قطرة ماء في السماء... "١٣"
قصّة قصيرة بقلمي...
في مكان بعيد جداً في المحيط،
مكان يبعد عن اليابسة آلاف الكيلومترات،
بقعة ماء،
بوسط تلك البقعة التي تعدّ أبعد مايمكن،
عن كل أرض ذهبية،
بوسط هذه المساحات الشاهقة من الزرقة،
التي تبدو للعين المجرّدة،
مكان مليء بالهدوء النقي،
كان هناك بعيداً عن أصوات مجتمع البشر،
توجد أصوات لمجتمع آخر،
مجتمع لايختلف كثيراً عن مجتمعنا،
مجتمع "قطرات الماء"،
كان المجتمع حيوي جداً،
الكبار يقومون بصنع آلات الطيران،
كما أعتادوا أن يفعلوا منذ القدم،
ليحلّقوا بها للسماء،
كما أمرتهم القواعد الحياتيه،
وذلك حال جميع قطرات الماء،
كان الإبن يصنع آلته ليحلّق،
ليذهب للسماء،
ولربما بعد حين يعود لأرضه،
أي البقعة التي حلّق منها،
على كل حال،
في إحدى القرى الصغيرة،
بهذه البقعة من المياه،
كانت توجد قطرة ماء،
قطرة صغيرة جداً،
دائماً يعيبها أبناء فصلها،
بأنها لن تحقّق أي إنجاز بحياتها،
لقصر قامتها ولقلّة ذكائها،
تلك القطرة لم تحب التفكير كثيراً،
فهي كانت تستخدم قلبها بكل شيء،
وكانت تريد أن تحلّق حتى تصل لليابسة،
مدينة الذهب كما عرف بقريتهم،
وفي إحدى الفعاليات الفصلية،
حيث طلب من كل قطرة أن تحكي،
عمّا تريد أن تكون وعن أحلامها،
ذاك يريد أن يحصل على الكثير من الملح،
*والملح في مجتمع القطرات كالعملة،
يتاجر بها ويشترى بها*,
وآخر يريد أن يدخل بمغامرة،
خلال هبوط الصواعق،
وكان هبوط الصواعق يعتبر الهبوط،
خلال عاصفة رعدية،
وكانت من الأشياء الخطرة،
بالنسبة للجميع،
وعندما أتت صديقتنا لتخبر عن حلمها،
قالت بكل جرأة وبراءة،
"سأذهب لمدينة الذهب"،
صعق الجميع من هذه الكلمات،
ثم بدأوا بالضحك،
والإستهزاء بها،
والتقليل من شأنها،
ولم تهتم القطرة،
كانت تبتسم وتكرر بداخلها،
"سأرى مدينة الذهب"،
ومدينة الذهب هي الأرض اليابسة،
بأي شكل ولكن القطرات لا يعرفون ذلك،
فبعالمهم الكبير،
تعتبر المعادن التي توجد بالتربة،
أشد ندرة في المحيط،
وبالنسبة لقريتهم،
التي تقع ببقعة أبعد ماتكون عن اليابسة،
كان حلم القطرة شبه مستحيلاً،
وذهبت الأيام لتكبر القطرة،
"كانت بعمر الإنسان مايقارب ١٦ ساعة"،
لقد قامت بترتيب أمتعتها،
وبناء سفينة السماء،
لتحلّق بعيداً وترى العالم،
وايضاً لكي ترى مدينة الذهب "اليابسة"،
بعد أن ودّعت ذويها،
واصدقائها لتحلّق،
اتى موعد طيرانهم،
صعدت على متن سفينتها،
وطارت في السماء.
كانت القطرة سعيدة،
فهي لم تعش مثل هذه الأجواء،
الشمس بوجهها،
لاتوجد زحمة في السماء،
فيمكنك التنفّس كيفما تشاء،
والهواء يداعبها من كلّ جانب،
أكملت مسيرتها،
ذهبت بعيداً بعيداً،
كانوا أصدقائها يملّون فيهبطون،
أم كانوا يملّون فيسقطون،
أم تحدث الحوادث بينهم،
أم تصادفه "هبوط الصواع"،
ولكن قطرتنا قاومت،
وقاتلت وصبرت،
لقد كانت رحلة متعبه ومميته،
وأخيراً،
بعد ماشعرت بالوقت كأنه دهر،
رأت المياه تتغيّر تحتها،
وبعد أيام قطرية،
رأتها،
"أرض الذهب"،
"مدينة الذهب"،
لم تستطيع التصديق،
هبطت وهي فرحة بأنها حقّقت حلمها،
وسعيدة بأنها قد حققت ما أرادت،
ومفكّرة بجميع الأمور التي عانتها،
لتصل لهذه الأرض الخيالية،
باسمة فرحة مسبشرة،
تحتضر وهي تهبط وتقول،
"ما أجمل أن يحقق المرء حلمه"...
رجل كبير بالسن،
يبسط يده أمامه،
لتسقط قطرة مطر على راحته،
فينظر للسماء،
وإذا هي تزمجر بقدوم الخير،
فأبتسم كاشفاً عن ملامحه البشوشه،
ونظر ليده فقال،
"يالكِ من مثابرة،
المسافات التي قطعتيها،
المعاناة التي خضتيها،
الصعوبات التي واجهتك،
وأخيراً وصلتي،
والآن جميع القطرات تزمجر،
تريد الهبوط معك،
تريد أن تلمس الأرض اللتي يشتاقون لها،
يالكِ من قطرة قويّة،
إرتاحي الآن ياعزيزتي،
فأنتي تستحقيّن ذلك"،
قبّل راحة يده ومضى في حال سبيله.
فيصل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق