معشوقتي القهوة.. "٢"
قصّة قصيرة بقلمي..
كلّ يوم نفس الحكاية،
مثل الروتين،
تشابه في كلّ شيء،
أصحو من نومي،
أستحم أفرش أسناني،
ألبس ثيابي،
أفطر مع عائلتي،
هذا إبني الكبير ألهاه المحمول عنّا،
هذه زوجتي كجثّه بلا روح تضع الطعام،
هذه طفلتي الصغيرة تلعب بجهاز"الآي باد"،
الأكل كما كان وكما سيكون،
فاتر بلا طعم،
حتى خادمتنا تبدو مملّه وهي تضع الأواني،
أنظر لهم ولا أجد أي تجديد،
فقط ملل وكآبة عارمة،
وربطة عنقي "زرقاء"،
ذلك يعني أني في يوم الأثنين،
غريب كيف أصبحت أيّامي عبارة عن ألوان،
الأحمر -> الأحد
الأزرق-> الإثنين
الأخضر-> الثلاثاء
المخطّطه-> الإربعاء
الأسود -> الخميس
نعم حياتي عبارة عن ألوان بالية،
وها أنا أترك بيتي،
كعادتي،
وأركب سيّارتي،
كعادتي،
وأذهب بهم إلى مدارسهم،
كعادتي،
وأصل لمكتبي،
كعادتي،
وأطلب بجهاز الإرسال،
أن يحظروا قهوتي،
لكم أن تعلموا،
أن في حياتي المملّة لا يسعدني شيء،
غير هذه السمراء،
هذه العشيقة المحرّمة علي،
لقد منعني الإطباء من تناولها بسبب صحّتي،
وأرغموني على فنجان واحد فقط في اليوم،
لذلك لا تعلموا مدى سعادتي،
عندما أستنشق عبقها،
وهي تتحظّر لي،
كيف يقومون بطبخها على نار هادئة،
كيف تغلي وتخرج منها الروائح المسكرة،
كيف تتحضّر لملاقاتي،
وعندما تأتي إلي،
بداخل الفنجان الأبيض،
كفستان فرح،
كعشيقتي التي أتزوّجها كلّ يوم مرّة،
كالخيانة المشروعة من قبل الطبيب،
تأتي لتستقر على مكتبي،
والآن تعرف سكرتيرتي روتيني،
فلمدة خمسة عشر دقيقة لن يزعجني أحد،
أفترسها يومياً كعاشق قد فرح،
بزواجه على معشوقته،
بدايةً،
أتنفّس عبيرها،
ثم أخبرها بصوت حنون،
"إشتقت لكِ"
فيخيّل لي تجيبني،
"وانا كذلك"
أقربها لشفاهي،
وأتحسس حرارة جسدها الداكن،
كما تتحسسني،
ثم أنفث عليها الهواء،
كلا لا أريدها أن تبرد،
ولكن أريد لنارها أن تزيد،
ثم أقرب فستانها الأبيض "الفنجان"،
لشفاهي،
وأتذوّقها بلساني،
أعيدها هذه المرّة،
وطعمها المرّ الحلو لايزال في فمي،
أخبرها،
"لذيذة كما عهدتك"
وتجيبني في خيالي،
"كفاك كلاماً معسولاً،
فأنت تعلم أنني لا أتحمّل كلماتك الصبيانية"،
أعيدها لي،
وأرتشفها على مهل،
وبعد كل رشفة،
تخرج منّي تنهيدة تلذّذ،
لا أستطيع كبحها،
وتنتهي سعادتي القصيرة معها،
لأنتظرها في الغد،
كما إنتظرتها في الأمس،
هي قهوتي،
هي معشوقتي،
هي سبب اللذّة في حياتي المملّة..
فيصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق