الاثنين، 25 فبراير 2013

الوجه الآخر للحب...

الوجه الآخر للحب... "٢١"
قصّة قصيرة بقلمي...

في أحد المقاهي الشعبية،
يدخل رجل كعادته،
شاب في أواخر العشرينات،
حسن الثياب،
ملامحة عادية،
إبتسامته بشوشة،
يحيّي الجميع بدخوله،
ويردوّن عليه التحيّة،
كشخص إعتاد المكان منذ فترة،
يذهب ليجلس بمكانه المعهود،
فيجلبون له طلبه المعتاد،
كوب القهوة،
وشيشة "السلوّم"،
ويبتدي في التأمل كعادته،
بعد أول رشفة له من القهوة،
ولحظة إخراج أول نفس له من الدّخان.

ياه كانت الأيام الماضية متعبة،
العمل والرسميات المتتالية،
كم انا بحاجة لبضع لحظات من الرّاحة،
أعشق هذا المقهى فهو هادئ،
ليس كباقي المقاهي التي تعج بالزبائن،
وصوت الموسيقى يكاد يفقع طبلة أذني،
كما قيل لي أنا رجل من الطراز القديم،
أعشق الفن القديم الهادئ.

وبينما هو غارق بتأملاته،
يشدّ إنتباهه شخص،
كان قد شدّ إنتباهه في الأيام الماضية.

هذا هو..!؟
في نفس المكان ونفس طريقة الجلوس،
ذلك العجوز دائماً أراه هنا،
يجلس ويأتون له بالقهوة،
يحتسي بعضاً منها،
ويتركها حتى تفتر،
ويلعب بطرف "شماغه"،
ويتأمله بعمق،
ثم يقبّله وشفاهه ترتجف،
كأنما يحبس دمعة تكاد تهرب،
فعلاً أن أمره عجيب،
لاسأل عماد عن موضوعه،
"عماد..!!".

كان عماد،
أحد الشبّان اللذين يعملون في المقهى،
يأتي عماد ويجيبه،
"نعم ، هل كل شيء كما تريد"،
يطمأنه بأن كل شيء كذلك ثم يسأل،
"ما أمر ذلك الشيخ اللذي يجلس هناك!؟"،
ينظر عماد لإتجاه عيون الرجل،
يرى العجوز ويجيب،
"هذا الرجل يأتي لهذا المكان،
حتى قبل أن أعمل به،
لا أعلم قصّته،
لكن صاحب المقهى طلب أن نعطيه مايريد،
من غير أن نأخذ منه المال،
ولايطلب غير القهوة."،
زاد فضول الرجل وشكر عماد على خدمته،
إنتظر قليلاً ثم عزم أمره،
وذهب للعجوز.

"صباح الخير ياعم.."،
لماذا لا يجيب لأكررها،
"ياعم صباح الخير..!!"،
"أهلاً يابني صباح النور"،
كأنني إنتشلته من عالمٍ آخر،
لأعرف عن نفسي،
"أسمي "جمال" ياعم"،
كأنه يفكّر بكلامي،
كشخص لم يعتاد الحديث منذ زمن،
"أهلاً ياجمال ، إسمي "خالد- أبو محمد"،
ياه صوته هادئ وحنون،
"تشرفنا ياعم أبا محمد،
هل لي بالجلوس معك"
ينظر للمقهى كأنه مستغرب من طلبي،
ولا ألومه فالمقهى شبه فاضي هذه الفترة،
"تفضّل إجلس يابني"،
لا أريد مضايقته لذا سأجلس بجوارة،
كي لايشعر بأنني أحمق يحقق بأمره،
"هذا الصباح جميل، أليس كذلك!؟"،
عماد يحضر طلبي من الطاولة الأخرى،
ويجيب علي الشيخ كمن لايهتم،
"إنه ككل صباح ياجمال"،
لأجعله يرتاح لي قليلاً،
"نعم فالصباحات تتشابه،
ولكن حالياً أشعر بالتعب،
فقد إنهمكت بأشغالي،
حتى لم يبقى لي وقت لأتمتّع بصباح كهذا"،
كأنه يسترجع أمور في رأسه،
"أعتقد أن الشباب فترة مثيرة"،
جميل فقد فتح لي المجال،
"إذاً فشبابك كان مثيراً ، ها!؟"،
أبتسم له إبتسامة شيطانية ليعرف المغزى،
"أعتقد أنه كان كذلك،
لكن لم يعد يهم الآن"،
ياه كأنه يحمل هموم الكون على كتفه،
لأصارحه بما أريد،
"الحقيقة ياعم خالد،
أنني آتي لهذه القهوة منذ مدّة،
وقد لفت إنتباهي جلوسك هنا،
كلّ يوم بنفس التأملات،
بنفس الوضع،
بمثل كوب القهوة هذا."
كأن كلامي لم يعجبه،
وأرجعه لعالم التأملات،
لأسألة بوضوح،
"هل لي معرفة حكايتك ياعم خالد!"،
يتنهّد تنهيدة طويلة،
"آه، هل حقاً تريد ذلك يابني،
فحكايتي ليست سعيدة."،
جميل الآن ربما سيخبرني،
"لاعليك فلدي متّسع من الوقت،
ولم آتي للبحث عن الحكاية السعيدة،
فقط أردت أن أستمع لك،
ولسبب جلوسك في هذا المكان كلّ يوم."،
عاد ينظر لشماغه،
ويقبّل طرفه أو يشتم رائحته،
"حسناً يابني فلتستمع إذاً لحكايتي".

وهنا بدأ العجوز يحكي حكايته،
وهو يقول..

منذ زمن بعيد،
كنت شاباً يحب المغامرة،
دائم البحث عن الإثارة،
وذلك أوقعني في كثير من المشاكل،
كنت كأي شاب في مثل عمري،
ولكن لم أكن كاذباً ولا مخادعاً،
ولا حتى جباناً،
كانت حياتي باختصار مغامرة،
واللذي كان يحرّكها،
هو الحب،
الحب لفتاة جميلة،
عشقتها منذ نعومة أظفارها،
كانت هذه الفتاة هي إبنة عمّتي،
عشنا في بيت واحد منذ الصغر،
كانا والداها مطلّقان،
لذا عاشت هي وأمها معنا،
وكانت إبنتها الوحيدة،
كنت أحبّها كأختي،
ثم هذا الحب تطوّر حتى صار عشقاً،
أتذكّر عندما بدأت بلبس الشماغ،
وهي كانت ترتدي حجابها أمامي،
كانت تخبرني بكل تفاصيل حياتها،
وأحياناً عندما تبكي،
كنت أمسح دمعها بطرف شماغي،
لذلك تجدني دائماً أقبّل ذلك الطرف،
لا تعتبر يابني أن حبّي لها،
كان نزوة لمجرّد الجنس،
لا والله،
فقد كان حبّاً طاهراً كل الطهر،
ولكن في يوم رأت عمّتي جلساتنا المطوّلة معاً،
وحالها كحال أي أم خافت،
خافت أن يخدعنا الشيطان،
لذلك،
عندما كنت في أواخر العقد الثاني من عمري،
طلبت أمّها من والدها ، "طليقها"،
أن يأخذ إبنته لتعيش معه،
وفعل،
كذلك خوفاً من أن يحدث أمر لايحمد عقباه،
وكنت أعشقها كثيراً،
ولم أكن لأؤذيها بأي شكل،
ولكن هذه حال الوالدين وخوفهم،
أخبرت أبي بأني أريدها زوجه لي،
رفض..
وقلت لعمّتي،
عمّاه أريد الزواج بها،
لاتحرميني منها،
فقالت ذلك رأي أباها،
وعدت لوالدي لأستعلم عن سبب رفضه،
فأخبرني أن أكوّن نفسي قبلاً،
وأني لازلت صغيراً،
رضخت لأمره،
وفعلت ماطلب منّي،
كنت أبعث لها بالرسائل،
وبعد فترة علم والدها بالأمر،
وبلّغ عمّتي التي بلّغت والدي،
فغضب وضربني،
وحذّرني ألا أفعل،
وكنت أستخدم أختي كرسول بيننا،
عندما تزورهم،
وهي الوحيدة غير والدي ووالداها،
اللذين يعلمون بأمرنا،
وبعد الثانوية،
ذهبت لأدرس بالخارج،
على نفقة الدولة بسبب درجاتي العالية،
في البداية رفضت،
ولكن إنصياعاً لأوامر والديّ،
ذهبت فقد أرادوا لي النجاح،
وانا بالخارج،
كنت أرسل لأهلي الخطابات،
وأرسل لأختي خطابات مشفّرة،
على هيئة أشعار،
أو أكتب بالانجليزية لها،
كي توصل رسائلي لها،
وتخبرني بأمرها،
وبعد حين لم تصلني خطابات من أختي،
صبرت على السنوات الثلاث الباقية،
كأنها الدهر،
وعدت للبلاد خريجاً،
وعندما إستقبلني أهلي،
وأنتهينا من ذلك وأنا في أسوأ مراحل صبري،
هرعت لأختي،
كي تخبرني أن حبيبتي "عشيقتي"،
قد..
قد...
تزوّجت من أبن عمّها،
ويوم زفافها هو اليوم،
لم أعي ماقالت،
وصرخت بها أين الفرح،
أين أخبريني،
أرجوك أختاه قولي لي أين هي،
قالت لماذا،
ماذا ستفعل يامجنون،
ظهرت دموعي وانا أصرخ أرجوك،
قولي لي ماالذي حدث،
أين!! أرجوك أقبلّك أختاه،
أحلّفك بالله قولي لي،
فقالت أنهم في ذلك المكان،
بسبب صدمتي رحت أركض،
حتى لم أنتعل حذائي،
وصلت لمكان الفرح،
ورأيت أسم العريس،
وهو أحد أبناء عمومتها،
سقطت على ركبتي،
قدماي تفطرّت ونزفت دم،
عيوني لا تغمض والدموع تنساب منها،
فمي مفتوح لأقصاه،
وانا أصرخ لا،
لااااااا..

وهنا توّقف أبا محمد،
ليمسح دموعه التي باغتته،
وليستجمع قواه،
وجمال ينظر له وقد إجتمع الدمع بمقلتيه،
وكأنه في لحطة وعي عاد للواقع،
صرخ بعماد أن يحضر منديلاً،
وماء وعصير ليمون ليهدئ من روعه،
من روع هذا الرجّل اللذي أصبح كالطفل أمامه،
وبعد لحظات هدوء وصمت،
تنهّد أبا محمد وأستأنف حديثة.

سامحني يابني،
لازلت ضعيفاً أمام هذا الأمر،
لنرجع نكتمل الحديث،
كنت أمام فرحهم وبداخلي أحزان،
أنظر لزينة الفرح،
وقلبي يتقطّع ملايين القطع،
أنظر من بعيد،
الناس تغنّي بسعادة،
"ليلة سعيدة ليلتك ياعريس"،
وبداخلي أصرخ،
"نعم ليلتك سعيدة ياعريس،
وليلتك تعيسة ياخالد."،
جلست هناك لا أعلم كم من الوقت،
حتى لم أشعر إنطفأت الأنوار،
وحلّ الصمت في المكان،
وكان كلّ من يمر بجاني،
يعتبرني مجنون،
لم اشأ أن أقول لهم من أنا،
خوفاً على شرفها،
بعد أن عاد وعيي وجفّ دمعي،
عدت للبيت،
ورأيت أختي بانتظاري،
رأت حالي،
ظمتني بقوّة وهي تبكي،
ودموعي لم أشعر إن كانت تنهر أم لا،
فقد تبلدت مشاعري،
قبلّت رأسي وقالت،
"لا عليك يا أخي قسمة ونصيب"،
لم أهتم لكلامها وسألت،
"أين والديّ!؟"،
قالت أخبرتهم،
"أنك في فراشك منهك من السفر،
فلا تقلق وأذهب لتستريح."،
قبلّت جبينها على مافعلت،
وانا ذاهب قلت لها،
"منذ اليوم لن أجد الراحة".

في هذا اللحظة عاد ابا محمد يتأمل،
ويقبّل طرف شماغة،
لم يدري جمال مايقول،
ولكن تكلّم،
"ياه يا ابا محمد،
فإنني لا ألومنك على ماحدث."،
فردّ الشيخ،
"لم تنتهي القصّة ياعزيزي بعد."،
واستأنف يحكي الحكاية.

