق عليها إسم،
فقط كنت أناديها ببطّتي،
عندما يكون الشيء واحد فقط،
فلانحتاج للأسماء،
كما قلت لقد عشقتها،
كانت في مكان من بيتنا،
يسمّى "البخّار" أو الملحق،
يشبه الكراج تقريباً لبيتنا،
كنت آتي لها بالأكل،
وأحمّيها بحوض ماء،
إشتريته خصيصاً لها،
كانت تحبّني كذلك،
كل مادخلت عليها،
كانت تأتيني ركضاً،
تصرخ بصوتها المضحك،
"واك واك وااااك"،
كنت أداعبها وألعب معها،
تحوم من حولي على هيئة دوائر،
وأحياناً يكون معي،
قطعة من البطيّخ،
فكانت تأتي لتمسح رأسها عند قدمي،
فكنت أعطيها منه فتلتهمه،
كنت أتحدّث إليها،
عن كل شيء تقريباً،
ومع مرور الوقت أصبحت كبيرة جداً،
وقد تملّلوا منها أهلي،
حيث قالوا أنها توّسخ المكان،
وفي ذلك الوقت لم أستطع حملها،
إلا بصعوبة،
لا أعلم كم كان وزنها ،
لكنّها كانت سمينة جداً،
ومرحة وسعيدة دائماً،
فقرّر والدي بيعها،
لأنهم لم يطيقوا وجودها،
بسبب كبر حجمها،
رفضت ورفضت،
ولكن دون جدوى،
خذاني والدي "رحمة الله لنبيعها"،
ولم يرد أحد شرائها،
ربما لأنهم رأوا كيف كنت محتضنها بشدّة،
أو ربما لم يرد أحد بطّة مدلّلة،
لا تعرف غير الضحك واللعب،
ليس من ورائها فائدة،
إلا لهذا الطفل "انا"،
اللذي وجد بها صديق عزيز،
وسعدت أنه لم يرد أحد شرائها،
ونحن في طريق عودتنا،
وجد والدي رجال من إخواننا في مصر،
كانوا من أهل الصعيد،
قال لهم والدي هل تريدون البطّة،
رفضوا بحيث ليس لديهم المال لشرائها،
فقال خذوها بالمجّان،
فرحوا بذلك أشدّ الفرح،
وماكان منّي،
إلا أنني حزنت أشدّ من ذلك بكثير،
وغضبت ولكن بصمت،
توالت الأعوام وها أنا اليوم،
أكتب عن هذه البطّة،
التي فارقتها منذ مايقارب،
الثمانية عشر عاماً،
ولكن أعتقد أنني بعد كتابتي،
لهذه القصّة فإني،
قد سامحت والدي "رحمه الله"،
وأيضاً أولائك الرجال اللذين أخذوها،
وسامحت نفسي على ضعفي،
لعدم مدافعتي عنها أكثر من ذلك،
وكانت تلك أول تجربة لي للفراق،
وإلى اليوم،
لم أنساك أبداً ياصديقتي.
ختام:
الفراق نوع من الألم لايمكن وصفة،
وخصوصاً الفراق الأول،
رغم السنين ذقت الفراق بأنواعه المختلفة،
الشديد منها والخفيف،
ولكن مع الوقت،
يذهب الألم وتبقى ذكرياتهم الجميلة،
فبكل شخص يوجد جزء،
من الأشياء التي فارقته،
بسيطة كانت أم كبيرة،
أعتقد أنه حتى اليوم وأنا بهذه القهوة،
جالس على الكرسي،
أكتب القصّة،
أشعر بطيفها يداعب قدمي،
وهي تصرخ،
"واك واك وااااك".
فيصل...
السبت، 23 فبراير 2013
الكلمة اللكمة...
الكلمة اللكمة... "١٩"
قصّة قصيرة بقلمي...
ياه أشعر بالدوّار،
هتافاتهم لم تتغيَر،
كما كانت منذ الطفولة،
"قاتل قاتل قاتل"،
ذلك اليوم هو بداية كلّ شيء،
الساحة الخلفية،
شمس الظهيرة الساطعة،
والقتال،
والصراخ والألم،
والدم اللذي يضخ بقلبي،
ويتناثر من فمي،
قبل ذلك ماكنت أفعل،
نعم كنت صامتاً، خجولاً في الفصل،
كان الكثير من الطلبة يسيؤون معاملتي،
كنت أخاف القتال،
ولكن لم أكن جباناً فكنت أردّ عليهم،
بالكلمات النابية مثلما يفعلون،
ولكن ذلك اليوم بالذات،
لم أعد أحتمل وهم كذلك،
فأجتمعوا حولي لضربي،
كنت خائفاً من القتال،
فقد كان هذا القتال الأول اللذي يحدث لي،
بدايةً،
هذا يشد من قميصي،
ليصفعني على وجهي،
فبعد الصفعه الأولى،
توّقف كلّ شيء،
الصراخ الوقت الألم وحتى الخوف،
ضربته بأقصى قوّتي بمعدته،
ليسقط يلتوي ممسكاً معدته،
فأتى الآخران،
ضربوني من كل اتجاه،
معدتي وجهي أطرافي،
لا أشعر بشيء،
وكنت أرد عليهم بالمثل،
حتى أن وصل الادرينالين بي،
أن حملت أحدهم وطرحته أرضاً،
وانهملت عليه باللكمات،
وانا لست اصرخ ولاشيء،
وكان كأن كل شيء إعتدت فعله منذ الصغر،
فقط أزعجني نبضي،
اللذي أصبح كقرع الطبول،
يضرب ويضرب برأسي،
وانا أذيق من كان تحتي أقسى الضربات،
والاخر يضربني ولكن لستُ أعلم من أين،
وفقط أسمع "قاتل قاتل قاتل".
واليوم كذلك نفس الصراخ من المتفرّجين،
وانا جالس،
وتعود ذاكرتي،
بسبب اللكمات التي ذقتها،
لذلك اليوم المشهود،
حيث كنت كعادتي،
أوسع أحد المتطفلّين بالضرب المبرّح،
وإذا برجل،
يبلغ من العمر اواخر الثلاثين،
يمسك يدي،
ليخبرني أن أتوَقف،
وأنا بتلك الحالة،
أستقبل الحديث،
ولكن يصعب علي تفسيره،
لذلك وجهت له لكمه،
وإذا به يصدّها،
ويرجع لي أقسى منها،
ليغمى علي،
وتلك كانت المرّة الأولى التي يغمى علي،
فقد خسرت معارك ولكن تلك الاولى،
التي أفقد وعيي،
والأشد ذهولاً أنها لكمة واحدة،
بعدها علمت أنه مدرّب للملاكمة،
تدرّبت معه،
سنين،
ونازلت العديد من الخصوم،
فمرةً أفوز،
ومرةً أخسر،
واليوم أخيراً بعد العمل الشاق،
وصلنا للمباراة الحاسمة،
مباراة بطل العالم في الوزن الثقيل،
والجولة العاشرة إنتهت،
وأنا على الكرسي،
ومدرّبي يصرخ بوجهي،
يصب الماء علي،
أشعر بطعم الدم في فمي،
كذلك ملوحة العرق،
فقدت الكثير من حواسّي الآن،
سمعي ، نصف بصري،
حتى قدرتي على الكلام،
فقد أخبروني لاحقاً،
أنه عندما كنتُ أقول،
"حسناً حسناً"،
كانت تخرج كالتالي،
"اومف اومف"،
والآن يدفعني المدرّب،
وجسدي يقف،
حتى لا أشعر بنفسي هل انا واقف أم لا،
أقترب وإذا بخصمي يقترب،
نترنّح،
يسدد لكمته لي،
ولكن قد رفعت دفاعي،
فلم تمر ،
يريد أن يرسل أخرى،
فأستبقه بسريعه في الوجه،
نترنّح من جديد،
باغتني بلكمة،
على قفصي الصدري من اليسار،
حتى أنني فقدت القدرة على الحركة،
وسقطت يداي عن دفاعاتي،
لينقض علي بلكماته،
حتى طرحني بالأمامية،
وانا على الأرض،
لا أسمع شيء،
لايمكنني الرؤية بوضوح،
حتى إنني لا أشعر بشيء،
من بين الصرخات،
أتذكّر أمر حدث قديماً لي،
كلمة أبي،
"يابني الرجل ليخسر في حياته،
في أي مجال،
وهذا طبيعي،
ولكن عندما يبدأ بالإستسلام،
فإنه سيعتاد على ذلك،
يابني،
في أي ميدان قاتل حتى تنتصر،
أو تخسر وحذار أن تستلم."،
خمسة، ستّة،
اه أسمعه،
لن أستسلم يا أبي،
سأنهض،
وها انا.
لم يعلم من أين أتت تلك القوّة،
إنقض على خصمه،
فطرحه أرضاً بعد وابلٍ من اللكمات،
وفاز بالقاضية عليه،
ليصرخوا به بطلاً للعالم في الوزن الثقيل.
قد مرّت الأعوام منذ تلك المباراة،
والآن البطل يجلس بين أحفاده،
يقص عليهم بطولاته،
وأحدهم يسأل،
"جدّي هل تشتاق للملاكمة"،
يجيب البطل،
"نعم فالملاكمة كانت طريقي،
اللذي *وجدني*".
ختام:
الحياة لها طرق عجيبه،
أحياناً نختار طريقنا،
وأحياناً كثيرة طريقنا هو اللذي يختارنا،
ولكن الأمر اللذي نحتاج أن نفعله،
هو،
"أن نسلك الطريق حتى النهاية".
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
ياه أشعر بالدوّار،
هتافاتهم لم تتغيَر،
كما كانت منذ الطفولة،
"قاتل قاتل قاتل"،
ذلك اليوم هو بداية كلّ شيء،
الساحة الخلفية،
شمس الظهيرة الساطعة،
والقتال،
والصراخ والألم،
والدم اللذي يضخ بقلبي،
ويتناثر من فمي،
قبل ذلك ماكنت أفعل،
نعم كنت صامتاً، خجولاً في الفصل،
كان الكثير من الطلبة يسيؤون معاملتي،
كنت أخاف القتال،
ولكن لم أكن جباناً فكنت أردّ عليهم،
بالكلمات النابية مثلما يفعلون،
ولكن ذلك اليوم بالذات،
لم أعد أحتمل وهم كذلك،
فأجتمعوا حولي لضربي،
كنت خائفاً من القتال،
فقد كان هذا القتال الأول اللذي يحدث لي،
بدايةً،
هذا يشد من قميصي،
ليصفعني على وجهي،
فبعد الصفعه الأولى،
توّقف كلّ شيء،
الصراخ الوقت الألم وحتى الخوف،
ضربته بأقصى قوّتي بمعدته،
ليسقط يلتوي ممسكاً معدته،
فأتى الآخران،
ضربوني من كل اتجاه،
معدتي وجهي أطرافي،
لا أشعر بشيء،
وكنت أرد عليهم بالمثل،
حتى أن وصل الادرينالين بي،
أن حملت أحدهم وطرحته أرضاً،
وانهملت عليه باللكمات،
وانا لست اصرخ ولاشيء،
وكان كأن كل شيء إعتدت فعله منذ الصغر،
فقط أزعجني نبضي،
اللذي أصبح كقرع الطبول،
يضرب ويضرب برأسي،
وانا أذيق من كان تحتي أقسى الضربات،
والاخر يضربني ولكن لستُ أعلم من أين،
وفقط أسمع "قاتل قاتل قاتل".
واليوم كذلك نفس الصراخ من المتفرّجين،
وانا جالس،
وتعود ذاكرتي،
بسبب اللكمات التي ذقتها،
لذلك اليوم المشهود،
حيث كنت كعادتي،
أوسع أحد المتطفلّين بالضرب المبرّح،
وإذا برجل،
يبلغ من العمر اواخر الثلاثين،
يمسك يدي،
ليخبرني أن أتوَقف،
وأنا بتلك الحالة،
أستقبل الحديث،
ولكن يصعب علي تفسيره،
لذلك وجهت له لكمه،
وإذا به يصدّها،
ويرجع لي أقسى منها،
ليغمى علي،
وتلك كانت المرّة الأولى التي يغمى علي،
فقد خسرت معارك ولكن تلك الاولى،
التي أفقد وعيي،
والأشد ذهولاً أنها لكمة واحدة،
بعدها علمت أنه مدرّب للملاكمة،
تدرّبت معه،
سنين،
ونازلت العديد من الخصوم،
فمرةً أفوز،
ومرةً أخسر،
واليوم أخيراً بعد العمل الشاق،
وصلنا للمباراة الحاسمة،
مباراة بطل العالم في الوزن الثقيل،
والجولة العاشرة إنتهت،
وأنا على الكرسي،
ومدرّبي يصرخ بوجهي،
يصب الماء علي،
أشعر بطعم الدم في فمي،
كذلك ملوحة العرق،
فقدت الكثير من حواسّي الآن،
سمعي ، نصف بصري،
حتى قدرتي على الكلام،
فقد أخبروني لاحقاً،
أنه عندما كنتُ أقول،
"حسناً حسناً"،
كانت تخرج كالتالي،
"اومف اومف"،
والآن يدفعني المدرّب،
وجسدي يقف،
حتى لا أشعر بنفسي هل انا واقف أم لا،
أقترب وإذا بخصمي يقترب،
نترنّح،
يسدد لكمته لي،
ولكن قد رفعت دفاعي،
فلم تمر ،
يريد أن يرسل أخرى،
فأستبقه بسريعه في الوجه،
نترنّح من جديد،
باغتني بلكمة،
على قفصي الصدري من اليسار،
حتى أنني فقدت القدرة على الحركة،
وسقطت يداي عن دفاعاتي،
لينقض علي بلكماته،
حتى طرحني بالأمامية،
وانا على الأرض،
لا أسمع شيء،
لايمكنني الرؤية بوضوح،
حتى إنني لا أشعر بشيء،
من بين الصرخات،
أتذكّر أمر حدث قديماً لي،
كلمة أبي،
"يابني الرجل ليخسر في حياته،
في أي مجال،
وهذا طبيعي،
ولكن عندما يبدأ بالإستسلام،
فإنه سيعتاد على ذلك،
يابني،
في أي ميدان قاتل حتى تنتصر،
أو تخسر وحذار أن تستلم."،
خمسة، ستّة،
اه أسمعه،
لن أستسلم يا أبي،
سأنهض،
وها انا.
لم يعلم من أين أتت تلك القوّة،
إنقض على خصمه،
فطرحه أرضاً بعد وابلٍ من اللكمات،
وفاز بالقاضية عليه،
ليصرخوا به بطلاً للعالم في الوزن الثقيل.
قد مرّت الأعوام منذ تلك المباراة،
والآن البطل يجلس بين أحفاده،
يقص عليهم بطولاته،
وأحدهم يسأل،
"جدّي هل تشتاق للملاكمة"،
يجيب البطل،
"نعم فالملاكمة كانت طريقي،
اللذي *وجدني*".
ختام:
الحياة لها طرق عجيبه،
أحياناً نختار طريقنا،
وأحياناً كثيرة طريقنا هو اللذي يختارنا،
ولكن الأمر اللذي نحتاج أن نفعله،
هو،
"أن نسلك الطريق حتى النهاية".
فيصل...
الجمعة، 22 فبراير 2013
المرض والأمل...
المرض والأمل... "١٨"
قصّة قصيرة بقلمي...
الحكاية تبتدئ بغرفة مستشفى،
أحد المرضى يستيقظ من النوّم،
يخرج مذكّراته من تحت الوسادة،
ويشعل الضوء الخافت خلف سريرة،
ويفتح الأوراق حتى آخر صفحة كتبها،
ويضع القلم على الورقة ويكتب.
هذا أنا أستيقظ من نومي،
لأكتب عمّا بداخلي،
كتبت في الصفحات الماضية،
معاناتي مع هذا المرض،
اللذي فتك بجسدي كيفما شاء،
كلّ يوم في السنوات الماضية،
كنت أدّعي القوّة،
أمام أهلي وأصدقائي،
ولكن مع الوقت أصبحت متوتّر الأعصاب،
فعندما يأتون لي ليحدّثوني عن حياتهم،
بعضهم يشكي،
وبعضهم يتحدّث عن حياته السعيدة،
والبعض يخبر عن بطولات صعبة التصديق،
فأنفعلت بهم حتى بدأت أغضب منهم،
لأن كان الحسد يلتهمني من الدّاخل،
لماذا انا الوحيد اللذي صادقت الفراش،
لماذا أنا وحدي من عاش ولم يعش،
وكنت بعد كل لحظة غضب،
يأتي الليل وأصحو لأبكي،
وأبكي حتى أفقد وعيي،
ولكن في ليلة شعر بي أحد المرضى،
المجاورين لي وكان شيخ كبير بالعمر،
قال لي إن من الخطأ ماتقوم به،
فنحن في أمس الحاجة للصحبة بهذا الوقت،
فالوحدة تكون أشد قسوة عندما نكون ضعافاً،
فصرخت به ألا ليس له شأنٌ بما أفعل،
فقال بصوته الهادئ العميق،
نعم يابني ليس لي شأن،
ولكن أعلم ماتمرُّ به،
وذهب لغرفته وهو يقول لي الوداع،
وأتى الصباح وإذا بأحد الممرّضين،
يحضر لي هذه المذكّرات وقلم أنيق جداً،
حفر عليه حرفان بآخره وأخبرني الممّرض،
أن هذه تركت لأجلي من قبل فلان،
وأوضح لي أنه الشيخ اللذي رأيته بالأمس،
كان قد فارق الحياة هذا الصباح،
صعقت لهذا الخبر،
رأيت على المذكرّات كما ستجدون،
وصيّته بأن يترك لي هذه المذكّرات،
فتحتها ووجدت بداخلها كلمات مكتوبه،
الأصح كلام مكتوب،
مذكّرات العجوز،
قرأتها وبدأت أبكي لما أقرأ،
فقد كان العجوز شاباً ثرياً في الماضي،
أصابه المرض،
وبدأ في قلبه الشك والكره تجاه من حوله،
حتى قال لهم،
أنتم لاتريدوني ولكن تريدون مالي،
ومع أعصابه المتزعزعة بسبب المرض،
وكلّ شيء آخر بدأ الناس من حوله يرحلون،
ولم تغنيه أمواله عن شيء،
جلس في المشفى سنين طوال،
متلبّس به الخوف واليأس والوحده،
وعندما فقد كل أمل بالشفاء،
تحسّر أنه بقي وحيداً،
وكل ذلك كان في قلبي له تأثيراً كبيراً،
حتى أنني بدأت في كل ليلة أريد البكاء بها،
أستغني عن دموعي بالحبر،
وأكتب حتى أشعر بالراحة،
تحسنّت حالتي النفسية،
رغم مرضي إلا إنني غدوت أضحك،
وأمزح مع المرضى والأطبّاء،
وأصحابي بدؤا بزيارتي بشكل يومي،
لم يعد يهمّني مايفعلون،
بل بدأت أعشق حديثهم،
ووجودهم حولي،
ولاحظت بحالتي تتحسّن رغم المرض،
وأنا في كلّ ليلة أقرئ كلام العجوز،
وأزيد بكلامي،
والآن أشعر بالنعاس لذا سأنام.
نام المريض وكأنه يشعر،
بروح العجوز تبتسم له،
وبعد مضي الأعوام،
في غرفة أحد البيوت الفخمة،
يفيق رجل من نومه،
وهو يبتعد عن سريره،
تقول له زوجته،
"كعادتك ياعزيزي"،
يجيبها،
"نعم إطمأني"،
فيذهب لغرفة الجلوس،
ويجلس ويضع أمامه مذكرّات،
كتب على صفحتها الأولى،
*هذه المذكّرات،
هديّة للمريض في الغرفة ٣،
علّها تكون لك بصيص أمل في حياتك،
وأتمنّى لك الشفاء والسعادة.
مع حبّي..
مريض غرفة ٧"،
قبّل الكلمات،
وفتح الصفحات حتى وصل لصفحة فارغة،
وكتب عليها،
"لايوجد جديد،
فقط إنني كل ليلة أتعرّف أكثر،
على قيمة الأمل."
ختام:
الحياة مليئة بالحزن،
مليئة بالمآسي والألام،
فلاتجعلها تزداد سوءً،
بعصيانك وجحودك،
ولكن تعلّق بالأمل،
وأرضى بما قسمه الله لك،
فلا تعلم ربّما،
كانت هذه المصيبة نعمة عليك.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
الحكاية تبتدئ بغرفة مستشفى،
أحد المرضى يستيقظ من النوّم،
يخرج مذكّراته من تحت الوسادة،
ويشعل الضوء الخافت خلف سريرة،
ويفتح الأوراق حتى آخر صفحة كتبها،
ويضع القلم على الورقة ويكتب.
هذا أنا أستيقظ من نومي،
لأكتب عمّا بداخلي،
كتبت في الصفحات الماضية،
معاناتي مع هذا المرض،
اللذي فتك بجسدي كيفما شاء،
كلّ يوم في السنوات الماضية،
كنت أدّعي القوّة،
أمام أهلي وأصدقائي،
ولكن مع الوقت أصبحت متوتّر الأعصاب،
فعندما يأتون لي ليحدّثوني عن حياتهم،
بعضهم يشكي،
وبعضهم يتحدّث عن حياته السعيدة،
والبعض يخبر عن بطولات صعبة التصديق،
فأنفعلت بهم حتى بدأت أغضب منهم،
لأن كان الحسد يلتهمني من الدّاخل،
لماذا انا الوحيد اللذي صادقت الفراش،
لماذا أنا وحدي من عاش ولم يعش،
وكنت بعد كل لحظة غضب،
يأتي الليل وأصحو لأبكي،
وأبكي حتى أفقد وعيي،
ولكن في ليلة شعر بي أحد المرضى،
المجاورين لي وكان شيخ كبير بالعمر،
قال لي إن من الخطأ ماتقوم به،
فنحن في أمس الحاجة للصحبة بهذا الوقت،
فالوحدة تكون أشد قسوة عندما نكون ضعافاً،
فصرخت به ألا ليس له شأنٌ بما أفعل،
فقال بصوته الهادئ العميق،
نعم يابني ليس لي شأن،
ولكن أعلم ماتمرُّ به،
وذهب لغرفته وهو يقول لي الوداع،
وأتى الصباح وإذا بأحد الممرّضين،
يحضر لي هذه المذكّرات وقلم أنيق جداً،
حفر عليه حرفان بآخره وأخبرني الممّرض،
أن هذه تركت لأجلي من قبل فلان،
وأوضح لي أنه الشيخ اللذي رأيته بالأمس،
كان قد فارق الحياة هذا الصباح،
صعقت لهذا الخبر،
رأيت على المذكرّات كما ستجدون،
وصيّته بأن يترك لي هذه المذكّرات،
فتحتها ووجدت بداخلها كلمات مكتوبه،
الأصح كلام مكتوب،
مذكّرات العجوز،
قرأتها وبدأت أبكي لما أقرأ،
فقد كان العجوز شاباً ثرياً في الماضي،
أصابه المرض،
وبدأ في قلبه الشك والكره تجاه من حوله،
حتى قال لهم،
أنتم لاتريدوني ولكن تريدون مالي،
ومع أعصابه المتزعزعة بسبب المرض،
وكلّ شيء آخر بدأ الناس من حوله يرحلون،
ولم تغنيه أمواله عن شيء،
جلس في المشفى سنين طوال،
متلبّس به الخوف واليأس والوحده،
وعندما فقد كل أمل بالشفاء،
تحسّر أنه بقي وحيداً،
وكل ذلك كان في قلبي له تأثيراً كبيراً،
حتى أنني بدأت في كل ليلة أريد البكاء بها،
أستغني عن دموعي بالحبر،
وأكتب حتى أشعر بالراحة،
تحسنّت حالتي النفسية،
رغم مرضي إلا إنني غدوت أضحك،
وأمزح مع المرضى والأطبّاء،
وأصحابي بدؤا بزيارتي بشكل يومي،
لم يعد يهمّني مايفعلون،
بل بدأت أعشق حديثهم،
ووجودهم حولي،
ولاحظت بحالتي تتحسّن رغم المرض،
وأنا في كلّ ليلة أقرئ كلام العجوز،
وأزيد بكلامي،
والآن أشعر بالنعاس لذا سأنام.
نام المريض وكأنه يشعر،
بروح العجوز تبتسم له،
وبعد مضي الأعوام،
في غرفة أحد البيوت الفخمة،
يفيق رجل من نومه،
وهو يبتعد عن سريره،
تقول له زوجته،
"كعادتك ياعزيزي"،
يجيبها،
"نعم إطمأني"،
فيذهب لغرفة الجلوس،
ويجلس ويضع أمامه مذكرّات،
كتب على صفحتها الأولى،
*هذه المذكّرات،
هديّة للمريض في الغرفة ٣،
علّها تكون لك بصيص أمل في حياتك،
وأتمنّى لك الشفاء والسعادة.
مع حبّي..
مريض غرفة ٧"،
قبّل الكلمات،
وفتح الصفحات حتى وصل لصفحة فارغة،
وكتب عليها،
"لايوجد جديد،
فقط إنني كل ليلة أتعرّف أكثر،
على قيمة الأمل."
ختام:
الحياة مليئة بالحزن،
مليئة بالمآسي والألام،
فلاتجعلها تزداد سوءً،
بعصيانك وجحودك،
ولكن تعلّق بالأمل،
وأرضى بما قسمه الله لك،
فلا تعلم ربّما،
كانت هذه المصيبة نعمة عليك.
فيصل...
ذلك المكان...
ذلك المكان... "١٧"
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي منذ الصغر،
بلا مشاعر بلا أحاسيس،
من غير شيء يذكر،
سوى ذلك المكان،
حيث تبدّلت حياتي،
ياه كم أن الوقت يمشي،
هل فعلاً أصبح لتلك الذكرى،
أكثر من عشر سنوات،
كأنها ترائى لي في نفس هذا اليوم،
يالها من غريبة الحياة،
لا أعلم لماذا فجأة بهذا اليوم،
بدأ ذلك المكان يشغلني،
تلك الشجرة العملاقة.
التي حفر عليها حرفي وحرفها،
نعم حرفها،
آه كيف أن تلك اللحظة،
رغم حياتي ومصرفاتها،
ولحظاتها وذكرياتها،
تلك اللحظة تعتبر الأهم بحياتي،
هل لأني عائد للبيت،
رجعت لي كل هذه الأمور،
أم إنني إدّعيت نسيانها،
لا أعلم،
ولكن لتمضي الحال،
فلا يوجد تبديل لما حصل.
بعد أيام من عودته للبيت،
ذهب الرجل لـ"ذلك المكان"،
وعندما وصل،
ترائت له الذكرى ليبتدي بسردها،
رغم أنه لايوجد أحد ولكن تحدّث،
كأنه يحادثها،
فبعد أن لمس موضع النقش،
عادت الحياة لتلك الذكرى،
وبدأ يقول.
أحبّك،
نعم إني أحبّك،
رغم السنين،
لايزال النقش يبان جديداً،
حروفنا بداخل قلب حب،
أرى الآن فعلاً إن الأمر يبدو مبتذلا،
*وأخرج ضحكه باهته*,
يضحكني حالنا،
أتذكرين أول يوم رأيتك،
بطبيعتك الخجولة،
بتصرفاتك البريئة،
في المرّة الأولى تلك،
وضعت يدي على قلبي وقلت،
فعلاً هي وحدها تستحقّه،
* وضرب موضع صدره*،
ومن يومها وانا احاول التحدّث معك،
وبعدها فعلت،
أخبرتك أنني معجب بكِ،
وكنتي ترفضين تلك الأفكار،
بأنك ميقنة بأن كلّ حب في وقتنا،
مجرّد أحاديث كاذبة ومواقف زائفة،
وتعرفت عليك أكثر وأكثر،
وزدت بك حبّاً أكثر وأكثر،
ياعزيزتي لازلت،
أذكر ذلك اليوم اللذي،
صارحتني به بحبّك،
كان يومٌ يكاد يكون كالحلم بالنسبة لي،
وسقطنا أكثر بعشقنا لأحدنا الآخر،
كانت أيامنا حلوة معاً،
وكيف خطّطنا لمستقبلنا معاً،
ورسمنا أحلامنا يااه كيف تتغيّر الأمور،
ليأتي ذلك اليوم،
في ذلك المكان،
عند المغيب،
وكأنه آخر يوم في حياتي،
لتخبريني بتلك الكلمات القاسية،
"هذه آخر مرّة ألاقيك بها"،
صعقتني هذه الكلمات،
حاولت الإستفسار عن السبب،
لم تجيبي وأكتفيتي بتلك الكلمات،
فأخبرتك بمحاولة صبيانيّة،
بأن ننقش هذا النقش،
وفعلنا وذهبتي،
ومنذ يومها فقدت جميع مشاعري،
لايوجد حب صداقة ولا حتى مشاعر بسيطة،
كم أشتاق لكِ عزيزتي،
أنتي فقط من تستحقيّن الحب،
ولاسواكِ..
ظلّ فترة يتحسّس النقش،
وسقطت دمعه رغماً عنه،
وعيناه ثبتت بمكان واحد،
كأنه تذكّر أمراً مهم،
وعاد يتحدّث مع الطيّف،
اللذي بدا يشعر به كالحقيقة.
عزيزتي هناك أمر لم أخبرك به،
فبعد أن ذهبتي،
لم أستطع النوم،
وحاولت أن أعرف السبب،
اللذي جعلك تتركيني،
ولكن لا أظنك تعلمين ذلك،
نعم ياعزيزتي فقد علمت،
وتمنيّت أنني لم أعلم،
وتمنيّت أنني لم أحبّك،
ولم يحدث لي ماحدث،
فمنذ تلك الليلة فقدت مشاعري،
نعم..!! نعم..!!
لقد علمت أنك ستموتين،
بسبب جسدك،
اللذي لم يستطيع التأقلم،
مع حالتك الصحيّة،
علمت أن الأطباء أخبروا والديك،
بأنه ليس لديك وقت كافي للعيش،
وفي ذلك اليوم تركت المنزل،
وذهب لأعمل بالخارج،
في البداية لم أكف عن النحيب،
والبكاء الأليم على روحك،
وعلى الحب اللذي لم يكتمل،
وعلى حياتي التي أصبحت،
مجرّد قوقعة فارغة،
لم أنساكِ يوماً،
ولكن نسيت هذا المكان المشؤوم،
فهو يرتبط مع معرفتي لذكرى أليمة.
وكأن الرجل يسمع الطيف يحادثه،
ويخبره بأن يعيش حياته،
كما يريد،
فإن هذه حياة الشخص،
اللذي وقعت بحبّه الفتاة،
إبتسم ،
كمن وجد الأمل،
قبّل حرف الفتاة المنقوش ثم ذهب،
وبعد مرور الأعوام،
يأتي رجل ومعه شيخ كبير،
ويسأل الشاب الشيخ،
"والدي هل هذا هو المكان"،
فيجيبه والده،
"نعم يا بني هذا هو المكان،
والآن لتسمع قصّة والدك المؤلمة،
التي تعلّمت منها أن أعيش كل لحظة بسعادة،
فلا تعلم متى تفقد من تحب.".
ختام:
الحب جميل،
في كلّ أمر،
ومتى كان خالصاً،
سيكون حتما الأجمل،
حتى وإن خسرته،
فإن الحب يترك آثارة بقلبك،
لتزهر ثمارة الطيّبة من جديد،
فلاتقفل قلبك عن الحب،
وأتركه ينبض.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
هذا حالي منذ الصغر،
بلا مشاعر بلا أحاسيس،
من غير شيء يذكر،
سوى ذلك المكان،
حيث تبدّلت حياتي،
ياه كم أن الوقت يمشي،
هل فعلاً أصبح لتلك الذكرى،
أكثر من عشر سنوات،
كأنها ترائى لي في نفس هذا اليوم،
يالها من غريبة الحياة،
لا أعلم لماذا فجأة بهذا اليوم،
بدأ ذلك المكان يشغلني،
تلك الشجرة العملاقة.
التي حفر عليها حرفي وحرفها،
نعم حرفها،
آه كيف أن تلك اللحظة،
رغم حياتي ومصرفاتها،
ولحظاتها وذكرياتها،
تلك اللحظة تعتبر الأهم بحياتي،
هل لأني عائد للبيت،
رجعت لي كل هذه الأمور،
أم إنني إدّعيت نسيانها،
لا أعلم،
ولكن لتمضي الحال،
فلا يوجد تبديل لما حصل.
بعد أيام من عودته للبيت،
ذهب الرجل لـ"ذلك المكان"،
وعندما وصل،
ترائت له الذكرى ليبتدي بسردها،
رغم أنه لايوجد أحد ولكن تحدّث،
كأنه يحادثها،
فبعد أن لمس موضع النقش،
عادت الحياة لتلك الذكرى،
وبدأ يقول.
أحبّك،
نعم إني أحبّك،
رغم السنين،
لايزال النقش يبان جديداً،
حروفنا بداخل قلب حب،
أرى الآن فعلاً إن الأمر يبدو مبتذلا،
*وأخرج ضحكه باهته*,
يضحكني حالنا،
أتذكرين أول يوم رأيتك،
بطبيعتك الخجولة،
بتصرفاتك البريئة،
في المرّة الأولى تلك،
وضعت يدي على قلبي وقلت،
فعلاً هي وحدها تستحقّه،
* وضرب موضع صدره*،
ومن يومها وانا احاول التحدّث معك،
وبعدها فعلت،
أخبرتك أنني معجب بكِ،
وكنتي ترفضين تلك الأفكار،
بأنك ميقنة بأن كلّ حب في وقتنا،
مجرّد أحاديث كاذبة ومواقف زائفة،
وتعرفت عليك أكثر وأكثر،
وزدت بك حبّاً أكثر وأكثر،
ياعزيزتي لازلت،
أذكر ذلك اليوم اللذي،
صارحتني به بحبّك،
كان يومٌ يكاد يكون كالحلم بالنسبة لي،
وسقطنا أكثر بعشقنا لأحدنا الآخر،
كانت أيامنا حلوة معاً،
وكيف خطّطنا لمستقبلنا معاً،
ورسمنا أحلامنا يااه كيف تتغيّر الأمور،
ليأتي ذلك اليوم،
في ذلك المكان،
عند المغيب،
وكأنه آخر يوم في حياتي،
لتخبريني بتلك الكلمات القاسية،
"هذه آخر مرّة ألاقيك بها"،
صعقتني هذه الكلمات،
حاولت الإستفسار عن السبب،
لم تجيبي وأكتفيتي بتلك الكلمات،
فأخبرتك بمحاولة صبيانيّة،
بأن ننقش هذا النقش،
وفعلنا وذهبتي،
ومنذ يومها فقدت جميع مشاعري،
لايوجد حب صداقة ولا حتى مشاعر بسيطة،
كم أشتاق لكِ عزيزتي،
أنتي فقط من تستحقيّن الحب،
ولاسواكِ..
ظلّ فترة يتحسّس النقش،
وسقطت دمعه رغماً عنه،
وعيناه ثبتت بمكان واحد،
كأنه تذكّر أمراً مهم،
وعاد يتحدّث مع الطيّف،
اللذي بدا يشعر به كالحقيقة.
عزيزتي هناك أمر لم أخبرك به،
فبعد أن ذهبتي،
لم أستطع النوم،
وحاولت أن أعرف السبب،
اللذي جعلك تتركيني،
ولكن لا أظنك تعلمين ذلك،
نعم ياعزيزتي فقد علمت،
وتمنيّت أنني لم أعلم،
وتمنيّت أنني لم أحبّك،
ولم يحدث لي ماحدث،
فمنذ تلك الليلة فقدت مشاعري،
نعم..!! نعم..!!
لقد علمت أنك ستموتين،
بسبب جسدك،
اللذي لم يستطيع التأقلم،
مع حالتك الصحيّة،
علمت أن الأطباء أخبروا والديك،
بأنه ليس لديك وقت كافي للعيش،
وفي ذلك اليوم تركت المنزل،
وذهب لأعمل بالخارج،
في البداية لم أكف عن النحيب،
والبكاء الأليم على روحك،
وعلى الحب اللذي لم يكتمل،
وعلى حياتي التي أصبحت،
مجرّد قوقعة فارغة،
لم أنساكِ يوماً،
ولكن نسيت هذا المكان المشؤوم،
فهو يرتبط مع معرفتي لذكرى أليمة.
وكأن الرجل يسمع الطيف يحادثه،
ويخبره بأن يعيش حياته،
كما يريد،
فإن هذه حياة الشخص،
اللذي وقعت بحبّه الفتاة،
إبتسم ،
كمن وجد الأمل،
قبّل حرف الفتاة المنقوش ثم ذهب،
وبعد مرور الأعوام،
يأتي رجل ومعه شيخ كبير،
ويسأل الشاب الشيخ،
"والدي هل هذا هو المكان"،
فيجيبه والده،
"نعم يا بني هذا هو المكان،
والآن لتسمع قصّة والدك المؤلمة،
التي تعلّمت منها أن أعيش كل لحظة بسعادة،
فلا تعلم متى تفقد من تحب.".
ختام:
الحب جميل،
في كلّ أمر،
ومتى كان خالصاً،
سيكون حتما الأجمل،
حتى وإن خسرته،
فإن الحب يترك آثارة بقلبك،
لتزهر ثمارة الطيّبة من جديد،
فلاتقفل قلبك عن الحب،
وأتركه ينبض.
فيصل...
الخميس، 21 فبراير 2013
الكرسي المتحرّك....
الكرسي المتحرّك... "١٦"
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
في زاوية الغرفة ،
يوجد كرسي متحرّك،
قد أصبح بالياً من كثرة الإستعمال،
تدق ساعة المنبّه،
تخرج يد ناعمة من تحت الغطاء،
لتطفئه،
تبعد اليد غطاء السرير عن الجسد،
فإذا بالفتاة إستيقظت على صوت المنبّه،
والساعة لاتزال في وقت مبكّر،
نهضت حتى أصبحت جالسة على السرير،
قرأت الأذكار الصباحية،
ثم مدّت يدها لتحظر صديقها،
الكرسي المتحرّك،
واللذي تناديه بـ"صديقي"،
حملت جسدها عليه،
كطريقة المعاق اللذي إعتاد إصابته،
لتجلس على الكرسي،
وهي تقول،
"عذراً ياصديقي،
أعتقد أنني إزدتّ وزناً"،
وضحكت وكانت لضحكتها نغمه خاصّة،
مطربة مفرحة،
كما هي حال خفّة روحها،
ذهبت لدورة المياه،
اللذي بُني خصّيصاً لها،
وكان تابعاً لغرفتها،
وأستحمّت وخرجت أخيراً،
لتلبس ثيابها،
لقد إعتادت على إعاقتها،
حيث أن كل ماتقوم به،
رغم صعوبته إلا أنك حينما تراها،
تعتقد أنه شيء سهل،
قامت بصلاة الفجر،
فقد كان أوانها،
ثم دخلت للمصعد،
اللذي وضع خصيصاً لغرفتها،
بالدوّر الثالث من البيت إلى الدور الأرضي،
ذهبت للمطبخ،
وكانت تتحرّك بإنسيابيه،
حتى لو وجدت نفسك بجانبها،
لن تشعر حتى بعجلات الكرسي،
تحتك بالأرض،
فقامت بصنع إفطارها،
وكان إفطارها بسيطاً،
حيث أنها لم تهوى الأكل كثيراً،
بعد إنتهائها من إفطارها،
قد أتى وقت الصباح،
فذهبت للدور الأول،
توقظ إخوتها لأنه يوم دراسي،
وكانت تقوم بذلك بكل سعادة،
فتجهّزهم للمدرسة،
وتلبسهم ثيابهم الصغار منهم،
وتعود للمطبخ لتصنع،
إفطاراً بسيطاً لهم،
وهي منهمكة بعملها،
إذا بإخوتها يأتون واحد تلو الآخر،
يصبحوها خيراً،
ثم يقبلوها على وجنتها،
وكان قلبها يطير فرحاً،
بسبب القبل تلك،
وكان قلبها معطاءً محبّاً،
ثم يجلسون على المائدة،
فتعطيهم إفطارهم،
فيلتهموه،
وبعدها يذهبوا خارجاً،
لمدرستهم،
وإذا بذويها قد هبطوا للتو،
أباها كان رجلاً ضخم الجثّة رقيق القلب،
قبّل رأسها وهو يقول،
"كيف حال ملاكي الصغيرة"،
تجيبه ككل يوم،
"بخير ياملاكي الحارس"،
ثم تنزل والدتها وكانت جميلة،
جداً جميلة ولايفوق جمال منظرها،
إلا جمال قلبها،
ولكنّها صغيرة البنية قليلاً،
حتى أن زوجها يمكن حملها بيد واحده،
أتت للفتاة وأحتضنتها،
"كم أنا فخورة بك يا ابنتي،
دائماً تفعلين كل شيء لوحدك،
ماعسانا أن نفعل من غيرك."،
تجيب الفتاة بابتسامة،
"لن تطيقوا العيش ياجنّتي"،
وضحك الثلاثة،
ثم بعد أن ذهب والداها لعملهم،
عادت الفتاة لغرفتها،
بعد أن قامت بتنظيف المكان،
وترتيبه لكي تستقبل أحبائها عندما يعودون،
ذهبت لغرفتها،
وجلست أمام شبّاك غرفتها المنخفض،
اللذي يساعدها أن ترى من خلاله للشارع،
تنظر وتبتسم تتابع حركات البشر،
ثم تشعر بالنعاس،
وتعود لترتاح بفراشها،
وتغمض عينيها،
وبتلك اللحظة،
يكاد يسمع صوت نحيب...
ياه كم أنتي عظيمة ياصديقتي،
كم أعشقك وأهواك،
ياليتهم يعلمون معاناتك،
ياليتهم يعلمون كم أنتي رقيقة،
ولكن ليس لديك حيله،
فأنتي إخترتي أن تكوني قويّة،
لازلت أتذكّر اليوم،
اللذي سمعتِ به أهلك صدفه،
وهم يتحدّثون على طاولة العشاء،
كيف أنكِ أصبحتِ عاله،
ومنذ يومها،
والى الآن خمس سنوات،
لازلت تجعلين من نفسك أكثر قوّة،
لم تكترثي بإعاقتك،
وحمدتي ربّك على نعمه،
وتفعلين المستحيل بشكل يومي،
لا ياعزيزتي أنتي لستِ ناقصة،
لستِ معاقة أو عالة،
حياتك بحد ذاتها معجزة،
أنتي معجزة بكل ماتحويه الكلمة من معنى،
وما إصابتك إلا نقطة لهذه القوّة،
ويسعدني ويشرّفني حملك على ظهري،
يامعجزتي في كلّ يوم،
فأرجوكِ كفّي دموعك.
ختام:
هناك معاقون وصلوا لمرحلة الكمال،
وهناك معافين أصابتهم الإعاقة الأخلاقية،
فلا تحكم على الشخص من خارجة،
ولاتأخُذك الشفقة بمن يجلس،
على الكرسي المتحرّك،
ولكن إفتخر بأن هذا الشخص،
ناضل بحياته وهو يعيشها يومياً،
باسماً فرحاً سعيداً،
ولا يشكي حاله لأي شخص،
سوى لله وحده،
وأما نحن نخجل أمام هذه المعجزات،
اللتي تجلس ليس على "كرسي متحرّك"،
وإنما ما أحب تسميته،
*عرش الحياة*.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في أحد غرف بيت ما،
في زاوية الغرفة ،
يوجد كرسي متحرّك،
قد أصبح بالياً من كثرة الإستعمال،
تدق ساعة المنبّه،
تخرج يد ناعمة من تحت الغطاء،
لتطفئه،
تبعد اليد غطاء السرير عن الجسد،
فإذا بالفتاة إستيقظت على صوت المنبّه،
والساعة لاتزال في وقت مبكّر،
نهضت حتى أصبحت جالسة على السرير،
قرأت الأذكار الصباحية،
ثم مدّت يدها لتحظر صديقها،
الكرسي المتحرّك،
واللذي تناديه بـ"صديقي"،
حملت جسدها عليه،
كطريقة المعاق اللذي إعتاد إصابته،
لتجلس على الكرسي،
وهي تقول،
"عذراً ياصديقي،
أعتقد أنني إزدتّ وزناً"،
وضحكت وكانت لضحكتها نغمه خاصّة،
مطربة مفرحة،
كما هي حال خفّة روحها،
ذهبت لدورة المياه،
اللذي بُني خصّيصاً لها،
وكان تابعاً لغرفتها،
وأستحمّت وخرجت أخيراً،
لتلبس ثيابها،
لقد إعتادت على إعاقتها،
حيث أن كل ماتقوم به،
رغم صعوبته إلا أنك حينما تراها،
تعتقد أنه شيء سهل،
قامت بصلاة الفجر،
فقد كان أوانها،
ثم دخلت للمصعد،
اللذي وضع خصيصاً لغرفتها،
بالدوّر الثالث من البيت إلى الدور الأرضي،
ذهبت للمطبخ،
وكانت تتحرّك بإنسيابيه،
حتى لو وجدت نفسك بجانبها،
لن تشعر حتى بعجلات الكرسي،
تحتك بالأرض،
فقامت بصنع إفطارها،
وكان إفطارها بسيطاً،
حيث أنها لم تهوى الأكل كثيراً،
بعد إنتهائها من إفطارها،
قد أتى وقت الصباح،
فذهبت للدور الأول،
توقظ إخوتها لأنه يوم دراسي،
وكانت تقوم بذلك بكل سعادة،
فتجهّزهم للمدرسة،
وتلبسهم ثيابهم الصغار منهم،
وتعود للمطبخ لتصنع،
إفطاراً بسيطاً لهم،
وهي منهمكة بعملها،
إذا بإخوتها يأتون واحد تلو الآخر،
يصبحوها خيراً،
ثم يقبلوها على وجنتها،
وكان قلبها يطير فرحاً،
بسبب القبل تلك،
وكان قلبها معطاءً محبّاً،
ثم يجلسون على المائدة،
فتعطيهم إفطارهم،
فيلتهموه،
وبعدها يذهبوا خارجاً،
لمدرستهم،
وإذا بذويها قد هبطوا للتو،
أباها كان رجلاً ضخم الجثّة رقيق القلب،
قبّل رأسها وهو يقول،
"كيف حال ملاكي الصغيرة"،
تجيبه ككل يوم،
"بخير ياملاكي الحارس"،
ثم تنزل والدتها وكانت جميلة،
جداً جميلة ولايفوق جمال منظرها،
إلا جمال قلبها،
ولكنّها صغيرة البنية قليلاً،
حتى أن زوجها يمكن حملها بيد واحده،
أتت للفتاة وأحتضنتها،
"كم أنا فخورة بك يا ابنتي،
دائماً تفعلين كل شيء لوحدك،
ماعسانا أن نفعل من غيرك."،
تجيب الفتاة بابتسامة،
"لن تطيقوا العيش ياجنّتي"،
وضحك الثلاثة،
ثم بعد أن ذهب والداها لعملهم،
عادت الفتاة لغرفتها،
بعد أن قامت بتنظيف المكان،
وترتيبه لكي تستقبل أحبائها عندما يعودون،
ذهبت لغرفتها،
وجلست أمام شبّاك غرفتها المنخفض،
اللذي يساعدها أن ترى من خلاله للشارع،
تنظر وتبتسم تتابع حركات البشر،
ثم تشعر بالنعاس،
وتعود لترتاح بفراشها،
وتغمض عينيها،
وبتلك اللحظة،
يكاد يسمع صوت نحيب...
ياه كم أنتي عظيمة ياصديقتي،
كم أعشقك وأهواك،
ياليتهم يعلمون معاناتك،
ياليتهم يعلمون كم أنتي رقيقة،
ولكن ليس لديك حيله،
فأنتي إخترتي أن تكوني قويّة،
لازلت أتذكّر اليوم،
اللذي سمعتِ به أهلك صدفه،
وهم يتحدّثون على طاولة العشاء،
كيف أنكِ أصبحتِ عاله،
ومنذ يومها،
والى الآن خمس سنوات،
لازلت تجعلين من نفسك أكثر قوّة،
لم تكترثي بإعاقتك،
وحمدتي ربّك على نعمه،
وتفعلين المستحيل بشكل يومي،
لا ياعزيزتي أنتي لستِ ناقصة،
لستِ معاقة أو عالة،
حياتك بحد ذاتها معجزة،
أنتي معجزة بكل ماتحويه الكلمة من معنى،
وما إصابتك إلا نقطة لهذه القوّة،
ويسعدني ويشرّفني حملك على ظهري،
يامعجزتي في كلّ يوم،
فأرجوكِ كفّي دموعك.
ختام:
هناك معاقون وصلوا لمرحلة الكمال،
وهناك معافين أصابتهم الإعاقة الأخلاقية،
فلا تحكم على الشخص من خارجة،
ولاتأخُذك الشفقة بمن يجلس،
على الكرسي المتحرّك،
ولكن إفتخر بأن هذا الشخص،
ناضل بحياته وهو يعيشها يومياً،
باسماً فرحاً سعيداً،
ولا يشكي حاله لأي شخص،
سوى لله وحده،
وأما نحن نخجل أمام هذه المعجزات،
اللتي تجلس ليس على "كرسي متحرّك"،
وإنما ما أحب تسميته،
*عرش الحياة*.
فيصل...
الثلاثاء، 19 فبراير 2013
فُتات الخبز...
فتات الخبز... "١٥"
قصّة قصيرة بقلمي...
على أرضية مطبخ المطعم العريق،
تتجمّع بعض كسرات من خبز،
قد سقط من تقطيع الخبز،
تهييئاً لأطباق اليوم،
موجودة هذه الكسرات،
بعضها قد وطئ عليه من قبل الموظّفين،
والبعض الآخر لايزال متجمّع،
ولازالوا بأماكنهم،
وبعد فترة الغداء،
كانت قطع الخبز بكميّات كبيرة،
حتى أصبحت الكسرات،
كقطع رمل ذهبيّة متجمّعه،
بقت هناك في مكانها.
تتحدث إحدى الكسرات،
فتقول،
"مالهم يتركوننا بالأرض!؟"،
فتجيب الأخرى،
"هذا الفسق بعينه!!،
يرمون الطعام على الأرض."،
وتقول واحدة منهم،
"أنهم غريبوا الأطوار،
ألا يعلمون مالنا من فائدة.!؟".
الكسرات ترى حالها،
كبيرة جداً وغنيّة بالمواد الغذائية،
ولايعلمون كم هو حجمهم صغير،
ولايساوي شيئاً مقارنة بالقطعة الكبيرة.
وبعد إنتهاء العشاء،
كانت الأرض مليئة بفتات الخبز،
وقام عامل النظافه،
بجمعهم ليرميهم خارجاً.
وهذه العملية تحدث من وجهة نظر الفتات،
على الشكل التالي..
أنظروا يا أصدقائي،
إنهم الآن يبعدوننا عن هذا المكان،
ألهذا الحد قد ضاقوا ذرعاً منّا،
فلنتركهم يفعلون مايريدون،
ولنحتجّ ضدّ قمعهم لنا،
لا للقمع..!!
لا للكبت..!!
لا لفرض السيطرة..!!
يحيا الفتات..!!
يعيش الخبز..!!
وقليل ماعلموا،
أن لا أحد يسمع هتافهم سواهم،
وجرّتهم المكنسة،
إلى الخارج وتركتهم في سلّة المهملات.
بعد وقت قصير،
والفتات يحاول أن يستجمع قواه،
وكل قطعة صغيرة،
ترى حال صديقاتها.
هل أنتوا بخير!؟
أجيبوا يا أصدقائي..!!
نعم، انا موجوده،
وانا كذلك،
أعتقد أنني أصبت قليلاً فقط.
الحمدلله،
ولكن لقد نفق منّا الكثير،
يالبشاعتهم لا يريدون منّا فائدة،
فلنستسلم للعفن إذاً،
وليذهبوا للجحيم.
نعم..!!
فليخسئ الظالمين..!!
تباً لهم..!!
وفي هذا الوقت،
وإذا بظل صغير يدخل الزقاق،
اللذي ترقد به كسرات الخبز،
ويتبعه ظل آخر،
أصغر منه حجماً.
ألم أقل لكِ،
أن هذا المكان كنز،
فهو كل ليلة يمتلئ بالذهب،
هيّا ياعزيزتي،
فلتملئي معدتك،
وجيوبك منه.
حسناً يا أخي العزيز سأفعل..
وتشعر الكسرات بان هناك،
من يمسكهم بيديه،
بغاية إلتهامهم ففرحوا بذلك،
لأن تلك هي غايتهم بالحياة،
أن يسكنوا معدة شخص،
فقالت الكسرات،
"وأخيراً لقد دعونا لقدرنا المعهود..!!".
وفجأة تنقشع الغيوم المتلبّدة في السماء،
ليكشف نور القمر عن ملامح الظلال الصغيرة،
وقد كانوا طفلين فقراء،
يلتهمون فتات الخبز كأنه أشهى أكل بالحياة،
ويتلذذون به أيما تلذذ.
ختام:
لا تحتقر الشيء،
مهما كان صغير الحجم،
فما تعتبره قمامة،
حتماً سيكون كنز لشخص آخر،
كفتات الخبز،
اللذي ننفضه من على ملابسنا،
عندما يجتمع يكون كنز،
لبطون لم تعتاد الشبع.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
على أرضية مطبخ المطعم العريق،
تتجمّع بعض كسرات من خبز،
قد سقط من تقطيع الخبز،
تهييئاً لأطباق اليوم،
موجودة هذه الكسرات،
بعضها قد وطئ عليه من قبل الموظّفين،
والبعض الآخر لايزال متجمّع،
ولازالوا بأماكنهم،
وبعد فترة الغداء،
كانت قطع الخبز بكميّات كبيرة،
حتى أصبحت الكسرات،
كقطع رمل ذهبيّة متجمّعه،
بقت هناك في مكانها.
تتحدث إحدى الكسرات،
فتقول،
"مالهم يتركوننا بالأرض!؟"،
فتجيب الأخرى،
"هذا الفسق بعينه!!،
يرمون الطعام على الأرض."،
وتقول واحدة منهم،
"أنهم غريبوا الأطوار،
ألا يعلمون مالنا من فائدة.!؟".
الكسرات ترى حالها،
كبيرة جداً وغنيّة بالمواد الغذائية،
ولايعلمون كم هو حجمهم صغير،
ولايساوي شيئاً مقارنة بالقطعة الكبيرة.
وبعد إنتهاء العشاء،
كانت الأرض مليئة بفتات الخبز،
وقام عامل النظافه،
بجمعهم ليرميهم خارجاً.
وهذه العملية تحدث من وجهة نظر الفتات،
على الشكل التالي..
أنظروا يا أصدقائي،
إنهم الآن يبعدوننا عن هذا المكان،
ألهذا الحد قد ضاقوا ذرعاً منّا،
فلنتركهم يفعلون مايريدون،
ولنحتجّ ضدّ قمعهم لنا،
لا للقمع..!!
لا للكبت..!!
لا لفرض السيطرة..!!
يحيا الفتات..!!
يعيش الخبز..!!
وقليل ماعلموا،
أن لا أحد يسمع هتافهم سواهم،
وجرّتهم المكنسة،
إلى الخارج وتركتهم في سلّة المهملات.
بعد وقت قصير،
والفتات يحاول أن يستجمع قواه،
وكل قطعة صغيرة،
ترى حال صديقاتها.
هل أنتوا بخير!؟
أجيبوا يا أصدقائي..!!
نعم، انا موجوده،
وانا كذلك،
أعتقد أنني أصبت قليلاً فقط.
الحمدلله،
ولكن لقد نفق منّا الكثير،
يالبشاعتهم لا يريدون منّا فائدة،
فلنستسلم للعفن إذاً،
وليذهبوا للجحيم.
نعم..!!
فليخسئ الظالمين..!!
تباً لهم..!!
وفي هذا الوقت،
وإذا بظل صغير يدخل الزقاق،
اللذي ترقد به كسرات الخبز،
ويتبعه ظل آخر،
أصغر منه حجماً.
ألم أقل لكِ،
أن هذا المكان كنز،
فهو كل ليلة يمتلئ بالذهب،
هيّا ياعزيزتي،
فلتملئي معدتك،
وجيوبك منه.
حسناً يا أخي العزيز سأفعل..
وتشعر الكسرات بان هناك،
من يمسكهم بيديه،
بغاية إلتهامهم ففرحوا بذلك،
لأن تلك هي غايتهم بالحياة،
أن يسكنوا معدة شخص،
فقالت الكسرات،
"وأخيراً لقد دعونا لقدرنا المعهود..!!".
وفجأة تنقشع الغيوم المتلبّدة في السماء،
ليكشف نور القمر عن ملامح الظلال الصغيرة،
وقد كانوا طفلين فقراء،
يلتهمون فتات الخبز كأنه أشهى أكل بالحياة،
ويتلذذون به أيما تلذذ.
ختام:
لا تحتقر الشيء،
مهما كان صغير الحجم،
فما تعتبره قمامة،
حتماً سيكون كنز لشخص آخر،
كفتات الخبز،
اللذي ننفضه من على ملابسنا،
عندما يجتمع يكون كنز،
لبطون لم تعتاد الشبع.
فيصل...
الاثنين، 18 فبراير 2013
مورفين...
مورفين... "١٤"
"مسكّن الألم اللذي يتألم"
قصّة قصيرة بقلمي...
آه..
أكاد أموت من الألم،
لماذا رأسي يؤلمني لهذه الدرجة!؟،
لا ليس رأسي إنه جسدي،
روحي كل مابي يصرخ ألماً،
أين أنتي،
يامنقذتي أين أنتي،
مورفين!!،
ليست في جيبي،
لا ولا أجدها بالأدراج،
أين أنتي!!؟،
أجيبي،
لابد أنّها بخزانة الإسعافات،
آه..
ليست هنا أيضاً،
إين أنتي يامورفين..!!
على المغسلة في المطبخ،
حيث رمى الشاب اللذي يعاني بالأمس،
علبة حبوب المورفين بها،
لأنه أراد الإنتحار بإبتلاع محتوى العلبة،
وفي آخر لحظة تردّد ورماها بالمغسلة،
وذهبت جميع الحبوب،
إلا حبّة "مورفين" واحدة،
بقت بجانب المغسلة،
بحيث لا تبان بشكل ملحوظ.
هذا هو يصرخ من جديد،
دائماً نفس الحكاية،
يتألمون فيتعاطوني،
ثم بعد حين يكرهوني،
فيرموني بعيداً عنهم،
انا التي أمتص ألامهم،
لأتألم مكانهم،
انا التي في كلّ مرّة يبتلعوني،
أبتلع مرّ العذاب،
هذا حالي معهم،
يعتبرونني صديقه لهم،
ثم بعد حين يتركوني،
لو تعلمون مقدار الألم،
اللذي أتجرّعه بتجرّعكم لي،
لو تعلمون الإهمال اللذي تكافؤوني به،
انا التي صبرت في حين لم تصبروا،
انا التي هدأت من ألامكم،
لأصرخ صامتة بمحلّكم،
هذا انا مورفين،
العلاج السحري،
اللذي ترمون آلامكم وهمومكم عليه،
آه.. ياليتكم تعلمون عن معاناتي..
وفي هذه اللحظة وجد الشاب،
تلك الحبّة الوحيدة.
آه أخيراً وجدتك يامورفين،
أخيراً سأرتاح،
سأرتاح من تعبي ومن ألمي.
فمدّ الشاب يده ليلتقط المورفين،
ولكن بسبب البلل اللذي بيده،
من العرق المتصبّب منها،
زلقت الحبّه من يده،
وذهبت مع مياه المجاري.
ليس اليوم ياعزيزي،
لقد تألمت عوضاً عنك كثيراً،
واليوم لن أفعل،
لن أجعلك تستغلّني بعد اليوم،
ولتجرّب طعم الألم،
أفضل لك من الهروب إلي،
وإني لأفضّل مياه المجاري،
على معدة شاب ضعيف كأن،
لا يأتي إلي إلا حينما يحتاجني،
كفى،
لقد ضقت ذرعاً منكم ياضعفاء..!!
بقى الشاب ينتحب على حاله،
وعلى ألمه وعلى عقله المضطرب،
تثاقل نفسه للسرير،
وأغمى عليه،
وعندما أتى الصباح،
شعر بالألم بسيطاً،
نظر للأرض فوجد علبة الدواء الفارغة،
مكتوب عليها،
"يؤخذ عند الحاجة"،
إبتسم وهو يذرف دمعه ويقول،
"ياه يادواء..
لو تدري كم من البشر هم كحالك،
كحالي أنا أيضاً،
لا يأتي الناس إلينا،
إلا عند الحاجة"..
فيصل...
"مسكّن الألم اللذي يتألم"
قصّة قصيرة بقلمي...
آه..
أكاد أموت من الألم،
لماذا رأسي يؤلمني لهذه الدرجة!؟،
لا ليس رأسي إنه جسدي،
روحي كل مابي يصرخ ألماً،
أين أنتي،
يامنقذتي أين أنتي،
مورفين!!،
ليست في جيبي،
لا ولا أجدها بالأدراج،
أين أنتي!!؟،
أجيبي،
لابد أنّها بخزانة الإسعافات،
آه..
ليست هنا أيضاً،
إين أنتي يامورفين..!!
على المغسلة في المطبخ،
حيث رمى الشاب اللذي يعاني بالأمس،
علبة حبوب المورفين بها،
لأنه أراد الإنتحار بإبتلاع محتوى العلبة،
وفي آخر لحظة تردّد ورماها بالمغسلة،
وذهبت جميع الحبوب،
إلا حبّة "مورفين" واحدة،
بقت بجانب المغسلة،
بحيث لا تبان بشكل ملحوظ.
هذا هو يصرخ من جديد،
دائماً نفس الحكاية،
يتألمون فيتعاطوني،
ثم بعد حين يكرهوني،
فيرموني بعيداً عنهم،
انا التي أمتص ألامهم،
لأتألم مكانهم،
انا التي في كلّ مرّة يبتلعوني،
أبتلع مرّ العذاب،
هذا حالي معهم،
يعتبرونني صديقه لهم،
ثم بعد حين يتركوني،
لو تعلمون مقدار الألم،
اللذي أتجرّعه بتجرّعكم لي،
لو تعلمون الإهمال اللذي تكافؤوني به،
انا التي صبرت في حين لم تصبروا،
انا التي هدأت من ألامكم،
لأصرخ صامتة بمحلّكم،
هذا انا مورفين،
العلاج السحري،
اللذي ترمون آلامكم وهمومكم عليه،
آه.. ياليتكم تعلمون عن معاناتي..
وفي هذه اللحظة وجد الشاب،
تلك الحبّة الوحيدة.
آه أخيراً وجدتك يامورفين،
أخيراً سأرتاح،
سأرتاح من تعبي ومن ألمي.
فمدّ الشاب يده ليلتقط المورفين،
ولكن بسبب البلل اللذي بيده،
من العرق المتصبّب منها،
زلقت الحبّه من يده،
وذهبت مع مياه المجاري.
ليس اليوم ياعزيزي،
لقد تألمت عوضاً عنك كثيراً،
واليوم لن أفعل،
لن أجعلك تستغلّني بعد اليوم،
ولتجرّب طعم الألم،
أفضل لك من الهروب إلي،
وإني لأفضّل مياه المجاري،
على معدة شاب ضعيف كأن،
لا يأتي إلي إلا حينما يحتاجني،
كفى،
لقد ضقت ذرعاً منكم ياضعفاء..!!
بقى الشاب ينتحب على حاله،
وعلى ألمه وعلى عقله المضطرب،
تثاقل نفسه للسرير،
وأغمى عليه،
وعندما أتى الصباح،
شعر بالألم بسيطاً،
نظر للأرض فوجد علبة الدواء الفارغة،
مكتوب عليها،
"يؤخذ عند الحاجة"،
إبتسم وهو يذرف دمعه ويقول،
"ياه يادواء..
لو تدري كم من البشر هم كحالك،
كحالي أنا أيضاً،
لا يأتي الناس إلينا،
إلا عند الحاجة"..
فيصل...
الأحد، 17 فبراير 2013
قطرة ماء في السماء...
قطرة ماء في السماء... "١٣"
قصّة قصيرة بقلمي...
في مكان بعيد جداً في المحيط،
مكان يبعد عن اليابسة آلاف الكيلومترات،
بقعة ماء،
بوسط تلك البقعة التي تعدّ أبعد مايمكن،
عن كل أرض ذهبية،
بوسط هذه المساحات الشاهقة من الزرقة،
التي تبدو للعين المجرّدة،
مكان مليء بالهدوء النقي،
كان هناك بعيداً عن أصوات مجتمع البشر،
توجد أصوات لمجتمع آخر،
مجتمع لايختلف كثيراً عن مجتمعنا،
مجتمع "قطرات الماء"،
كان المجتمع حيوي جداً،
الكبار يقومون بصنع آلات الطيران،
كما أعتادوا أن يفعلوا منذ القدم،
ليحلّقوا بها للسماء،
كما أمرتهم القواعد الحياتيه،
وذلك حال جميع قطرات الماء،
كان الإبن يصنع آلته ليحلّق،
ليذهب للسماء،
ولربما بعد حين يعود لأرضه،
أي البقعة التي حلّق منها،
على كل حال،
في إحدى القرى الصغيرة،
بهذه البقعة من المياه،
كانت توجد قطرة ماء،
قطرة صغيرة جداً،
دائماً يعيبها أبناء فصلها،
بأنها لن تحقّق أي إنجاز بحياتها،
لقصر قامتها ولقلّة ذكائها،
تلك القطرة لم تحب التفكير كثيراً،
فهي كانت تستخدم قلبها بكل شيء،
وكانت تريد أن تحلّق حتى تصل لليابسة،
مدينة الذهب كما عرف بقريتهم،
وفي إحدى الفعاليات الفصلية،
حيث طلب من كل قطرة أن تحكي،
عمّا تريد أن تكون وعن أحلامها،
ذاك يريد أن يحصل على الكثير من الملح،
*والملح في مجتمع القطرات كالعملة،
يتاجر بها ويشترى بها*,
وآخر يريد أن يدخل بمغامرة،
خلال هبوط الصواعق،
وكان هبوط الصواعق يعتبر الهبوط،
خلال عاصفة رعدية،
وكانت من الأشياء الخطرة،
بالنسبة للجميع،
وعندما أتت صديقتنا لتخبر عن حلمها،
قالت بكل جرأة وبراءة،
"سأذهب لمدينة الذهب"،
صعق الجميع من هذه الكلمات،
ثم بدأوا بالضحك،
والإستهزاء بها،
والتقليل من شأنها،
ولم تهتم القطرة،
كانت تبتسم وتكرر بداخلها،
"سأرى مدينة الذهب"،
ومدينة الذهب هي الأرض اليابسة،
بأي شكل ولكن القطرات لا يعرفون ذلك،
فبعالمهم الكبير،
تعتبر المعادن التي توجد بالتربة،
أشد ندرة في المحيط،
وبالنسبة لقريتهم،
التي تقع ببقعة أبعد ماتكون عن اليابسة،
كان حلم القطرة شبه مستحيلاً،
وذهبت الأيام لتكبر القطرة،
"كانت بعمر الإنسان مايقارب ١٦ ساعة"،
لقد قامت بترتيب أمتعتها،
وبناء سفينة السماء،
لتحلّق بعيداً وترى العالم،
وايضاً لكي ترى مدينة الذهب "اليابسة"،
بعد أن ودّعت ذويها،
واصدقائها لتحلّق،
اتى موعد طيرانهم،
صعدت على متن سفينتها،
وطارت في السماء.
كانت القطرة سعيدة،
فهي لم تعش مثل هذه الأجواء،
الشمس بوجهها،
لاتوجد زحمة في السماء،
فيمكنك التنفّس كيفما تشاء،
والهواء يداعبها من كلّ جانب،
أكملت مسيرتها،
ذهبت بعيداً بعيداً،
كانوا أصدقائها يملّون فيهبطون،
أم كانوا يملّون فيسقطون،
أم تحدث الحوادث بينهم،
أم تصادفه "هبوط الصواع"،
ولكن قطرتنا قاومت،
وقاتلت وصبرت،
لقد كانت رحلة متعبه ومميته،
وأخيراً،
بعد ماشعرت بالوقت كأنه دهر،
رأت المياه تتغيّر تحتها،
وبعد أيام قطرية،
رأتها،
"أرض الذهب"،
"مدينة الذهب"،
لم تستطيع التصديق،
هبطت وهي فرحة بأنها حقّقت حلمها،
وسعيدة بأنها قد حققت ما أرادت،
ومفكّرة بجميع الأمور التي عانتها،
لتصل لهذه الأرض الخيالية،
باسمة فرحة مسبشرة،
تحتضر وهي تهبط وتقول،
"ما أجمل أن يحقق المرء حلمه"...
رجل كبير بالسن،
يبسط يده أمامه،
لتسقط قطرة مطر على راحته،
فينظر للسماء،
وإذا هي تزمجر بقدوم الخير،
فأبتسم كاشفاً عن ملامحه البشوشه،
ونظر ليده فقال،
"يالكِ من مثابرة،
المسافات التي قطعتيها،
المعاناة التي خضتيها،
الصعوبات التي واجهتك،
وأخيراً وصلتي،
والآن جميع القطرات تزمجر،
تريد الهبوط معك،
تريد أن تلمس الأرض اللتي يشتاقون لها،
يالكِ من قطرة قويّة،
إرتاحي الآن ياعزيزتي،
فأنتي تستحقيّن ذلك"،
قبّل راحة يده ومضى في حال سبيله.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في مكان بعيد جداً في المحيط،
مكان يبعد عن اليابسة آلاف الكيلومترات،
بقعة ماء،
بوسط تلك البقعة التي تعدّ أبعد مايمكن،
عن كل أرض ذهبية،
بوسط هذه المساحات الشاهقة من الزرقة،
التي تبدو للعين المجرّدة،
مكان مليء بالهدوء النقي،
كان هناك بعيداً عن أصوات مجتمع البشر،
توجد أصوات لمجتمع آخر،
مجتمع لايختلف كثيراً عن مجتمعنا،
مجتمع "قطرات الماء"،
كان المجتمع حيوي جداً،
الكبار يقومون بصنع آلات الطيران،
كما أعتادوا أن يفعلوا منذ القدم،
ليحلّقوا بها للسماء،
كما أمرتهم القواعد الحياتيه،
وذلك حال جميع قطرات الماء،
كان الإبن يصنع آلته ليحلّق،
ليذهب للسماء،
ولربما بعد حين يعود لأرضه،
أي البقعة التي حلّق منها،
على كل حال،
في إحدى القرى الصغيرة،
بهذه البقعة من المياه،
كانت توجد قطرة ماء،
قطرة صغيرة جداً،
دائماً يعيبها أبناء فصلها،
بأنها لن تحقّق أي إنجاز بحياتها،
لقصر قامتها ولقلّة ذكائها،
تلك القطرة لم تحب التفكير كثيراً،
فهي كانت تستخدم قلبها بكل شيء،
وكانت تريد أن تحلّق حتى تصل لليابسة،
مدينة الذهب كما عرف بقريتهم،
وفي إحدى الفعاليات الفصلية،
حيث طلب من كل قطرة أن تحكي،
عمّا تريد أن تكون وعن أحلامها،
ذاك يريد أن يحصل على الكثير من الملح،
*والملح في مجتمع القطرات كالعملة،
يتاجر بها ويشترى بها*,
وآخر يريد أن يدخل بمغامرة،
خلال هبوط الصواعق،
وكان هبوط الصواعق يعتبر الهبوط،
خلال عاصفة رعدية،
وكانت من الأشياء الخطرة،
بالنسبة للجميع،
وعندما أتت صديقتنا لتخبر عن حلمها،
قالت بكل جرأة وبراءة،
"سأذهب لمدينة الذهب"،
صعق الجميع من هذه الكلمات،
ثم بدأوا بالضحك،
والإستهزاء بها،
والتقليل من شأنها،
ولم تهتم القطرة،
كانت تبتسم وتكرر بداخلها،
"سأرى مدينة الذهب"،
ومدينة الذهب هي الأرض اليابسة،
بأي شكل ولكن القطرات لا يعرفون ذلك،
فبعالمهم الكبير،
تعتبر المعادن التي توجد بالتربة،
أشد ندرة في المحيط،
وبالنسبة لقريتهم،
التي تقع ببقعة أبعد ماتكون عن اليابسة،
كان حلم القطرة شبه مستحيلاً،
وذهبت الأيام لتكبر القطرة،
"كانت بعمر الإنسان مايقارب ١٦ ساعة"،
لقد قامت بترتيب أمتعتها،
وبناء سفينة السماء،
لتحلّق بعيداً وترى العالم،
وايضاً لكي ترى مدينة الذهب "اليابسة"،
بعد أن ودّعت ذويها،
واصدقائها لتحلّق،
اتى موعد طيرانهم،
صعدت على متن سفينتها،
وطارت في السماء.
كانت القطرة سعيدة،
فهي لم تعش مثل هذه الأجواء،
الشمس بوجهها،
لاتوجد زحمة في السماء،
فيمكنك التنفّس كيفما تشاء،
والهواء يداعبها من كلّ جانب،
أكملت مسيرتها،
ذهبت بعيداً بعيداً،
كانوا أصدقائها يملّون فيهبطون،
أم كانوا يملّون فيسقطون،
أم تحدث الحوادث بينهم،
أم تصادفه "هبوط الصواع"،
ولكن قطرتنا قاومت،
وقاتلت وصبرت،
لقد كانت رحلة متعبه ومميته،
وأخيراً،
بعد ماشعرت بالوقت كأنه دهر،
رأت المياه تتغيّر تحتها،
وبعد أيام قطرية،
رأتها،
"أرض الذهب"،
"مدينة الذهب"،
لم تستطيع التصديق،
هبطت وهي فرحة بأنها حقّقت حلمها،
وسعيدة بأنها قد حققت ما أرادت،
ومفكّرة بجميع الأمور التي عانتها،
لتصل لهذه الأرض الخيالية،
باسمة فرحة مسبشرة،
تحتضر وهي تهبط وتقول،
"ما أجمل أن يحقق المرء حلمه"...
رجل كبير بالسن،
يبسط يده أمامه،
لتسقط قطرة مطر على راحته،
فينظر للسماء،
وإذا هي تزمجر بقدوم الخير،
فأبتسم كاشفاً عن ملامحه البشوشه،
ونظر ليده فقال،
"يالكِ من مثابرة،
المسافات التي قطعتيها،
المعاناة التي خضتيها،
الصعوبات التي واجهتك،
وأخيراً وصلتي،
والآن جميع القطرات تزمجر،
تريد الهبوط معك،
تريد أن تلمس الأرض اللتي يشتاقون لها،
يالكِ من قطرة قويّة،
إرتاحي الآن ياعزيزتي،
فأنتي تستحقيّن ذلك"،
قبّل راحة يده ومضى في حال سبيله.
فيصل...
السبت، 16 فبراير 2013
أحضان الأرض...
أحضان الأرض... "١٢"
قصّة قصيرة بقلمي...
إقتربوا ياصغاري،
لأحكي لكم حكايتي،
انا الأم الحنون،
ممّا يخرج منّي تأكلون،
الأشجار والمياه وغير ذلك الكثير،
أحميكم بداخلي من الأمطار،
كهوفي كانت مأوى لكم،
صخوري بيوتكم،
أحتضنكم بحنان وعطف،
أحياناً من دون أن أدري أقتل بعضكم،
زلزال عندما أتحرّك،
بركان يظهر كي أخفّف من حرارة جسدي،
وأحوم حول الشمس ليصلكم نورها بخير،
حجابي يمنع عنكم الإشعاعات الضارّة،
وجاذبيتي تحفظكم قريبين منّي،
شيّدتم العمران على جسدي،
وشمتوني بشتّى الطرق،
آه حتى أن أحدكم،
فتك بي بقنبلة نوّويه،
تحفرون وتنخرون جسدي،
لتستخرجوا منّي النفط،
ماكفاكم ولن يكفيكم ذلك،
تنقبّون بداخلي عن معادني،
التي أحيى عليها،
وأنتم لا يهمّكم حالي،
فقط تأخذون وتأخذون،
رغم إنني أكبركم سنّاً،
وجميعكم تحيون وتموتون على جسدي،
إلا إنكم تقومون بقتلي ببطئ،
بجشعكم تفعلون ذلك،
حتى إنكم مللتوا منّي،
لتذهبوا عنّي لأخي الصغير"القمر"،
وتريدون الذهاب لباقي إخوتي،
وتدمروني وتتركوني،
يالكم من أطفال وقحون،
ترمون النفايات بداخلي،
تصنعون السموم من دمائي،
وتجعلوني أتجرّعها،
هذا حالي معكم كلّ يوم،
إلى متى يابشر وأنتم تهملوني،
إلى متى وأنتم لاتبالون بحالي،
أنا الأرض التي تحتضنكم،
لكن رغم ذلك لازلت أحبّكم،
فمهما فعل الأبناء ستبقى الأم تحبّهم،
ومهما فعلتم بي سأبقى كما أنا،
أعطيكم كلّ مالدي فقط لتسعدوا،
لكن كم يكون جميلاً،
لورددتم لي قليلاً من ذلك الجميل،
كيلا يأتي يوم وأموت،
ولن أستطيع أن أهديكم من خيراتي،
ولا أن أحفظكم من أمراضي،
أرجوكم إهتمّوا بي.
الأرض تكلّمت وأخبرت قصّتها،
وبعض من أبنائها إتّعض،
وحاول التخفيف من وطأته عليها،
وحافظوا على بيئتها وكيانها،
والبعض الآخر،
لازال يقوم بما يفعله الإنسان منذ القدم،
إستهلاك غير محدود،
لخيرات الأرض المحدوده،
نعم لازال هناك من يعيش على متنها اليوم،
لكن إن لم نحافظ على أرضنا،
سيأتي يوم،
ونقول ماذا كانت ستقول الأرض،
لو كانت تنطق!؟.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
إقتربوا ياصغاري،
لأحكي لكم حكايتي،
انا الأم الحنون،
ممّا يخرج منّي تأكلون،
الأشجار والمياه وغير ذلك الكثير،
أحميكم بداخلي من الأمطار،
كهوفي كانت مأوى لكم،
صخوري بيوتكم،
أحتضنكم بحنان وعطف،
أحياناً من دون أن أدري أقتل بعضكم،
زلزال عندما أتحرّك،
بركان يظهر كي أخفّف من حرارة جسدي،
وأحوم حول الشمس ليصلكم نورها بخير،
حجابي يمنع عنكم الإشعاعات الضارّة،
وجاذبيتي تحفظكم قريبين منّي،
شيّدتم العمران على جسدي،
وشمتوني بشتّى الطرق،
آه حتى أن أحدكم،
فتك بي بقنبلة نوّويه،
تحفرون وتنخرون جسدي،
لتستخرجوا منّي النفط،
ماكفاكم ولن يكفيكم ذلك،
تنقبّون بداخلي عن معادني،
التي أحيى عليها،
وأنتم لا يهمّكم حالي،
فقط تأخذون وتأخذون،
رغم إنني أكبركم سنّاً،
وجميعكم تحيون وتموتون على جسدي،
إلا إنكم تقومون بقتلي ببطئ،
بجشعكم تفعلون ذلك،
حتى إنكم مللتوا منّي،
لتذهبوا عنّي لأخي الصغير"القمر"،
وتريدون الذهاب لباقي إخوتي،
وتدمروني وتتركوني،
يالكم من أطفال وقحون،
ترمون النفايات بداخلي،
تصنعون السموم من دمائي،
وتجعلوني أتجرّعها،
هذا حالي معكم كلّ يوم،
إلى متى يابشر وأنتم تهملوني،
إلى متى وأنتم لاتبالون بحالي،
أنا الأرض التي تحتضنكم،
لكن رغم ذلك لازلت أحبّكم،
فمهما فعل الأبناء ستبقى الأم تحبّهم،
ومهما فعلتم بي سأبقى كما أنا،
أعطيكم كلّ مالدي فقط لتسعدوا،
لكن كم يكون جميلاً،
لورددتم لي قليلاً من ذلك الجميل،
كيلا يأتي يوم وأموت،
ولن أستطيع أن أهديكم من خيراتي،
ولا أن أحفظكم من أمراضي،
أرجوكم إهتمّوا بي.
الأرض تكلّمت وأخبرت قصّتها،
وبعض من أبنائها إتّعض،
وحاول التخفيف من وطأته عليها،
وحافظوا على بيئتها وكيانها،
والبعض الآخر،
لازال يقوم بما يفعله الإنسان منذ القدم،
إستهلاك غير محدود،
لخيرات الأرض المحدوده،
نعم لازال هناك من يعيش على متنها اليوم،
لكن إن لم نحافظ على أرضنا،
سيأتي يوم،
ونقول ماذا كانت ستقول الأرض،
لو كانت تنطق!؟.
فيصل...
الجمعة، 15 فبراير 2013
الصداقة..
الصدّاقة... "١١"
قصّة قصيرة بقلمي...
أكثر العلاقات الإنسانية "إنسانية"،
هي الصداقة،
فالصداقة ترتفع عن كل شيء،
لايهم جنس عرق عمر أو حتى مكانة،
فالأصدقاء يتواجدون بشكل مختلف،
وتنشأ الصداقة بينهم،
غني وفقير،
أبيض وأسمر،
رجل وأمرأة،
كبير وصغير،
وهناك دائماً من يكره مثل هذه العلاقات،
مثل هذه الصداقة الطاهرة،
لأن قلوبهم لا تتحمّل النور،
فهي سوداء من الخباثة،
ولايوجد علاقة قد تجمع شخصين،
أسمى من علاقة الصدّاقة،
ومن هنا نبدئ حكايتنا.
هذا هو يدخل للمجلس من جديد،
صديق والدي اللذي أكرهه،
ياله من منافق،
دائماً يدّعي محبّتي،
وهو يكرهني،
أستطيع أن أشعر بذلك،
ولكن لا أعلم ماذا يعشق أبي به،
ومايرى به،
إنه فقير تافه وحقير،
أعلم أنه يفعل كل ذلك لأجل المال،
فأن أبي يعطيه المال،
ويصرف عليه وهو لا يعمل،
ويعتاش ممّا ينفق عليه والدي،
ولكن رغم كل ذلك فإن قلبي رحيم،
سأعامله بأدب إحتراماً لسنّة،
كما ربّتني والدتي،
"أهلاً ياعم،
لقد أنرت المجلس بوجودك."،
لماذا ينظر لي بغرابة،
سينطق،
"عزيزي أخبر والدك أنني راحل..!!"،
راحل!؟ بماذا يخرّف فقد دخل للتّو،
"إلى أين لقد أتيت لتوّك ياعم!؟"،
"لم آتي إلا لتخبره هذه الرسالة نقلاً عنّي،
وداعاً..!!"،
وداعاً!! يالجنونه، فليذهب للجحيم إن أراد،
"حسناً ياعم كما تشاء"،
وهذا هو قد رحل كعادته مشياً،
بثيابه المهترئة.
والآن قد بقيت لوحدي،
لأرى ماذا أتاني من رسائل بهاتفي،
نعم اصدقائي ومن بعد،
كالعادة لايوجد شيء مختلف،
هذا أبي قد أتى،
لأقبّل رأسه،
"أهلاً بالغالي، كيف حالك!؟"،
"أهلاً يا أبني بخير،
هل صديقي أتاك اليوم!؟"،
"نعم لقد أتى وكان غريب الأطوار"،
"غريب الأطوار، كيف!؟"،
"لقد قال إنه أتى لأجلي،
وأوصاني أن أوّصل لك رسالة،
مفادها إنّه راحل."،
لماذا هذه النظرة تعتلي وجه أبي!؟،
ما الأمر،
لأسألة،
"أبي ما الأمر، كأنك تضايقت من كلامه"،
"ها..!! نعم ياعزيزي أعتقد إنني مستاء"،
"لماذا!؟"،
"لأن صاحبي راحل"،
راحل !! هل خرّف والدي،
إذا كان سيرحل فأنه سيعود غداً،
ماكل هذه الجلبة!؟
"أبي وإن كان سيرحل سيعود غداً"،
"لاياعزيزي إنه راحل للأبد"،
"لم أفهم"،
"إنها حكاية معقّدة"،
"أخبرني بها يا أبي"،
"حسناً يابني".
منذ زمن بعيد،
كنت أنا أبن رجل فقير،
وكنّا نعتاش من رعي الأغنام للتجّار،
كان والدي يأخذني معه،
لأساعده أحياناً ولأتسلّى أحياناً أخرى،
لم أعرف والدتي لأنها توّفت عندما أنجبتني،
وكنّا في أحد الأيام نرعى الأغنام،
فوجدت صبيّا مثل عمري عند الأغنام،
تعرفت عليه،
وأصبح صديقي،
وكنّا بسطاء لا نفكّر كثيراً بما نفعل،
فقط نضحك ونمزح ونستمتع،
وبعد فترة إكتشفت أنه إبن لتاجر الأغنام،
اللذي كان والدي يعمل لديه،
تعمقت علاقتنا مع السنين،
وتعب والدي،
وصرت أنا من يرعى الأغنام في مكانه،
وأصبح صديقي هو اللذي يملك "الحلال"،
ولم نكن نهتم بذلك،
لم أحسده على ماله،
ولم يتعالى علي لعملي لديه،
في تلك الأيام لم نكن نهتم بهذه الأمور،
وكان إهتمامنا في بعضنا،
فكنّا نسهر معاً ونذهب ونأتي معاً،
وتفرّقنا المشاغل أحياناً،
وفي أحد الأيام،
في شبابي،
قد توّفى والدي،
فطلب منّي أن آتي لأعيش معه،
في بيته أو بالأحرى قصرة،
لم أفعل شيئاً،
فقد كنّا واحد في البيت،
أنا هو وهو أنا،
وتوّفى والده بعدها بأعوام،
وكانت والدته إمرأة مريضة،
طريحة الفراش،
وفي خلال عيشنا معاً،
وقع كلّ منّا بالحب،
ولسخرية القدر،
أنا عشقت إبنة تاجر غني جداً،
وهو عشق فتاة فقيرة،
تنسج القطن،
أردنا الزواج،
لكن لم يحالفنا الحظ،
فحبيبتي لن يقبل والدها،
بابن راعي،
وحبيبة صديقي،
آه من اللذي حصل لهم،
نعم لقد تزوّجها،
لكن بعد زواجه بعامين،
رغم السعادة اللتي عاشوا بها،
رغم الفرحة التي شعرت بها،
إلا إنها لم تتم،
فبسبب العيش،
تحت نسج القطن،
إكتشفنا أن الفتاة،
مصابة بمرض نادر برئتيها،
بسبب نسيج القطن،
وتوّفت مخلّفة صديقي بقلبه المكسور،
وأبن جميل لم يكمل العام،
بعد أيام من الفاجعة،
أتاني صديقي يقرع باب غرفتي،
في جنح الليل،
فتحت الباب وإذا به،
متعب منهك يخبرني بالآتي،
"صديقي،
ماالذي يمكنك أن تفعله لي!؟"،
أجبته من غير تفكير،
"الموت لأجلك..!!"،
"الموت سهل ياعزيزي،
لكن هل بإستطاعتك العيش من أجلي!؟"،
"أكيد ياعزيزي سأفعل أي شيء لك."،
"إذا أفعل ما أريده منك"،
وفعلت ما أراد وهو كالتالي،
قام بتحويل جميع أملاكه بأسمي،
وذهبنا نخطب الفتاة التي أحببت،
ووافق والدها لوفرة مالي،
ولأنه إعتقد أنني إبن التاجر،
وهو أخذ كميّة من المال،
وذهب بعيداً،
تاركاً أبنه تحت رعايتي،
وبعد أعوام لم نرزق انا وزوجتي بأطفال،
وكان هذا الطفل كإبننا فعلاً،
وبعد عدد من السنوات عاد صديقي،
لشوقه لأبنه،
ولكن كان يخبرني أنه سيرحل في أحد الأيام،
وكان يرفض كل ما أعطيه من مال،
حتى رفض العيش معي،
لأنه لم يرد مضايقتك أكثر،
ولا أعرف السبب لذلك،
والآن هو راحل للأبد،
فيا أبني اللذي رحل هو أباك،
وانا صديقه.
وقف الأبن جامداً،
مصعوق من اللذي سمعه،
قال،
"ماهذا ، ماهذا اللذي أسمعه!؟"،
أجاب الأب،
"هذه هي الصداقة ياعزيزي،
نحن رجلان أحببنا بعضنا،
أكثر من أنفسنا،
وكنّا مستعدّين للموت لأجل أحدنا الآخر،
ولكن فعلنا المستحيل،
فكلّ منّا عاش لأجل الآخر.."
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
أكثر العلاقات الإنسانية "إنسانية"،
هي الصداقة،
فالصداقة ترتفع عن كل شيء،
لايهم جنس عرق عمر أو حتى مكانة،
فالأصدقاء يتواجدون بشكل مختلف،
وتنشأ الصداقة بينهم،
غني وفقير،
أبيض وأسمر،
رجل وأمرأة،
كبير وصغير،
وهناك دائماً من يكره مثل هذه العلاقات،
مثل هذه الصداقة الطاهرة،
لأن قلوبهم لا تتحمّل النور،
فهي سوداء من الخباثة،
ولايوجد علاقة قد تجمع شخصين،
أسمى من علاقة الصدّاقة،
ومن هنا نبدئ حكايتنا.
هذا هو يدخل للمجلس من جديد،
صديق والدي اللذي أكرهه،
ياله من منافق،
دائماً يدّعي محبّتي،
وهو يكرهني،
أستطيع أن أشعر بذلك،
ولكن لا أعلم ماذا يعشق أبي به،
ومايرى به،
إنه فقير تافه وحقير،
أعلم أنه يفعل كل ذلك لأجل المال،
فأن أبي يعطيه المال،
ويصرف عليه وهو لا يعمل،
ويعتاش ممّا ينفق عليه والدي،
ولكن رغم كل ذلك فإن قلبي رحيم،
سأعامله بأدب إحتراماً لسنّة،
كما ربّتني والدتي،
"أهلاً ياعم،
لقد أنرت المجلس بوجودك."،
لماذا ينظر لي بغرابة،
سينطق،
"عزيزي أخبر والدك أنني راحل..!!"،
راحل!؟ بماذا يخرّف فقد دخل للتّو،
"إلى أين لقد أتيت لتوّك ياعم!؟"،
"لم آتي إلا لتخبره هذه الرسالة نقلاً عنّي،
وداعاً..!!"،
وداعاً!! يالجنونه، فليذهب للجحيم إن أراد،
"حسناً ياعم كما تشاء"،
وهذا هو قد رحل كعادته مشياً،
بثيابه المهترئة.
والآن قد بقيت لوحدي،
لأرى ماذا أتاني من رسائل بهاتفي،
نعم اصدقائي ومن بعد،
كالعادة لايوجد شيء مختلف،
هذا أبي قد أتى،
لأقبّل رأسه،
"أهلاً بالغالي، كيف حالك!؟"،
"أهلاً يا أبني بخير،
هل صديقي أتاك اليوم!؟"،
"نعم لقد أتى وكان غريب الأطوار"،
"غريب الأطوار، كيف!؟"،
"لقد قال إنه أتى لأجلي،
وأوصاني أن أوّصل لك رسالة،
مفادها إنّه راحل."،
لماذا هذه النظرة تعتلي وجه أبي!؟،
ما الأمر،
لأسألة،
"أبي ما الأمر، كأنك تضايقت من كلامه"،
"ها..!! نعم ياعزيزي أعتقد إنني مستاء"،
"لماذا!؟"،
"لأن صاحبي راحل"،
راحل !! هل خرّف والدي،
إذا كان سيرحل فأنه سيعود غداً،
ماكل هذه الجلبة!؟
"أبي وإن كان سيرحل سيعود غداً"،
"لاياعزيزي إنه راحل للأبد"،
"لم أفهم"،
"إنها حكاية معقّدة"،
"أخبرني بها يا أبي"،
"حسناً يابني".
منذ زمن بعيد،
كنت أنا أبن رجل فقير،
وكنّا نعتاش من رعي الأغنام للتجّار،
كان والدي يأخذني معه،
لأساعده أحياناً ولأتسلّى أحياناً أخرى،
لم أعرف والدتي لأنها توّفت عندما أنجبتني،
وكنّا في أحد الأيام نرعى الأغنام،
فوجدت صبيّا مثل عمري عند الأغنام،
تعرفت عليه،
وأصبح صديقي،
وكنّا بسطاء لا نفكّر كثيراً بما نفعل،
فقط نضحك ونمزح ونستمتع،
وبعد فترة إكتشفت أنه إبن لتاجر الأغنام،
اللذي كان والدي يعمل لديه،
تعمقت علاقتنا مع السنين،
وتعب والدي،
وصرت أنا من يرعى الأغنام في مكانه،
وأصبح صديقي هو اللذي يملك "الحلال"،
ولم نكن نهتم بذلك،
لم أحسده على ماله،
ولم يتعالى علي لعملي لديه،
في تلك الأيام لم نكن نهتم بهذه الأمور،
وكان إهتمامنا في بعضنا،
فكنّا نسهر معاً ونذهب ونأتي معاً،
وتفرّقنا المشاغل أحياناً،
وفي أحد الأيام،
في شبابي،
قد توّفى والدي،
فطلب منّي أن آتي لأعيش معه،
في بيته أو بالأحرى قصرة،
لم أفعل شيئاً،
فقد كنّا واحد في البيت،
أنا هو وهو أنا،
وتوّفى والده بعدها بأعوام،
وكانت والدته إمرأة مريضة،
طريحة الفراش،
وفي خلال عيشنا معاً،
وقع كلّ منّا بالحب،
ولسخرية القدر،
أنا عشقت إبنة تاجر غني جداً،
وهو عشق فتاة فقيرة،
تنسج القطن،
أردنا الزواج،
لكن لم يحالفنا الحظ،
فحبيبتي لن يقبل والدها،
بابن راعي،
وحبيبة صديقي،
آه من اللذي حصل لهم،
نعم لقد تزوّجها،
لكن بعد زواجه بعامين،
رغم السعادة اللتي عاشوا بها،
رغم الفرحة التي شعرت بها،
إلا إنها لم تتم،
فبسبب العيش،
تحت نسج القطن،
إكتشفنا أن الفتاة،
مصابة بمرض نادر برئتيها،
بسبب نسيج القطن،
وتوّفت مخلّفة صديقي بقلبه المكسور،
وأبن جميل لم يكمل العام،
بعد أيام من الفاجعة،
أتاني صديقي يقرع باب غرفتي،
في جنح الليل،
فتحت الباب وإذا به،
متعب منهك يخبرني بالآتي،
"صديقي،
ماالذي يمكنك أن تفعله لي!؟"،
أجبته من غير تفكير،
"الموت لأجلك..!!"،
"الموت سهل ياعزيزي،
لكن هل بإستطاعتك العيش من أجلي!؟"،
"أكيد ياعزيزي سأفعل أي شيء لك."،
"إذا أفعل ما أريده منك"،
وفعلت ما أراد وهو كالتالي،
قام بتحويل جميع أملاكه بأسمي،
وذهبنا نخطب الفتاة التي أحببت،
ووافق والدها لوفرة مالي،
ولأنه إعتقد أنني إبن التاجر،
وهو أخذ كميّة من المال،
وذهب بعيداً،
تاركاً أبنه تحت رعايتي،
وبعد أعوام لم نرزق انا وزوجتي بأطفال،
وكان هذا الطفل كإبننا فعلاً،
وبعد عدد من السنوات عاد صديقي،
لشوقه لأبنه،
ولكن كان يخبرني أنه سيرحل في أحد الأيام،
وكان يرفض كل ما أعطيه من مال،
حتى رفض العيش معي،
لأنه لم يرد مضايقتك أكثر،
ولا أعرف السبب لذلك،
والآن هو راحل للأبد،
فيا أبني اللذي رحل هو أباك،
وانا صديقه.
وقف الأبن جامداً،
مصعوق من اللذي سمعه،
قال،
"ماهذا ، ماهذا اللذي أسمعه!؟"،
أجاب الأب،
"هذه هي الصداقة ياعزيزي،
نحن رجلان أحببنا بعضنا،
أكثر من أنفسنا،
وكنّا مستعدّين للموت لأجل أحدنا الآخر،
ولكن فعلنا المستحيل،
فكلّ منّا عاش لأجل الآخر.."
فيصل...
كحل الحزن...
كحل الحزن... "١٠"
قصّة قصيرة بقلمي...
ألم نكتفي من اللون الأسود،
نعم إنه الملكي،
ولكن ألم تملّي،
تضعيني على عينيك،
ترسمين بهم الجمال،
وفي كلّ يوم أسيح من خدودك،
وتمسحيني لتعيديني من جديد،
في نفس الموضع،
في نفس المكان،
بنفس طريقة الخط،
كفاكِ حزناً،
ألم تكتفي منه ومنّي!؟.
ماذا أفعل بحالي،
لم أعرف من الحب غير الخيانة،
لم أعرف من المشاعر غير الكُره،
قد طابت نفسي من الحياة،
قد يأست من السعادة التي لا تأتي،
وهذا اللون البغيض،
وهذا الكحل السافل،
كلّ يوم أضعه بعيني لأتزيّن،
وكلّ يوم يسيح مع دموعي،
لماذا تفعل بي الحياة مافعلت،
ماللذي ينقصني كيلا أسعد،
آه كفاني ألم،
لست أحتمل أكثر من ذلك.
الكحل:
أنتي أتسمعين!؟
الفتاة:
من يتكلّم، من أنت!؟
الكحل:
أنا اللذي تضعيني بعينيك!!
الفتاة:
ويحك لا أحد كفؤ لأضعه بعينيّ.
الكحل:
بلى ياغبيّة انا كفؤ.
الفتاة:
ومن تكون أنت!؟
الكحل:
أنا اللذي عاشرك،
بفرحك بحزنك،
انا اللذي جمّلك،
انا اللذي ساح مع دمعك،
انا صديقك وحبيبك أعتقد،
انا من وفى لكِ رغم البلل،
انا معك ولست معك،
انا منكِ ولكِ،
انا اللذي حظرت أولى فرحتك،
بحبّك الوهمي الزائف كنتُّ معك،
انا اللذي مات قهراً على،
ماقد حصلتي من طعناتِ الألم،
انا اللذي فوق الألم،
على حزنكِ ذاق الألم،
انا جنونك نعم انا،
انا هدوئك وفتنتك،
انا جعلتكِ كالقمر،
في نفوس تفعل مالا يُغتفر،
انا السواد اللذي،
على أسوار بياضُكِ،
ياعزيزتي أنا كِـحْـلُـكِ...
الفتاة:
آه آلمتني،
بحقيقتك طعنتني،
هل الجنون قد أصابني،
لأسمع صوت كحلتي،
مالعمل في حالتي،
كلّ مابي قد ذهب،
حتى عقلي الجميل هاهو قد ذهب،
يكفي ألم يكفي وجع،
حياةُ الغدر لم تعد تطيقني،
إن كنتَ حقّا ماتقول،
فأرجوك أعفيني ممّا تقول،
فلم يعد بي طاقةٌ،
أكثر على الإستمرار بهذا الجنون.
مسحت الفتاة كحلها،
وأخرجت مقصّاً وقطعت أوردتها،
وهي تقول،
"يكفيني ماذقت من عصر الجنون."
نظر الكحل وهو مرمي على الأرض لها،
وقال في نفسه،
"ياليتك لم تفعلي مافعلت،
فمابك يطيب ولكن قد أصبتي بالجنون.".
بعد عام..
تنظر الفتاة لصورتها بالمرآة،
"آه كم كنتُ مجنونة،
حتى أقوم بالإنتحار،
ياللحزن كيف له أن يفعل بي مافعل،
ولكن حمداً لله أن قاموا أهلي بإنقاذي،
والآن قد تشافيت ممّا أصابني."
وتخرج الفتاة من غرفتها،
لتذهب لجامعتها،
عيناها بلا كحل،
ولكن علبة الكحل ذاتها،
لاتزل معها،
تحذّرها من العودة لما فعلت،
وكأنها لاتزال تسمعه يقول،
"ياليتك لم تفعلي مافعلتي...".
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
ألم نكتفي من اللون الأسود،
نعم إنه الملكي،
ولكن ألم تملّي،
تضعيني على عينيك،
ترسمين بهم الجمال،
وفي كلّ يوم أسيح من خدودك،
وتمسحيني لتعيديني من جديد،
في نفس الموضع،
في نفس المكان،
بنفس طريقة الخط،
كفاكِ حزناً،
ألم تكتفي منه ومنّي!؟.
ماذا أفعل بحالي،
لم أعرف من الحب غير الخيانة،
لم أعرف من المشاعر غير الكُره،
قد طابت نفسي من الحياة،
قد يأست من السعادة التي لا تأتي،
وهذا اللون البغيض،
وهذا الكحل السافل،
كلّ يوم أضعه بعيني لأتزيّن،
وكلّ يوم يسيح مع دموعي،
لماذا تفعل بي الحياة مافعلت،
ماللذي ينقصني كيلا أسعد،
آه كفاني ألم،
لست أحتمل أكثر من ذلك.
الكحل:
أنتي أتسمعين!؟
الفتاة:
من يتكلّم، من أنت!؟
الكحل:
أنا اللذي تضعيني بعينيك!!
الفتاة:
ويحك لا أحد كفؤ لأضعه بعينيّ.
الكحل:
بلى ياغبيّة انا كفؤ.
الفتاة:
ومن تكون أنت!؟
الكحل:
أنا اللذي عاشرك،
بفرحك بحزنك،
انا اللذي جمّلك،
انا اللذي ساح مع دمعك،
انا صديقك وحبيبك أعتقد،
انا من وفى لكِ رغم البلل،
انا معك ولست معك،
انا منكِ ولكِ،
انا اللذي حظرت أولى فرحتك،
بحبّك الوهمي الزائف كنتُّ معك،
انا اللذي مات قهراً على،
ماقد حصلتي من طعناتِ الألم،
انا اللذي فوق الألم،
على حزنكِ ذاق الألم،
انا جنونك نعم انا،
انا هدوئك وفتنتك،
انا جعلتكِ كالقمر،
في نفوس تفعل مالا يُغتفر،
انا السواد اللذي،
على أسوار بياضُكِ،
ياعزيزتي أنا كِـحْـلُـكِ...
الفتاة:
آه آلمتني،
بحقيقتك طعنتني،
هل الجنون قد أصابني،
لأسمع صوت كحلتي،
مالعمل في حالتي،
كلّ مابي قد ذهب،
حتى عقلي الجميل هاهو قد ذهب،
يكفي ألم يكفي وجع،
حياةُ الغدر لم تعد تطيقني،
إن كنتَ حقّا ماتقول،
فأرجوك أعفيني ممّا تقول،
فلم يعد بي طاقةٌ،
أكثر على الإستمرار بهذا الجنون.
مسحت الفتاة كحلها،
وأخرجت مقصّاً وقطعت أوردتها،
وهي تقول،
"يكفيني ماذقت من عصر الجنون."
نظر الكحل وهو مرمي على الأرض لها،
وقال في نفسه،
"ياليتك لم تفعلي مافعلت،
فمابك يطيب ولكن قد أصبتي بالجنون.".
بعد عام..
تنظر الفتاة لصورتها بالمرآة،
"آه كم كنتُ مجنونة،
حتى أقوم بالإنتحار،
ياللحزن كيف له أن يفعل بي مافعل،
ولكن حمداً لله أن قاموا أهلي بإنقاذي،
والآن قد تشافيت ممّا أصابني."
وتخرج الفتاة من غرفتها،
لتذهب لجامعتها،
عيناها بلا كحل،
ولكن علبة الكحل ذاتها،
لاتزل معها،
تحذّرها من العودة لما فعلت،
وكأنها لاتزال تسمعه يقول،
"ياليتك لم تفعلي مافعلتي...".
فيصل...
الأربعاء، 13 فبراير 2013
عطر الذكريات...
عطر الذكريات... "٩"
قصّة قصيرة بقلمي...
من أجمل ماتوّصلت إليه البشرية،
العطور،
للعطور سحر خاص عن باقي الأشياء،
فهو يداعب أرق حاسّة في الإنسان،
حاسّة الشم،
كما أن للعطر سيطرة على الأشخاص،
فبعض العطور تذكّرنا بإيام الطفولة،
وأخرى تعيد لنا ليال الحب،
الأفراح الأحزان،
حتى قد يصل الأمر إلى،
أن تكون لكل مناسبة،
عبيرها الفريد،
وكأي مناسبة،
تبدأ حكايتنا البسيطة.
اليوم هو يوم خطوبتنا،
أتذّكر ذلك اليوم بوضوح،
أتاني ليطلب يدي من والدي،
وعندما دعاني والدي لأراه،
طرتُ فرحاً لوسامته ولباقة حديثه،
شاب أنيق هادئ،
مهذّب،
بدأ يسألني أمام والدي بإحترام،
محاولة منه في التعرّف علي،
وانا أجيب بخجل،
كان إعجابي به وبطريقته،
شيء لم أعتاده من قبل،
وبعد أن فرغ أخبرني،
إذا كانت لدي اسألة له،
فأجبتُ نفياً بخجل،
وبعد مرور عام على خطوبتنا،
أهداني أول عطر أتاني منه،
لقد أهداني هدايا قبلها،
وكان كريم بالهدايا كما كان كريماً بمشاعره،
وعشقت ذلك العطر لأنه دائماً يذكرني به،
تزوّجنا ولازلت محتفظه بعطره،
ولا أستخدمه إلا في هذا اليوم،
لاتسيؤوا فهمي فقد كنت أستنشقه،
كلّما ما أتعبني الحنين،
وغمرتني أمواج الأشتياق،
فرائحة العطر،
تهدأ من روع مشاعري،
وبعد زواجنا حظينا بإبنتنا الأولى،
وكان يعشقها وكنت مجنونة بها،
لقد كان بعد الزواج أجمل حالاً منه قبله،
لم يتركني،
آلا وانا ممتلئة منه بجميع مشاعري،
وكنت دائماً أفكر به حتى وهو بجانبي،
كان يداعبني بـ"طفلته"،
وكنت أجيبه بـ"بابا"،
ولم يستحق من بعد أبي،
سواه ذلك الأسم،
لأنه كان لي أباً،
أخاً،
حبيباً،
صديقاً وزوجاً،
ومرّت الأيام وكبرت إبنتنا،
ولم نرزق بسواها،
وتخرّجت من الجامعة لتصبح،
دكتورة أطفال،
كما هو حال والدها،
اللذي جعلها تهوى مايهوى،
لشغفة الكبير بعمله،
فقد كان يعشق كونه دكتوراً للأطفال،
بشكل لا يمكن وصفة إلا بالطفولي"سخرية"،
أن يكون دكتور الأطفال طفولي،
وبعد تخرّجها قد تقدمّوا الشبان لها،
ثم وافقت أخيراً على الزواج،
أتذكر فرحتنا يومها،
لقد خرجنا جميعاً للعشاء،
وكانت تحمّر خجلاً وغاضبة جداً،
حيث دعونا قريباتها معنا،
وبكت يومها كثيراً،
ياه ما أجمل تلك الذكريات،
سامحني عزيزي،
فلا زلت أشتاق لك،
وفي هذا اليوم أشتاق،
أكثر من أي يوم آخر،
هذا أنا أضع من عطرك،
ومع رائحته يعاد عرض شريط حياتي،
بالرغم من مضيّ ثلاثة أعوام على وفاتك،
إلا إنني لازلت أشتاق لك،
في مثل هذا اليوم،
أول يوم رأيتك به،
أول يوم تعرفت على الرجل،
اللذي سيجعلني أعشق الحياة معه،
أعشق حياتي،
لحظاتنا المجنونة وإستهتارنا،
عفويتك حلمك وغضبك،
ياه ياعزيزي الدمع لايتوّقف،
في مثل هذا اليوم بكيت كثيراً،
لكن منذ وفاتك أصبحت دموعي تحرقني،
كم أعشقك،
لم أشعر بقوّة الفقد إلا من بعد رحيلك،
أهواك بشكل لا يوصف،
يازوجي العزيز،
رحمك الله وأدخلك جنّاته،
وأرزقني الصبّر،
حتى يأتي يومي،
وألقاك بجنّته،
نوماً هنيئاً يافارسي.
تقبّل الصورة،
صورة زوجها التي مرّ عليها ثلاثون عاماً،
صورة زفافهم،
وتعيدها إلى مكانها بجانب السرير،
تعيد العطر لمكانه المعهود بجانب الصورة،
تمسح دموعها وتخرج لتلقي إبنتها،
وحفيدها التي يحمل إسم زوجها،
يباركون لها بهذا اليوم،
تقبّل حفيدها وتحضنه عميقاً لصدرها،
ودمعة تكاد تهرب من جفونها،
ويقول الصبي،
"جدّتي ياه كم هي طيّبة رائحتك،
لماذا ياجدتي لماذا رائتحك جميلة!؟."،
تنظر بعيناه وتقول له بصوت حنون،
"هذه رائحة ذكرياتي ياعزيزي..!!".
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
من أجمل ماتوّصلت إليه البشرية،
العطور،
للعطور سحر خاص عن باقي الأشياء،
فهو يداعب أرق حاسّة في الإنسان،
حاسّة الشم،
كما أن للعطر سيطرة على الأشخاص،
فبعض العطور تذكّرنا بإيام الطفولة،
وأخرى تعيد لنا ليال الحب،
الأفراح الأحزان،
حتى قد يصل الأمر إلى،
أن تكون لكل مناسبة،
عبيرها الفريد،
وكأي مناسبة،
تبدأ حكايتنا البسيطة.
اليوم هو يوم خطوبتنا،
أتذّكر ذلك اليوم بوضوح،
أتاني ليطلب يدي من والدي،
وعندما دعاني والدي لأراه،
طرتُ فرحاً لوسامته ولباقة حديثه،
شاب أنيق هادئ،
مهذّب،
بدأ يسألني أمام والدي بإحترام،
محاولة منه في التعرّف علي،
وانا أجيب بخجل،
كان إعجابي به وبطريقته،
شيء لم أعتاده من قبل،
وبعد أن فرغ أخبرني،
إذا كانت لدي اسألة له،
فأجبتُ نفياً بخجل،
وبعد مرور عام على خطوبتنا،
أهداني أول عطر أتاني منه،
لقد أهداني هدايا قبلها،
وكان كريم بالهدايا كما كان كريماً بمشاعره،
وعشقت ذلك العطر لأنه دائماً يذكرني به،
تزوّجنا ولازلت محتفظه بعطره،
ولا أستخدمه إلا في هذا اليوم،
لاتسيؤوا فهمي فقد كنت أستنشقه،
كلّما ما أتعبني الحنين،
وغمرتني أمواج الأشتياق،
فرائحة العطر،
تهدأ من روع مشاعري،
وبعد زواجنا حظينا بإبنتنا الأولى،
وكان يعشقها وكنت مجنونة بها،
لقد كان بعد الزواج أجمل حالاً منه قبله،
لم يتركني،
آلا وانا ممتلئة منه بجميع مشاعري،
وكنت دائماً أفكر به حتى وهو بجانبي،
كان يداعبني بـ"طفلته"،
وكنت أجيبه بـ"بابا"،
ولم يستحق من بعد أبي،
سواه ذلك الأسم،
لأنه كان لي أباً،
أخاً،
حبيباً،
صديقاً وزوجاً،
ومرّت الأيام وكبرت إبنتنا،
ولم نرزق بسواها،
وتخرّجت من الجامعة لتصبح،
دكتورة أطفال،
كما هو حال والدها،
اللذي جعلها تهوى مايهوى،
لشغفة الكبير بعمله،
فقد كان يعشق كونه دكتوراً للأطفال،
بشكل لا يمكن وصفة إلا بالطفولي"سخرية"،
أن يكون دكتور الأطفال طفولي،
وبعد تخرّجها قد تقدمّوا الشبان لها،
ثم وافقت أخيراً على الزواج،
أتذكر فرحتنا يومها،
لقد خرجنا جميعاً للعشاء،
وكانت تحمّر خجلاً وغاضبة جداً،
حيث دعونا قريباتها معنا،
وبكت يومها كثيراً،
ياه ما أجمل تلك الذكريات،
سامحني عزيزي،
فلا زلت أشتاق لك،
وفي هذا اليوم أشتاق،
أكثر من أي يوم آخر،
هذا أنا أضع من عطرك،
ومع رائحته يعاد عرض شريط حياتي،
بالرغم من مضيّ ثلاثة أعوام على وفاتك،
إلا إنني لازلت أشتاق لك،
في مثل هذا اليوم،
أول يوم رأيتك به،
أول يوم تعرفت على الرجل،
اللذي سيجعلني أعشق الحياة معه،
أعشق حياتي،
لحظاتنا المجنونة وإستهتارنا،
عفويتك حلمك وغضبك،
ياه ياعزيزي الدمع لايتوّقف،
في مثل هذا اليوم بكيت كثيراً،
لكن منذ وفاتك أصبحت دموعي تحرقني،
كم أعشقك،
لم أشعر بقوّة الفقد إلا من بعد رحيلك،
أهواك بشكل لا يوصف،
يازوجي العزيز،
رحمك الله وأدخلك جنّاته،
وأرزقني الصبّر،
حتى يأتي يومي،
وألقاك بجنّته،
نوماً هنيئاً يافارسي.
تقبّل الصورة،
صورة زوجها التي مرّ عليها ثلاثون عاماً،
صورة زفافهم،
وتعيدها إلى مكانها بجانب السرير،
تعيد العطر لمكانه المعهود بجانب الصورة،
تمسح دموعها وتخرج لتلقي إبنتها،
وحفيدها التي يحمل إسم زوجها،
يباركون لها بهذا اليوم،
تقبّل حفيدها وتحضنه عميقاً لصدرها،
ودمعة تكاد تهرب من جفونها،
ويقول الصبي،
"جدّتي ياه كم هي طيّبة رائحتك،
لماذا ياجدتي لماذا رائتحك جميلة!؟."،
تنظر بعيناه وتقول له بصوت حنون،
"هذه رائحة ذكرياتي ياعزيزي..!!".
فيصل...
الثلاثاء، 12 فبراير 2013
ظلامُ الظلام...
ظلامُ الظلام... "٨"
قصّة قصيرة بقلمي...
السوء ، الشر، اللاشيء،
المخيف، القاسي، عديم الرحمة،
جميعها صفات وصفوني بها،
يهابوني من دون أن أفعل لهم سوء،
يستترون تحت وشاحي ومن ثم يندبوني،
هم السوء هم الشر هم كل ذلك،
فأنا لم أفعل سوء،
حفظتهم من النور ليناموا،
ليستريحوا،
إحتضنتهم في نومهم ليحلموا،
ليستمتعوا في نومهم كما في وعيهم،
ولكن بالمقابل يذمّوني،
يفعلون المساوء تحت جنحي،
ويحمّلوني مسؤولية أفعالهم،
يسرقون ويتهمّوني بذلك،
يفعلون ماهو أشد سوء منه،
ولا مسؤول غيري،
آه ما أقبحكم يابني البشر،
انا!؟
انا الظلام،
انا صديق الليل،
عشيق الأماكن المغلقة،
عدوّ النور"كما زعمتم"،
ولكن ياليتكم تعرفون،
أن ليس بيني وبين النور عداوة،
فقط أنه إذا أتى أحدنا يذهب الآخر،
لكن رغم ذلك تبقى بقايا منّا،
فالظل ماهو إلا جزء منّي،
يكتنفه النور في غيابي،
ولكم أن تعلموا يابشر،
أني لست بذلك السوء،
ولو تعلموا كم تجرحني كلماتكم السامّة،
حتى أنني أعاني من ظلام نفسي،
ظلامي المتأصلة بي،
تلك الظلام التي تمتد بداخلي،
أو كما أسميته،
ظلام الظلام،
ولازلتوا تفعلون ماتفعلون،
ولا زال الظلام يلتهمني،
أرجوكم كفّوا عن الحكم علي،
حتى وأنتم لاتعرفونني،
لاتحكمون علي قبل التعرّف علي،
على الظلام،
ولكن الآن لستُ لوحدي،
فظلامي بدأ يخاطبني،
وربما يقنعني،
بأن أكون الظلام اللذي توّدون،
اللذي ألبستوني صفاته،
ولكن إلى ذلك الوقت سأظل أقاوم ظلامي.
واليوم أصبح الظلام ظلامٌ واحد،
ظلام سيء وقاسي،
وكل ذلك يعود لقسوة أحكام البشر.
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
السوء ، الشر، اللاشيء،
المخيف، القاسي، عديم الرحمة،
جميعها صفات وصفوني بها،
يهابوني من دون أن أفعل لهم سوء،
يستترون تحت وشاحي ومن ثم يندبوني،
هم السوء هم الشر هم كل ذلك،
فأنا لم أفعل سوء،
حفظتهم من النور ليناموا،
ليستريحوا،
إحتضنتهم في نومهم ليحلموا،
ليستمتعوا في نومهم كما في وعيهم،
ولكن بالمقابل يذمّوني،
يفعلون المساوء تحت جنحي،
ويحمّلوني مسؤولية أفعالهم،
يسرقون ويتهمّوني بذلك،
يفعلون ماهو أشد سوء منه،
ولا مسؤول غيري،
آه ما أقبحكم يابني البشر،
انا!؟
انا الظلام،
انا صديق الليل،
عشيق الأماكن المغلقة،
عدوّ النور"كما زعمتم"،
ولكن ياليتكم تعرفون،
أن ليس بيني وبين النور عداوة،
فقط أنه إذا أتى أحدنا يذهب الآخر،
لكن رغم ذلك تبقى بقايا منّا،
فالظل ماهو إلا جزء منّي،
يكتنفه النور في غيابي،
ولكم أن تعلموا يابشر،
أني لست بذلك السوء،
ولو تعلموا كم تجرحني كلماتكم السامّة،
حتى أنني أعاني من ظلام نفسي،
ظلامي المتأصلة بي،
تلك الظلام التي تمتد بداخلي،
أو كما أسميته،
ظلام الظلام،
ولازلتوا تفعلون ماتفعلون،
ولا زال الظلام يلتهمني،
أرجوكم كفّوا عن الحكم علي،
حتى وأنتم لاتعرفونني،
لاتحكمون علي قبل التعرّف علي،
على الظلام،
ولكن الآن لستُ لوحدي،
فظلامي بدأ يخاطبني،
وربما يقنعني،
بأن أكون الظلام اللذي توّدون،
اللذي ألبستوني صفاته،
ولكن إلى ذلك الوقت سأظل أقاوم ظلامي.
واليوم أصبح الظلام ظلامٌ واحد،
ظلام سيء وقاسي،
وكل ذلك يعود لقسوة أحكام البشر.
فيصل...
الشاي وأيامي...
الشاي وأيامي... "٧"
قصّة قصيرة بقلمي...
أنا فتاة تولّعت بحب الشاي،
أحببت الشاي بأنواعه،
بألوانه بمذاقاته،
أشربه بكل وقت،
بكل لحظة لا أتركه،
وهنا قصّتي مع الشاي،
قصّة المتعة اللامتناهية،
كما تعلمون أن الشاي أنواع،
فهناك الأحمر والأخضر،
وأيضاً يوجد الأبيض والمائل للسواد،
والشاي الأصفر،
في طفولتي كانت جدتي،
تسقيني الشاي عندما تجعله يبرد،
على صحن الشاي،
"الآنية الصغير التي توضع عليها الإستكانة"،
وكنت أتلذذ معها بالشاي،
وأعتقد أن غرامي بدأ منذ تلك الأيام للشاي،
فبعد أن إعتدت أن أرتشفه من جدّتي بارداً،
أصبحت أطلبه من والدتي حاراً،
وعند مراهقتي كنت مدمنة عليه،
حتى إن الكوب لايفارق يدي،
وأيامها تعرفت على الشاي الأخضر،
وكنت وقتها قد زدت في وزني،
لكثرة شربي للشاي بالكثير من السكّر،
وجربت الأخضر وعشقته أيضاً،
وتلذذت به أيما تلذذ،
وبعد أن عاد وزني لطبيعته،
كنت معتادة على الشاي،
محلّى أم مر،
وبعد زواجي،
إعتدت أن أشرب مع زوجي الشاي،
حتى أدمنه هو الآخر،
وفي رحلتنا لإيطاليا،
تعرفت على الشاي الأبيض،
وكان مختلفاً،
ذا رائحة فوّاحة،
ونكهة لذيذة،
وعشقته أيضاً،
ورغم غلاء ثمنه،
إلا إنني أشتريت منه كميّه لي لوحدي،
وبعد أن رزقني الله بطفلة،
إعتادت معي على حبّ الشاي،
حتى أبنائي جميعهم،
ولم أكاد أشعر بأيامي،
حتى رأيت أولى حفيداتي،
تقترب لي،
وتنظر لي ببريق أخاذ،
وأنا أشرب الشاي،
كما إعتادت جدّتي،
"طريقة العجائز"،
ضحكت وفعلت لحفيدتي،
مثلما فعلت جدّتي،
وأنا أخبرها كما أخبرتني قديماً،
"يابنتي،
أيامي كلّها كانت،
عبارة عن رشفات من الشاي،
فلتعيشي حياتك بلذّة،
وتلذّذي بهذه القطرات الزمرّدية.".
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
أنا فتاة تولّعت بحب الشاي،
أحببت الشاي بأنواعه،
بألوانه بمذاقاته،
أشربه بكل وقت،
بكل لحظة لا أتركه،
وهنا قصّتي مع الشاي،
قصّة المتعة اللامتناهية،
كما تعلمون أن الشاي أنواع،
فهناك الأحمر والأخضر،
وأيضاً يوجد الأبيض والمائل للسواد،
والشاي الأصفر،
في طفولتي كانت جدتي،
تسقيني الشاي عندما تجعله يبرد،
على صحن الشاي،
"الآنية الصغير التي توضع عليها الإستكانة"،
وكنت أتلذذ معها بالشاي،
وأعتقد أن غرامي بدأ منذ تلك الأيام للشاي،
فبعد أن إعتدت أن أرتشفه من جدّتي بارداً،
أصبحت أطلبه من والدتي حاراً،
وعند مراهقتي كنت مدمنة عليه،
حتى إن الكوب لايفارق يدي،
وأيامها تعرفت على الشاي الأخضر،
وكنت وقتها قد زدت في وزني،
لكثرة شربي للشاي بالكثير من السكّر،
وجربت الأخضر وعشقته أيضاً،
وتلذذت به أيما تلذذ،
وبعد أن عاد وزني لطبيعته،
كنت معتادة على الشاي،
محلّى أم مر،
وبعد زواجي،
إعتدت أن أشرب مع زوجي الشاي،
حتى أدمنه هو الآخر،
وفي رحلتنا لإيطاليا،
تعرفت على الشاي الأبيض،
وكان مختلفاً،
ذا رائحة فوّاحة،
ونكهة لذيذة،
وعشقته أيضاً،
ورغم غلاء ثمنه،
إلا إنني أشتريت منه كميّه لي لوحدي،
وبعد أن رزقني الله بطفلة،
إعتادت معي على حبّ الشاي،
حتى أبنائي جميعهم،
ولم أكاد أشعر بأيامي،
حتى رأيت أولى حفيداتي،
تقترب لي،
وتنظر لي ببريق أخاذ،
وأنا أشرب الشاي،
كما إعتادت جدّتي،
"طريقة العجائز"،
ضحكت وفعلت لحفيدتي،
مثلما فعلت جدّتي،
وأنا أخبرها كما أخبرتني قديماً،
"يابنتي،
أيامي كلّها كانت،
عبارة عن رشفات من الشاي،
فلتعيشي حياتك بلذّة،
وتلذّذي بهذه القطرات الزمرّدية.".
فيصل...
الشمعة والدمعة...
الشمعة والدمعة... "٦"
قصّة قصيرة بقلمي...
في إحدى الغرف،
في آخر الليل،
وهج لضوء شمعة،
ضوء الشموع هادئ،
غير مزعج،
غير مؤذي،
يؤنس الوحده،
ويريح الألم،
وهناك في تلك الغرفة،
جرت هذه المحادثة،
بين فتاة وشمعتها.
كعادتها تشعلني،
وتبكي حتى أذوب،
ككل يوم،
ككل ليلة،
ياه ياعزيزتي ألم تكتفي من ذلك،
دموعك أشد حرارة من اللهب،
وأكثر كوياً من شمعي اللذي ينساب،
لأناديها وأسلي عنها،
"عزيزتي ، مابكِ!؟"،
"لقد رحل ياشمعتي، رحل..!!"،
"من ذا اللذي رحل!؟"،
"حبيبي عشقي هيامي وهواي"،
"إلى أين رحل!؟"،
"إلى طريق اللاعودة، رحل وتركني."
شهقت الفتاة ودموعها إنسابت،
وعلى ضوء الشمعة بانت السنين،
التجاعيد والألم اللذي اذهب شبابها،
الحب اللذي أضاع حياتها،
والآن الفتاة ليست سوى عجوز،
قد ذهبت خصال جمالها،
ولم يبقى الا بقايا،
من شعرها الأبيض،
وتجاعيدها،
وشفاها المتراصّة لفقدها أسنانها،
وهي تجهش،
ولكن الشمعة لا تستطيع أن ترى،
ولاتشعر بالوقت،
الا عندما تشعل وتذوب تعرف انه مرّ يوم،
والشمعة تضيء لمن حولها ولاترى نورها،
تحترق لأجل هذه الفتاة "العجوز"،
فشعرت الشمعة بالدمعة تنساب،
وهي تصرخ ألماً،
"كفى كفى لم أعد أستطيع التحمّل أكثر"
ردّت الشمعة،
"من أنتي ومابك تصرخين!؟"،
أجابت الدمعة،
"أنا دمعة هذه المسكينة،
كلّ يوم أنساب من أعماقها،
أحمل معي أجزاء من حياتها وسعادتها،
لم أعد أستطيع أن أتحمّل ماتفعله بحالها."،
وهنا قالت الشمعة،
"أخبريني ماللذي حدث لها!؟"،
فحكت الدمعة قصّتها.
كانت منذ زمن هذه العجوز شابّة،
فاتنة الجمال،
سحرت جميع الأولاد في سنّها،
ولكن لم تقع في حب أياً منهم،
وفي يوم رأت شاباً،
كان وسيماً،
وهي لم تكن تعرفه،
تراه كلّ يوم يعمل بجد،
وهو لم يكن يهتم بالفتيات كثيراً،
كما هو حال من هم في مثل سنّة،
إستغربت منه،
لعدم إهتمامه لها كما هو حال البقيّة،
فتبعته يوماً،
لتجده يسكن في بيت،
لا يسمّى بيتاً بل هو كوخ صغير،
وفي الداخل إمرأة كبيرة وطفلان،
كانا يصرخان بإسمه،
فعلمت أنه أخاهم،
وأن المرأة أمه،
فصارت تهتم لأمره،
وكل يوم عندما يكون بعمله،
كانت تمر على بيته،
وتحضر طعاماً صنعته بيديها،
مدّعية أنها صديقته،
وأحبّتها والدته،
وأخبرتها بالحكاية،
لقد كان هو ابنها الاكبر،
ولم تنجب بعده الا هذان التوأمان،
ووالده توّفى،
بسبب الوباء اللذي إنتشر،
أحبّته من حكايات والدته،
ومن حكايات أخويه،
وكان كلّ مايأتي وقت عودته تهرب،
وتدّعي أحد الأعذار،
حتى في يوم،
إستوقفها الشاب،
وسألها عمّا تفعل،
فقد أخبرته أمه عنها،
ووصفت شكلها،
فعرفها وهي كانت ليست بغير المعروفه،
إرتبكت وأجابته بخجل،
"الحقيقة إنني أحبّك"،
صعقت على خيانة قلبها وفمها،
فهي لم ترد قول هذه الكلمات،
ولكن الحب له سحره،
إعترت الشاب نظرة إستغراب،
ثم قال،
"كيف أحببتني وأنتي لاتعرفينني"،
فردّت عليه أنها تعرفت عليه،
من خلال كلمات والدته،
وأنها عرفت أنه،
طيّب وخجول،
شجاع وكريم،
أنه يملك جميع الصفات التي أحبتها،
ضحك الشاب وقال،
"يالسذاجتك، ألم تعلمي ان الأمهات،
يبجّلن أبنائهن!!"،
لم تدري الفتاة ماتقول وخجلت،
ولكن الشاب لم ينتظر لها ردّاً،
وقال لها إن كنتّي تحبينني بجد،
فإنك ستحبيّن أسرتي،
وزايراتك الخفيفة ليست كالعيش معهم،
سعدت الفتاة،
وصرخت،
"أتعني أنك ستتزوجني!!"،
ضحك الشاب أكثر من قبل،
"ما أغربك، وما أجملك،
ويالكرم راحة يدك،
سأتزوجك والحق يقال،
انا كنت أيضاً واقعاً بحبّك في سرّي،
لكن خجلي وحالتي لم تسمح لي،
برفاهية كرفاهبة الحب أن تشغلني."
فطارت الفتاة فرحاً بما سمعت،
وأحتضنته،
قبّل جبينها، وذهب وأتى الغد،
لتأتي عاصفة هائجة،
وتدّمر ما أستطاعت له سبيلاً من المدينة،
وعندما هدأت العاصفة،
ذهبت الفتاة مسرعة لبيته،
حبيبها "زوجها" وعشيقها،
لتجد الكوخ الصغير،
قد أصبح أنقاضاً،
ومات كلّ من فيه،
ويومها صرخت الفتاة،
"لااا لاترحل وتتركني"
ومنذ يومها وهي تقول،
"رحل ، رحل وتركني لوحدي"،
ووضعوها ذويها في هذا المشفى.
قالت الدمعه وهي تسقط على لهب الشمعة،
"هذه قصّتها فما رأيك"
أجابت الشمعه وضوئها يكاد يجف،
"آه ياعزيزتي، منذ اليوم لن ألومك على بكائك،
منذ اليوم أبكي حتى لايبقى بكِ دمع،
منذ اليوم سأبكي أنا معكِ بشمعي".
ذابت الشمعة ،
وآخر نور لها،
والعجوز تحاول أن تطفئها.
يسقط ظل العجوز،
ظلٌّ لفتاة شابّة،
أطفأت الشمعة،
ومسحت دموعها،
وذهبت لفراشها وهي تقول،
"رحل، رحل وتركني لوحدني،
وها انا آتيه لك ياعزيزي"
فأغمضت عيناها،
ولم تسقط منهما دمعة أخرى،
منذ تلك الليلة...
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في إحدى الغرف،
في آخر الليل،
وهج لضوء شمعة،
ضوء الشموع هادئ،
غير مزعج،
غير مؤذي،
يؤنس الوحده،
ويريح الألم،
وهناك في تلك الغرفة،
جرت هذه المحادثة،
بين فتاة وشمعتها.
كعادتها تشعلني،
وتبكي حتى أذوب،
ككل يوم،
ككل ليلة،
ياه ياعزيزتي ألم تكتفي من ذلك،
دموعك أشد حرارة من اللهب،
وأكثر كوياً من شمعي اللذي ينساب،
لأناديها وأسلي عنها،
"عزيزتي ، مابكِ!؟"،
"لقد رحل ياشمعتي، رحل..!!"،
"من ذا اللذي رحل!؟"،
"حبيبي عشقي هيامي وهواي"،
"إلى أين رحل!؟"،
"إلى طريق اللاعودة، رحل وتركني."
شهقت الفتاة ودموعها إنسابت،
وعلى ضوء الشمعة بانت السنين،
التجاعيد والألم اللذي اذهب شبابها،
الحب اللذي أضاع حياتها،
والآن الفتاة ليست سوى عجوز،
قد ذهبت خصال جمالها،
ولم يبقى الا بقايا،
من شعرها الأبيض،
وتجاعيدها،
وشفاها المتراصّة لفقدها أسنانها،
وهي تجهش،
ولكن الشمعة لا تستطيع أن ترى،
ولاتشعر بالوقت،
الا عندما تشعل وتذوب تعرف انه مرّ يوم،
والشمعة تضيء لمن حولها ولاترى نورها،
تحترق لأجل هذه الفتاة "العجوز"،
فشعرت الشمعة بالدمعة تنساب،
وهي تصرخ ألماً،
"كفى كفى لم أعد أستطيع التحمّل أكثر"
ردّت الشمعة،
"من أنتي ومابك تصرخين!؟"،
أجابت الدمعة،
"أنا دمعة هذه المسكينة،
كلّ يوم أنساب من أعماقها،
أحمل معي أجزاء من حياتها وسعادتها،
لم أعد أستطيع أن أتحمّل ماتفعله بحالها."،
وهنا قالت الشمعة،
"أخبريني ماللذي حدث لها!؟"،
فحكت الدمعة قصّتها.
كانت منذ زمن هذه العجوز شابّة،
فاتنة الجمال،
سحرت جميع الأولاد في سنّها،
ولكن لم تقع في حب أياً منهم،
وفي يوم رأت شاباً،
كان وسيماً،
وهي لم تكن تعرفه،
تراه كلّ يوم يعمل بجد،
وهو لم يكن يهتم بالفتيات كثيراً،
كما هو حال من هم في مثل سنّة،
إستغربت منه،
لعدم إهتمامه لها كما هو حال البقيّة،
فتبعته يوماً،
لتجده يسكن في بيت،
لا يسمّى بيتاً بل هو كوخ صغير،
وفي الداخل إمرأة كبيرة وطفلان،
كانا يصرخان بإسمه،
فعلمت أنه أخاهم،
وأن المرأة أمه،
فصارت تهتم لأمره،
وكل يوم عندما يكون بعمله،
كانت تمر على بيته،
وتحضر طعاماً صنعته بيديها،
مدّعية أنها صديقته،
وأحبّتها والدته،
وأخبرتها بالحكاية،
لقد كان هو ابنها الاكبر،
ولم تنجب بعده الا هذان التوأمان،
ووالده توّفى،
بسبب الوباء اللذي إنتشر،
أحبّته من حكايات والدته،
ومن حكايات أخويه،
وكان كلّ مايأتي وقت عودته تهرب،
وتدّعي أحد الأعذار،
حتى في يوم،
إستوقفها الشاب،
وسألها عمّا تفعل،
فقد أخبرته أمه عنها،
ووصفت شكلها،
فعرفها وهي كانت ليست بغير المعروفه،
إرتبكت وأجابته بخجل،
"الحقيقة إنني أحبّك"،
صعقت على خيانة قلبها وفمها،
فهي لم ترد قول هذه الكلمات،
ولكن الحب له سحره،
إعترت الشاب نظرة إستغراب،
ثم قال،
"كيف أحببتني وأنتي لاتعرفينني"،
فردّت عليه أنها تعرفت عليه،
من خلال كلمات والدته،
وأنها عرفت أنه،
طيّب وخجول،
شجاع وكريم،
أنه يملك جميع الصفات التي أحبتها،
ضحك الشاب وقال،
"يالسذاجتك، ألم تعلمي ان الأمهات،
يبجّلن أبنائهن!!"،
لم تدري الفتاة ماتقول وخجلت،
ولكن الشاب لم ينتظر لها ردّاً،
وقال لها إن كنتّي تحبينني بجد،
فإنك ستحبيّن أسرتي،
وزايراتك الخفيفة ليست كالعيش معهم،
سعدت الفتاة،
وصرخت،
"أتعني أنك ستتزوجني!!"،
ضحك الشاب أكثر من قبل،
"ما أغربك، وما أجملك،
ويالكرم راحة يدك،
سأتزوجك والحق يقال،
انا كنت أيضاً واقعاً بحبّك في سرّي،
لكن خجلي وحالتي لم تسمح لي،
برفاهية كرفاهبة الحب أن تشغلني."
فطارت الفتاة فرحاً بما سمعت،
وأحتضنته،
قبّل جبينها، وذهب وأتى الغد،
لتأتي عاصفة هائجة،
وتدّمر ما أستطاعت له سبيلاً من المدينة،
وعندما هدأت العاصفة،
ذهبت الفتاة مسرعة لبيته،
حبيبها "زوجها" وعشيقها،
لتجد الكوخ الصغير،
قد أصبح أنقاضاً،
ومات كلّ من فيه،
ويومها صرخت الفتاة،
"لااا لاترحل وتتركني"
ومنذ يومها وهي تقول،
"رحل ، رحل وتركني لوحدي"،
ووضعوها ذويها في هذا المشفى.
قالت الدمعه وهي تسقط على لهب الشمعة،
"هذه قصّتها فما رأيك"
أجابت الشمعه وضوئها يكاد يجف،
"آه ياعزيزتي، منذ اليوم لن ألومك على بكائك،
منذ اليوم أبكي حتى لايبقى بكِ دمع،
منذ اليوم سأبكي أنا معكِ بشمعي".
ذابت الشمعة ،
وآخر نور لها،
والعجوز تحاول أن تطفئها.
يسقط ظل العجوز،
ظلٌّ لفتاة شابّة،
أطفأت الشمعة،
ومسحت دموعها،
وذهبت لفراشها وهي تقول،
"رحل، رحل وتركني لوحدني،
وها انا آتيه لك ياعزيزي"
فأغمضت عيناها،
ولم تسقط منهما دمعة أخرى،
منذ تلك الليلة...
فيصل...
المسباح والزمن...
المسباح والزمن... "٥"
قصّة قصيرة بقلمي...
حكايتي..!؟
ألم تمل من سماع حكايتي بعد!؟
كما تشاء ياصديقي سأحكي لك حكايتي،
أول ذكرى لي كانت،
عندما صنعني ذلك الكهل،
اللذي أفنى حياته،
بصنع المسابيح،
وكنت أنا آخر أعماله،
وتحفته الفريدة،
جمعني من أجود الخرز،
ذا لون ترابي،
وخيط أسود لامع،
وزركشات فريدة من نوعها،
عرضني بدكّانه،
وكان سعري باهض الثمن،
حتى أقسمت أنه لن يبيعني،
ثم أتى ذاك الشاب الوسيم،
اللذي نظر لي،
وشعرت بأني قد سلبت،
قال لصانعي،
"بكم!؟"،
ردّ عليه بالسعّر الباهض،
ودون كلام دفع السعر وأبتسم،
فرح صانعي وهمس له،
"إحتفظ به، فإنه ختام حياتي"
ردّ الشاب،
"لاتقلق سيكون في أيدي أمينه"
وذهبت معه وانا فرح ومرعوب،
فأنا لم أخرج لمكان من قبل،
وزادني غرابة أن الشاب،
يملك مسباح آخر،
فماذا أراد بي،
حتى وصل لبيته،
وإذا بذاك الصبي،
اللذي يفوق الشاب وسامه،
جميل ذا شعر أسود كالليل،
وبشراء سمراء كالصحراء بالدُّجى،
صرخ الولد،
"والدي!! والدي!!"،
فأجابه الشاب اللذي هو أباه،
"أهلاً عزيزي، إهدأ قليلاً،
فلدي ما أريك"،
أتتذكّر ياصديقي ذلك اليوم،
إنه اليوم الأول اللذي رأيتني به،
وأكاد لا أصدّق فرحك،
وبريق عينيك يومها،
حتى كلماتك البريئة،
"يااه إنه مسباح،
الآن أنا رجل كوالدي"،
ضحكت على كلماتك اليوم،
كما ضحك عليها والدك يومها،
أتذكر ماقال لك،
"ما أجملك،
نعم أنت رجل مثلي يا ابني الغالي،
هذا المسباح سحري عزيزي،
فإنه سيحميك عندما تكون يائساً،
سيسعدك عندما تشعر بالحزن،
سيساندك بجميع أوقاتك،
سيكون صديقك من بعدي،
لن يتركك أبداً،
فلا تتركه مهما حدث ياعزيزي،
أتعدني بذلك!؟"
ورددت عليه بفرحة عارمة،
"أعدك يا أبي، أعدك !!"،
وأخذتني يومها ولامست يدك اليافعه،
وأخذت تلعب بي،
وتجعلني قريباً منك،
عندما كنت صغيراً،
إعتدت على وضعي حول رقبتك،
وعندما كبرت جعلتني سواراً في يدك،
أو بدأت باللعب بي،
كنت تتحسسّني عندما تشعر بالتوّتر،
تمررني بين أصابعك عندما يعتريك الملل،
تجعلني بجانب رأسك عندما تنام،
لقد ذهبت معك لكلّ مكان،
عرفت أسرارك،
عشقتك وعشقتني،
هل تذكر أول قصّة حب لك،
تلك الفتاة التي تزوّجتها،
وهل تذكر أول مولود لك،
ياه ياصديقي كم كنت فرحاً بذلك،
وهل تذكر أول أجر حصلت عليه،
وأنت تعمل في محلّ والدك،
وهل تذكر عندما صرت غنيّاً،
وعندما أفلست،
عندما توّفت كبرى بناتك،
وعند زواج أبنائك،
هل تذكر،
ياه ياصديقي كيف أن الزمن يمر،
لم تتركني يوماً واحداً،
جعلتني قريب منك طوال هذه السنين،
وكم أسعدتني حياتي معك،
لقد كانت حياة لا أستطيع أن أطلب دونها،
وها أنت الآن ياصديقي،
على فراش الموت،
تلفض أنفاسك الأخيرة،
وانا لست حزيناً أبداً،
فحياتك كانت حياة جميلة،
حياة نادرة،
حياة بمعنى الكلمة،
ولو خيّل لي العودة لذلك الزمن الجميل،
عندما كنّا صغاراً،
وتهمس لي،
"معاً دائماً سنكون،
معاً سنصنع المستحيل،
معاً سنعيش الحياة بكل تفاصيلها"
وفعلنا ياعزيزي،
فعلاً نحن فعلنا ذلك،
والآن وانا بيد أصغر أحفادك،
لاتطيب لي حياة دون حياتك،
فعندما ترحل،
سأرحل معك،
وسأدع لحفيدك حريّة مايفعل بي،
فحياة من دونك،
ليست حياة،
والآن فقط إرتاح،
ودع آخر لحظات حياتك،
تكون حياة لمن حولك...
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
حكايتي..!؟
ألم تمل من سماع حكايتي بعد!؟
كما تشاء ياصديقي سأحكي لك حكايتي،
أول ذكرى لي كانت،
عندما صنعني ذلك الكهل،
اللذي أفنى حياته،
بصنع المسابيح،
وكنت أنا آخر أعماله،
وتحفته الفريدة،
جمعني من أجود الخرز،
ذا لون ترابي،
وخيط أسود لامع،
وزركشات فريدة من نوعها،
عرضني بدكّانه،
وكان سعري باهض الثمن،
حتى أقسمت أنه لن يبيعني،
ثم أتى ذاك الشاب الوسيم،
اللذي نظر لي،
وشعرت بأني قد سلبت،
قال لصانعي،
"بكم!؟"،
ردّ عليه بالسعّر الباهض،
ودون كلام دفع السعر وأبتسم،
فرح صانعي وهمس له،
"إحتفظ به، فإنه ختام حياتي"
ردّ الشاب،
"لاتقلق سيكون في أيدي أمينه"
وذهبت معه وانا فرح ومرعوب،
فأنا لم أخرج لمكان من قبل،
وزادني غرابة أن الشاب،
يملك مسباح آخر،
فماذا أراد بي،
حتى وصل لبيته،
وإذا بذاك الصبي،
اللذي يفوق الشاب وسامه،
جميل ذا شعر أسود كالليل،
وبشراء سمراء كالصحراء بالدُّجى،
صرخ الولد،
"والدي!! والدي!!"،
فأجابه الشاب اللذي هو أباه،
"أهلاً عزيزي، إهدأ قليلاً،
فلدي ما أريك"،
أتتذكّر ياصديقي ذلك اليوم،
إنه اليوم الأول اللذي رأيتني به،
وأكاد لا أصدّق فرحك،
وبريق عينيك يومها،
حتى كلماتك البريئة،
"يااه إنه مسباح،
الآن أنا رجل كوالدي"،
ضحكت على كلماتك اليوم،
كما ضحك عليها والدك يومها،
أتذكر ماقال لك،
"ما أجملك،
نعم أنت رجل مثلي يا ابني الغالي،
هذا المسباح سحري عزيزي،
فإنه سيحميك عندما تكون يائساً،
سيسعدك عندما تشعر بالحزن،
سيساندك بجميع أوقاتك،
سيكون صديقك من بعدي،
لن يتركك أبداً،
فلا تتركه مهما حدث ياعزيزي،
أتعدني بذلك!؟"
ورددت عليه بفرحة عارمة،
"أعدك يا أبي، أعدك !!"،
وأخذتني يومها ولامست يدك اليافعه،
وأخذت تلعب بي،
وتجعلني قريباً منك،
عندما كنت صغيراً،
إعتدت على وضعي حول رقبتك،
وعندما كبرت جعلتني سواراً في يدك،
أو بدأت باللعب بي،
كنت تتحسسّني عندما تشعر بالتوّتر،
تمررني بين أصابعك عندما يعتريك الملل،
تجعلني بجانب رأسك عندما تنام،
لقد ذهبت معك لكلّ مكان،
عرفت أسرارك،
عشقتك وعشقتني،
هل تذكر أول قصّة حب لك،
تلك الفتاة التي تزوّجتها،
وهل تذكر أول مولود لك،
ياه ياصديقي كم كنت فرحاً بذلك،
وهل تذكر أول أجر حصلت عليه،
وأنت تعمل في محلّ والدك،
وهل تذكر عندما صرت غنيّاً،
وعندما أفلست،
عندما توّفت كبرى بناتك،
وعند زواج أبنائك،
هل تذكر،
ياه ياصديقي كيف أن الزمن يمر،
لم تتركني يوماً واحداً،
جعلتني قريب منك طوال هذه السنين،
وكم أسعدتني حياتي معك،
لقد كانت حياة لا أستطيع أن أطلب دونها،
وها أنت الآن ياصديقي،
على فراش الموت،
تلفض أنفاسك الأخيرة،
وانا لست حزيناً أبداً،
فحياتك كانت حياة جميلة،
حياة نادرة،
حياة بمعنى الكلمة،
ولو خيّل لي العودة لذلك الزمن الجميل،
عندما كنّا صغاراً،
وتهمس لي،
"معاً دائماً سنكون،
معاً سنصنع المستحيل،
معاً سنعيش الحياة بكل تفاصيلها"
وفعلنا ياعزيزي،
فعلاً نحن فعلنا ذلك،
والآن وانا بيد أصغر أحفادك،
لاتطيب لي حياة دون حياتك،
فعندما ترحل،
سأرحل معك،
وسأدع لحفيدك حريّة مايفعل بي،
فحياة من دونك،
ليست حياة،
والآن فقط إرتاح،
ودع آخر لحظات حياتك،
تكون حياة لمن حولك...
فيصل...
طفولتي كرة...
طفولتي كرة... "٤"
قصَة قصيرة بقلمي...
عندما كنتُ طفلاً،
كنت دائماً أركلها بكل طاقتي،
كانت مرحه فرحه ومرنة،
كانت تستقبل ركلاتي برحابة صدر،
ترتطم بالجدار وتعود بأحضاني،
كنت كل صباح أقوم بدحرجتها في الساحة،
أحياناً كثيرة أشترك مع أصحابي في ركلها،
في كل مساء،
كنت أحميّها وأجعلها تنام بأحضاني،
كنت أعشق لونيها الأبيض والأسود،
وكيف أن الألوان تشكلّوا بأشكال سداسية،
على سطح جلدتها،
وكان جلدها من أفضل أنواع الجلود،
انا لم أكن أناني بحبّي لها،
ولاهي كذلك بحبّها لي،
كنت أعيرها لأخوتي الصغار،
كانت هي كرتي الكبيرة،
التي لا تلتئم يداي الصغيرتان حولها،
ولكن مع مرور الوقت،
قد صارت كرتي الصغيرة،
حتى أن أيام طفولتي قد ذهبت،
نعم كل تلك الأيام قد ذهبت،
وانا الآن،
أفضل لاعب بالعالم،
قد ركلت قدمي آلاف الكرات،
ولكن لم تنسى قدمي تلك الكرة،
تلك الطفولة،
فعلاً رغم إنني لازلت ،
أفعل ما أحب فعله وهو لعب كرة القدم،
الا ان طفولتي قد ذهبت،
ولكن تبقى ذكرياتها معي،
وتلك الكرة،
أين هي تسألوني!؟
سأخبركم...
لقد إهترئت وتمزّقت،
ولشدّة علاقتي بها دفنت بقاياها،
أتصدقوّن ذلك..!!
ولكن أخذت أحد أجزاءها السداسية،
واحد أبيض والآخر أسود،
ووضعتهم على أكتافي،
الأسود يسار والأبيض يمين،
وعندما سمع أعضاء فريقي،
حكايتي،
قاموا بتقليدي،
والآن جميعهم زيّنوا ملابسهم،
كما فعلت بالرقعتين،
ولكن انا وحدي،
من يحمل،
أجزاء من طفولتي...
فيصل...
قصَة قصيرة بقلمي...
عندما كنتُ طفلاً،
كنت دائماً أركلها بكل طاقتي،
كانت مرحه فرحه ومرنة،
كانت تستقبل ركلاتي برحابة صدر،
ترتطم بالجدار وتعود بأحضاني،
كنت كل صباح أقوم بدحرجتها في الساحة،
أحياناً كثيرة أشترك مع أصحابي في ركلها،
في كل مساء،
كنت أحميّها وأجعلها تنام بأحضاني،
كنت أعشق لونيها الأبيض والأسود،
وكيف أن الألوان تشكلّوا بأشكال سداسية،
على سطح جلدتها،
وكان جلدها من أفضل أنواع الجلود،
انا لم أكن أناني بحبّي لها،
ولاهي كذلك بحبّها لي،
كنت أعيرها لأخوتي الصغار،
كانت هي كرتي الكبيرة،
التي لا تلتئم يداي الصغيرتان حولها،
ولكن مع مرور الوقت،
قد صارت كرتي الصغيرة،
حتى أن أيام طفولتي قد ذهبت،
نعم كل تلك الأيام قد ذهبت،
وانا الآن،
أفضل لاعب بالعالم،
قد ركلت قدمي آلاف الكرات،
ولكن لم تنسى قدمي تلك الكرة،
تلك الطفولة،
فعلاً رغم إنني لازلت ،
أفعل ما أحب فعله وهو لعب كرة القدم،
الا ان طفولتي قد ذهبت،
ولكن تبقى ذكرياتها معي،
وتلك الكرة،
أين هي تسألوني!؟
سأخبركم...
لقد إهترئت وتمزّقت،
ولشدّة علاقتي بها دفنت بقاياها،
أتصدقوّن ذلك..!!
ولكن أخذت أحد أجزاءها السداسية،
واحد أبيض والآخر أسود،
ووضعتهم على أكتافي،
الأسود يسار والأبيض يمين،
وعندما سمع أعضاء فريقي،
حكايتي،
قاموا بتقليدي،
والآن جميعهم زيّنوا ملابسهم،
كما فعلت بالرقعتين،
ولكن انا وحدي،
من يحمل،
أجزاء من طفولتي...
فيصل...
الجوال وحقيبتها..
الجوّال وحقيبتها... "٣"
قصّة قصيرة بقلمي...
في الظلام،
هذا حالي في الظلام،
في هذه الزحمة،
بين الأغراض المتناثرة،
المناديل، العطر، علب المكياج،
وأشياء كثيرة لازلت أجهلها،
قد تسألوني من أنا،
أنا جوّال لفاتنه،
أسعد لحظاتي عندما تحضنني بين أناملها،
تلعب بي وتلامسني بنعومة،
حيناً بإبهامها وحيناً بسبابتها،
تطيل النظر بي،
ولكن لاتراني،
سعادتي وحزني لهما نفس السبب،
تنظر من خلالي،
تقرأ وتكتب وتنظر للمقاطع،
تلتقط جمالها في صور،
وأحفظها بداخلي أبد الدهر،
سعيد انا جداً معها،
دائماً تنقلني بحقيبتها،
مع باقي أمتعتها،
تتركني ولا تتركني،
كلّ حين تخرجني،
لتراني ولكن لاتراني،
نعم هذه جنّتي وجحيمي،
كم أعشقها عندما تتحدّث من خلالي،
وعطر أنفاسها يداعبني،
كم أعشق مداعبتي لطيّات أذنها،
وأغار عندما تضع سمّاعاتها "الهيد فونز"،
أواسيها عندما تكون حزينة،
تستمع للموسيقى من خلالي،
وعندما تكون سعيدة وتخبر الجميع بفرحتها،
"من خلالي"،
أفرح عندما أراها تضحك،
عندما أريها شيء مضحك،
وأحزن إذا أريتها شيء،
يعكّر صفو مزاجها،
ولكن كل ذلك قد ذهب،
أصبحت ذكريات،
كما أصبحت أنا ذكرى،
لقد إشترت جوّال أحدث منّي،
وتركتني في حقيبتها منذ زمن،
وبالصدفة أخذت حقيبتها معها اليوم،
تلك الحقيبة التي تركتني بها منذ مدّة،
أشعر بها وهي تتحرّك وهي تتنفّس،
أشعر بها بكل تفاصيلها،
وهي ممسكة بذلك الجوّال الآخر،
أعتقد أنها لن تراني،
وتكاد طاقتي تفرغ،
حاولت المحافظة،
على ما أملكه من طاقة"شحن"،
علّها تنتبه لي،
أو يتصّل بها أحد "من خلالي"،
ولكن علمت بعدها أنها أخذت الشريحة،
وأصبحت انا بلا فائدة،
طاقتي فرغت،
رغم أنني صامت إلا أن ضوئي الباهت،
ينبهني بالخمول،
هذه نهايتي...
وفجأة تضع الفتاة يدها في الحقيبة،
وتشعر بشيء غير أمتعتها،
التي أعتادت عليها،
فتخرجه،
وإذا به جوّالها القديم،
ذلك الجوّال الذي عاش معها زمن،
رأت أن به طاقة خفيفة،
ولكن للأسف لاتملك شاحناً له،
قبلّته وأحتضنته بصدرها،
وقالت لصديقاتها،
"ياه يابنات كم أعشق هذا الجوّال،
لقد عشت معه أيام لا تنسى،
وسأحتفظ به للأبد،
ذكرى جميله لزمن جميل."،
فأجابتها صديقاتها بضحكات،
وكلمات مبهجة،
والجوّال يقول في نفسه،
وهو ينظر لصاحبته،
"ربما لن يمكنني أن أراك بعد اليوم،
ولكن هذه النهاية تكفيني،
وكم سأكون سعيداً،
حيث سأكون كنزاً لكِ،
فليأتي بدل جوّالك الجديد،
من يشاء منهم،
ولكن سأبقى أنا الأول،
سأبقى انا الكنز،
وسأرتاح الآن مع باقي كنوزك،
أحبّك..."
إنطفأ الجوّال،
وشعرت الفتاة بأنه كان ينتظر منها،
أن تراه ليفقد طاقته،
فوضعت الجوّال الجديد بالحقيبة،
وظلّت ممسكة بجوّالها القديم،
وعندما عادت لغرفتها،
فتحت صندوق ذكرياتها،
ووضعت الجوّال،
وهي تهمس له،
"أعشقك...."
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي...
في الظلام،
هذا حالي في الظلام،
في هذه الزحمة،
بين الأغراض المتناثرة،
المناديل، العطر، علب المكياج،
وأشياء كثيرة لازلت أجهلها،
قد تسألوني من أنا،
أنا جوّال لفاتنه،
أسعد لحظاتي عندما تحضنني بين أناملها،
تلعب بي وتلامسني بنعومة،
حيناً بإبهامها وحيناً بسبابتها،
تطيل النظر بي،
ولكن لاتراني،
سعادتي وحزني لهما نفس السبب،
تنظر من خلالي،
تقرأ وتكتب وتنظر للمقاطع،
تلتقط جمالها في صور،
وأحفظها بداخلي أبد الدهر،
سعيد انا جداً معها،
دائماً تنقلني بحقيبتها،
مع باقي أمتعتها،
تتركني ولا تتركني،
كلّ حين تخرجني،
لتراني ولكن لاتراني،
نعم هذه جنّتي وجحيمي،
كم أعشقها عندما تتحدّث من خلالي،
وعطر أنفاسها يداعبني،
كم أعشق مداعبتي لطيّات أذنها،
وأغار عندما تضع سمّاعاتها "الهيد فونز"،
أواسيها عندما تكون حزينة،
تستمع للموسيقى من خلالي،
وعندما تكون سعيدة وتخبر الجميع بفرحتها،
"من خلالي"،
أفرح عندما أراها تضحك،
عندما أريها شيء مضحك،
وأحزن إذا أريتها شيء،
يعكّر صفو مزاجها،
ولكن كل ذلك قد ذهب،
أصبحت ذكريات،
كما أصبحت أنا ذكرى،
لقد إشترت جوّال أحدث منّي،
وتركتني في حقيبتها منذ زمن،
وبالصدفة أخذت حقيبتها معها اليوم،
تلك الحقيبة التي تركتني بها منذ مدّة،
أشعر بها وهي تتحرّك وهي تتنفّس،
أشعر بها بكل تفاصيلها،
وهي ممسكة بذلك الجوّال الآخر،
أعتقد أنها لن تراني،
وتكاد طاقتي تفرغ،
حاولت المحافظة،
على ما أملكه من طاقة"شحن"،
علّها تنتبه لي،
أو يتصّل بها أحد "من خلالي"،
ولكن علمت بعدها أنها أخذت الشريحة،
وأصبحت انا بلا فائدة،
طاقتي فرغت،
رغم أنني صامت إلا أن ضوئي الباهت،
ينبهني بالخمول،
هذه نهايتي...
وفجأة تضع الفتاة يدها في الحقيبة،
وتشعر بشيء غير أمتعتها،
التي أعتادت عليها،
فتخرجه،
وإذا به جوّالها القديم،
ذلك الجوّال الذي عاش معها زمن،
رأت أن به طاقة خفيفة،
ولكن للأسف لاتملك شاحناً له،
قبلّته وأحتضنته بصدرها،
وقالت لصديقاتها،
"ياه يابنات كم أعشق هذا الجوّال،
لقد عشت معه أيام لا تنسى،
وسأحتفظ به للأبد،
ذكرى جميله لزمن جميل."،
فأجابتها صديقاتها بضحكات،
وكلمات مبهجة،
والجوّال يقول في نفسه،
وهو ينظر لصاحبته،
"ربما لن يمكنني أن أراك بعد اليوم،
ولكن هذه النهاية تكفيني،
وكم سأكون سعيداً،
حيث سأكون كنزاً لكِ،
فليأتي بدل جوّالك الجديد،
من يشاء منهم،
ولكن سأبقى أنا الأول،
سأبقى انا الكنز،
وسأرتاح الآن مع باقي كنوزك،
أحبّك..."
إنطفأ الجوّال،
وشعرت الفتاة بأنه كان ينتظر منها،
أن تراه ليفقد طاقته،
فوضعت الجوّال الجديد بالحقيبة،
وظلّت ممسكة بجوّالها القديم،
وعندما عادت لغرفتها،
فتحت صندوق ذكرياتها،
ووضعت الجوّال،
وهي تهمس له،
"أعشقك...."
فيصل...
معشوقتي القهوة...
معشوقتي القهوة.. "٢"
قصّة قصيرة بقلمي..
كلّ يوم نفس الحكاية،
مثل الروتين،
تشابه في كلّ شيء،
أصحو من نومي،
أستحم أفرش أسناني،
ألبس ثيابي،
أفطر مع عائلتي،
هذا إبني الكبير ألهاه المحمول عنّا،
هذه زوجتي كجثّه بلا روح تضع الطعام،
هذه طفلتي الصغيرة تلعب بجهاز"الآي باد"،
الأكل كما كان وكما سيكون،
فاتر بلا طعم،
حتى خادمتنا تبدو مملّه وهي تضع الأواني،
أنظر لهم ولا أجد أي تجديد،
فقط ملل وكآبة عارمة،
وربطة عنقي "زرقاء"،
ذلك يعني أني في يوم الأثنين،
غريب كيف أصبحت أيّامي عبارة عن ألوان،
الأحمر -> الأحد
الأزرق-> الإثنين
الأخضر-> الثلاثاء
المخطّطه-> الإربعاء
الأسود -> الخميس
نعم حياتي عبارة عن ألوان بالية،
وها أنا أترك بيتي،
كعادتي،
وأركب سيّارتي،
كعادتي،
وأذهب بهم إلى مدارسهم،
كعادتي،
وأصل لمكتبي،
كعادتي،
وأطلب بجهاز الإرسال،
أن يحظروا قهوتي،
لكم أن تعلموا،
أن في حياتي المملّة لا يسعدني شيء،
غير هذه السمراء،
هذه العشيقة المحرّمة علي،
لقد منعني الإطباء من تناولها بسبب صحّتي،
وأرغموني على فنجان واحد فقط في اليوم،
لذلك لا تعلموا مدى سعادتي،
عندما أستنشق عبقها،
وهي تتحظّر لي،
كيف يقومون بطبخها على نار هادئة،
كيف تغلي وتخرج منها الروائح المسكرة،
كيف تتحضّر لملاقاتي،
وعندما تأتي إلي،
بداخل الفنجان الأبيض،
كفستان فرح،
كعشيقتي التي أتزوّجها كلّ يوم مرّة،
كالخيانة المشروعة من قبل الطبيب،
تأتي لتستقر على مكتبي،
والآن تعرف سكرتيرتي روتيني،
فلمدة خمسة عشر دقيقة لن يزعجني أحد،
أفترسها يومياً كعاشق قد فرح،
بزواجه على معشوقته،
بدايةً،
أتنفّس عبيرها،
ثم أخبرها بصوت حنون،
"إشتقت لكِ"
فيخيّل لي تجيبني،
"وانا كذلك"
أقربها لشفاهي،
وأتحسس حرارة جسدها الداكن،
كما تتحسسني،
ثم أنفث عليها الهواء،
كلا لا أريدها أن تبرد،
ولكن أريد لنارها أن تزيد،
ثم أقرب فستانها الأبيض "الفنجان"،
لشفاهي،
وأتذوّقها بلساني،
أعيدها هذه المرّة،
وطعمها المرّ الحلو لايزال في فمي،
أخبرها،
"لذيذة كما عهدتك"
وتجيبني في خيالي،
"كفاك كلاماً معسولاً،
فأنت تعلم أنني لا أتحمّل كلماتك الصبيانية"،
أعيدها لي،
وأرتشفها على مهل،
وبعد كل رشفة،
تخرج منّي تنهيدة تلذّذ،
لا أستطيع كبحها،
وتنتهي سعادتي القصيرة معها،
لأنتظرها في الغد،
كما إنتظرتها في الأمس،
هي قهوتي،
هي معشوقتي،
هي سبب اللذّة في حياتي المملّة..
فيصل
قصّة قصيرة بقلمي..
كلّ يوم نفس الحكاية،
مثل الروتين،
تشابه في كلّ شيء،
أصحو من نومي،
أستحم أفرش أسناني،
ألبس ثيابي،
أفطر مع عائلتي،
هذا إبني الكبير ألهاه المحمول عنّا،
هذه زوجتي كجثّه بلا روح تضع الطعام،
هذه طفلتي الصغيرة تلعب بجهاز"الآي باد"،
الأكل كما كان وكما سيكون،
فاتر بلا طعم،
حتى خادمتنا تبدو مملّه وهي تضع الأواني،
أنظر لهم ولا أجد أي تجديد،
فقط ملل وكآبة عارمة،
وربطة عنقي "زرقاء"،
ذلك يعني أني في يوم الأثنين،
غريب كيف أصبحت أيّامي عبارة عن ألوان،
الأحمر -> الأحد
الأزرق-> الإثنين
الأخضر-> الثلاثاء
المخطّطه-> الإربعاء
الأسود -> الخميس
نعم حياتي عبارة عن ألوان بالية،
وها أنا أترك بيتي،
كعادتي،
وأركب سيّارتي،
كعادتي،
وأذهب بهم إلى مدارسهم،
كعادتي،
وأصل لمكتبي،
كعادتي،
وأطلب بجهاز الإرسال،
أن يحظروا قهوتي،
لكم أن تعلموا،
أن في حياتي المملّة لا يسعدني شيء،
غير هذه السمراء،
هذه العشيقة المحرّمة علي،
لقد منعني الإطباء من تناولها بسبب صحّتي،
وأرغموني على فنجان واحد فقط في اليوم،
لذلك لا تعلموا مدى سعادتي،
عندما أستنشق عبقها،
وهي تتحظّر لي،
كيف يقومون بطبخها على نار هادئة،
كيف تغلي وتخرج منها الروائح المسكرة،
كيف تتحضّر لملاقاتي،
وعندما تأتي إلي،
بداخل الفنجان الأبيض،
كفستان فرح،
كعشيقتي التي أتزوّجها كلّ يوم مرّة،
كالخيانة المشروعة من قبل الطبيب،
تأتي لتستقر على مكتبي،
والآن تعرف سكرتيرتي روتيني،
فلمدة خمسة عشر دقيقة لن يزعجني أحد،
أفترسها يومياً كعاشق قد فرح،
بزواجه على معشوقته،
بدايةً،
أتنفّس عبيرها،
ثم أخبرها بصوت حنون،
"إشتقت لكِ"
فيخيّل لي تجيبني،
"وانا كذلك"
أقربها لشفاهي،
وأتحسس حرارة جسدها الداكن،
كما تتحسسني،
ثم أنفث عليها الهواء،
كلا لا أريدها أن تبرد،
ولكن أريد لنارها أن تزيد،
ثم أقرب فستانها الأبيض "الفنجان"،
لشفاهي،
وأتذوّقها بلساني،
أعيدها هذه المرّة،
وطعمها المرّ الحلو لايزال في فمي،
أخبرها،
"لذيذة كما عهدتك"
وتجيبني في خيالي،
"كفاك كلاماً معسولاً،
فأنت تعلم أنني لا أتحمّل كلماتك الصبيانية"،
أعيدها لي،
وأرتشفها على مهل،
وبعد كل رشفة،
تخرج منّي تنهيدة تلذّذ،
لا أستطيع كبحها،
وتنتهي سعادتي القصيرة معها،
لأنتظرها في الغد،
كما إنتظرتها في الأمس،
هي قهوتي،
هي معشوقتي،
هي سبب اللذّة في حياتي المملّة..
فيصل
حياة ورقة الشجر
حياة ورقة شجر.. "١"
قصّة قصيرة بقلمي..
في طريقي كانت هناك شجرة،
بين أوراق الشجرة الكثيفة،
كانت هناك ورقة صغيرة،
ظهرت بحماس،
وكشفت عن عروقها الفاتنة،
مستقبلة فوتونات أشعّة الشمس،
كانت الورقة حالمة تحبّ الحياة،
تقف بين قرينياتها،
وتقول لهم" إن الحياة جميلة،
كلّ يوم يكون يومٌ جديد."،
وكانوا يجيبونها بإزدراء،
"إن الأيام متامثلة،
ونحن الورق لا جديد علينا،
ويوماً ما سنذبل ونسقط،
ونعود للأرض."،
لم تكترث لهم هذه الورقة،
وكانت تهمس لصديقاتها،
"هاقد أتى ذلك الشاب،
دائماً يتأملني."،
وكانوا يخبرونها بأنها مغفّله،
وكما قالوا،
"البشر لايهتمون لأمّنا الشجرة،
فكيف يهتم شاب بكِ أنتِ لوحدك."
وكذلك لم تكترث الورقة،
وكلّ ما أتى الشاب،
كانت تخجل إخضراراً وتنظر له بود،
وكل يوم تأتي أشعة الشمس،
وتجلس على بساطها الأخضر،
كانت تداعب أبناء الضوء،
وترميهم في الهواء مرحاً،
فقد كانت تحب كل جزء من أجزاء الحياة،
تستسقي الماء من ساق والدتها،
وتهدي لها الضوء،
وكلّ يوم كانت الورقة سعيدة،
وفي يوم شعرت بالتعّب،
وبدأ العمر يلعب دوره،
حتى تحوّل إخضرارها،
إلى ذبول بنّي،
وشعرت أنها،
لم تعد تستطيع أن تفعل أي شيء،
فصديقاتها لازالوا خضراً،
ولكنّها إستنفذت طاقتها لحماسها الزائد،
وقالوا لها،
"أرئيتي جميعنا سنموت"،
وردّت بصوت باهت،
"نعم أعلم ذلك،
ولكن أردت أن أستمتع بحياتي،
رغم قصرها."
وكانت قد فقدت بصرها،
وقالت لصديقاتها،
"أرجوكم أخبروني،
عن ذلك الشاب اللذي أحببته!؟"
ويجيبون،
"يامسكينة أنتي،
ستموتين ولا يهمّك سوى هذا الشاب،
ولكن رأفةً بحالك،
نعم لازال يأتي ويتأملكِ كما تدّعين"
شعرت بالفرحة،
وقالت في نفسها،
"آه ما أجملك ياعزيزي،
كم أتوق لرؤيتك من جديد"
وفي أحد الأيام،
سقطت الورقة،
وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة،
على سطح الأرض الباردة الخشنة،
لاتشعر بالرياح ولا بأي شيء،
وفجأة شعرت بشيء دافئ،
سطح ناعم وحنون يحملها،
وأتضح لها أنها يد إنسان،
وبمعجزة عاد لها النظر،
لترى ذلك الشاب الوسيم،
يحملها وهو يهمس لها بعطف،
"لاتقلقي يافاتنة،
سأحفظك في كتابي،
وستكونين دائماً على بالي،
فأنتي من جعلتني آتي كل يوم،
لأستمتع بالتأمل بكِ،
وبحياتك الجميلة"
لم تصدّق الورقة ماسمعت،
وصرخت في نفسها،
"آه ما أجملك،
ويالفخري بحياتي،
يالسعادتي إن كنت على بالك،
ويالهنائي،
إن كنت سأموت بين يديك،
وسأدفن في أفضل كتبك،
الآن أستطيع الموت بطمأنينه."
وذهبت الحياة من الورقة،
وقبّلها الشاب قبلة وداع،
ووضعها في أجمل كتاب قرأه،
وكتب بجانبها،
"الحياة في ورقة"...
فيصل...
قصّة قصيرة بقلمي..
في طريقي كانت هناك شجرة،
بين أوراق الشجرة الكثيفة،
كانت هناك ورقة صغيرة،
ظهرت بحماس،
وكشفت عن عروقها الفاتنة،
مستقبلة فوتونات أشعّة الشمس،
كانت الورقة حالمة تحبّ الحياة،
تقف بين قرينياتها،
وتقول لهم" إن الحياة جميلة،
كلّ يوم يكون يومٌ جديد."،
وكانوا يجيبونها بإزدراء،
"إن الأيام متامثلة،
ونحن الورق لا جديد علينا،
ويوماً ما سنذبل ونسقط،
ونعود للأرض."،
لم تكترث لهم هذه الورقة،
وكانت تهمس لصديقاتها،
"هاقد أتى ذلك الشاب،
دائماً يتأملني."،
وكانوا يخبرونها بأنها مغفّله،
وكما قالوا،
"البشر لايهتمون لأمّنا الشجرة،
فكيف يهتم شاب بكِ أنتِ لوحدك."
وكذلك لم تكترث الورقة،
وكلّ ما أتى الشاب،
كانت تخجل إخضراراً وتنظر له بود،
وكل يوم تأتي أشعة الشمس،
وتجلس على بساطها الأخضر،
كانت تداعب أبناء الضوء،
وترميهم في الهواء مرحاً،
فقد كانت تحب كل جزء من أجزاء الحياة،
تستسقي الماء من ساق والدتها،
وتهدي لها الضوء،
وكلّ يوم كانت الورقة سعيدة،
وفي يوم شعرت بالتعّب،
وبدأ العمر يلعب دوره،
حتى تحوّل إخضرارها،
إلى ذبول بنّي،
وشعرت أنها،
لم تعد تستطيع أن تفعل أي شيء،
فصديقاتها لازالوا خضراً،
ولكنّها إستنفذت طاقتها لحماسها الزائد،
وقالوا لها،
"أرئيتي جميعنا سنموت"،
وردّت بصوت باهت،
"نعم أعلم ذلك،
ولكن أردت أن أستمتع بحياتي،
رغم قصرها."
وكانت قد فقدت بصرها،
وقالت لصديقاتها،
"أرجوكم أخبروني،
عن ذلك الشاب اللذي أحببته!؟"
ويجيبون،
"يامسكينة أنتي،
ستموتين ولا يهمّك سوى هذا الشاب،
ولكن رأفةً بحالك،
نعم لازال يأتي ويتأملكِ كما تدّعين"
شعرت بالفرحة،
وقالت في نفسها،
"آه ما أجملك ياعزيزي،
كم أتوق لرؤيتك من جديد"
وفي أحد الأيام،
سقطت الورقة،
وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة،
على سطح الأرض الباردة الخشنة،
لاتشعر بالرياح ولا بأي شيء،
وفجأة شعرت بشيء دافئ،
سطح ناعم وحنون يحملها،
وأتضح لها أنها يد إنسان،
وبمعجزة عاد لها النظر،
لترى ذلك الشاب الوسيم،
يحملها وهو يهمس لها بعطف،
"لاتقلقي يافاتنة،
سأحفظك في كتابي،
وستكونين دائماً على بالي،
فأنتي من جعلتني آتي كل يوم،
لأستمتع بالتأمل بكِ،
وبحياتك الجميلة"
لم تصدّق الورقة ماسمعت،
وصرخت في نفسها،
"آه ما أجملك،
ويالفخري بحياتي،
يالسعادتي إن كنت على بالك،
ويالهنائي،
إن كنت سأموت بين يديك،
وسأدفن في أفضل كتبك،
الآن أستطيع الموت بطمأنينه."
وذهبت الحياة من الورقة،
وقبّلها الشاب قبلة وداع،
ووضعها في أجمل كتاب قرأه،
وكتب بجانبها،
"الحياة في ورقة"...
فيصل...
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)