بعد تلك الليلة،
لم أعد أهتم لشيء،
كنت مقهوراً،
لأنني توّقعت أنها لم تكن تحبّني،
ولم تهتم لحالي كما إهتممت لها،
وكنت غاضب،
وبعد مرور سنة حدث أمر،
جعلني أفقد،
كل مابي من شعور،
إلا الحزن والندّم،
أتت أختي،
ووجهها تشوّه من البكاء،
وتخبرني بصوت خشنّته الصرخات،
"خالد...... لقد ماتت"،
لم أفهم ماتعنيه،
وأكملت تصرخ باكية،
مدّت لي دفتر كتب عليه،
خاص لفلانه "أختي"،
والدفتر من نوع المذكرات التي لها قفل،
أخذتها وأنا لا أفهم،
"ماذا حدث ، مابك أختاه!؟"،
هربت وقبل أن تهرب قالت،
"إقرأه وستعلم"،
عدت لغرفتي،
إستخدمت المفتاح اللذي أعطتني أختي،
فتحت اول صفحة بالدفتر،
وقرأت ماكتب،
"فلانه هذه المذكرّات،
ليس لها غير مفتاحين،
الأول معي،
والآخر معك لمثل هذا اليوم،
ومفتاحي مخبّأ،
حيث لن يعرف مكانه أحد،
وبما أن الدفتر بيدك،
ذلك يعني أنني فارقت الحياة"،
توّقفت أسترجع أنفاسي،
وأتذكّر ماقالته أختي ل "لقد ماتت"،
أكملت القراءة،
"وبما أنني قد فارقت الحياة،
فهذه المذكّرات قد كتبتها،
للرجل الوحيد اللذي سكن قلبي،
وهو خالد،
أرجوك الا تقرأيها وأعطيها لخالد.
المخلصة: "أسم حبيبتي..."."،
صعقت وتأثرت سال دمعي،
عضضت شفاهي حتى أدمت،
وبدأت أقرأ ومع كل حرف أتنهّد،
وبعد كل سطر أصرخ،
ياه للحب اللذي أهدتني إياه،
يالدنائتي حين شككت بحبّها،
أخبرتني بتفاصيل كثيرة،
ومعاناتها،
وآلامها وأحزانها،
قرأت كل شيء وشعرت كما شعرت هي به،
وكان شعورها أشد قسوة من شعوري،
حتّى أن عنائي لايذكر لها،
لقد حفظت تلك الصفحات بقلبي،
وسأخبرك ببعض منها.

أحبّك خالد،
نعم هذه الكلمة الوحيدة،
لا يستحقّها سواك،
لقد بدأت بكتابة هذه المذكّرات،
بعد أن أنقطعت أخبارك،
يقولون أهلي أنك مللت منّي،
وانا أعلم أنهم يكذبون،
فمحال أن يتركني خالد.

خالد أشتاق لك كثيراً،
أكاد أجن بسبب هذا الإشتياق،
ياه كم أريدك أن تمسح مدمعي،
بطرف شماغك،
أحبّك خالد.

خالد لقد علمت أنك سافرت لتدرس بالخارج،
تمنيّت لو كنت معك في سفرك،
كم سيكون جميلاً وجودك بجانبي،
بعيد عن هذا الظلم،
وفقّك الله حبيبي،
أشتاق لك ياخالد.

خالد..
لقد وافق أبي على خطبتي من إبن عمّي،
لقد رفضت وصرخت وبكيت،
ولم يرضى أبي وضربني،
فكرت بالانتحار،
لكن لم اشأ أن أوجع قلبك بموتي،
أحتاج لك خالد.

خالد حفل زفافي غداً،
وغداً ستعود للبلاد،
يالسخرية القدر القاسية،
خالد كم أريدك أن تكون أنت زوجي،
من يزفّوني إليه غداً،
خالد انا لك وحدك.

خالد لقد مرّ شهر على زفافي،
زوجي رجل صالح،
وطيّب وحنون،
ويحبّني كثيرا،
وحاولت أن أوفي عهدي كزوجة،
ولكنّي أشعر بالذنب،
لأنني لم أستطع أن أبادله الحب،
وكيف أفعل وأنت وحدك من في قلبي،
أتمنّى أن تكون بخير،
مجنونة بك ياخالد.

خالد انا حامل،
تمنيّت لو كان إبنك اللذي يحيا في بطني،
ولكن شائت الأقدار،
أحبّك خالد.

خالد لقد قرّبت موعد ولادتي،
يقولون أن الجنين في حالة خطرة،
ربمّا أموت في خلال الإنجاب،
إن مت سأكون شهيدة بإذن الله،
وأطلب من الله أن يشفع لك.

خالد غداً موعد العملية،
إن كان هذا آخر ما أكتب،
أتمنى من الله،
أن يجمعني بك في جنّته،
إلى اللقاء من قسوة الدنيا،
إلى لقاء تحت رحمة الرحمن،
أحبّك خالد..

هنا بدأ جمال بذرف الدموع،
كما فعل الرجّل اللذي أمامه،
فلم يستطع إحتمال كميّة المشاعر،
اللتي إنهملت عليه،
ثم عاد ابا محمد ليقول،
"أتعلم ماهي الطامّة"،
"ماذا!؟"،
سأل جمال وهو يكبح شهقات البكاء،
"أن زوجها سمّى إبنه "خالد" تلبية لطلبها"،
ترك جمال شهقة تخرج منه على هذه المعلومة،
بعد فترة هدؤوا،
ثم قال خالد لجمال،
يستأنف ماتبقّى من القصّة.

بعد موتها بفترة ذهبت لبيت زوجها،
ودخلت عليه المجلس،
وأكرمني،
ثم عزيّته بفقديتنا انا واياه،
وقلت له،
يا ابا خالد،
اتيتك اليوم لأخبرك بأمر،
فقال "تفضّل"،
فققصت الحكاية من بدايتها،
حتى أنتهيت وقلت له،
هذه رقبتي فأفعل بي ما أنت فاعل،
وضع يده على كتفي وأحتضنني،
وقال وهو يبكي،
"سامحني ياخالد،
ولتسامحني أم خالد،
فلم يكن لي علم بما حدث،
وليرحمها الله وليعفو عنّي،
ولتعفوون عنّي أنتما أيضاً،
فقد كانت أم خالد،
رحمها الله لم ترفض لي طلب،
وعاملتني أحسن معاملة،
حتى إنني كنت أتوّقع أنها ملاك،
وفعلاً أنها ملاك،
وياخالد لست أريد منك شيء،
سوى غفرانك لي"،
صعقت لكلامه ولم ألم ام خالد بما كتبت عنه،
فقد كان رجل بمعنى الكلمة،
ويملك قلب لايملكه سواه،
حتى أنني ضننته ملاكاً،
فقام وأحضر خالد،
وقال،
"خذ ياخالد قبّل إبنها"،
فقبلّته وانا أبكي،
ثم تركته لأذهب،
فقال،
"تعال متى أردت ياصديقي،
لأي شيء تريده،
حتى خالد إعتبره إبنك"،
قبلّت رأسه وأحتضنتهما بشدّة،
وقلت له لا والله هذا إبنك،
وانت كان من نصيبك ان تكون لك في الدنيا،
وبإذن ربّي ستكون لي بالآخرة،
ومرّت السنين تزوجت وانجبت،
واحببت زوجتي وعاملتها في مكانها،
ولازال قلبي معها،
حتى أنني أتصدّق بأسمها،
وهذه يابني حكايتي،
وعذراً على الإطالة عليك،
بتخاريف عجوز خرف.

قام جمال وقبّل رأس الشيخ،
وقال،
"أشكرك من قلبي يا أبا محمد،
لقد..."،
سكت جمال ثم أكمل،
"لقد عيّشتني أجمل حالة من الحب،
وانا لذلك مدين لك مدى الحياة"،
قبّله خالد وسكت،
ذهب جمال لحياته،
وبقى خالد يتأمل بحياته،
ويقبّل شماغة،
ومنذ ذلك اليوم أصبح خالد وجمال صديقان،
حتى توفي خالد وفي يوم دفانه،
دعى له جمال،
"ربي أجمعه بمن يشتاق له،
وتشتاق له،
ربي أنت أرحم الرحمين"،
وعاد جمال لبيته،
ولم يبكي يومها،
لأنه كان يوماً سعيداً،
حيث أخيراً،
وبمشيئة ربّي،
سيجتمعان في جنّته.

ختام:
الحب من أسمى المعاني،
لا تستغلوه بالسوء،
ولاتجعل كلّ حب،
كما يستغلّه القذرين،
ولاتنظروا له كالقذارة،
الحب طاهر،
ولكن بعض من البشر يدنّسه،
لذلك حاولوا أن تتركوه بطهارته،
أحبكّم جميعاً


فيصل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق